خرافة وجود شعب يهودي 2

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4883 - 2015 / 7 / 31 - 23:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ان اغلاق أبواب أمريكا للمهاجرين اليهود في 1920s، ثم صعود النازية، التي تشترك مع الصهيونية في تمييزها العنصري اليهودي، دفع بالحركة الصهيونية الى واجهة الصدارة. في عام 1917، وبتزامن وعد بلفور مع انهيار الدولة العثمانية، حظت الحركة الصهيونية برعاية الامبراطورية البريطانية.

اراد معظم اليهود في مخيمات المشردين في أوروبا النزوح في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى أمريكا. ولكن، تحت ضغط من شباب اللوبي الإسرائيلي, بقيت بوابات امريكا موصدة بإحكام, وذلك بالرغم من تصاعد الحركة الصهيونية. بدلا من ذلك, تدفق اليهود إلى فلسطين, واحتفل في عام 1948 باستقلال دولة إسرائيل. بالنسبة للفلسطينيين كان ذلك هو "النكبة". أكثر من 800،000 طردوا من الأراضي التي تضمنتها الدولة اليهودية. وأكثر طردوا عندما احتلت اسرائيل القدس والضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1967. واليوم أكثر من نصف الفلسطينيين يعيشون خارج فلسطين، معظمهم في مخيمات اللاجئين. أولئك الذين بقوا في اراضيهم يرزحون تحت ضيم الاحتلال العسكري ويعانون درجات متفاوتة من التمييز العنصري والعزلة الابارتيدية.

وعندنا واجهت الدولة اليهودية المقاومة من قبل السكان الاصليين, فأنها وجدت أنه من الضروري استيراد يهود من المغرب، اليمن، والعراق لبناء ثقلا ديموغرافيا لليهود، وتعليمهم أسطورة العرقية القومية. وبذلك فأن السلافي أزرق العينين والاثيوبي الأسود يمكن لهما المحاربة جنبا إلى جنب في قوات الدفاع الإسرائيلية, وكأنهم من أصل عرقي المشترك.

تفكيك الأساطير
لا يمكن أن تستمر الاساطير لفترة طويلة. فبتطور المنهجية التاريخية, وخاصة البراغماتية الحديثة منها التي تركز في عملها على البحوث الأثرية او الاركولوجية, بدأت رواية الكتاب المقدس العرقية للتاريخ اليهودي في الانهيار. كان دوما علم الآثار التوراتي في إسرائيل "أداة مجندي الأيديولوجية القومية", وعلى الرغم من الحظر القانوني الدولي للتنقيب في الأراضي المحتلة، وفي الضفة الغربية أيضا بعد عام 1967, فان علم الآثار انتعش مجددا ليكشف زيف اسطورة الشعب اليهودي.

صورة النازية حول "اليهودي المتشرد"
يبدو الآن أن التوراة كُتبت حديثا نسبيا, في القرن السادس أو الخامس قبل الميلاد, وانها ليست سجلات الآباء الاقدمين. انها كانت نتاج ل"سياسة عزل الذات ثقافيا" ولتعامل النخب اليهودية مع الأفكار الدينية الفارسية المجردة. استخدمت ادبيات هذه الثقافة السجلات الإدارية المُبالغ فيها بخصوص الماضي، وكذلك الأساطير والأمثال الشائعة في المنطقة. لم يكن القصد من التوراة توليد الشعور بالانتماء إلى الأمة بين غالبية الفلاحين - معظمهم من الوثنيين -, كما هو الحال عليه الآن. لأنه لا اليهودي ولا أي شخص آخر في ذلك الوقت تبنى مفهوم كتلة الانتماء الوطني. على العكس من ذلك، كانت التوراة جزء من تمرين لعزل أصحاب الثقافة العالية عن الرعاع. وعلاوة على ذلك, فان التوراة حددت السلالة النبيلة بين الناس او صفوتهم.

ادّعت النخبة اليهودية بانتسابها السلالي المرموق الى بلاد الميزوبوتوميا او العراق الحالي. وعرّفوا انفسهم على أنهم أجانب من أرفع وأقدم الثقافات، أور الكلدانية. وكان العراق المنزل المُفترض للسلف العظيم إبراهيم.

بعد الميزوبوتوميا في المركز الاول، كان المركز الثاني من حضارة الشرق الأوسط في مصر، حيث اضافت علاقات موسى المزعومة بالمصريين هيبة حضارية لليهود. ولكن رحلة تشكيل الأمة بالهروب من مصر يبدو أنها لم تحدث أبدا. في القرن ال13 قبل الميلاد، وهي الفترة المفترضة للهجرة، حكمت مصر كنعان. فكيف يمكن أن يهرب اليهود من الحكم المصري الى الحكم المصري؟ كما لا يوجد أي ذكر لبني إسرائيل في ما تبقى من السجلات الفرعونية ولا يوجد أي ذكر لهروب بني إسرائيل ولا لمختلف الكوارث التي اصابت المصريين.

يشير كتاب كارين آرمسترونغ “The Great Transformation” إلى أن النزوح الفعلي قد يكون فقط من المؤمنين من المدن الساحلية في فلسطين الواقعة تحت السيطرة المصرية الكاملة, التي حملت وقتها ايضا اسم مصر ، الى تلال الضفة الغربية، بدلالة ان اللغة المستخدمة في سفر الخروج لوصف انشقاق البحر الأحمر تشبه بشكل مثير للريبة النص الكنعاني الذي يصف طقوس عبور نهر الأردن.

وبالمثل، لم تجد حفريات الآثار أي أثرلإبادة جماعية ناتجة عن فتح كنعان التي وصفها سفر يشوع. وأريحا لم تكن, وفقا لرواية الكتاب المقدس, مدينة قوية ومسورة قبل تدميرها، بل بلدة صغيرة لا تحيطها الاسوار. ولم يكتشف احد أيا من العديد من القصور الأسطورية لسليمان .والإجماع هو أن مملكة قومية موحدة لداود وسليمان لم يكن لها وجود.
--------
يتبع

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات