أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا بعد ال«لا» اليونانية؟















المزيد.....

ماذا بعد ال«لا» اليونانية؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كان الاستفتاء، الذي شهدته اليونان (الأحد 5 يوليو/ تموز2015)، محطة أخرى لتحالف القوى اليسارية «الجديدة»، التي أحرزت في الانتخابات البرلمانية نجاحاً كبيراً واكتسب رئيس الوزراء الحالي أليكسيس تسيبراس تأييداً شعبياً، الأمر الذي شجّعها على شق عصا الطاعة على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الدول الدائنة، حيث رفض «الحكم الجديد» طائفة الإجراءات والتدابير التي دعته للتقشف، كما كانت شروط الدول الدائنة والمنظمات الدولية.
وكان مثل هذا الرفض أقرب إلى تمرّد وانشقاق عن دول منطقة اليورو، لاسيّما للنزعة الاستقلالية التي صاحبت الحكم اليساري الجديد، حيث ارتفعت الشعارات التي تدعو إلى وضع مصلحة اليونان فوق كل اعتبار.
لقد تجاوز اليونانيون مرحلة القلق والخشية من احتمال فصل اليونان عن باقي دول القارة الأوروبية، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء، بعد ظهور نتائج الاستفتاء، حين تم رفض أغلبية الناخبين شروط الدائنين، وقد عبّرت اليونان عن ذلك بعدد من الاعتبارات، أولها أنها دولة أوروبية، وليست خارج أوروبا أو ضدها، وثانيها أنها دولة متوسطية ومشرقية وجزء من الجنوب الأوروبي في الوقت ذاته، وثالثها أنها سعت لتأكيد خصوصيتها وهوّيتها المتميزة، ورابعها أنها تشعر بأنها دولة مستقلة، ولا بدّ من احترام استقلالها وخياراتها الاجتماعية.
لقد سادت بعض الأوهام أو التصورات خلال السنوات الماضية بشأن علاقة اليونان بدول منطقة اليورو ومفادها أن دافعي الضرائب الأوروبيين، ولاسيّما الألمان هم من قاموا بإنقاذ اليونان من الإفلاس، على الرغم من أن دولاً أوروبية عديدة مهدّدة بذلك، لكن هذه الديون والقروض تذهب في غالبيتها الساحقة إلى الدائنين والبنوك، وتبقى نسبة قليلة جداً، بل تكاد لا تُذكر، تساعد في رفد الاقتصاد اليوناني.
لم تصمد لغة الأرقام أمام الوقائع الصلبة، فالادعاء بأن نسبة العجز السنوي 3% من إجمالي الناتج المحلي، لم يكن سوى خداع استخدمته الحكومات المتعاقبة، بهدف الانضمام إلى اليورو، ولهذا السبب جرى التشكيك لاحقاً بقدرتها على السداد، وبدأت تتعاظم عليها ضغوط الاتحاد الأوروبي ودول منطقة اليورو، بما جعلها مرتهنة له.
وعلى حين غرّة انكشفت الأزمة، بل تفجّرت في العام 2011 ووجد الشعب اليوناني نفسه يقترض ليسدّد الديون والفوائد بما يثقل كاهل المواطن، الذي فقد أي ثقة بالمستقبل. وقد أدى هذا الوضع إلى اختناقات اقتصادية واجتماعية، لاسيّما لجيل الشباب الذي عانى البطالة وعدم توفّر فرص عمل، فضلاً عن ارتفاع معدّلات الفقر، وازدياد الجريمة المنظمة والمخدرات وحالات الانتحار.
كان البرنامج الانتخابي لتحالف القوى اليسارية يمثّل ممانعة ومعارضة لتلك السياسات وللآليات المعتمدة من جانب الاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة، إضافة إلى المؤسسات الدولية الاقتصادية التي ألقت باليونان إلى الأرض ودفعتها إلى الإفلاس وجثمت على صدرها في محاولة لخنقها إن لم تستجب لشروطها، وهو الأمر الذي دفع اليونانيين إلى إعلان الرأي باستفتائهم الأخير.
لا أحد يمكنه أن يتصوّر ماذا يعني إفلاس اليونان بالنسبة لأوروبا؟، وهل سيقتصر عليها وحدها أم أنه سيشمل دولاً أخرى وعموم منطقة اليورو، بما فيها الدول المُقرِضة (الدائنة)، لاسيّما إذا لم يتم إعفاء اليونان من ديونها أو نصفها على الأقل؟ واليونان التي هي اليوم «مدينة» بل وغارقة في الديون، كانت بعد الحرب العالمية الثانية هي «الدائنة»، بما فيها لألمانيا المقسمة والمحتلة.
إن الحدث اليوناني هو التحدّي الكبير لمنطقة اليورو التي تواجه أقسى خطر منذ تأسيسها ولحدّ الآن، بما فيها الدعوات إلى الديمقراطية والتعددية والتنوّع والتكامل، والأمر سيستمر حتى يتم التوصل إلى حل قد يكون بخروج اليونان من الاتحاد الأوروبي أو من منطقة اليورو، الأمر الذي سيعني تهديداً لبقية دول منطقة اليورو، التي وضعت نصب عينها موضوع الوحدة والتكامل. وتأتي مثل هذه الاحتمالات بعد عقد ونصف من الزمان لمنطقة اليورو، وهذا سيعني انفراط عقد العملة الموحدة، وقد يقود ذلك إلى التآكل أو القضم، حتى وإن كان على مراحل، ثم ماذا سيبقى من الليبرالية واقتصاد السوق، إذا كان ذلك يؤدي إلى المزيد من البطالة والإفلاس؟ الأمر الذي يتعارض مع تطلّعات الشعب اليوناني نحو غد أفضل وحياة أكثر رفاهاً، وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر بالأساس.
الاتحاد الأوروبي اليوم في مأزق حقيقي، سواء بخروج اليونان من منطقة اليورو وهو احتمال وارد وإنْ كان البعض يراه صعباً وحتى مستبعداً، وقد ناقشت قمة بروكسل مثل هذه الاحتمالات، بهدف إيجاد الحلول، لكنها لم تتوصّل إلى حل لمعالجة هذه المسألة الخطيرة على مستقبل منطقة اليورو، بل والاتحاد عموماً. بل تم التوصل إلى حل مؤقت بإعادة جدولة ديون اليونان.
إذا كانت ألمانيا متشدّدة، وخصوصاً المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكذلك الزعيم اليوناني أليكسيس تسيبراس، فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاول التوفيق بينهما، خصوصاً دعوته إلى إيجاد حلٍّ بأي ثمن، لاسيّما وهو لم يخفِ رغبته في بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو، كما إن ألمانيا بضغوطها تريد ثمناً سياسياً ضد الحكومة اليسارية الجديدة ، ويؤيدها في ذلك بعض زعماء الاتحاد الأوروبي، ولا يهمّهم إن خرجت اليونان من منطقة اليورو، وهو أمر غير مستبعد، ويبرر هؤلاء تأثير ذلك في الانتخابات الداخلية التي ستجري في بلدانهم، وبخاصة إذا تساهلوا إزاء القروض التي في ذمة اليونان، ولذلك يحاولون الضغوط على اليونان لإعلان حالة من التقشف وفقاً لمسطرة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتتخوّف ألمانيا والدائنون الآخرون من أن إعفاء اليونان من ديونها سيشكل سابقة، قد تلجأ إليها بعض دول الاتحاد التي تقترب هي الأخرى من الإفلاس.
لقد قال الشعب اليوناني «لا» كبيرة وحادة، ضد سياسة التقشّف التي يطلبها المقرضون، ولذلك ليس من السهل اليوم تقديم أي وعود من جانب اليسار اليوناني الحاكم بقبول نهج سياسي أو اقتصادي يتعارض مع نتائج الاستفتاء.
لقد كان الرفض اليوناني بالقلم العريض كما يقال من خلال أغلبية وازنة، الأمر الذي يحتاج إلى إيجاد مخارج لإقناع برلين بتقديم بعض التنازلات، مثلما حاولت واشنطن ذلك.
وبالنسبة لنا نحن العرب فإن «اللا» اليونانية، تمثل خياراً جديداً في التعامل مع إشكاليات الديون الخارجية التي تثقل كاهل بعض البلدان العربية، حيث خضعت لإملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وإذا كان اليسار قد نجح في اليونان، فإنه كان الأجرأ على اتخاذ قرار الرفض، ونحن في العالم العربي نحتاج إلى من يقول «لا»باسم إرادة سياسية موحّدة، تمتلك قوة تفاوضية أمام المقرضين.
والمسألة المهمة هو أن يأتي الاستفتاء اليوناني و«اللا»الكبيرة في ظل اختلالات في النظام العالمي الذي فرض هيمنة أمريكية وأحادية على العلاقات الدولية وهو يشكل اختراقاً جديداً للهيمنة الأمريكية وحلفائها على العلاقات الدولية.
إن تجربة أثينا تجعلنا نفكر: أين نحن من اليونان وأين يسارنا من «اللا» ؟ والسؤال الكبير الذي يواجه الجميع في اليونان وخارجها هو: ماذا بعد «اللاّ» اليونانية؟
صحيفة الخليج الاماراتية، الاربعاء 15/7/20105



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟
- الثقافة واليسار والتبديد
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 16
- السياسة .. الوجه الآخر للحرب
- داعش وخطر تفكيك العراق
- سوراقيا مشروع خلاص مشرقي – فكر
- داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!
- متى يُهزم داعش وكيف؟
- قالوا.. نظام إقليمي عربي
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 15
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14
- هلوسات ما بعد الموت الأول
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13
- متلازمة الدّين والإنسان
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 12
- تحدّيات التنوير منظوراً إليها أكاديمياً!
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 11
- عن القوة الناعمة
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 10
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 9


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا بعد ال«لا» اليونانية؟