أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - تاريخ العرب الحديث .. تجارب مدمرة وفشل ذريع















المزيد.....

تاريخ العرب الحديث .. تجارب مدمرة وفشل ذريع


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4865 - 2015 / 7 / 13 - 12:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ بداية القرن العشرين مرت الشعوب العربية بتجارب مريرة بعد تخلصها من الحكم العثماني، ولسؤ حظها كان الأتراك العثمانيون متخلفين من الناحية العلمية والثقافية، وتجاهلوا وأوقفوا التقدم الحضاري للأمة العربية مدة 400 سنة. غير أن هذه الفترة الطويلة تخللتها الحملة الفرنسية على مصر، التي تبعها بعد سنوات قليلة حكم محمد علي باشا، هذا العسكري الألباني الذي كان لبُعد نظره وحكمته أكبر الأثر على مصر وبلاد الشام. لقد استغل محمد علي الاحتكاك مع الفرنسيين فأوفد العديد من الشباب اللامعين في بعثات إلى باريس وعادوا بعقول مفتوحة ليساهموا في التغيير. وتخلل هذه القرون احتكاك آخر مع الحضارة الأوروبية، عن طريق فرنسا والوجود المسيحي في بلاد الشام. وكانت الحضارة الغربية سبقت العرب مئات السنين، بالضبط كما سبقت الحضارة العربية-الإسلامية الأوروبيين في العصور الوسطى. وأُدخلت الطباعة لمصر ولبنان وتُرجمت كتب المستشرقين، ومن سخريات القدر، أن الشعوب العربية اكتشفت في هذه الكتب بالذات مدى تأثير العرب والمسلمين في الحضارة الإنسانية، وساعد هذا الاحتكاك في تنمية روح القومية العربية، وخاصة في بلاد الشام.

غير أن هذه الروح لم تظهر بقوة وبوضوح إلا بعد تبني سياسة التتريك، في بدايات القرن العشرين، من قبل حزب تركيا الفتاة الذي كان هدفه تقوية وحدة الإمبراطورية العثمانية بدءا بتتريكها وإحلال اللغة التركية مكان اللغة العربية. وقد حدّثنا أجدادنا كيف أجبرت المدارس، على قلتها، بعد 1908 على البدء بتدريس اللغة التركية، وبعضهم كان يحفظ ما تعلموه كأطفال باللغة التركية في ذلك الزمان. واستغلت الحركات المعادية للحكم العثماني نشوب الحرب العالمية الأولى للثورة على الأتراك في الجزيرة العربية وبلاد الشام وكانت الثورة على شكل انحياز للحلفاء الغربيين ضد تركيا وألمانيا وروسيا، ولم يكن باستطاعة العرب أن يصنعوا شيئا لولا هذا التحالف، لأنهم، كجزء من الإمبراطورية، كانوا متأخرين من جميع النواحي.

وما إن فتح العرب عيونهم على العالم حتى اكتشفوا أن القوى الاستعمارية الكبرى ، فرنسا وبريطانيا، كانت تخدعهم وتتآمر عليهم، فقد قسمت الهلال الخصيب إلى عدة دول، وبدأت بريطانيا تخطط لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وطبعا هذا كان قبل هتلر وما سمي بالهولوكوست الذي كان سببا في دعم المطالب اليهودية، بالتركيز على ظلم أوروبا لليهود. وبدأ الشعب الفلسطيني يغرق في حرب مقاومة ضد الإنجليز والمهاجرين اليهود معا، الذين كانوا ليس فقط مدعومين من الغرب الذي كان يودّ حل المسألة اليهودية في العالم الغربي على حساب العرب ويكافئ اليهود على مساعدتهم للحلفاء في الحرب، بل كان المهاجرون اليهود متقدمين علميا وتكنولوجيا وماليا على الفلسطينيين، ومدعومين من قبل بريطانيا، القوة المنتدبة. وبدأت رحلة الآلام الفلسطينية منذ ذلك الوقت ولا تزال مستمرة. أما العرب حول إسرائيل فكانوا مكبلين بأغلال الحكم الاستعماري، ولم يتحرروا إلا في النصف الثاني من الأربعينات، عندما كان العالم يئن من الويلات الاقتصادية والإنسانية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية والتي أثرت أيضا على المنطقة وشعوبها الفقيرة.

وفي عام 1947 قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، ورفض العرب القرار بدون أن يعتمدوا على عناصر قوة تدعم موقفهم، وتظاهر اليهود بقبوله. غير أن موقف الفلسطينيين كان مبررا لأن عدد الفلسطينيين في القسم اليهودي نفسه كان أكثر من اليهود، وفي عام 1948 أُعلنت في فلسطين دولة، واعترفت بها القوى العظمي كلها، وانسحبت بريطانيا من فلسطين على عجل تاركة عرب فلسطين تحت رحمة اليهود الذين كانوا مسلحين لأسنانهم كما يقال، والذين كانوا قد كوّنوا فرق إرهابية ضد العرب والإنجليز معا، ودخلت بعض الجيوش المجاورة الحرب واستطاع الجيش الأردني أن يحتفظ بما سمي بعد ذلك الضفة الغربية، ومن ضمنها القدس، واحتفظ الجيش المصري بما سمي قطاع غزة. وبعد حوالي عقدين من الزمان، وبعد تهديد إسرائيل لسوريا، حاول العرب مرة أخري أن يهزموا إسرائيل وفشلوا الفشل الذريع الذي كان بذرة التحول في تفكير العرب والذي أضعف الروح القومية ودعم الاتجاه لتبني مبادئ الإسلام السياسي، والذي استمر بالتوسع وبلغ قمته في القرن الجديد، قرن الدمار والتفتت الحالي. وتراجعت قضية فلسطين وتفاقمت مأساة الشعب الفلسطيني.

في كل مرحلة من هذه المراحل وبعد كل هزيمة وفشل، كان قادة الرأي في العالم العربي يقنعون أنفسهم ويكتفون بإرجاع فشلهم إلى مؤامرات أجنبية للسيطرة على "مقدرات" العرب. وكان من السهل إقناع الناس بذلك. ومن شدة خوف العلمانيين من المتزمتين لم يكن هناك نقد ذاتي يفسر ما حدث سوى الطريق السهل وهو لوم الحكام جميعا واتهامهم بالفساد وبالعمالة للأجنبي. وكلما كان يذهب زعيم يأتي آخر أسوأ منه، وبقيت التهم ثابتة لا تتغير. وأخيرا انقسم العرب شيعا وتجمعات على أساس ديني، واستفحلت العداوة بينها، وثبت أن الهوية المذهبية أقوى من الهوية الوطنية.

وتبين أنه لم يكن العرب على استعداد للحرب في أي وقت، واستعملوا القضية الفلسطينية أداة ابتزاز ضد بعضهم البعض وانعدم التفكير العقلاني، وظهر وكأن العرب كانوا دائما يتوقعون من الأجنبي أن يحارب عنهم ويدافع عنهم أكثر من دفاعهم عن أنفسهم وأن يخدم مصالحهم وليس مصالحه، حتى أنهم أصبحوا يتهمون الدول الأجنبية الغربية بأنها تتآمر للقضاء على الشعوب العربية ولهذا فهي لا تتدخل لوقف الحروب الدينية والأهلية الطاحنة، وقالوا إنها هي التي دبرت الهجمات على نيويورك، وفي النهاية تفتقت أذهانهم عن الفكرة الكبرى وهي أن الغرب خلق القاعدة وخلق جبهة النصرة وخلق حتى الإسلام السياسي بهدف إنها الوجود العربي كدول محترمة.

لم يكن أحد يتصور أن الوضع سيكون كما هو عليه الآن، فهذا كابوس مستمر والمشاكل التي نتجت عن القتال في سوريا والعراق وليبيا واليمن لا يمكن حلها قبل سنوات عديدة وربما عقود، فقد تم تدمير جيل كامل وكل تقدم حصل حتى الآن . لا أحد يستطيع أن يتنبأ كيف سينشأ الأطفال المتأثرون بالحروب وما هو مستقبل العراق وسوريا، الدولتان الكبيرتان التين كانت تخشاهما إسرائيل. هل كنا نتصور أن جزءا كبيرا من شعوبنا سيلومون الأمريكان، كما يفعلون الآن، لعدم التدخل للقضاء على داعش بسرعة، قائلين إن هذا يثبت أن الأمريكان هم من خلق داعش لتصنع كل هذا القتل والدمار؟ لقد طالبوا أمريكا بإرسال جيوشها لتحارب داعش على الأرض وجها لوجه.

كان من الممكن أن تنجح ثورات الربيع العربي لو بقى العلمانيون يتقدمون الصفوف، ولو لم تدخل فيها حركات الإسلام السياسي المتعددة والمتضاربة وتخدع وتؤثر على الشعوب المقهورة، وينعدم التفكير العقلاني، وتنشب النزاعات بين المذاهب، ويُستقطب شذاذ الآفاق والقتلة الذي شوهوا الثقافة وصورة الدين الإسلامي، من جميع أنحاء العالم كي يتجمعوا في المنطقة ويعيثوا فيها فسادا. آلاف من المقاتلين يدخلون من الحدود التركية لسوريا والعراق ولكن تركيا لا توقفهم، أليست هي أسوأ عدو لهم؟ يجب أن يقتنع الناس أن الحكم الديني لن ينجح حتى لو اتفقت كل الآراء الدينية، وهذا مستحيل. كل دول العالم تحكمها المبادئ الإنسانية العلمانية التي يمكن تعديلها أو إلغاؤها إذا لم يتفق عليها الناس، وما الأديان إلا عامل روحي مكمّل لها، وخاصة في هذا العصر.

ولكن ما العمل الآن؟ على قادة الرأي والمثقفين والتربويين والكتاب أن يكونوا شجعانا وأن يوحدوا آراءهم، ويغرسوا حب الأوطان بدل جب المذاهب. في المرحلة الحالية يجب على الحكومات في الدول المضطربة أن تلجأ لفرض حالة الطوارئ، حيثما كان هذا ممكنا، كما فعلت تونس، وتطبيق النظام حتى تهدأ الأوضاع والنفوس، وبعدها تبدأ عملية التغيير في طرق التفكير وفي المناهج التربوية في جو من الهدوء والتصالح. صحيح أن هذه الخطوات ربما تأخذ وقتا طويلا، ولكنها لا بد منها، وهي في الحقيقة أقصر الطرق وأسهل تحقيقا من غيرها.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان هذا العام .. فرصة لنسيان سنة مُرعبة
- نجمُ الأُمّة الكرْدية يبزُغ في سماء المنطقة
- بعد عاصفة الحزم .. ماذا على الدولة السعودية أن تفعل؟
- فُرصَة أمريكا لفرض حلّ للقضية الفلسطينية
- الهجمات الانتحارية وحصادها المُرّ
- التقدم يعني التغيير
- عِلّةُ ذلكَ الإخفاقِِ
- إعلام الإرهاب يشكل خطرا على مصر
- المؤامرات وجيل التكفير
- آن الأوان لتطهير الدين من السياسة
- عزوف الشعوب العربية عن القراءة
- الوجوه المتعدّدة لرجب طيب أردوغان
- الحملة الحالية ضد الفكر الإرهابي جاءت متأخرة
- بان كي مون و أحمد إبن داود
- هل سنبقى نعيش في الماضي؟
- هل من وسيلة لحماية المسيحيين العرب؟
- إنعدام فرص الديمقراطية في العالم العربي
- هل غيّر القرضاوي نهجه المعتدل بعد إنجازات الإسلام السياسي؟
- تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش
- سايكس بيكو وأخواتُها


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - تاريخ العرب الحديث .. تجارب مدمرة وفشل ذريع