أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - إنطباع عن ومضات قاسم وداي الربيعي















المزيد.....

إنطباع عن ومضات قاسم وداي الربيعي


عمر مصلح

الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


نعشُ الحروفِ مثقلٌ باللعنات، حين يُشيَّعه تفكير قاحل..
جثمانها أَجاد الشقاء، بعد أن كان مزهواً بالثناء.
بهذا وددت أن أستهلَّ انطباعي عن الومضات الشعرية، التي هي إلى القصة القصيرة جداً.. أقرب.
نحن متفقون على أن جُمَلَ هذا الجنس، يجب أن تكون مرسومة بإسلوب شعري، مُكَثَّف الصورة، ومختَزَل اللغة، وتكون الخاتمة صعقة.
والشاعر قاسم وداي يُدرك فنون هذه اللعبة، فحاول شعرنة القص، والهروب من الخواتيم، قدر المستطاع، كي يُبقي النص شعرياً، ولا يوضع في خانة القص.
ولكي لايكون استهلالي، طلسماً، أو حشواً أود أن أُشير إلى الأسباب الموجــ ب / ع ـــة التي أثارت وداي حد القهر، فأَقام مجلساً للتأبين الصحي على روح الحياة..
هي.. تلك المُكدِّرات التي تفنن بها الورائيون لتشويه وجه البراءة..
بمعنى آخر أن العَسَس المتربصين بالشوارع قبل الخُطا.. أجهضوا المُخْلصين.. وهذا هو أُسُّ القضية..
فانثالت مواضيعه هذيانات صوفية، موغلة بالعشق حد التماهي، لِتُشَكِّل حَلَقة من الدراويش، اسمها قضية القهر، ابتدأها بعنوان صادم..
" أقنعة في الظلام"
هنا علينا أن نتأمل كثيراً..
إذ أن المُباح ليس بسيطاً، بل له عمق دلالي كبير، فالمقصود بالعتمة، هو زمننا الأعمى، الذي مارس علينا كل أنواع القهر، باستشراء العكازات، والفتك، والعشوائيات، والاغتراب، والخراب، ولآلأة السُخام، ولغط المفخخات، وأزيز الطائرات التي رقَّشت السماء الملبدة بالهموم، والقتل على الهوية.. .إلخ.
فامتثل الشاعرُ بمقولة "كورسون":
(ألرسم والكتابة فن واحد، حيث يستطيع الرسام كتابة نص بلا صوت، ويمكن الشاعر رسم الشعر.. لكن لايمكن تذويب الحدود بينهما).
فاتخذ من هذه الهذيانات المحمومة / ألومضات.. لافتات ورفعها بوجه القبح، وأعلن عصيانه، بأعمال شَغَب ي ساحات البشاعة.. رغم قلَّة حيلته..
علَّه يحوِّل الفَشَل إلى أَمَل.. .
"مسَّها الضرُ.. فالتهمت لسانها"
صرخة أطلقها، في فراغ..
كمحاولة لتمزيق ثوب الصبر..
لم يقل (ابتلعت) لأن ابتلعت ستقود المتلقي إلى منطقة الصمت، والرضوخ والخنوع..
قال "التهمت" لتأكيد حالة الجوع من جهة، ولإظهار حالة الاشمئزاز من البوح، في "زفَّة" تضج بالنعيق.
من هي التي التهمت لسانها؟.
ألأنثى
ألقصيدة
ألمدينة
ألدروب
أللوحة
ألابتسامة
ألصرخة
ألغربة
ألطفولة
ألكرامة
ألترنيمة
!!!.
كل هذه احتشدت فصارت "حياة"
إذاً الحياة هي من فارقت الحياة، رغم بقائها على قيد الحياة وفق دساتير الكينونة.
قال ابن وداي بعد أن غطَّت أوراقُ الخريف الربيعَ العاري عن الصحة.. بِلِسان الغربة، كونه - مثلي - عراقي مُغترب في بغداد، ومرافئ الاغتراب الآخر ترحب بالقادمين..
"حين رأت مراكبي مصفرة"
"فَقَأتْ عيونها"
"كي لا ترى أشرعتي تعانق الريح"
بهذا التقنين اللغوي الباذخ صورةً، رسم الشاعر لوحته، وعلَّقها على أبواب الصمت الجاثم على دكاكين الوراقين.
وانفلت باحثاً عن ملاذ يأمنه شر القلق، فاتخذ "ساحة الميدان" أُمَّاً حانية.. تحتضن متسولي المعرفة، من خلال الجَدَل؛ وتشمُ قميص يوسف، الذي قدَّته "زليخا" العصر، من دُبرٍ، وبرهان الله مازال شاخصاً.
ومتسولو السنابل بمباهج الغوث الدولي، ومنظمات حقوق الشيطان.. يرتعون، ويلعبون قرب الجُب.
مردداً
"لك الله أيُها القروي"
"غناؤك ما عاد يسمعه"
"إلا أنت والساقية"
دعونا نتوقف عند هذا المنعطف الذي ولجه قاسم بغية وصوله ملاذه الرؤوم.
إذ يعتقد أن النهر قد استبدل نونه بقاف، وباتت الساقية وحدها سميرته عند الهاجرة.
وهنا أجد مقاصداً غير معلنة عن فساد الطرقات، ولاغوث من جمعيات الرفق بالإنسان، فلجأ إلى تراكيب باعثة على توظيف المجتزأ من يومياته، المُدرَكَة حساً وشعورا.
ألأمر الذي جعلني أتخطى تقنية الخطاب النقدي، وأتوقف انطباعياً عند قصدية الكشف عن الدلالات.
تلك الصور التي تخلق تفاعلاً استقرائياً لاستقطاب الرؤى الخاصة.
ودليلي هو ترنَّمه بـ
"يجلمة انته"
بعد أن جفت الشفاه، صيَّر أُنثاه المُشْتهاة هي البوح، في أمكنته الصامتة.
وبمحاولة عبثية نأى بعيداً عن غطرسة الموت، بالاقتراب من "صاموئيل بيكت، وأوجين يونسكو".. فافترش العَبَث، وراح يقرأ نصاً غير متفق عليه.
عزف قاسم وداي الربيعي على أوتار كمنجة وصدح بأن عالم الموتى زاخر بالحكايا..
وأولها.. كنت مُغفلاً، حين وثقت بالعتاد الخُلَّب.



أقنعة في الظلام
ـــــــــــــــــــــــ
(1)
مسها الضر والجوع
فالتهمت أسنانها
(2)
حين رأت مراكبي مصفرة
مزقت عيونها
كي لا ترى شرعتي تعانق الريح
(3)
تلك الجلد المُتسخ
وسط سنابل تبتسم للقطافِ
خير من أقنعة مسلوخة
ملقاة على طرقات التسول
(4)
ما زلت .. أنا
أستجدي الحرف
كي أرقع أزمنة القبح
وأصنع الجمال
(5)
منْ لا يستطيع صنع الجمال
فليضع في فمه حجر
حتى لا يعرقلنا لعابـــــــــــــــه
(6)
هربت صوب اللذة
الى مسرح أعرج
ورواية لا يثق بها الجميع
(7)
لك الله أيُها القروي
غناءك ما عاد يسمعه
إلا أنت والساقية
(8)
أيُها الشعـــــــر
أمسك فمي
أطلق النار على قلبي
أخشى من شهقاتي
إذا أشتد الوجع
(9)
لا يهمني احتضار العالم
بكاء المدن الخائبة
هزائم
مشاريع للموت
فأنني ما زلت أحبهـــــــا
(10)
منْ يعيرني قصيدة
أكفن بهـــا ثقافتنا الميتة
(11)
منْ قال أنها رحلت
وهذا الوشم يمسك الفجوات
النجوم التي خضبها الظلام
تركن بأودية الشرايين
تغني نغم عراقي قديم (يجلمة أنتَ)
مزمارها نهر عذب
لا يفصله إلا زمن متهالك
سأنتظر خلف شفاه مقشرة
أرهقها الصمت
(12)
إذا جن الليل أكشف عن ساقيك أيُها الجرذ الرمادي
فما عاد المعول يلتهم الصخر
والأفاقون أصوات تتوارى في قمامة الحذلقة
(13)
أيُهـــــا الشعـــراء
عبثاً نبحثُ عن العنقاء
وسط قارة تنهشها الحراب
والشعر دموع التماسيح
(14)
أيُها الورد الأحمـــــــــــــر
منْ قال لك إني طاعون أصفــــر
أنا الماء والهواء
أنا ميســــان الحضارة والشمس وفارسها الأسمر
(15)
لماذا هذا الخراب
ما كنت سوى ساقية وسط حقل جاف
(16)
حين استغثت بالبحرِ
ما كنتُ أعلم إن لعابه من قيح
وأشرعته من قطران
(17)
سأكتبُ ذات يوم
على أرصفةِ (ساحة الميدان)
بأنني كنت مغفلا
(18)
هاؤك خزائني كلها
متاعبي
خطواتي
ثرثرتي
كلماتي
لكن أمنحني رغبات ركنت بين أضلاعي
(19)
لن يجتاحه الجفــــاف
ولن يهمني السُــــراق
لكن أخشى على نهري
أصحو ذات يوم فأجده بلا ضفاف
(20)
تسخر مني
أيُها الزورق المثقوب
فهذا شراعي
وذاك نهـــــري
(21)
ما لهم أخوة يوسف
ينثرون الخوف والجوع في (الباب الشرقي)
يأكلون الخطوات
في أرصفتي الملونة
يمكرون.. وأنا الشاهد
(22)
هروب الورد البلاستيكي
في جوفِ عقولنا المغفلة
لم يعد يهمني
فهو ميت في قاموس الحقول
(23)
ما زلت في منفاي
أفترش صدري لمقدم الفصول
أطالع النجوم المصلوبة على نوافذي
فلا تهرب..
جثماني لم يسكنه العفن
وقطارات سومر تنتظر مقدمي

* "يجلمه انتة" : أُغنية للفنان العراقي سعدون جابر
قاسم وداي الربيعي



#عمر_مصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلوى فرح.. تعوم في خط التالوك
- إنطباع عن قصة عباءات
- إنطباع عن.. ألليلة التي ضاع فيها الرغيف للقاص أنمار رحمة الل ...
- قراءة سريعة في نص (مشردون) للقاص مشتاق عبدالهادي
- ماهية الفراغ في نصوص فلاح الشابندر
- ألغجر.. في مآل العرض
- سفينة نوح الفضائية.. قبل وبعد الإنهيار
- نبش في الأحزان المعلقة على المشاجب
- جلالة النص، وقصدية الكشف عن الأنا.. ميادة المبارك إنموذجاً
- سعد سعيد.. ملتزماُ
- بغداد الأزل بين الروح والمقل
- هذيان صوفي.. في حضرة القص
- ضربة فرشاة.. ألطعنة المخلصة في خاصرة الآن
- وجع يتكرر
- عشتار تولد من جديد
- ضياع
- قراءة في نص دروب وصدأ للشاعرة وقار الناصر
- إعتراف في محراب المنى
- عنوسة ال % مع سبق الإنكسار
- ضمير مستتر


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - إنطباع عن ومضات قاسم وداي الربيعي