أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حيان الخياط - وهم الوهم: دليل المرتاد الى سقطات وهم الالحاد















المزيد.....



وهم الوهم: دليل المرتاد الى سقطات وهم الالحاد


حيان الخياط
(Hain Mohammed Ali Alkaiat)


الحوار المتمدن-العدد: 4858 - 2015 / 7 / 6 - 15:50
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


على أثر الدعاية القوية التي حصل عليها كتاب "وهم الإلحاد" لأحمد الحسن تصورنا ان هنالك فكراً جديداً يلوح في الأفق، او ان الفكر الديني ـ وأخيراً ـ تمكن من التعامل مع اعتراضات الملحدين بشكل علمي رصين. فقد تم طرح الكتاب على انه عبارة عن "مناظرة علمية من الطراز العالي مع البروفسور ريتشارد دوكنز الذي يعتبر من أكبر علماء الاحياء التطورية المعاصرين، ومناظرة مع البروفسور ستيفن هوكنج وهو من أكبر علماء الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية المتخصص في علم الكون صاحب النظرية المثبتة في اشعاع الثقوب السوداء، وتتخللها مناظرة علمية مع الباحثين في الحضارات القديمة الذين هم على منهج البرفسور صموئيل كريمر في قراءة تاريخ الانسان القديم"(1).
وعليه يجب ان ننتظر طرحاً فكرياً استثنائياً يكون من القوة بحيث يصدم جميع الملحدين، وفي هذه المقدمة لن نطرح حكمنا ورأينا بالكتاب، بل سنتركه ليطلع عليه القارئ اثناء تصفحه لما كتبناه.

يتكون الكتاب من 604 صفحة وهو مقسم الى ستة فصول مع ملحقين في نهايته:
الفصل الاول: يتطرق الى موقف رجال الدين من العلم بشكل عام ومن نظرية التطور بشكل خاص ويقوم بالرد عليهم الواحد تلو الآخر.
الفصل الثاني: يركز على شرح الادلة العلمية التي تدعم نظرية التطور وبيان قوتها ورصانتها.
الفصل الثالث: يحاول ان يبرهن ان النصوص الدينية تتفق مع نظرية التطور.
الفصل الرابع: مخصص لإثبات وجود الاله عن طريق نظرية التطور مع طرح فكرة التصميم الذكي من وجهة نظر اخرى.
الفصل الخامس: يتحدث عن نشوء وتطور الثقافة الانسانية.
الفصل السادس: يناقش قضية ظهور الكون من عدم وفقاً لميكانيكا الكم.
ملحق1: للتعريف ببعض المصطلحات العلمية الواردة في الكتاب.
محلق2: للرد على اراء هادي المدرسي، ياسر الحبيب وكمال الحيدري في نظرية التطور.
والجدير بالذكر ان احمد الحسن هو واحد من بين عدة اشخاص ادعو كونهم من اوصياء المهدي، وحسب ما فهمته من اتباعه فانه ابن المهدي المنتظر عند مذهب الشيعة الاثني عشرية وانه معصوم عن الخطأ ويملك علماً الهياً لدنياً.

مناقشة افكار الفصل الاول: لا يحتوي الفصل الاول على مواضيع تهم الملحدين، فهو مجرد استعراض لأراء رجال الدين عن نظرية التطور وبعض فتاواهم عن دوران الارض حول الشمس وما فعلته الكنيسة بالعلماء، والرد على كل ذلك.

مناقشة افكار الفصل الثاني: يستعرض احمد الحسن طيفاً واسعاً من الادلة على صحة نظرية التطور مثل ادلة علم التشريح المقارن، التطور العكسي، الادلة الجينية، الادلة بالاعتماد على الانتخاب الصناعي، وغيرها. بل انه يرد على الاعتراضات والإشكالات التي تتلبس بلباس العلم مثل، إشكال الاحتمالات، الاعضاء المركبة، تطور الاعضاء والتراكيب من اجزاء بسيطة، ويزيد على ذلك بان يؤيد التطور ويعتبره خطة الهية للخلق.
ومما قاله في هذا الصدد: "ونظرية التطور واقفة تتحدى كل الرافضين لها أن يقدموا مشاهدة واحدة فقط، واحدة لا غير، تتعارض مع تنبؤات نظرية التطور. والحقيقة إن هذه المشاهدة مفقودة ولم تثمر آلاف الأبحاث والتجارب في علم الأحياء والتشريح المقارن والجينات منذ ظهور نظرية التطور الى اليوم في العثور على مشاهدة واحدة في عالم الأحياء الأرضية تتعارض مع تنبؤات نظرية التطور، وهذا يعني أن نظرية التطور صحيحة لا غبار عليها، فأكثر من مئة سنة مليئة بآلاف التجارب والأبحاث والمشاهدات العينية المطابقة دون استثناء واحد لنظرية معينة كفيلة بإثبات صحة تلك النظرية"(2).
لكنه لا يستمر في اتباعه للمنهج العلمي الى اقصى من ذلك، حيث يتحدث عن مشكلة اصل الحياة وكيف جاءت الخلية الاولى الى الحياة وينتهي الى انها حصلت بتدخل غيبي.
ويقول في ذلك: "لا توجد فرضية ذات قيمة علمية في تفسير قصة نشوء الحياة على الارض بشكل منطقي مقبول دون فرض أمور صعبة التحقق عملياً، وبالتالي فهناك فرصة منطقية ومقبولة على الأقل حتى الآن لفرض تدخل الإله والجانب الغيبي ليفسر حدوثها في موازاة تلك الفروض صعبة ـ أو شبه مستحيلة ـ التحقق"(3).
وكلامه هذا ابسط مثال يمكن ان نقدمه لمغالطة "اله الفراغات"، وهي المغالطة التي يستخدمها اغلب المؤمنون طوال التاريخ، وتتمثل في البحث عن ظاهرة معينة لم يجد العلم تفسيراً لها حتى الان ليقولوا: هذا دليل على تدخل الاله، فهو الذي تدخل بنفسه لينجزا هذا الامر. وبعبارة اخرى فان احمد الحسن يبحث عن ظاهرة مجهولة لا يعرف العلماء تفسيرها بشكل كامل حتى الان ليزج بإلهه كتفسير ديني/غيبي لهذه الظاهرة.
اما ما نقوله نحن فهو الاتي: توجد عدة فرضيات وضعت من أجل تفسير اصل الحياة وكل واحدة منها تمتلك ادلة تدعمها، لكن هذه الادلة ليست بالقدر الكافي الذي يمنحنا الثقة الكافية بإحدى هذه الفرضيات دون غيرها، وموقفنا من ذلك هو انتظار المزيد من الادلة التي سيتوصل اليها العلماء يوماً ما لتتحول احدى هذه الفرضيات الى نظرية علمية مثبتة ورصينة.
وننقل الان اقتباساً طويلاً من كلام احمد الحسن، وهو يتعلق ايضاً بأصل الحياة ويتهم فيه الملحدين بأنهم يذهبون وراء تفسيرات بعيدة الاحتمال من أجل عدم التسليم بوجود اله:
"فعند الملحدين معقول جداً ان عدداً كبيراً من النيازك المحملة بكميات هائلة من الأحماض الامينية اختارت كوكب الأرض بالتحديد والذي يمثل للكون حبة غبار في صحراء حتى لو كانت نسبة احتمال هذا الحدث قليلة الى حد التلاشي!
ومعقول جداً ان هذه النيازك تعرضت وهي في طريقها الينا لضوء نجم نيوتروني لكي تكون حوامضها الامينية يسارية و .. و .. و .. و .. و .. وهكذا كل هذه الفروض والتي نسبة تحققها ضئيلة الى حد التلاشي معقولة جداً، ولكن ان يكون وراء القانون الذي انشأ البروتين الناسخ لنفسه او الحامض النووي مقنن، فهذا غير معقول عند الملحدين وان يكون وراء الخريطة الجينية اللغوية متكلم ايضاً عند الملحدين!
اعتقد ان ما تقدم كاف لينهي الامر، فهل يوجد عاقل يعرف ان حدثاً ما نسبة احتمالية حدوثه هي قليلة الى حد التلاشي، وعمر الكون كله لا يكفي لوقوعها ثم يذهب للقول ان حصوله خلال مليار او مليار ونصف سنة التي سبقت وجود الحياة على الارض هو امر عادي في نفس الوقت الذي يرفض فيه مناقشة اي احتمالية لان يكون الحدث اعجازي، ومن ثم يبحث عن اي قشة ليثبت بها فرضه" (4).
ومغزى كلامه يتعلق بفرضية محددة لنشوء الحياة على الارض، وهي التي تقول بان اصل الحياة على الارض جاء عن طريق النيازك المحملة بالمواد العضوية ويحاول ان يصور الامر وكأن الملحدون هم الذي يأتون بهذه الفرضيات من التأمل او التفكير المجرد بعيداً عن الامور الملموسة، ويذهب الى اكثر من ذلك عن طريق استبدال كلمة "علماء" بكلمة "ملحدين". فواقع الامر ان فرضيات اصل الحياة لم يأتِ بها ملحدون او مؤمنون، بل علماء مختصون قاموا بوضع فرضيات ثم اجروا بعض التجارب التي تم نشرها في مجلات علمية محترمة. والذي يدفع كل انسان عاقل ويتبنى التفكير العلمي الى مساندة هذه الفرضيات هو وجود الادلة التي تؤيدها وليس لأنها جاءت من طرف ملحد او مؤمن.
ولنبين لك عزيزي القارئ ان كلام العلماء ليس مجرد هواء في شبك، وانه يحتوي على اكتشافات تؤيده ـ على عكس الكلام الخاطئ الذي قاله احمد الحسن ـ سنقوم بنقل بعض الاخبار العلمية لهذه الاكتشافات.
1 ـ في عام 2004 تم اكتشاف اثار متناهية الصغر لحمض غلايسين الاميني في عينة من مذنب "فيلد 2" جمعتها سفينة فضاء تابعة لوكالة ناسا، وهذه العينة تقع على بعد 390 كيلو متراً من كوكب الارض.
وقالت جيمي إيلسيلا عالمة البيولوجيا الفلكية تعقيباً على هذا الاكتشاف: "لقد شاهدنا أحماضا أمينية في أحجار نيزكية من قبل ولكن هذه هي المرة الأولى التي نكتشفها في مذنب". وأضافت انه قد عثر على الغلايسين وأحماض أمينية أخرى في عدد من النيازك من قبل أبرزها النيزك الذي هبط بالقرب من بلدة مورشيسون في أستراليا عام 1969.
وقال كارل بيلتشر مدير معهد البيولوجيا الفلكية التابع لوكالة ناسا والذي شارك في تمويل البحث إن "اكتشاف الغلايسين في مذنب يدعم فكرة أن لبنات بناء الحياة الأساسية كانت موجودة في الفضاء، ويقوي حجة أن الحياة في الكون قد تكون شائعة أكثر منها نادرة"(5).
2 ـ قام فريق علمي من جامعتي "امبريال كوليدج" و"كنت" في بريطانيا بإجراء تجربة داخل المختبر قد تؤكد فرضية ظهور الحياة نتيجة ارتطام نيزكي بالارض، وما تبعه من إطلاق كمية هائلة من الطاقة وسط العناصر التي كانت تنتشر آنذاك على سطح الأرض.
ملخص التجربة: بدأت التجربة بمزج كمية من المياه مع عناصر كيميائية مماثلة للعناصر الموجودة عادة في النيازك، من غاز الأمونيا وثاني أوكسيد الكربون والميثانول، إلى جانب الأوكسجين والهايدروجين، دون إضافة أي أحماض أمينية، ثم عمدوا إلى تسخين المياه إلى حرارة 600 درجة للتأكد من قتل كافة الكائنات الحية التي قد تكون موجودة فيها.
وبعد ذلك جرى تحويل تلك المياه إلى جليد وضربها عبر مسدس يعمل بالغاز بأجسام معدنية جرى تعقيمها أيضا لخلق ظروف شبيهة بظروف ارتطام النيازك بالأرض، وقد لاحظ العلماء بالفعل أن إحدى العينات شهدت حصول تحول أدى إلى ظهور الأحماض الأمينية التي تعتبر مقدمة أساسية لظهور الكائنات الحية(6).
ورأينا في هذه المسألة هو ان نتبع محاولات واكتشافات العلماء لا ان نقول ان هنالك شيئاً مجهولاً قامت به قوة غيبية مجهولة ونترك الموضوع جملة وتفصيلاً.

مناقشة افكار الفصل الثالث: في هذا الفصل يحاول احمد الحسن المزاوجة بين الدين من جهة وبين نظرية التطور من جهة أخرى، وبسبب وجود اخطاء كثيرة نرى ضرورة الوقوف عندها فأننا سنقوم بترقيم الاقتباسات والرد عليها، وهي كالاتي:
1 ـ "الله سبحانه وتعالى بدأ خلق آدم في السماء الاولى (سماء الأنفس)، ولكن لكي يكون آدم وذريته مؤهلين للنزول الى الارض والاتصال الجسدي، فلابد من رفع الطينة للسماء الاولى وخلق نفس آدم (عليه السلام) وبقية الناس منها، فهذا أمر ضروري حيث أن الروح بثت في هذه الطينة المرفوعة وأصبحت هذه الطينة المرفوعة هي آلة اتصال الروح بالجسد، فالروح لا يمكن ان تمس الجسد لأنهما في ـ ومن ـ عالمين مختلفين وبينهما عوالم، فكان لابد من وجود آلة لها وجود في كل مراتب التدرج والعوالم بين السماء الجسمانية والسماء الأولى وعندما يرفع الجسم يكون له هذه المراتب فله أن يتحرك ضمن حدودها"(7).
ويقول ايضاً، "فأخذت الملائكة بأمر من الله سبحانه شيئاً من تراب وماء الأرض ورفع الى السماء الأولى وصب منه جسم آدم اللطيف في السماء الأولى ووضع في الجنة الدنيوية، أي في نهاية السماء الاولى أي في باب السماء الملكوتية (السماء الثانية)، وهي أولى الجنان الملكوتية تمر عليه الملائكة"(8).
وبعد ذلك يستدل ببعض النصوص الدينية لتأييد ما ذكره، والاعتراض الذي يرد على كل هذا الكلام الطويل هو امكانية استعراض سيناريو اخر للخلق ولن يختلف اي شيء لعدم وجود واقع او معيار نعود اليه لترجيح صحة هذا السيناريو او ذاك. فان قلنا ان الاله خلق البشر في السماء السابعة لا الاولى او ان الاله خلق البشر مرة واحدة في الجنة ثم انزلهم الى الارض او غير ذلك من الكلام المحشو بعبارات وكلمات قرآنية، في حال قلنا ذلك فان القارئ لن يستطيع ترجيح صحة احد القولين على الاخر. وعليه فان كل هذه السيناريوهات لا يمكن ان تكون واقعية ولا يمكن ان يفحصها العلم ليكتشف صحتها من خطؤها، والمحصلة انها مجرد كلام فارغ.
ونحن عندما طالعنا الفصل الاول لكتابه لاحظنا ان الكلام لمثقف علموي يرد بشكل قوي على اعتراضات رجال الدين الموجهة الى التطور، ولكن عند التعمق بالفصل الثاني فأننا نراه يبتعد عن العلم قليلاً ليفسح المجال لدخول الغيبيات، وفي الفصل الثالث نراه رجل دين تقليدي يحاول لي عنق النص ليثبت فكرة هزيلة ومتهافتة، إلا وهي فكرة الاعجاز العلمي في القرآن وأحاديث الائمة الاثني عشر.
وقبل ان ننتهي من نقد كلامه الذي لا يغني ولا يسمن سنستعرض مقتطفاً يوضح فيه ما يقصده من الكلام السابق ذكره: "نحن سماويون، أصلنا سماوي، وخلقنا في السماء الأولى وكان امتحاننا الأول فيها وهو امتحان الذر الذي ذكر في القرآن، فنحن أنفس وليس أجساداً أرضية فقط، أبونا آدم (عليه السلام) خلق من طينة رفعت إلى السماء الأولى ووضعت في باب الجنة، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: [كانت الملائكة تمر بآدم (عليه السلام) أي بصورته وهو ملقى في الجنة من طين فتقول لأمر ما خلقت]، ومن ثم نفخت الروح في هذه الطينة المرفوعة وخلق آدم وخلقت منه حواء، وسكن آدم وحواء في الجنة الدنيوية التي في السماء الأولى (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،
(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى).
ثم نحن بنو آدم خلقنا الله في السماء الأولى في عالم الذر وامتحنا الامتحان الأول (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)، ووجودنا الأرضي وجود طارئ ومؤقت وليس دائماً ولا أبدياً ولا حتى ستكون لنا عودة لنفس هذه الأرض للعيش بعد الموت إذا كنا ممن يختار إنسانيته وينبذ الحيوانية الأرضية التي اتصلنا بها ليمتحننا الله سبحانه، فكيف يمكن والحال هذه أن ينسب الإنسان السماوي إلى الحيوانية الأرضية التي اتصلت بها نفسه لإجراء الامتحان الثاني، فمسألة أصل أجسامنا وتطورها عن كائن آخر في الأرض لا تغير شيئاً في حقيقة أن أًصلنا سماوي"(9).
ولكي يتسنى لك عزيزي القارئ ان "تؤمن" بهذا الكلام يجب ان تؤمن اولاً بوجود اله ثم تؤمن بضرورة ان يرسل هذا الاله مجموعة من الانبياء لكي يهدونك الى ما يريده، ثم تؤمن بان الاسلام هو دين الحق، ثم تؤمن بان التشيع هو افضل المذاهب ثم تؤمن ان كلام احمد الحسن هو الرأي الراجح، وبعد هذا كله سيتسنى لك ان تؤمن بالأفكار المطروحة في الاقتباس الذي نقلناه.
وفي حال اردت ان تقنع شخصاً لا يؤمن فلا توجد طريقة لإثبات صحة اننا قد خلقنا في السماء الاولى عن طريق طين مرفوع وووالخ.

2 ـ نصل الان الى الحديث عما قاله احمد الحسن فيما يتعلق بكون القرآن قد اكتشف نظرية التطور قبل تشارلز داروين بألف سنة، حيث يقول: "نظرية التطور عبارة عن نظرية علمية، ولهذا فنحن عندما نورد نصوصاً دينية متوافقة معها فهذا لا يعني أننا نريد إثبات نظرية التطور من خلال النص الديني، بل غاية ما نريد هو إثبات توافق النص الديني مع هذا الاكتشاف العلمي، وربما أيضاً إثبات أحقية الدين من خلال إثبات المعارف الغيبية التي احتواها النص الديني، حيث يمكن أن يقال مثلاً: إن القرآن ذكر التطور في قوله تعالى: (والله أنبتكم من الارض نباتا)، وفي حين لم يتمكن الانسان من اكتشاف هذه الحقيقة العلمية الا حديثاً، وبهذا تثبت أحقية القرآن وأحقية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) من خلال إخباره الغيبي عن حقيقة علمية قبل أن تكتشف بأكثر من ألف عام"(10).
يبدو ان قلة اطلاع أحمد الحسن جعلته يطلق الاحكام جزافاً، فهو لا يعلم بان فلاسفة اليونان القدماء قد طرحوا افكاراً تطورية صريحة ـ على عكس القرآن الذي يخلو من مثل هذا الامر ـ ولهذا يجب ان نسهب في شرح ذلك له.
قدم عدة فلاسفة يونان فكرة التطور قبل الاسلام بمئات السنين ومنهم الفيلسوفان أنكسمندروس و أنبادوقليس، وفي حال وجود نظرية التطور في القرآن ـ وهي غير موجودة ـ فان ذلك ليس بشيء معجز على اعتبار ان الفكرة قد تم طرحها سابقاً من قبل فلاسفة عاديين وغير متصلين بقوى غيبية مجهولة(11).
وأما بالنسبة للآية القرآنية التي استدل بها على وجود نظرية التطور في القرآن (والله أنبتكم من الارض نباتا)، فنود ان نقول له بان هنالك قبيلتين هما بويبلو ونافاجو تملكان أسطورة عن الحياة تنص على ان الحياة قد بزغت من الكرة الارضية كما برعم النبات الذي ينمو كمراحل متتالية(12).
وبذلك نصل الى ان اغلب الافكار التي يدعي احمد الحسن بأنها موجود في القرآن هي اما غير صحيحة او مسروقة.

3 ـ وكعادة جميع دعاة الدين لا يمكن لأحمد الحسن وأمثاله ان يتنصلوا من تبعات الروايات الدينية التي يقومون بنقلها، ومن هذه الروايات: "لما طاف آدم (عليه السلام) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حواء، ولقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العجاجين العظيمين من الدموع، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: حياك الله وبياك فلما أن قال: "حياك الله" تبلج وجهه فرحا وعلم أن الله قد رضي عنه، ولما قال: "وبياك" ضحك ومعنى بياك أضحكك، قال: ولقد قام على باب الكعبة وثيابه جلود الإبل والبقر، فقال: اللهم أقلني عثرتي واغفر لي ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها، فقال الله جل ثناؤه: قد أقلتك عثرتك وغفرت لك ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها"(13).
ونحن نتساءل، عن اي بيت يتكلم هذا الحديث؟ وهل الكعبة موجودة عند تطور الانسان في افريقيا قبل آلاف السنين؟ وكيف بقي آدم مدة مائة عام يطوف حول الكعبة باستمرار، وحياته لا يمكن ان تصل لمثل هكذا رقم بحكم كثرة مسببات الموت قديماً؟
فنحن نعلم ان اعمار البشر القدماء لا تصل الى هذا الرقم، وبالاعتماد على الاحصائيات الحديثة يمكننا ان نقول انه في زمن وليم شكسبير، طفل واحد فقط من بين كل ثلاثة اطفال يصل الى عمر الـ 21 سنة. وفي زمن تشارلز دارون طفل واحد فقط يصل الى هذا العمر من بين كل طفلين. ويدل هذا الامر على استحالة وصول الانسان الى عمر 100 عام قبل 120 ـ 200 الف سنة(14).

4 ـ نأتي الان الى كلامه عن اصل الانسان بالتحديد: "ومن الغريب حقاً أن يقبل بعض الناس أن تكون بداية جسم آدم (عليه السلام) مباشرة من الطين أو التراب ولا يقبل أن تكون بدايته من كائن حي مع أن الكائن الحي أرقى في الدرجة الوجودية الحياتية بكثير من الطين الجماد"(15).
الامر ليس غريبا ابدا فهو ما يصرح به النص القرآني، ثم ان الحقائق العلمية لا تحتاج الى اذواق الناس وتفضيلاتهم حتى تكون صحيحة. فبغض النظر عن تفضيلهم لكون اصل الانسان من طين ام كائن حي، تبقى الحقيقة الموضوعية صحيحة على الدوام.
وأمر اخر يمكن ملاحظته هنا هو عدم زوال المركزية الانسانية بالنسبة لأحمد الحسن، فهو يبقي اهتمامه على تطور آدم دون غيره من الكائنات على الرغم من وجود ملايين الانواع الحية ضمن كوكبنا الصغير التابع لنجم واحد من بين 100 مليار نجم، داخل مجرة من بين 100 مليار مجرة في كوننا.

5 ـ ويأتي الان دور الادعاءات التي يطلقها احمد الحسن دون ان يراعي تبعاتها: "يمكن ان يقال: إن العلم متعارض مع فهم بعض المتصدين للافتاء ممن يسمون بالفقهاء من المسلمين السنة والشيعة والمسيحيين واليهود للنص الديني، وهذا الإشكال يوجه لهؤلاء ولا يوجه للدين الإلهي عموماً أو للنص الديني الإلهي الثابت، فهم يتحملون عاقبة آرائهم ولا يصح أن يُحمّل الشاكون أو الملحدون الدين الإلهي أو النص الديني نتيجة آراء هؤلاء، فهذه كذبة كبيرة وخدعة يخدع الملحدون أو من يشكون بوجود إله أنفسهم بها وبأن الدين الإلهي والنص الديني يساوي آراء هؤلاء، وإذا كان الملحدون يريدون أن يعيشوا مع هذه الكذبة ويخدعوا أنفسهم بانتصار وهمي للإلحاد على الدين فهذا شأنهم ولكني أعتقد أنهم بهذا لن يكونوا أحسن حظاً من رجل الدين المخادع الذي ينتقدونه"(16).
ان الفهم الذي يتحدث عنه متسق مع حقيقة النص الديني بدون تلاعب او لي لعنق النصوص كما يفعل هو. ومهما يكن من امر فان الملحدين ليسوا بحاجة الى رجال دين حتى يفهموا حقيقة الدين، فهم يملكون عقولاً تدرك الامور المتعلقة بالدين افضل من المتدينين. وهذا ما بينته الاحصائيات التي قام بها مركز بيو المستقل، حيث بينت النتائج ان الملحدين واللاادريين في امريكا يفهمون الدين ويعرفونه على مستوى التاريخ والشخصيات الابرز والعقائد افضل من المؤمنين(17).

6 ـ يورد احمد الحسن الرواية التالية عن خلق ادم: "إن الله تبارك وتعالى أراد أن يخلق خلقا بيده، وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة وكان من شأنه خلق آدم ..... اني أريد ان أخلق خلقا بيدي واجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادا صالحين أئمة مهتدين واجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم طريق سبيلي وأجعلهم لي حجة عليهم وأبيد النسناس من ارضي وأطهرها منهم".
ويعقب عليها بالقول:
"والرواية واضحة أن قبل آدم (عليه السلام) كان هناك أشباه الناس موجودين على الأرض، أما (سبعة آلاف سنة) فواضحة أنها ليست بوحدات قياسنا التي نعرفها الآن ويمكننا تصور وحدات قياس أخرى للزمن لا نعرفها؛ لأنها في أبعاد أخرى خارج هذا الكون الذي نعيش فيه"(18).
ونحن نقول انها واضحة بهذا المعنى بالنسبة له فقط، فهو يعتمد على امور مجهولة لا يعرفها احد سوى الهه ـ حجة الجهل ـ وإبعاد اخرى خارج هذا الكون للوصول الى حقائق.
ثم لماذا تخاطبنا النصوص الدينية بأمور لا نفهمها؟ لماذا توجه الينا خطاباً من ابعاد اخرى خارج الكون؟ إلا يدل ذلك على سذاجة هذه النصوص وبالتالي سذاجة قائلها؟
من الافضل لأحمد الحسن ان يعترف بكونها نصوص قديمة تعبر عن الثقافة السائدة في ذلك الزمان، لكي لا يقع في مثل هذه الاخطاء.

7 ـ ونأتي الان الى جزء مهم يتعلق بكل مؤمن يحاول الدفاع عن دينه فقط ويترك باقي الاديان لأنها لا تعنيه: "تنبيه: الكتاب المقدس أو العهدان القديم والجديد أو القصص التوراتية بالخصوص تتعارض مع نظرية التطور ومن موارد تعارضها مسألة خلق حواء من ضلع آدم"(19).
وكان الافضل لأحمد الحسن لو انه ذكر ان قصص الكتب المقدسة كالتوراة والقرآن وغيرها مجرد قصص رمزية لا قصص يراد منها المطابقة مع الواقع او انها تحتوي على تفسيرات علمية.
واعتراضنا على كلامه سيكون على شكل مقتطف رائع لداريل راي ننقله كاملاً: "تخيّل السيناريو التالي: أنت تخوض محادثة جادّة مع صديقتك المسيحية المؤمنة بعمق. صديقتك ذكية، متعلّمة، مثقّفة، وعلى اطّلاعٍ واسع. وأنت موافق على تسجيل كل ما يدور من الحديث ضمن الجلسة. الموضوع يدور حول الإسلام. خلال الجلسة، سيكون نقاشكما يدور حول محمد، وكيف أنه نصّب نفسه رسولاً من عند الله، وكيف كان يدّعي بأنه كان يتحدّث مع الله ومع الملائكة. وكيف أنه ألّف كتاباً ادّعى بأنه معجز ومعصوم، وبأنه صعد إلى السماء على ظهر دابة.
خلال الحديث، ستكون موافقاً بأنّ محمداً كان متوهّماً بأنّ الله كان هو الذي يحدّثه، أو أنه يستطيع الحديث معه. وتوافق بأنّ القرآن مكتوب بيد محمد ولا يمكن أن يكون كلام الله. وستقول أنه من السخف الاعتقاد بأنه النبي الأخير وأن باقي الأنبياء هم على خطأ. كما أنه من المستبعد أن تكون مؤمناً لا أنت ولا صديقتك بأنه صعد إلى السماء، وعلى ظهر دابة. كل ذلك يبدو ضرباً من الجنون، وستتفقان كلاكما أنّه من الصّعب أن يؤمن أحد عاقل بهذا الدين. وفي نهاية الحديث، ستقول بأنّ المسلمين لم يختاروا دينهم، إنما ولدوا كذلك. وستقولان في نهاية جلستكما أنّ أي شخص ينظر إلى كل من الديانتين المسيحية والإسلام سيرى أن المسيحية هي الدين الحق.
خلال الأيام القليلة التالية، ستدوّن الحديث الذي دار بينكما على الورق. وعندها ستقوم بتغيير كافة الإشارات التي تناولتم فيها محمد وتحوّلها إلى الحديث عن يسوع. الآن سيتحوّل الحديث على الورقة على النحو التالي:
خلال الحديث، ستتفقان كلاكما على أنّ يسوع على الأرجح كان متوهّماً ليفكّر بأنه بإمكانه التحدّث إلى الرب يهوه. من الواضح أنّ الكتاب المقدّس ـ وبالأخص العهد الجديد ـ ألّفه مجموعة من الرجال وليس يهوه. وستتفقان كلاكما أنّه من السخف من قبل يسوع الادعاء أنّه الرسول أو النبي الأخير، وأن غيره من الرسل والأنبياء كانوا على خطأ. ومن المستبعد أن يؤمن أي أحد منكما بأنه كان يحيي الموتى، أو أنه صعد إلى السماء. كل ذلك يبدو ضرباً من الجنون، ومن الصعب التصديق أن يؤمن أحد بهذه الديانة. وفي نهاية الحديث، تتفقان كلاكما أنّ المسيحيين لم يختاروا هذه الديانة، بل ولدوا مسيحيين. وكل من ينظر إلى كلا الديانتين الإسلام والمسيحية سيرى أنّ ألإسلام هو الدين الحق.
والآن، ستقول لصديقتك: "لقد نسخت حديثنا ودوّنته على الورق ثمّ عدّلت فيه جعلت الحديث يدور عن الإسلام، وأردّت أن أقرأه عليك". لاحظ ردّة فعلها وأنت تقرأه على مسمعها. كيف ستكون ردّة فعلها على كل تصريح؟ وكم من الوقت ستحتاج لتتحوّل إلى دفاعية؟ وكيف أنها ستبدأ بابتكار وجلب حجج مفصّلة ومدروسة وليس لها أي أساس واقعي أكثر من التي وردت خلال الحديث الأول؟ قد تلحق هذه المحادثة أضراراً بليغة بصداقتكما؟"(20).

8 ـ وفي اطار قضية كيف قام ادم بتزويج بناته لأبنائه يقول: "لو كان هناك من يبحث عن الحق لكفاه أخبار آل محمد (عليهم السلام) قبل أكثر من ألف سنة عن هذه الحقيقة التي أثبتها العلم الحديث، ومخالفتهم (عليهم السلام) للباطل المهيمن في زمنهم والذي يقول: إن البشرية من نتاج زواج اخوة وأخوات (زنا محارم)، ففي حين أن بقية طوائف المسلمين يقولون بأن البشرية نتاج زواج اخوة وأخوات نجد آل محمد (عليهم السلام) يبينون بوضوح أن هذا غير صحيح وأن ابني آدم تزوجا نساء لا تربطهم بهما درجة قرابة تحرم الزواج"(21).
وجوابنا: ان آل محمد توجهوا الى هذا الرأي هرباً من الاعتراضات التي وجهها اليهم الزنادقة في عصرهم ـ في حال كانوا هم القائلين حقاً للروايات التي نسبت لهم ـ تلك الاعتراضات المماثلة او المشابهة لما قاله ابو العلاء المعري:
اذا ما ذكرنا ادماً وفعاله *** وتزويج بنتيه في الخنا
علمنا بأن الناس من نسل فاجر *** وأن جميع الخلق من عنصر الزنا
ثم ان آل محمد لم يفعلوا غير قولهم ان الاله خلق حوريات لأبناء ادم (بطريقة كن فيكون)، وتوجد ايضاً روايات اخرى تقول بزواج المحارم!
فلا توجد حقيقة ذكرها ال محمد اثبتها العلم الحديث في هذا الموضوع، وإنما يوجد لي لأعناق النصوص وتفسيرات سمجة من قبل احمد الحسن.

9 ـ وفيما يتعلق بنفس المسألة السابقة يقول نقلاً عن الصادق: "ويح هؤلاء، أين هم عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز، ولا ‏فقهاء أهل العراق، إن الله عز وجل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ ‏بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام وإن كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم في كلها تحريم الأخوات على ‏الإخوة مع ما حرم"(22).
هذا الكلام وتحديداً عبارة "إن الله عز وجل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ ‏بما هو كائن إلى يوم القيامة"، يدل بكل بساطة على الجبر ونفي الارادة الحرة.
فهلا يوضح لنا وصي المهدي كيف يمكن له ان يؤمن بالجبر من جهة ويؤمن بالثواب والعقاب من جهة اخرى؟

ولادة عيسى بدون اب
نظراً لأهمية هذا الموضوع فأننا سنتوقف عنده لنشرح رأي احمد الحسن ثم نعقب عليه سلباً او ايجاباً.
نعلم جميعاً من دراسة علم الاحياء ان الانسان يمتلك 46 كروموسوم، وان نصف هذه الكروموسومات يحصل عليها من ابيه والنصف الاخر يحصل عليه من امه.
بالإضافة الى ذلك فان ما يحدد كون الطفل المولود ذكراً ام انثى هو كروموسوما الجنس (x) او (y)، حيث ينتج الذكر عند حصوله على كروموسوم (y) من الاب وكروموسوم (x) من الام ويكون رمزه (xy). وتنتج الانثى عند حصولها على كروموسوم (x) من الاب ومثله من الام ليكون رمزها (xx).
والأمور التي يجب ان يجيب عنها احمد الحسن هي كل من:
1 ـ من أين جاءت الانثى (مريم) بكروموسوم (y) الذكري؟
2 ـ من اين جاءت مريم ببويضة مكتملة الكروموسومات؟
3 ـ كيف تم تحفيز البويضة على الانقسام؟
وهو في اجابته على هذه الاسئلة الثلاثة قدم افتراضات عديدة ـ من دون ذكر اي مصدر علمي واحد ـ وحاول ان يرقع الموضوع بأي طريقة ممكنة، ومما قاله في هذا الصدد:
"وبالنسبة لولادة عيسى (عليه السلام) من مريم (عليها السلام) نحن لا نقول: انها مسألة طبيعية تماماً، ولكن كل الاشكالات المتقدمة ليست من المستحيلات العقلية أو العلمية ويمكن تفسير بعضها علمياً بسهولة"(23).
واعتراضنا على كل ما سبق، انه في حال كون مسألة ولادة عيسى ليست طبيعية تماماً فما هو وجه الحاجة الى زج نفسك في افتراضات لا طائل منها؟
وفي حال توصلت الى اجابة كاملة ـ فرضاً ـ عن سؤال "كيف يمكن لامرأة ان تنجب ذكراً لوحدها؟"، فما هو جوابك عن باقي الامور المرتبطة بعيسى مثل:
1 ـ حديثه في المهد.
2 ـ الخلق من الطين.
3 ـ إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص.
4 ـ انزال المائدة من السماء.
وغير ذلك من الامور التي تتنافى مع العلم.

نقد فكرة التعليم الالهي لأحمد الحسن
يعتقد اتباع احمد الحسن بان امامهم هو ابن المهدي المنتظر ـ الذي يؤمن به المسلمون الشيعة ـ وباعتباره ابناً للمهدي فهو يمتلك علماً الهياً ومعصوم من الخطأ.
وعليه يمكن ان نوجه له بعض الاسئلة لكي نعرف هل يمتلك علماً الهياً حقاً ام ان الامر كله مجرد خدعة.
ودليلنا في هذا الامر هو العالم الفلكي الرائع كارل ساغان، الذي كان يرد على كل شخص يدعي كونه قد تعرض لعملية اختطاف او انه على تواصل مع الفضائيين، بان يسأله مجموعة من الاسئلة التي لا نعرف اجابتها حتى الان. وذلك باعتبار ان الكائنات الفضائية التي تمكنت من تصميم تقنية متطورة والقدوم الينا لابد وإنها متقدمة علينا بمراحل فيما يتعلق بمستوى التقدم العلمي.
والأسئلة التي نطرحها على احمد الحسن هي:
وسؤال الاول: ان يقدم حلاً للمعادلات الرياضية التي عجز عن حلها العلماء طوال القرون العديدة المنصرمة.
وسؤال اخر: ان يبين لنا بالتحديد اين توجد كائنات حية عاقلة في الكون، في حال وجود حياة خارج كوكبنا.
ولولا انه يعتبر ان اصل الحياة يرجع الى تأثير قوة غيبية وبالتالي فاننا لن نتوصل اطلاقاً الى سبب مادي مهما حاولنا، لكنا قد سألناه عن اصل الحياة وكيف جاءت الخلية الاولى.
ويمكنك عزيزي القارئ ان تضيف ما تشاء من الاسئلة المعلقة بدون اي حل حتى الان وترسلها الى موقعه الرسمي.

وقبل ان نختتم بحثناً نود ان نلفت الانتباه الى ان شخصاً مؤيداً بتأييد الاله ويمتلك علماً لا حدود له، لا يمكن ان يغفل عن ان برتراند راسل هو عالم رياضيات وفيلسوف. وليس عالم فلك كما ذكر احمد الحسن في الصفحة الاولى/الهامش الاول من كتابه حيث قال: (يقال: ان عالم الفلك راسل كان يلقي محاضرة عن دوران الارض حول الشمس ....الخ).
اما عالم الفلك ستيفن هوكنغ فعند حديثه عن نفس القصة يقول: ذات مرة ألقى عالم مشهور (يقول البعض انه برتراند راسل) محاضرة عامة عن علم الفلك(24).
والجدير بالذكر ان وصي المهدي قد وصله امر اعتراضي هذا قبل ان اكمل كتابة البحث فحاول الاجابة عنه عن طريق موقعه الشخصي وملخص اجابته هو الاتي:
قام احمد الحسن باستعراض تاريخ علم الفلك وعلاقته بالفلسفة مع استحضار بعض التعريفات من القواميس، لينتهي الى ان الفلاسفة يعالجون باستمرار القضايا الفلسفية لعلم الفلك قديماً وحديثاً. وتحدث عن برتراند راسل تحديداً بقوله: "لديه فلسفته وتصوره الخاص للكون وللاشياء والاحداث والمكان والزمان والفيزياء التي تحكمها
وبهذا فلا اشكال ان يطلق عليه انه عالم الفلك او عالم فلسفة الكون او الكوسمولوجيا النظرية او الفلسفية كما يطلق عليها في الاوساط الاكاديمية وقد كتب راسل في عدة جوانب من هذا المجال وناصر التصور الجديد في زمانه للكون من خلال نظرية النسبية لاينشتاين ويمكن مراجعة مجموع كتبه ومقالاته حول طبيعة المادة وطبيعة الاشياء والفيزياء في الكون وكتب ايضا كتابا لتبسيط وترويج نظرية الكون التي تطرحها النسبية لاينشتاين"(25).
كل هذا اللف والدوران من أجل ان لا يظهر وكأنه قد اخطأ او التبس عليه الامر عند نقله للقصة سالفة الذكر، ونحن لا نقصد الاساءة الى شخصه او البحث عن اخطاءه الشخصية, فهذا الامر لا يعنينا ابداً وكل ما نريد قوله هو ان هذا الرجل مجرد انسان عادي لا يختلف في شيء عن باقي البشر، وليس عيباً ان يخطأ في النقل بسبب النسيان او اختلاط الافكار وما شابه.
بقي ان نذكر امراً مهماً وهو ان كلامه عن برتراند راسل وإمكانية اطلاق لقب عالم فلك عليه هو عبارة عن تقديم لقب لا يستحقه ولم يدعه لنفسه واستبعاد القاب اخرى يستحقها ومتوفرة فيه مثل: "فيلسوف، منطقي، رياضي ووالخ"، هذا من جهة اما من جهة اخرى فان عالم الفلك بعد اختراع التلسكوب البدائي هو كل شخص ينخرط في هذا المجال ويبحث عن اجابة للأسئلة التي ترتبط بالكون والنجوم والمجرات والكواكب ووووالخ.
ولهذا فان كل من كوبرنيكوس، غاليلو، كبلر وغيرهم يعتبرون علماء فلك.
اما راسل فهو مهتم بالرياضيات والإعداد وفلسفة الرياضيات وتاريخ الفلسفة وتبسيط العلوم وووالخ، ولذلك يعتبر رياضياتي وفيلسوف.

وفي الختام نقول بان هذا القدر من النماذج والأمثلة التي استعرضناها طوال البحث كافية ووافية، ومن الممكن ان نعود الى باقي الاخطاء والترقيعات في بحث اخر وذلك لان هنالك المزيد والمزيد من الافكار الغريبة وغير المنطقية في هذا الكتاب وعلى امتداد ثلاثة فصول اخرى منه.
سبب ذلك برأينا يعود الى ايمان الكاتب بالقوى الغيبية وحشرها في كل ما هب ودب.

الهوامش
(1) من مقدمة د. توفيق سرور التي وضعها للكتاب.
(2) وهم الالحاد ص 102 و ص 103
(3) المصدر السابق ص 74.
(4) المصدر السابق ص 69.
(5) الجزيرة نت: اكتشاف اللبنة الأساسية للحياة.
(6) سي ان ان بالعربية: علماء: أثبتنا ظهور الحياة على الأرض باصطدام نيزك.
وانا اصدق العلم: علماء يكتشفون كيف تُصنّع المركبات الكيميائية الأساسية للحياة في الفضاء.
(7) وهم الالحاد ص 143.
(8) المصدر السابق ص 144.
(9) المصدر السابق ص 138 و ص139.
(10) المصدر السابق ص 132.
(11) مقدمة اسماعيل مظهر على كتاب اصل الانواع.
(12) سحر الواقع ـ ريتشارد دوكنز ص 58.
(13) وهم الالحاد ص 148.
(14) وثائقي هل نحن مستمرون بالتطور ـ اليس روبرتس.
(15) وهم الالحاد ص 153 و ص 154.
(16) المصدر السابق ص 158.
(17)Pew Research CenterReligion & Public Life: U.S. Religious Knowledge Survey (Executive Summary)
(18) وهم الالحاد ص 159 و ص 160.
(19) المصدر السابق ص 166.
(20) الحوار المتمدن: فيروس الاله ـ داريل راي، ترجمة إبراهيم جركس.
(21) وهم الالحاد ص 184.
(22) المصدر السابق ص 186.
(23) المصدر السابق ص 190.
(24) تاريخ موجز للزمن ـ ستيفن هوكنج ص 14.
(25) المهديون: شبهة حول كتاب وهم الالحاد، برتراند راسل هل هو عالم فلك او فيلسوف.



#حيان_الخياط (هاشتاغ)       Hain_Mohammed_Ali_Alkaiat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطرقة الإلحاد وزجاج الإيمان: نقد صارم لمغالطات الأصولي عدنان ...
- لماذا تخلفت أوروبا؟
- الفئران تتأثر بالعلاج الوهمي (البلاسيبو)
- تبييض وجه الطاغية: لماذا يترحم الناس على حكم صدام حسين؟
- الاحساس بالمهزلة: رسالة الى شعب بائس
- نحن متخلفون باربعة قرون
- نصائح الى قارئ شاب
- كيف تمكنت اللغة الانجليزية من الوصول الى مرتبة -اللغة الدولي ...
- ثمانية كتب ينصح بها العالم نيل ديغراس تايسون لكل شخص ذكي
- سرقة صحفية في وضح النهار
- عزيزي المؤمن لماذا تؤمن؟
- نحن نثق بالعلم
- نقد العقيدة الاسلامية/الحلقة الثانية/نقد الصفات والأسماء الح ...
- نقد العقيدة الاسلامية/الحلقة الأولى/ الربوبية والإلوهية
- الاعجاز العلمي في الفقه الاسلامي!
- العلمانية كمنهج حياة وأسلوب في إدارة الدولة
- حكم الدولة بين النظام الديمقراطي والنظام الثيوقراطي
- نشوء الحبّ وفوائده ... تحليل تطوّري
- الاسلامويون لا يتعلمون من الماضي ... ماذا بعد اعتقال القبانج ...
- هل يخضع الإنسان للحتميّة الوراثيّة؟


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حيان الخياط - وهم الوهم: دليل المرتاد الى سقطات وهم الالحاد