أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمّد نجيب قاسمي - المغالطة الكبرى :- داعش - خدعةٌ لا حقيقةٌ















المزيد.....

المغالطة الكبرى :- داعش - خدعةٌ لا حقيقةٌ


محمّد نجيب قاسمي

الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يموج الوطن العربي اليوم ، بفتن وحروب داخلية لم يعرف مثيلا لها سوى في فترة ما قبل الإسلام المسماة بالجاهلية لسيادة لغة البطش والشدة على غيرها من أشكال التواصل بين القبائل آنذاك، و كذلك في فترة انحطاط الحضارة العربية الإسلامية في نهاية الدولة العباسية منذ القرن الرابع للهجرة ،حين ضعفت السلطة المركزية، ولم يعد للخليفة مجرد السيطرة على ما في قصره من خدم وحشم وجوار، واستقلت كل إمارة بناحية معينة ولا دأب لها سوى القتال مع الإمارات المتنافسة الأخرى والتآمر مع الروم لتقوية نفسها على غريماتها ..
و بعد أن كانت البندقية موجهة إلى الاستعمار الغاشم وإلى العدو الإسرائيلي في القرن العشرين، ها هي المدافع تدكّ والصواريخ تطلق والغارات تشن اليوم على المدن العربية ويدور القتال بين أبنائها في شوارعها وأزقتها وفي مصانعها وشواطئها وفي مساجدها وكنائسها وفي متاحفها و وسائل نقلها وفضاءاتها التجارية وفي مواكب أفراحها وحتى عزائها . ولا تكاد تخلو ساحة عربية من ذلك إلاّ من كانت بؤرة للتآمر ..وكاد المريب يقول خذوني ...فهاهو "الهلال الخصيب " في شمال الجزيرة العربية (العراق والشام) يعرف أشد الفترات دموية في تاريخه. وهاو "اليمن السعيد" يشهد أطول حملة جوية مدمرة عليه في تاريخه الطويل من شماله في نجد والحجاز .وهاهي" أرض الكنانة " لا يكاد يمر عليها يوم دون تفجير هنا واغتيال هناك وحكم بالإعدام في محاكمها. وها هي ليبيا تتحول إلى ساحة حرب مفتوحة بين كل أبنائها بعناوين لا نهاية لها وكأنها تطبيق عملي لنظرية " حرب الجميع على الجميع " .وهذه تونس لا تكاد تضمد جرحها من جريمة إرهابية حتى تستفيق على أخرى .وأما الجزائر فهي متربصة بأعدائها المتربصين بها ولولا خبرة "العشرية السوداء " في التسعينات من القرن الماضي لتجرؤوا عليها هي الأخرى ...وبذلك لم يبق من بلاد العرب سوى أقطار توهمت عندما انخرطت في المؤامرة الكبرى أنها الناجية ولكن إمّا أنها تحترق مرة بعد أخرى بانقلاب السحر عليها أو أنها في طريقها إلى ذلك .
وفي المحصلة نلحظ بوضوح استهدافا مكشوفا لهذه الرقعة الجغرافية من العالم وتدميرا عنيفا للمخزون الحضاري للأمة العربية الإسلامية سواء في استهداف البعد العقائدي وجعله موضع شبهة وركيزة للتشتيت المذهبي اللعين أو في ضرب اللحمة الاجتماعية وعرى التوافق بين مكونات المجتمع أو في تدمير البنية التحتية والمنجزات الاقتصادية على مدى عقود طويلة أو في محو المخزون التراثي الهائل الذي لا تمتلك أمة من الأمم مثله .
وأثناء هذا كله ينعم الآخرون بالسلام ويجنون ثمار "احترابنا" العنيف ويخططون لتأبيد هذا الوضع نهائيا ...فالكيان الصهيوني في أزهى أيام أمنه وسلمه ينصرف إلى بناء المستوطنات وتدريب جيشه على كل الاحتمالات وتجريب أسلحته الجديدة وتفريغ مخازنه من عتاده القديم وبيعه للمتقاتلين في البلاد العربية الإسلامية أو تقديمه هدية للأوفياء جدا له أو مكافأة لهم على بعض الانتصارات هنا وهناك ....وتنعم البلدان الغربية بضمان تدفق البترول والتحكم في إنتاجه وتسويقه بالأسعار التي تتماشى مع مصالحها ارتفاعا وانخفاضا فهي إن شاءت رفّعت في الأسعار ضغطا على الصين وان شاءت خفّضت فيها ضغطا على روسيا ... هذا إضافة إلى مختلف المصالح الأخرى المعروفة منها وغير المعروفة. أما تركيا فنالت ما نالته جزاء على تحولها إلى نقطة عبور للسلاح والمقاتلين و" المناكحات " من كل أنحاء المعمورة وإلى ساحة للتدريب والإيواء وغرف العمليات كما سرقت معامل النسيج ومصانع التحويل الغذائي من سوريا وأفرغت كذلك مخازنها من الأسلحة القديمة وضختها في " الدماء " السورية وقبضت ثمنها مضاعفا من هناك ..من حيث صاح بدر شاكر السياب في" أنشودة المطر" ...وتفرغت أمريكا وإيران للتفاوض حول النووي الإيراني بعيدا عن صخب العرب وعويلهم واستغاثاتهم وولولتهم ..
فمن المستفيد إذن مما يجري في الوطن العربي اليوم ؟
هل هناك طرف من المتقاتلين وهم كثر في الظاهر وواحد في الأصل يحقق الانتصارات وينجز مشروعه الذي يضحي من أجله ؟ بل هل هناك "أمل" في المستقبل المنظور وحتى البعيد بأن من يرفع لواء الاقتتال اليوم سينتصر غدا .
لا شك ّ أن المشروع الذي يقدّم للناس اليوم ويموت بسببه مئات الآلاف من البشر ليس الديمقراطية كما كنا نتوهم من "ثورات الربيع العربي الأمريكي " فقد بات ذلك اليوم مكشوفا حيث تحققت الديمقراطية في تونس ولم يتغير الكثير لحد الآن بل زادت حمى الإرهاب في حضن الديمقراطية وحصد أكبر عدد من الضحايا في شهر عسلها . ولذلك فإن المشروع المندفع بقوة خلال أيامنا هذه هو المشروع الذي يزعم أنه سيخلص الإسلام مما لحق به من خرافات واعتقادات باطلة ومن نحل وملل ومذاهب فاسدة وسيعيد للإسلام ألقه الأول بالسير على نهج السلف الصالح في الملبس والسلوك والأقوال والمناسك باستثناء الوسائل العصرية من جوال وسلاح ومركوب وتلفزيون وغيرها باعتبارها مما يغنمه المسلمون من الكفار الفجار.
فهل تحقق بعض من ذلك ؟ قطعا لا ..وأبرز دليل على ذلك أن أصحاب هذا المشروع يتفتّتون فرقا صغيرة كل يوم ويتناحرون فيما بينهم كل دقيقة إما نتيجة اختلاف حول تصحيح حديث نبوي أو حتى نتيجة اقتسام غنيمة أو عند جدولة عمل " مناكحة " الأسبوعي .أما من يقف وراءهم ويدعمهم بالمال والسلاح فهم قلوبهم على نشر الخراب واحدة ولكنهم شتى فالذين يتحالفون ضد اليمن خليط عجيب والذين يلعبون في عرين عمر المختار أخلاط من كل لون ومصلحة ...
إنها إذن "الفوضى الخلاقة" التي رفعت لواءها أمريكا ..إنها السياسة الصهيونية التي لعبت فينا وجعلتنا نحارب بعضنا البعض نيابة عنها ...إنها الأطماع العثمانية لدى السيد أردوغان اللطيف بعد أن انهارت أحلامه الأوربية .... إنها الحكمة الفارسية التي تعرف كيف تحقق مصلحتها وتحافظ عليها بكل هدوء ....انه العهر العربي والغباء العربي والسذاجة العربية... ....
فأين "داعش " من هذا كله ؟
ليست "داعش" سوى الراعي الرسمي لكل فكر لا يسعى إلى تفنيد الخطإ بل يهرع إلى قتل المخطئ ، كل فكر لا يسعى إلى نشر الإيمان بل إلى البحث عن الكفار لقتلهم ....ولا يحمل هذا الفكر سوى من يريد أن يحصل على الجنة على حساب دماء الآخرين وجثثهم وأشلائهم لا بالعمل الصالح كما هو مقرر في كل الأديان ...
ولعل من مصائب هذا الفكر أنه لا يقبل الآخر بل يقتله ولا يرى يقينا سوى ما يقره هو وليس لدى الآخرين سوى الباطل الذي يجب أن يمحى بالموت .
وهل تحتاج أمريكا والصهيونية بعد دراسة معمقة للمجتمع العربي القائم على التعدد العرقي والطائفي والمذهبي والقبلي والفكري إلى سلاح أقوى من سلاح الفرقة والمذهبية لاستخدامه فينا دون أن تحتاجا إلى جندي واحد يطأ أرضنا ويثيرنا ؟
وكانت الخطة جهنمية دقيقة : مجتمع متعدد يجب فرقعته من الداخل بأبنائه فتكون الفوضى الخلاقة التي تعود بالفوائد العميمة دون الحاجة إلى خسارة بسيطة ..والسلاح الفعال هوالمذهبية... والمقاتلون الأشاوس هم كل من يمكن أن تنطلي عليهم الخدعة و يسهل التغرير بهم وكل من يمكن جلبهم من أقاصي الدنيا بالمال والسلاح واستغلال كبتهم وشهوانيتهم وفقرهم ويأسهم .
وبذلك كانت " داعش" ومن سار في ركبها خدعة جهنمية أوغلت في الدم لصالح أمريكا والصهاينة وعى بذلك أنصارها أم لم يعوا ولا حقيقة لما يقال عن جهاد ونصرة للمسلمين لأن هذه الصحوة المفاجئة وهذه الرغبة الجامحة للقتال لا تكون سوى مدفوعة الأجر إذ الإسلام لم ينتشر في آسيا وأفريقيا بالسيف وإنما انتشر بالقدوة الحسنة ...
المكناسي 03 جويلية / يوليو / تموز 2015



#محمّد_نجيب_قاسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخاصّ والمشترك في الحدث اللغوي والتحوّل في دلالات الألفاظ
- رسالة مفتوحة الى رئيس الحكومة في تونس
- غزوة -عاصفة الحزم- : من اليمن -دولة لا تشبهنا- إلى لوعة على ...
- قراءة هادئة في رواية ثائرة / - سفر حبر وبياض - لجليلة عمامي ...
- التّعليمُ فِي تُونِسً من مِصْعَدٍ اجْتِمَاعِيّ إلى مَسْرَحٍ ...
- رحلة شيقة إلى بلاد نفزاوة الساحرة ..بلاد المرازيق الأشاوس
- الْأَمَانَةُ ( قصة للأطفال)
- تحليل نصّ : - الشكّ طريقٌ إلى اليقين - للجاحظ
- نسبيّة المعرفة الحسّيّة
- ما يزال هنا ..عبد النّاصر
- أمريكا تحشد -الدّواعش - لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعر ...
- أمريكا تحشد -الدّواعش - لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعر ...
- اِنْقَطَعَ الْكَهْرَبَاء ..وَغَرِقَ النَّاسُ فِي الْعَمَى:
- الطَّرِيقُ إِلَى السَّعَادَةِ : عِشْ حَيَاتَك .... عِشْ أنْت ...
- مخاض الأحزاب السياسية قبل الانتخابات : من صعوبات الحمل إلى آ ...
- مَخَاضُ الأَحْزَابِ السِّيَاِسيَّةِ قَبْلَ الانْتِخَابَاتِ : ...
- كُرْدُسْتَانُ الْعِرَاقِ مِنَ التَّشْرِيدِ ...إِلَى التَّشْي ...
- مِنْ قَهْرِ الْحُكَاّمِ إِلَى انْفِلَاتِ الشُّعُوبِ ... مَا ...
- لن ينشد العرب العزّة ..ولو هلكت كلّ غزّة
- أتاوة على الزواج في انتظار شباب تونس أم تيئيس من الزواج؟


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمّد نجيب قاسمي - المغالطة الكبرى :- داعش - خدعةٌ لا حقيقةٌ