أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - قصة قصيرة: حفل راقص














المزيد.....

قصة قصيرة: حفل راقص


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 09:16
المحور: الادب والفن
    


الكثير من الناس يضيعون نصيبهم من السعادة، ليس لأنهم لم يجدوها، ولكن لأنهم لم يتوقفوا للاستمتاع بها .
ويليام فيذر
البوليس يطوق المكان حفاظا على الأمن العام.
باب قصر المهرجانات الضخم أغلق وفتحت بويبة صغيرة في الجدار يقف شرطي في مدخلها: يتسلم التذكرة من يد الزائر، يقطعها إلى نصفين، يحتفظ بالنصف ويعيد له النصف الثاني ثم يقتحم جسده تفتيشا وتلمسا ودلكا... حتى إذا لم تصادف يداه وخزا معدنيا تحت لباس الزائر دفعه بقوة إلى داخل البويبة ليتفرغ للزائر الموالي في الطابور الطويل المنتظر على يسار الشرطي لولوج الحفل الذي سيبدأ بعد أربع ساعات...

داخل قصر المهرجانات، الباعة أكثر من الزوار. أغلب الباعة أطفال يبيعون الشاي أو القهوة الجاهزة والشطائر المحشوة بالبيض والبطاطس المقلية والليمونادة بثلاثة أضعاف ثمنها خارج السور. لكن الناس والباعة تتصايح وتتنادى وتتبادل المال والشطائر والشكر واللاشكر على واجب...

موسيقى أولية صاخبة اندفعت دون سابق إشعار من الأبواق الضخمة على المنصة حيث لازال التقنيون يرتبون الآلات الموسيقية وخيوط المايكروفونات ومصابيح الإنارة. لكز أحد الزوار صديقه لمصاحبته لحلبة الرقص لكنه لم يلق تجاوبا:
- لم تبدأ السهرة بعد. هذه مجرد شريط موسيقي مسجل لملء الفراغ ريثما تحل الجوقة الموسيقية ويكتمل التجهيز على المنصة وتمتلئ المدرجات والكراسي بالعدد المتوقع من الزوار...

اقتنع الآخر وجلس يوقع برجله على الأرض متوترا أو مستمعا بالأغاني الصاخبة التي تغرق ضجيج الأطفال وهم يجرون في الحلبة والممرات وصياح الباعة وهم يتسلقون المدرجات بسطول الليمونادة الدافئة وسلال الشطائر الباردة يتخطون الزوار الجالسين الذين أنفقوا ما كان لديهم على تذكرة الدخول وجلسوا ينتظرون العرض بصبر غير مشكوك فيه ...

على المنصة، اقتلع احد التقنيين المايكروفون لاختباره :
- " آلو!...آلو!... أيوا... أيوا!... واحد!...واحد!..."

أحد الجالسين ذكرته العبارات الشذرية للتقني بخطابات الساسة والحكام ومحترفي السياسة، فصاح مقلدا:
- " أيها الشعب الأبي!... أيها الشعب الأبي!... واحد!... واحد!...تست!... تست!... أيها الشعب الأبي!... "
بعض مجالسيه من المخمورين استلقوا على ظهورهم من الضحك بينما أخفى الصحاة واليقظون وجوههم بين أكفهم خوفا من عنف أو تعنيف هم في غنى عنه وهم يتهامسون:
- الويل له! سيفسد لنا السهرة! حتما، سيفسدها...

بعضهم قام ليغادر المكان في اتجاه مكان آخر على مدرج آخر بينما انتفض الباقون على إيقاع أول أغنية للجوق الذي حل بالمنصة للتو.
فيضان الحركة يتماوج في كل المدرجات. الحلبة تتماوج بالراقصين الهائجين، الممرات حبلى بالراقصات الخجولات من العيون الناقدة، والمدرجات ملآى بالعجائز والمعطوبين وضعاف البصر والأقزام الذين يحرسون مقاعد ذويهم من تطاول التائهين والقادمين الجدد وكل من استحال عليه الحصول على موطئ أست...

على الحلبة، الكل يرقص والكل يدور حول ذاته ويوقع إيقاعات تختلف عن إيقاعات الجوق وباقي الراقصين. النساء تراقص النساء، والرجال يراقصون الرجال. النساء تعانق النساء والرجال يعانقون الرجال والأطفال تائهون عند أقدام الجنسين معا...
أحدهم خرق قانون الرقص العمومي وتقدم للرقص مع فتاة قبلت مصاحبته للتو، تحت أنظار ساخطة تحاول إيجاد تصنيف ساقط للفتاة السهلة ولكنها تترفع عن تصنيف الفتى الذكر: لأنه ذكر...

الفتاة والفتى يرقصان مستمتعين بالإيقاع واللقاء. الفتى يوقع برجليه ككل الرجال، والفتاة تعتصر ردفيها ككل النساء وتغني النص الكامل للأغنية التي لا يحفظ منها الفتى غير اللازمة التي ينتظرها بفارغ الصبر كي يلتحق بهاشاديا:
زيديني عشقا، زيديني
يا أحلى نوبات جنوني
زيديني...

فيندمج مع اللازمة حتى يخرج عن ميزان الرقص لكن الفتاة تعيده إلى الميزان بمجرد لمسة وابتسامة على إيقاع سعيد وكلمة حلوة لمغن صار أحلى وهو ينادي عموم الراقصين:
- " لنرقص! فليس لنا غير هذه الليلة. لنرقص! فغدا سنمر أمام باب قصر المهرجان المقفلة وستقشعر جلودنا لتذكر هذه اللحظة السعيدة. لنعش سعادة ليلتنا هذه بعيون ومشاعر الغد … فلنرقص، ولنستمتع بالرقص !"



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فخامة السيد الرئيس الحبيب الحي ديما
- موسم الهجرة إلى أي مكان
- العولمة عولمتان: عولمة هيمنة وعولمة مساواة- ، أجرت الحوار ال ...
- في حوار شامل ، الكاتب المغربي محمد سعيد الريحاني
- لا ديوان للعرب بدون قاعدة جماهيرية قارئة
- في انتظار الصبـاح - مجموعة قصصية
- هــــــــــــوية - قصة قصيرة
- إصدار جديد في انتظار الصباح
- الشــــــــرخ
- أرض الغيلان
- وطن العصافيرالمحبطة - قصة قصيرة
- بمناسبة إطفاء موقع -الحوار المتمدن- شمعته الثانية: النجاح وم ...
- في انتظار الصباح
- الحياة بملامح مجرم
- دليل الكاتب الناشئ إلى عالم الكتابة والنشر والتوزيع في مجتمع ...
- حوار مع الباحث المغربي محمد سعيد الريحاني حول كتابه -الإسم ا ...
- بمناسبة صدور مجموعته القصصية» في انتظار الصباح « ،الكاتب محم ...
- نحو أغنية عربية تعددية
- الموقف من الوجود في الأغنية العربية
- التعبير الغنائي : من استظهار النص إلى التوحد به


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - قصة قصيرة: حفل راقص