أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 2














المزيد.....

بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 2


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1340 - 2005 / 10 / 7 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


بين دهشة الغربة ومألوف الوطن (2)
كان علينا قبل أية رحلة ترفيهية في الوطن الغالي، أن ننجز المعاملات الخاصة بولدنا الوحيد، وأهمها ما يتعلق بشأن إعفائه من الخدمة الإلزامية، لاسيما أن إدارة الجامعة اعتبرته راسباً في مادة التدريب العسكري الجامعي، وهذه مادة كمادة البرمجة لكلية الهندسة المعلوماتية، حيث يدرس ولدنا، أو كمادة التشريح لدارس الطب، وهكذا.
قبل أن أذهب إلى شعبة التجنيد، قدم لي أحد أقربائي نصائح من ذهب، فهو شاب في مقتبل العمر،لكنه خبير يعمل في كل شيء، حاز على الشهادة الإعدادية بصعوبة بالغة، بل بالضبط بعد أن تمكن من نقل دراسته إلى منطقة القرداحة،حيث تمكن من تقديم الامتحان هناك،ونجح بعلامات لم يصدقها هو نفسه، وهناك وبهذه العملية كما أعتقد تفجرت مواهبه، وفهم اللعبة من جذورها وحتى آفاقها، ورغم أني أكبره بربع قرن، لا أدعي معرفة نقطة من بحره، وقد أثبتت التجربة ذلك.
قال لي قريبي: ليس أحلى من دفع النقود، ادفع تكسب الوقت، تكسب الراحة والاحترام.
ولو ... أمضيت عمري ودفعت أنفس ما لدي في مواجهة الفساد، وولدي كان أول ضحاياي وقد تفهم ذلك وغفر لي إبعادي القسري، والآن كيف أسلك أمامه هذا السلوك المشين؟ لا..وألف لا.
في شعبة التجنيد، قال الموظف يجب أن تكون زوجتك موجودة، وصمت قليلا ثم قال بس بتدبر، وغمز بعينه، أعطني هويتها، قلت لولدي خذ سيارة وأحضر الوالدة وهويتها ، فقال الموظف : طول بالك خلص مشي الحال،وانتظر بعض الوقت، وهو يتأملني ثم كسر جدار الصمت : ارجع بعد كم يوم ، بعد ملء هذه الاستمارة.
وانتظرت ولكن عندما علم قريبي بما جرى ،رددت الجدران صدى ضحكته، وقال غداً سأذهب معك، وإلا ستنتهي إجازتك ولن تنجز شيئاً، وشكرته من أعماقي، لتضحيته بوقته الذهبي.
من غرفة إلى غرفة، يدخل ويخرج ، كنت أحمر خجلا وقرفاً :هات 200 ليرة ، هات300ليرة وكان صوته عادياً، واكتشفت أنني وحدي الغريب، فكل شيء علني تقريباً،الأيام أصبحت دقائق والأسابيع ساعات،وأنهى الساحر القسم الأول من المعاملة، وقال عليك متابعة الباقي بالطريقة نفسها، وأنا ما بدي شي، لو غيرك أخذت منه على الأقل 500ل.س.
ذهبنا إلى قسم الشرطة، لإجراء الضبط الذي يثبت أن ولدي وحيد.غمز الشرطي المسؤول: مستعجل؟ قلت: نعم، ابتسم وقال : إي انتظر. ساعة أو ساعة ونص.
كان أخي وابن عمي معي كشاهدين على أن ولدي وحيد، همس لي أخي: ألم تفهم غمزة الشرطي؟ قلت :ربما! وباعتبارنا أغراراً أخرج ابن عمي نقوداً لكنه لم يحسن الأداء، فنظر إليه الشرطي نظرة عتب وتأنيب فيها الكثير من الأسف.
قلت لابن عمي سننتظر ومرت الساعة والنصف، وبدأ الشرطي يضع العثرات : لا يجوز قانونا أن يكون الشاهدان من ذوي صاحب العلاقة، وتدبرنا شاهدين آخرين، ووضع عثرات أخرى، وهنا تذكرت كلام قريبي الساحر: 500ل.س ينجز لك كل شيء، من عنده يضع أسماء الشهود، من زملائه أو حتى من خياله، يقوم بكل شيء وأنت تشرب القهوة على مكتبه.
انفجرت في وجه الشرطة: وقتي أثمن من وقت عميدكم (رئيس القسم) وأنتم رواتبكم من جيبي وعليكم تنفيذ هذه اللائحة الكاذبة:( الشرطة في خدمة الشعب) أم أنكم تريدون 500ل.س فقال كبيرهم (مساعد أول) إي كنت ادفع واخلص، قلت :لن أدفع وسأفضحكم ، والآن سأدخل غرفة العميد، وإذا احتاج الأمر سألجأ غداً للصحافة.
كلمة العميد أخافتهم، وتراكضوا وخلال دقائق كان الضبط جاهزاً، لكن الدوام اليوم انتهى،غداً إلى شعبة التجنيد.
ضحك الموظف حين رآني وقال أين قريبك، أنت ما خرجك تشتغل شي!!
بالفعل ما خرجي ، قام أخي بالمهمة، انتقلت المعاملة إلى غرفة أخرى ، طلب الموظف من ولدي دفتر العسكرية فناوله إياه، فتحه الموظف ثم قلّب بعض وريقاته، وهو يقول : اعطني الدفتر وين الدفتر؟ هذا مو الدفتر!!لم يفهم الولد ولا أبوه ، لحسن الحظ فهم العم وأخذ الدفتر ووضع داخله مبلغاً ، وناوله للموظف الذي ضحك وهو يقول إي هاه هذا هو الدفتر، يالله إلى حماة هناك الفحص الطبي.
أثناء خروجنا كان الموظف السابق الذي أكد لي أني فاشل، ينتظرني على باب غرفته، أومأ لي بيده ، ولأن معاملتي انتهت من غرفته تجاهلته، لكنه صرخ بأعلى صوته باسمي، فذهبت وأدخلني غرفته، وإذا بقريبة لي هناك تبين أنها موظفة في شعبة التجنيد، والحقيقة أني لم أعرفها حتى عرفتني بنفسها، وقالت لهذا الموظف : ابنه نابغة ولازم تساعده، فرد الموظف الذي كان قبض ما قبض: والله أنا ساعدته مو لأنو ابنو نابغة بس لأنو من جماعتنا.
خرجت ، وشر البلية ما يضحك.
هذه المعاملة بعد الفساد الذي شاركت فيه شخصياً، بعد اللهاث والتواطؤ الطائفي وغير ذلك من دناءات تكمل بعضها، أخذت نحو 3 أسابيع،أي نصف مدة إجازتنا تقريباً، بين حمص وحماة واللاذقية، ولم تنته، فجامعة تشرين أرسلتها إلى دمشق وطلبت من الولد أن يراجع بعد عشرين يوماً، وهكذا عدنا ومعاملتنا في مهب المجهول.
نور الدين بدران



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين دهشة الغربة ومألوف الوطن(1)
- أيها الطائر...
- الظل والمسرح
- أيتها الغابة
- الفاسقة
- الرسالة
- الأقوى من الحبّ
- وجدتها....وجدتها.
- غبار نجمي
- يا لها
- أغمض عينيك ..قل لا واتبعني.
- حين انتظرتكِ
- أعاصير صامتة
- أجمل باقة من لبنان
- حول مقالة متى يكون الغرب آمناً؟
- كل الفصول خضراء
- بالرئيس الإيراني الجديد يكمل النقل بالزعرور
- أيها العطار الفتى!!
- رسالة ثانية إلى الأستاذ خالد الأحمد
- الإصلاح قضية وطنية - في السلطة والمعارضة إصلاحيون وفاسدون


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 2