أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - فساد الافكار














المزيد.....

فساد الافكار


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اتابع باهتمام شديد حكايات شهرزاد في "ما بعد الالف ليلة وليلة" ولقد لفت انتباهي ما جاء على لسانها في الليلة الرابعة بعد الالف. ففي هذه الليلة قالت شهرزاد لشهريار: "وكما ان هناك تاريخ صلاحية للأطعمة والأدوية هناك أيضا تاريخ صلاحية للأفكار والمعتقدات. وكليهما ان تناولته او تبنيته بعد تاريخ صلاحيته سيضر بك ضررا قاتلا" (السيد, 2015). وتعجبت من عدم اهتمام شهريار لهذه اللفتة الذكية فلم يسألها عن عما تقصده من عبارة "صلاحية الأفكار". لذا قررت ان اتحرى الامر بنفسي واتعرف على ما تنطوي عليه هذه العبارة من ابعاد. والحق أقول لكم اكتشفت ان عملية التعرف هذه ليست بالبسيطة فهي تتطلب الإجابة على عدة أسئلة من قبيل: ما هو المقصود من كلمة "فكرة"؟ و "ما هو المقصود بعبارة "صلاحية الأفكار""؟ و "هل تتغير صلاحية الفكرة بمرور الزمن؟"

وكانت البداية هي البحث في المعاجم والقواميس والموسوعات عن احابة السؤال الأول. ففي المعجم الوسيط كانت الفكرة هي "إعمال العقل في أمر لحله أو إدراكه". وفي معجم المعاني الجامع "الصُّورَةُ الذهنيّةُ لأمر ما". اما قاموس المعاني فقد عرفها بأنها "صُورَةٌ ذِهْنِيَّةٌ تَجُولُ بِالْخَاطِرِ يَسْتَخْلِصُهَا الإِنْسَانُ بَعْدَ إِعْمَالِ الْفِكْرِ". وأخيرا، وطبقا لويكيبيديا، الفكرة "هي كل ما يخطر في العقل البشري من أشياء أو حلول أو اقتراحات مستحدثة أو تحليلات للوقائع والأحداث. اما المعاجم الإنجليزية، مثل ميريام-وبستر وقواميس كامبريج، فتذكر لنا ان الفكرة قد تكون اقتراحا للقيام بنشاط ما، او رأي او اعتقاد، او صورة ذهنية تمثل فهمنا لما يدور من حولنا. هذا ما جاءتنا به المعاجم والقواميس والموسوعات عن مفهوم الفكرة. وبناءا على ذلك يمكن القول بان الفكرة هي ناتج لعملية التفكير التي يقوم بها العقل. إلا أن هذه العملية غالبا ما تؤثر فيها الاحتياجات العاطفية للإنسان كحاجته للأمن والحب والانتماء، وتحكمها ما يؤمن به قيم ومبادئ، وتوجهها مصالحه الذاتية. كما تتأثر عملية التفكير بعوامل أخرى مثل نقص المعلومات والجهل بالموضوع، التهرب من مواجهة الأسباب الحقيقية بخداع النفس وإلقاء اللوم على الآخر، الخضوع لرأي ذوي السلطة والمكانة، والتحيز بتضخيم الأدلة التي تؤيدنا وإهمال غيرها. وهكذا تولد الفكرة وهي غير مكتملة، مشكوك في امرها، وتحيط بها الظنون. وبالطبع يصعب الاستفادة من الفكرة وهي على الهيئة. وهكذا تبرز الحاجة الى أدوات ذهنية تمكنا من اختبار صلاحية ما يتولد في عقولنا من أفكار، وتساعدنا على تنقيتها مما يشوبها من أوجه نقص، لتتحول من مجرد "تصور" او "رأي" الى "حقيقة" (او معرفة) يمكن الاستفادة منها.

وصلاحية الفكرة، في هذا السياق، تعني امران: "الصدق" و"متانة التبرير". وصدق الفكرة يعني ان ما جاء بها اما "يطابق" الواقع، او "يتسق (عدم تناقضه)" مع الحقائق المستقرة، او بما يوفره من حلول ناجحة لمشاكل عملية. فالقول، على سبيل المثال، أن "رفاه مجتمع ما في تزايد مستمر" يظل مجرد رأي او تصور مالم تؤكده إحصاءات دقيقة. في هذه الحالة يمكن القول ان ما جاءت به الفكرة "يتطابق" مع الواقع لذا فهي صادقة ومن ثم تصبح "حقيقة". اما الفكرة القائلة بـ "تماثل مواصفات شبكة الطرق المحلية مثيلاتها العالمية" فهي بالضرورة غير صادقة لكونها غير متسقة مع الارتفاع المستمر في عدد حوادث الطرق. والقول بـ "ان انشاء بنوك الفقراء يسهم في تنمية المجتمعات" هو قول صادق نظرا لان انشاء مثل هذه البنوك يؤدي حل مشكلات الفقر في العديد من الدول.

أما ثاني عناصر صلاحية الفكرة، "متانة التبرير"، فيتعلق بطبيعة "البينات (الشواهد)" Evidences التي تدعمها، والتي من أهمها: "البينات الإمبريقية (الإحصائية)"، "البينات الشهادية" و "البينات الحكائية". والنوع الأول من البينات، "البينات الإمبريقية (الإحصائية)"، هي تلك تنتجها الملاحظة المنهجية لظواهر الواقع والتحليل العلمي لهذه الملاحظات. اما "البينات الشهادية" فهي تلك التي تقوم شهادة الخبراء المعتمدين والموثوق بهم في مجال الفكرة. وتتوقف قوة هذه البينات على مدى الثقة في خبرة أصحاب هذه الشهادات. وآخر انواع البينات، "البينات الحكائية"، هي مجرد حكايات، متعلقة بموضوع الفكرة المطروحة، يرويها الآحاد بالأصالة عن أنفسهم او نقلا عن الآخرين (العنعنات). وفى الحقيقة لا يقدم هذا النوع من البينات دعما قويا للفكرة نظرا لانتفاء صفة "التواتر" أو "التكرار" عنه. وهي الصفة الضروري توفرها في أي بينة لازمة لدعم الفكرة ولتحويلها الى حقيقة.

والآن، وبعد محاولة الإجابة على "ما هو المقصود بعبارة "صلاحية الأفكار""؟، يأتي وقت الإجابة على ثالث الأسئلة "هل تتغير صلاحية الفكرة بمرور الزمن؟" والجواب بسيط فصلاحية الفكرة مرتبطة بالواقع والواقع في حالة تغير مستمر ومن ثم فان صلاحية الفكرة ليست ابدية. فما كان صالحا من افكار في فترة تاريخية بعينها ليس بالضرورة صالحا في أيامنا. وتصبح عبارة من قبيل "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" من العبارات الخطرة. فكما يفسد الطعام بمرور الزمن تفسد الأفكار فيصبح تبنيها خطوة البداية في طريق الانقراض.

المراجع
السيد, ا. ن. ا. 2015. حكاية (ماضي كان) واخوه (بكره حيكون): أصل الصراع (2/3) الحوار المتمدن, 4826(3 يونيو): http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=470784.



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية (ماضي كان) واخوه (بكره حيكون): أصل الصراع (2/3)
- حكاية (ماضي كان) واخوه (بكره حيكون): بطاقة تعارف (1/3)
- انطباعات ما بعد الحوار
- السيد نصر الدين السيد - أكاديمي مصري مهتم بالشأن العام- حوار ...
- اهدموا أهراماتكم
- الشيطان يعظ
- هوجة الانتخابات
- فيها حاجة مش ولابد !
- على هامش حوارات المجموعة 42: الديموقراطية
- الديموقراطية من تحت لفوق
- هي فوضى ...؟ تبدل الأحوال (2/2)
- هي فوضى ...؟ الابجدية (1/2)
- تاتا تاتا خطي العتبة
- ويسألونك ... ؟ (2/2)
- ويسألونك عن ...؟ (1/2)
- البكسل التائه والصورة الغائبة: خارطة طريق (2/2)
- البكسل الحائر والصورة الغائبة: الرؤية (1/2)
- وكنتم خير أمة ... !
- في البدء كانت الكلمة !
- حكاية البيضة والفرخة


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - فساد الافكار