أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - مبايعة أردوغان للبغدادي















المزيد.....

مبايعة أردوغان للبغدادي


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 22:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عنوان سيستبعده معظم القراء، وسيمتعض أولئك الذين يجدون في أردوغان السياسي المحنك والمسلم النقي، باني تركيا الحديثة، وموجهها إلى الإسلام الصحيح، لكننا لا سنتبعده لخلفية التدخلات التركية المتنوعة في المنطقة، وفي سوريا بشكل خاص، كفتحه المجال لسلطة بشار الأسد بالاستمرار والعبث بالشعب السوري من جهة، والتركيز على خلق الصراعات ضمن المنطقة الكردية، وتصريحاته حول تحرير تل أبيض وكوباني سابقاُ من سيطرة داعش، من جهة أخرى.
لتبيان قضية التطور الاقتصادي في تركيا وبروز شخصية الرجل، والتي ساعدته للسيطرة على تركيا بشكل شبه مطلق، والذي كتب عنها الكثيرون، وكنا قد كتبنا عدة مرات حول خلفيات هذا النمو الاقتصادي، سنكررها هنا ثانية وبشكل موجز: وهي أن الشركات الرأسمالية العالمية، وخاصة البرجوازية اليهودية، كانت وراء النهوض الاقتصادي، لأهداف تتعلق بالسيطرة على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعربي، رافقه بروز الرجل السياسي الذكي، وسيطرة حزب العدالة والتنمية، دعمته، وأسندته الرأسمالية اليهودية، بضخ أموال تجاوزت حدود الديون والقروض، في الفترة التي كانت أوروبا وأمريكا تغرق في تدهور اقتصادي شملت العديد من القطاعات. أستمر الدعم سنوات متتالية وبلغت حجم السيولة المتدفقة إلى داخل تركيا نسبة 70% من أجمالي دخلها الوطني العام، في الفترة التي كانت فيها مجموع الدخل القومي لا يتجاوز 400 مليار دولار، وأوقفت تدهور العملة التركية الفظيع، والبطالة المتفشية، أنعشت السيولة اقتصاد تركيا وخاصة قطاع الصناعات التحويلية والخفيفة، وبها رفعت من أسهم العدالة والتنمية كتيار إسلامي ليبرالي في العالم الإسلامي، مناسب للحكم وتطوير البلد اقتصاديا، للوقوف في وجه المد التكفيري الراديكالي، وبها خلقت لأردوغان شعبية داخل الحزب أيضا، ليسيطر عليه التيار الليبرالي، ويصبح مثال الإسلام السياسي الاقتصادي للعالم الإسلامي.
لا شك هذه الانتصارات الاقتصادية، والسياسية، وعلى مدى سنوات طويلة، جعلت منه البطل القومي والديني معا، وأصبح بدون منازع، يخطط على بعدين، التركي القومي والإسلامي الليبرالي، ولم يتوانى في إسناد تيارات راديكالية إسلامية، كالحماس، وداعش، وبعض المنظمات المسلحة المتطرفة ضمن الثورة السورية، للحفاظ على مكانته ووجاهته القومية والدينية، وهي ما دفعت به في السنوات الأخيرة بالتفكير لخلق النزعة العثمانية، وإعادة أمجادها، وهو ما أدى به إلى الخروج من منطق التوازن السياسي، إلى السلبيات التي تغرق فيها معظم القادة المصابون بغرور النجاحات المتتالية وبالتالي إلى غرور العظمة. لاشك أنه رجل سياسة، ناجح بكل المعايير، تفوق في كثيره على جميع خصومه وحقق نجاحات لم يحققها أي سياسي تركي من قبله، فهو الذي قدم لتركيا ما لم يقدمه جميع رؤسائها منذ أتاتورك، وله الفضل في كل ما حصل في تركيا من التطور الاقتصادي، وعلى رأسها عملية جر أو إقناع الرأسمالية العالمية للاستثمار في تركيا أو في الشرق الأوسط عن طريق البرجوازية التركية، وهذه الاستراتيجية، يعد ذكاء سياسي سخرها لمصلحة تركيا اقتصاديا وبالشكل الأنسب، ونجاح دبلوماسي على المستوى العالم العربي والإسلامي عامة والأوربي إلى حد ما، سخرها أيضا لرفع الاقتصاد التركي، إلى أن أوصل بها إلى مصاف الدول أل 16 الكبرى اقتصاديا في العالم، بدخل وطني بلغ حدود 700 مليار دولار، يأتي بعد هولندا بدخل يقترب من 720 مليار دولار. لكن من المهم التذكير أن هذا التطور والنمو الاقتصادي والسياسي، شملت مجالات دون أخرى، وبقيت محصورة في زوايا وقطاعات معينة، وفي بقع جغرافية من تركيا دون أخرى، وحصرت في إطار العنصر التركي سياسيا، واجتماعيا، وثقافيا، وهو ما جعل تركيا وشعبها دون مستويات التطور الحضاري الأوروبي، وبقيت في سويات العالم الثالث في العديد من جوانبه، كما وفي الواقع السياسي الداخلي أبعده من التلاؤم مع الفكر الأوروبي الديمقراطي واتحادهم، الذين رفضوه لعدة أسباب منها، ما أظهره من خطوات متضاربة ومتناقضة حول تسيير عملية السلام بين تركيا والعمال الكردستاني، وطرق حصر الحوار بين حكومته وحزب كردي أو منظومة سياسية، وليس بين الشعب الكردي والحكومة التركية ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية، وعدم وضع حلول ديمقراطية كاملة للقضية القومية الكردية، وعدم جديته في القضاء على التمييز القومي بين الدولة الطورانية والشعب الكردي.
تصريحات أردوغان المباشرة بحق كرد غرب كردستان، تندرج ضمن هذه السياسة المخططة بالنسبة للكرد كشعب، ويحاول أن يحصر القضية الكردية بين إطار حزب مسيطر عسكريا وقضايا حدود الدولة التركية الجنوبية، أو بينهم وبين عرب المنطقة، وتهديداته المبطنة، وبيان عدة فصائل تكفيرية تابعة للمعارضة السورية، المدافعة عن داعش تحت سقف تهجير السنة، وبيان الائتلاف ضد الكرد تحت صبغة التنديد بقوات الحماية الشعبية والمتهمة بتهجير العشائر العربية من مناطق سكناهم، وكتابات بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة السورية، ونداءاتهم العنصرية المدمرة للبعد الوطني لكلية سوريا، والقاضية على مبادئ ثورتها، كل هذه مجتمعة، تفضح بشكل جلي سياسة أردوغان تجاه القضية الكردية، والمغطاة بالاتهامات الموجهة لحزب ال ب ي د وقوات الحماية الشعبية، وارتباطاتهم التكتيكية وتبعيتهم الاستراتيجية. فالتطورات العسكرية الجارية في المنطقة، ودحر قوات داعش وإزالة سيطرتها على المنطقة، تضعضع تكتيك تركيا بالنسبة للمنطقة الكردية، وتجبرها إلى التحرك على المستوى الإعلامي المباشر، والقيام بخطوات عملية قد تصل إلى زيادة دعمها لقسم دون آخر من المجموعات المسلحة في المعارضة السورية، وتوجهها إلى المنطقة الكردية بحجة الدفاع عن المهجرين من العرب السنة.
هذه الخطوات تؤكد على أن مبايعة البغدادي والاعتراف بداعش كممثل عن دولة إسلامية قادمة، حقيقة من حيث الواقع العملي، حتى ولو غاب عنها المبايعة الكتابية أو النظرية، طرق وكميات دعمها تندرج ضمن الاعتراف بها كشبه (دولة)إسلامية بشكل مباشر، والضجة الأخيرة المفتعلة حول تحرير معبر (تل أبيض) تأتي لأنها الأكثر أهمية وسهولة في إيصال المساعدات العسكرية واللوجستية الأخرى، وأهم نقطة لتمرير الملتحقين بها، وتهريب النفط السوري من خلاله إلى تركيا، وكل ذلك على حساب المعارضة السورية الحقيقية، وما يقوم به داعش والنصرة ومن والاهم من المجموعات المسلحة في المعارضة السورية( المعارضة لا تعني أن جميعهم يتبنون المفاهيم الثورية وأغلبهم لا يمثلون الثورة السورية) والمدعومة لأغراض ذاتية من قبل تركيا، لا للقضاء على سلطة بشار الأسد، بطريقة أو أخرى تندرج ضمن عمليات القضاء على بقايا الثورة السورية، بل وتدعم بشكل غير مباشر في استمرارية النظام وطغيان الهلال الشيعي إلى فترة ما، أو المخططات الإقليمية الأخرى في المنطقة، كسيطرة تركيا على المنطقة الكردية من ووضع حلول لها حسب استراتيجيتها في المنطقة، وكما ذكرنا في بحث سابق أن داعش منظمة لها أبعاد عاهرة وأساليب المرتزقة، لتمرير مخططها العروبي الإسلامي في المنطقة، فمعظم قادتها من البعث المتلائم حاضرا مع مجموعات إسلامية تكفيرية عروبية.
المبايعة العملية أنسب للدولة الإسلامية من النظرية، والتحاليل الإعلامية تظهر بأن السيد أردوغان هو الذي يبحث لذاته عن كرسي الخلافة، وإعادة أمجاد ماض العثمانيين، لكن يتبين، بما يقدمه هو ورجال حكومته على الإعلام وفي الواقع الفعلي من الدعم اللوجستي والتغطية على مرور جحافل الخارجيين المتسللين من خلال مطارات تركيا وجغرافيتها، بأنه لا يعارض قيام دولة الخلافة الإسلامية، ويجدها أنسب له ولدولته من قيام كيان كردي على حدوده، وعليه فلم يتوانى على دفع بعض المنظمات التكفيرية ضمن المعارضة السورية المسلحة والمتغذية من تركيا بإصدار بيان مشترك ضد الكرد، مرفقة بالحجج الجاهزة، ومن الغريب أنه لم يظهر مثل هذا التلاحم في وجه سلطة بشار الأسد وشبيحته، منذ بدء الصراع المسلح في سوريا، رغم كل ما يقوم به النظام من تهجير وقتل للمدنيين وتدمير لمنطقة الشمال السوري، حيث جغرافية المجموعات المسلحة الموقعة على البيان التهديدي. تظهر هذه العملية للمراقب أو المحلل السياسي، بأن تركيا لها الإمكانيات في توحيد الفصائل المسلحة في الشمال، مثلما فعلتها عند إصدار البيان المذكور، لكنها لا تفعلها لغاية مبطنة، وهي الحفاظ على داعش قوية ومسيطرة، وليستمر الصراع المسلح في سوريا إلى أطول فترة ممكنة، إلى أن يجد الوقت المناسب لتدخلاته وسيطرته على سوريا، أو على الأقل ليسيطر على شماله حيث المنطقة الكردية، وهو بهذا يحافظ بطريقة أو أخرى على بقاء بشار الأسد، حتى ولو كان يناهضه، لكن ليس إلى حد القضاء عليه.
بشار الأسد لا يتخلف عن تحركاته وخلقه للصراعات في مثل هذه المواقف الملائمة له، فله اليد الطولى بنقل صراع الشعب الكردي مع سلطته، ويستثنى من هذا أغلب الأحزاب الكردية، إلى صراع بين الكرد والعرب، وهو ما قلدته تركيا مؤخراً، وينقلها من صراع بين الكرد وداعش إلى صراع بين قوات الحماية الشعبية والقبائل العربية، ولاشك لا يحتاج هنا التذكير بوجود أكثر من مليون مهجر ونازح عربي من الداخل السوري يسكنون آمنين في المنطقة الكردية، ولا ننسى المستوطنات الغمرية العربية المبنية من عصر حافظ الأسد والمحمية من قبل قوات حكومة كانتون الجزيرة، والتذكير أبديناه هنا، لتبيان أن ادعاءات التهجير تستند إلى خلفية سياسية قومية عنصرية يتراسها حكومة أردوغان، لتهميش القضية الكردستانية وتقزيمها ضمن قضية الصراع مع بعض الأحزاب الكردية، وهذه أحد أهم القضايا التي تدفع بأردوغان على دعم داعش، وقلقه من تحرير مدينة تل أبيض وغيرها من المناطق الكردية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
6-16-2015



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه-الجزء الأخير
- فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه - الجزء الثالث
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء الثالث عشر
- فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه - الجزء الثاني
- فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه - الجزء الأول
- كردستان من التعتيم إلى الإنكار- الجزء الأخير
- أمريكا قتلت
- كردستان من التعتيم إلى الإنكار- الجزء الرابع
- كردستان من التعتيم إلى الإنكار- الجزء الثالث
- السيد مسعود برزاني في واشنطن
- كردستان من التعتيم إلى الإنكار - الجزء الثاني
- كردستان من التعتيم إلى الإنكار- الجزء الأول
- ماذا فعل المربع الأمني بالعامل والمستثمر الكردي-الجزء الثالث
- ماذا فعل المربع الأمني بالعامل والمستثمر الكردي- الجزء الثان ...
- ماذا فعل المربع الأمني بالعامل والمستثمر الكردي- الجزء الأخي ...
- هل ستتحرر إيران؟ ما بين لوزان وحرب اليمن -الجزء الثاني
- هل ستتحرر إيران؟ ما بين معاهدة لوزان وحرب اليمن- الجزء الأول
- إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد - الجزء الثاني
- إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد الجزء الأول
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الحادي عشر


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - مبايعة أردوغان للبغدادي