أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان شيرخان - - انفعالات رهيبة -














المزيد.....

- انفعالات رهيبة -


عدنان شيرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 08:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بغداد، ساحة التحرير، الأثنين 27 كانون الثاني العام 1969، اجساد تتدلى، رقاب طويلة، وجوه صفراء شاحبة، صرخت طويلا وتوسلت قبل موتها. المناسبة اول حلقة من مسلسل الرعب، من وجهة نظر حكومية (أعدام الجواسيس والخونة، جُثث الخيانة والعمالة مُعلقة على أعواد المشانق)، كوادر الحزب في اعلى حالات الانذار، الراديو والتلفزيون الحكوميان يحثان الناس للتوجه إلى ساحة التحرير، دوائر الدولة، مدارس بغداد المتوسطة والاعدادية بنين وبنات نقلت بباصات مصلحة نقل الركاب الحمراء في ساعات الدوام الاولى الى مسرح الحدث ، نسوة يزغردن تحت اقدام الجثث المعلقة، أخريات يبصقن على الاجساد التي فارقت الحياة ساعات الفجر الاولى. القيادة لم تنس نصيب البصرة من الاحتفال، علقت ثلاث جثث في ساحة ام البروم. كانت مناظر مؤلمة صادمة خدشت بعنف احاسيس كثيرين، وبقت عالقة في الاذهان طويلا، خاصة للذين لم يروا من قبل موتى، فكيف بمشنوقين !!

الحكومة تعلن ذلك اليوم عطلة رسمية احتفالا بالنصر العظيم، النائب صدام (كان عمره 32 عاما) يشرف بنفسه على الاعدامات في سجن بغداد المركزي، 11 جثة بقيت معلقة حتى الظهيرة، البرنامج مزدحم ، فقرة لصلاح عمر العلي عضو "مجلس قيادة الثورة" يلقي كلمة الحزب " يا شعب العراق العظيم. عراق اليوم سوف لن يتسامح مع أي خائن أو جاسوس أو عميل للطابور الخامس .. هذه هي مجرد بداية. الساحات العظيمة والخالدة للعراق سوف تُملأ بجثث الخونة والجواسيس. فقط انتظروا".

التلفزيون الحكومي كان يعرض منذ ايام وحتى ساعة متأخرة من الليل وقائع محكمة الثورة برئاسة علي هادي وتوت، تتخللها فترات استراحة لكسر ملل افادات المتهمين ومرافعة الدفاع الذي (استماح الشعب العراقي وحكومة الثورة عذرا للدفاع عن هؤلاء المجرمين)، الراقصة سهير زكي تملأ الجو بهجة وسرورا وهي ترقص شبه عارية على انغام اغنية ام كلثوم (هذه ليلتي). الليلة السابقة للاعدام أمتدت السهرة حتى الرابعة صباحا، وصدرت احكاما بالموت شنقا ضد 14 متهما بالخيانة والتجسس، وقيل ان تكرار رقصة سهير زكي لثلاث مرات يدخل الجهاز الحزبي بأنذار(حسب تبليغ مسبق) لان حدثا مهما سيكون موعده الصبح.

ويا للمصادفات العجيبة ، في ذلك اليوم كانت سينما غرناطة القريبة من ساحة التحرير تعرض فيلم "انفعالات رهيبة" المأخوذ من (ارواح الموتى) قصص قصيرة للكاتب الاميركي ادغار الن بو، موضوعها الرئيس الموت، ثلاثة افلام قصيرة في فيلم واحد ، اخرجها روجيه فاديم، لويس مال وعبقري السينما الايطالية فردريكو فلليني. اجواء الفيلم كانت معقدة ومشوشة، تنتهي بمشاهد الموت، ولكن ما حدث ذلك اليوم في ساحة التحرير كان اعقد واشد صدمة.

بعد نحو ستة اشهر فقط مما يسمى (الثورة البيضاء) التي ارجعت (البعث) للسلطة، يبعث برسالة واضحة لاطراف عديدة وبالالوان، هذا ما لدي؟! وهذا ما اعددته لكم، وما يجب ان تفكروا فيه مليا وتحذروا منه. لقد زرعوا ببراعة بذرة العنف والخوف والرعب في اعماق المجتمع العراقي، نجحوا، واثمرت البذرة حروبا داخلية وخارجية، عنفا وقسوة لا حدود لها، امتهانا لقيمة الانسان ومعنى وجوده، ولا يزال مسلسل الدم والرعب مستمرا وبنحاج ساحق ...



#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - جزيرة السعادة -
- استنزاف
- البحث عن نشيد وطني
- منتدى وشهادات
- لقاء ساخن مع السفير الاميركي ستيوارت جونز
- -تخدير المواطن- ..
- - موتني .. !!-
- قوارب الموت
- مذبحة سطيف
- هل تراجع أداء منظمات المجتمع المدني؟
- في ظل غياب القيم الديمقراطية
- بقايا واذناب ..
- مولده يوم عالمي للاعنف
- امتحان الخدمات العسير
- انتخابات ونتائج
- عام المعجزات
- محنة العيد والعطل الطويلة
- ازهار المجتمع المدني
- آوان التغيير
- الدولة المدنية


المزيد.....




- فيديو متداول لحشود -عشائر سوريا- بطريقها إلى السويداء.. ما ح ...
- هل يُحوّل نظام الطائرات المسيّرة الأوكرانية الحرب إلى -لعبة- ...
- تقرير يكشف: إسرائيل تسعى للحصول على دعم أميركي لنقل فلسطينيي ...
- إحدى -أقسى عقوبات- أوروبا: خفض سقف سعر النفط الروسي
- ما دلالة تحريم شرب القهوة في أعراف العشائر السورية؟
- حماس تتهم إسرائيل بعرقلة جهود التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ...
- هل تخدم تحركات العشائر مساعي الحكومة لفرض سيطرتها على السويد ...
- الضحك قد ينقذ حياتك.. لماذا نميل للمزاح في الأوقات الصعبة؟
- لندن توقف مخططا لنقل الأفغان إليها وتترك آلاف المتعاونين لمص ...
- عاجل | الرئاسة السورية: ننطلق في موقفنا من أحداث الجنوب السو ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان شيرخان - - انفعالات رهيبة -