أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لحسن لحمادي - كيف يحب المفكر؟














المزيد.....

كيف يحب المفكر؟


لحسن لحمادي

الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


كيف يحب المفكر؟
أغبط أولئك الذين استشعروا ذاتهم وفسروا حالهم في الحب، في إطار من الحب، إنه صوت صارخ وحر وطبيعي ذلك الذي يعبر عن الحب بشتى تجلياته، ولعل أبرز من عبر عن الحب كل الحب؛ حب الله والذات و الإنسانية وأفرادها والأشياء هو المفكر، وهو ما يفسر ضرورة وجود كتاب شعر ضمن كتب كبار المفكرين ، فضمن مجموعة كتب نيتشه الكبيرة هناك كتاب شعر واحد ووحيد ؛ إنما يعبر عن الجانب المحايث لعقله، إنه عاشق لوسالموي المجنون. و ضمن كتب الفيلسوف العربي عبدالرحمن بدوي نجد كذلك كتاب شعر واحد فقط، إن هذه المقاربة تصح مع كثيرين من ملوك القلم ، تصح مع هيدغر مع علال الفاسي مع كيركجورد.
إنه مسير المفكر وقد اجتمع فيه نهران متدفقان، نهر العقل ونهر القلب ؛ لا يفتأ أن يجد ما يستحق أن يحب في هذا العالم، إما أن يحب السموات والأفق والنجوم فيكون عالما للفلك، وإما أن يحب الطبيعة والحيوانات فيكون عالم طبيعيات، وإما أن يحب اللغة المرتبة والكلام المنمق والمتسق والمؤثر والتواصلي فيكون عالم لغويات، وإما أن يحب الحرية والحقوق والازدهار والبناء فيكون بهذا سياسيا، ولا ينتهي هذا التأصيل مهما حاولت إنهاءه؛ ذلك أن الحب مرتبط بكل كلية وجزئية بكل ما نحن قادرون على انتهاجه، فنحن ما نريد وما يريده القدر لنا.
ومن أعقد النماذج السامية التي جسدت هذا المفهوم بشكل إنساني روحاني؛ الرجل الذي وجد أنه يحب خالقه وخالقه موجود فيه وفي حبيبته ، وبهذا فهو يحب ذاته ويحب من تجسد فيها خالقه، أقصد الشيخ الأكبر الذي كان على دين الإسلام مفرطا في الـتأمل، إنه الأمير على إمارة التصوف ابن عربي؛ ذكر هذا الرجل يرافقه زخم كبير من المفاهيم بل حرب من المفاهيم، فقد كان حبه للفتاة الصغيرة النظام سببا في تأسيسه لدين الحب والدعوة إليه، وكانت حبيبته النظام سببا في كتابته لأعظم كتبه وهو كتاب " ترجمان الأشواق" أي المعبر عن الأشواق، إن حب العالم وحب الفيلسوف وحب المتصوف وحب الفقيه وحب الشاعر باعتبارهم مفكرين خالقين؛ لابد أن يكون لنهر القلب المتدفق تأثير في أطروحاتهم ومشاريعهم العقلية، وكلهم نماذج أخدت من سيرهم خبرا، فقد سأل الهامشيين قيس بن الملوح ، أين ليلى ؟ قال : أنا ليلى، إن جواب قيس هو جواب قلب، فمع هذا الرجل صار القلب مركز كل نظر للعالم وتعامل، فبجوابه هذا أخل بالتوازن المعروف بين العقل والقلب، فكما أن الإفراط في العقل يؤدي بنا إلى التطرف عن السبيل، فالإفراط في القلب يؤدي إلى ذلك السبيل.
وهو الارتباط الانسجام الالتصاق والتناغم التشابه الذي تحدث عنه ابن عربي وهو يحكي قصة حبه عن فتاته النظام في الترجمان، إنه التحول مع نحب مثل الحرف المشدد في اللغة وهو ما عبر عنه "ابن عربي النظام".
لا يمكن الجزم بأن المفكر لا تغير مشاعره وظروفها من تصوراته الفكرية مهما كانت عقلية، إني أتحدث عن الحب المفصلي في حياة المفكر، الحب الذي يتدخل في أحكام المفكر وأرائه وأفكاره؛ في رؤيته للآخر والعالم.
كان الشاعر الألماني غوته ضمن هؤلاء الذين فعل بهم الحب النجاح وكان وحيا ونبأ، ففي مرحلة دراسته الجامعية أحب غوته الفتاة التي عرف بها فيما بعد وهي شارلوت إلا أنه لم يكن يعلم أنها مخطوبة وعدم امتلاكها له وامتلاكه لها أثر في نفسه وفي طاقته الإبداعية فخلد حبه لها في روايته الجميلة "آلام فرتر"، ورغم أنه وضع فيها أسماء مستعارة إلا أنه كان يعبر عن مشاعره فيها بشكل خالص ودقيق.
قد لا يحب المفكر الجمال المعروف بالضرورة، فهو قد يحب الأشخاص الغير مرغوب فيهم، كالمنبوذين والمجانين والمنحرفين والحمقى، والأشياء التي تبدو للآخرين بشعة أو تافهة أو لترقى لمستوى الجمال والجاذبية. فدوجين الكلبي صاحب المدرسة الكلبية أحب حياة الكلاب ووجد فيها راحته وما تحب نفسه فكانت هي فلسفته وقد نهجها وانتهجها كبير فلاسفتنا الأدباء المعري، وألبرت أينشتاين عرف عنه أنه استغرق وقتا طويلا ليجد المرأة التي تنطبق لمواصفاته فكانت قبيحة المظهر بالنسبة للذين يضعون معايير جمال المرأة.
يحمل الحب في دلالته اللغوية معاني ترمي إلى أنه هو جريان المياه، وأنه هو اشتعال النار، وكذلك أعتبر أنه هو حركة الغيوم في روح السماء.
غالبا ما جسد حب المفكر أكثر الحب وعيا بذاته، إنه حب يستمر مقاوما للتغير وللطبيعة، حب المفكر يبقى في التاريخ سواء عبر تعبيره عن هذا الحب أو عبر كتاباته عن أمور أخرى، سواء في ابتكاراته أو في مواقفه أو في حروب قادة الجيوش والزعماء. يتجلى الحب في الشر وفي الخير وهو ما يدلل على أنه نزيه عن ما تبقى من الثائيات، فالحب يقفز بنفسه عن الأضداد رغم ربطه بضد معين، أورد الفيلسوف الألماني هيجل في أكبر كتبه وأهمها شعر للشاعر العربي الكبير جلال الدين الرومي يقول فيه: "كيف خلق الله الإنسان من طين؟ ذلك أن الله نفخ في الطين أنفاس الحب".



#لحسن_لحمادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين المفكر؟
- سياسة المحافظة، حفظ دون فهم
- الفلسفة في مراكش
- نزول المفكر للمجتمع
- الدين والزمان
- السياسيات المقارنة
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه ...
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، مقدمة معاصرة- لمؤلفه أليكس روزنب ...
- التراجيديا من منظور نيتشه


المزيد.....




- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لحسن لحمادي - كيف يحب المفكر؟