قالوا سنغرق في الوجل ( إشگد عسل وآشگد فشل )

احسان العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 22:18
المحور: الادب والفن
    

الشاعر شاكر حنون نحال للشعر بعذوبة فراتية مالحة
قراءة في قصيدته (إشگد عسل وآشگد فشل)

" من تمطر شْفاف المحب
وتبلّل. بريجك. قُبل
وعثوگ برحي
تْنگّط بحلگك نده
بطعم العسل "
ماهو شعورك وانت في هذه الدوامة (البرمودية) من كل ما هو جميل وعذب ؟ *
ان الشاعر شاكر حنون ابن بيئته فهو يدري تماماً بخفايا الجمال والمتعة وايان تسكن فقد اختار اكثر التمور طعماً مميزاً ليصوغ من خلالها قلادة العشق المعتق الممتزج بملوحة ارض سومر وماء الفرات .. المطر هذه الظاهرة الجميلة التي تمنح الأرض الحياة وضفها شاعرنا هنا بطريقة ارقى مما نتخيل وكأنه يريد ان يقول للقاريء والمتذوق للشعر الشعبي العراقي اننا قوم اذا عشقنا فعشقنا حياة كما ان استخدام مفردة (ريج) بمعنى ريق توقف القاريء متأملاً بتلك البساتين التي تعانق شواطيء الفرات وهيه البيئىة الولود لكبار صناع الجمال الشعري والأدبي الشعبي في العراق .. نقط الندى تلك تشبه كثيراً قطر المطر على صحراء بعد قيض قاتل , ان القاريء لهذه الكلمات يدرك بما لا يقبل الشك كم هو عذب هذا الشاعر . انه غارقٌ بالجمال حد بلوغ اقصى حد له
" إشكد عسل
لمّن عليك البرحي
بعثوگه نزل
يتدلّى ويغيظ النخل
وشگد عسل
من تسمع
حْچاية غزل
تتشلبه للمريخ
وتعانق زُحل
ويزوروك بشوگه الگمر
وتمدّه گلبك
موش چفك عالكمر
أو ها وصل ها ماوصل
وْلنّه الگمر منك جفل
لملم خيوطه السارحه
وعنك إفل "
*افل القمر ململماً خيوط الضياء راحلاً بعيداً دائراً حول ذكرى اللقاء العذري بعد ان عجز عن مجاراة بهاء حبيبة هذا الشاعر العاشق (وشكَد عسل) اتلط بين طعم (البرحي) وحلاوته وتل الصورة الجميلة التي يرسمها الشاعر مستعيضاً بكلمة (عثوگه) عن مفردة يرى ابن بيئته المحافظة ان لايقولها في قصيدته الصارخة بكل هذه العذوبة حيث يرى ان قامة العشق الملائكي المتمثل بهيئة حبيبته تطارق النخيل زهواً وعنفواناً وشموخاً وربما جمالاً ولا عجب فامتزاج الخجل بالجمال يولد حمرة على الخدين تشابه كثيراً حمرة الشفق التي تأتي غالباً بعدها ليلة ما والليل نديم الشعراء كل الشعراء لهم هذا النديم قريب من الروح اياً كان توجههم فهو نديم الحزين والسعيد والعاشق والمشتاق والمتجبر والكبير والمتديء وحتى من امضاه منهم عابداً متطلعاً للكواكب قائلاً في خلجات نفسه كيف يا الله تخلقُ المريخ وزحل وتباعد بينمهما وهنا عند حبيبتي مريخ وزحل تجاورا ايما جوار يزورهما بوان القمر وتلتقيه بقلبها الحالم الهائم فيجفلُ انبهاراً تاركاً وراءه حلم العاشق الشاعر والشاعر العاشق باللقاء وهو يطارحُ حنينه بهذا التأمل واللعن لذاته قائلاً:
وشْگد فشل
لمّن تِفِز من نومتك
وتشوف روحك
لا حبيب وْ لا عسل
ياخيبة الخيبه
دشوف شْگد فشل
حتى الوساده
عْليك كاتلهه الخجل
بس وكتك البد ذات
منّك ما خجل "
*الخجلُ ايها الشاعر الانسان لا مفر من مزاولته فلاشيء يمكنك فعله تجاه تربيتك التي تستنشق عبير القصب وتشرب هانئة مطمئنة من فرات العراق الأصيل فلا أمل لأن تلتقيان على وسادة الحنين فلا تنم وانت تحلمُ يقضاً ولاتحلم وانت نائمٌ يائساً فلا يأس مع العشق ولاعشق بيأس لكنك لم تستطع ان تتخلى عن كبرياء الوجيه وهذه ليست خيبة ابداً انها انعطافة نحو اكليل من الحياة الانساني بتصرف واحترام للأنثى (المرأة) بتطرف.
ان الشاعر شاكر حنون رغم انتماءهِ الكبير لمؤسسة القتال والتي عندنا مستمرة في التجدد فهو القائد الميداني والوجيه العشائري والشاعر القائد يتنقلُ بين هذه المراكز كما تتنقل الفراشات بين دياسم الزهور . يساجل الشعراء وشيوخ القبائل العربية المحيطة به ويجال المدنيين بل ويتصدر الحديث انا حضر وهو المتابع عن قرب لكل ما صيغ من تبتلات او خلق من تغيرات على الصعيدين الانساني والاجتماعي واليذ يعرف شاكر حنون سيدرك بما لايقبل الشك ابداً انه (حنون) لا شبيه لحنانه وعطوف لا نظير لعطفه وطيب عراقي بامتياز لذا هو يعرف كيف يصوغ صور الجمال الشعري وان كان باسلوب السهل الممتنع تساعده حياته العامة وبيئته ولهجته القوية على ان يبدع هكذا ابداع في زمن (لك اوي وخر عني ... بُعدلك يول جنني)
اتمنى ان لايثير الفراق حنينك استاذي ابا فائز ولا يستنهض الحياء ثورة الصبر فيك .

#احسان_العسكري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات