أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم















المزيد.....

الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 21:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




حكمت محكمة مصرية من حوالي شهر بالاعدام على مَن طبّق شريعته وألقى بمراهق من سطح بناية لأنه مع مراهقين آخرين حملوا لافتات مناهضة لحكم الاخوان المسلمين، وقبل هذه الجريمة قضت محكمة إيرانية حسب شريعتها باعدام الشاعر هاشم شعباني من الاحواز لأنه شكك في مسألة ولاية الفقيه، بينما كان قرار الادانة العلني يقول إنه اعلن "خوض حرب ضد الله وإعاثة الفساد في الأرض"، وفي الوقت الذي يمارس فيه تنظيم داعش أكبر عملية سرقة للأراضي ونهب الموارد والأموال العربية وهدم الآثار الإنسانية في سورية والعراق، نفذت عناصره "حد السرقة" بحق مواطن مسكين سرق ليأكل ويُطعم اولاده، وقطعوا كفّه في ساحة مستشفى الأمل في مدينة منبج السورية، التي يسيطر عليها التنظيم بريف حلب الشمالي الشرقي، وفي آذار الماضي حرق غوغاء في أفغانستان حسب شريعتهم فرخنده هستم بعد ان سرت إشاعة تقول انها احرقت القرآن. واضح من هذه الحوادث أن هناك شريعة أخرى تُطبق غير تلك الاسلامية المُعلن عنها، هي القصاص بدون محاكم وبواسطة الغوغاء احيانا، أو بمحاكم ترضخ لشريعة الحاكم لترهيب الخصوم.
الوقائع والتلفيقات
فرخنده هستم هي موضوع المقال، فبعد مرور شهر على سحلها ودهسها بسيارة امام عيون الشرطة تم حرقها بحراستهم كما تقول الصور، قال وزير الداخلية الأفغاني نور الحق علومي "إن التهمة التي وجهت إلى فرخنده كانت خاطئة. كانت امرأة متدينة ولم يكن لها أي علاقة بحرق المصحف كانت بريئة. من المؤلم أننا لم نتمكن من حماية امرأة تقية، نأمل أن لا يتكرر هذا". الشعب كان يعرف الحقيقة التي تجاهلها وزير الداخلية ثم رضخ بقولها امام لجنة استجواب بعدما نُشرت الوقائع كاملة بالكلمات والفيديو والصور على شبكات التواصل الاجتماعي، ومشاركة المئات في تشييع جثمان فرخنده الذي حملته نساء إلى المقبرة، وهو أمر نادر في أفغانستان التي صبغوها بالتزمت الأعمى.
في المرحلة الأولى التي أعقبت عملية القتل الوحشية، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن فرخنده أحرقت مصحفا، وهو خبر فنّدته وزارة الشؤون الدينية قائلة أن الدلائل التي بحوزتها غير كافية للوصول إلى هذا الاستنتاج. أما والد الضحية، فقد صرح لوسائل الإعلام المحلية أن ابنته كانت تعاني من مرض عقلي منذ أن كان عمرها 16 سنة وكانت تبحث عن مساعدة من أئمة المسجد، وتمثلت هذه المساعدة في أدعية باللغة الدارية أعطاها إياها رجال الدين الذين كانت تستعين بهم لمعالجتها من مشكلتها العقلية، وهي التي حرقتها وليس المصحف.
واضح من الوقائع ان أبا فرخنده كان واقعا تحت تأثير الرعب من قصاص الغوغاء وشريعتهم، لأن سيناريو ما حدث وقاله شهود على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المحكمة، هو تلاسن حدث مع أحد حماة الضريح بائع الاحجبة في مسجد شاه دو شمشير الذي يبعد خطوات من القصر الرئاسي والسوق الرئيسية في كابول، وتحدته ونهرته فرخنده عن ممارسة الخرافات، فما كان من حامي الضريح إلا أن اتهمها بحرق نسخة من القرآن، الأمر الذي دفع بالعشرات من الرجال المخدرين بالأساطير في الضريح بضرب فرخنده، ثم اخرجوها من المسجد وسحلوها بسيارة بين تهليل الغوغاء الجهلة وتكبيرهم، ثم قامت سيارة بدهس جثتها، وبعدها ألقوها على ضفة نهر قريب وتم حرقها بحضور الغوغاء إياهم والناس الذين لا صوت لهم وحراسة الشرطة الذين منعوا إقتراب احد منها وهي تحترق.
العلم والخرافات
بعد مرور أربعين يوماً على عملية قتلها البشعة، خرجت نسوة إلى قبر فرخنده بلافتات تندد بالوحشية التي حدثت ويمكن ان تطالهن في مجتمع جاهل تسيطر على أمية لُغوية ودينية، واقيمت مراسم تأبين لفرخنده على مسرح اقيم فى احد ضواحى كابول، وشارك فيه مثقفون وفنانون أفغان إعتبروا ان الجريمة يجب أن تكون لحظة تأمل فى تاريخ افغانستان، وكان الحفل رسالة إلى المجتمع الافغانى بأنه لابد وأن يتخلص من الجهل والتعصب والعشوائية والفساد والتلفيق "المقدس". وأكد المشاركون أن قتل فرخنده أكثر الجرائم وحشية، واعتبروا ان قتلها تم على أيدي مجموعة تعتقد أنها تدافع عن الإسلام وأن الدين في خطر. وخلال حفل التأبين كُشفت تفاصيل حادثة القتل بين منفذين غوغاء وشرطة لا قيمة لها، قبلت أن يكون الغوغاء أداة تنفيذ أحكام شيوخ جهلة، وتبيّن أن فرخنده كانت برئية تماما وسبب موتها تواطؤ عناصر من الشرطة الصامتة مع حشود غوغائية حركها رجل دين فاسد متعصب. كما كُشف أن فرخنده كانت تدرس الشريعة الإسلامية والفقه، وعندما شاهدت فى مسجد شاه دو شمشير واحدا من رجال الدين يبيع التمائم إلى الناس كعلاج للآلام أو لجلب الحظ لتغيير حياتهم إلى الأفضل، انتقدت فرخنده الرجل لأنه كان يخدع الناس، وفجأة وبدون سابق إنذار أخبر ذلك الدجّال أحد خدام المسجد بأن فرخنده أحرقت القرآن، داعيا الجميع الى الدفاع عن دينهم، ما يُفسر لماذا كانت الحشود تصيح "الله اكبر"، بينما كانت تئن تحت الضربات بالايادى وركل الارجل ورمي الحجارة وأثناء سحلها في الشوارع.
وبعدما زال رعب أبيها بسبب الاهتمام المحلي والدولي بالقضية قال ل"بي بي سي" إنها كانت مهتمة بالإسلام منذ طفولتها وذهبت لمدرسة دينية لتصبح معلمة للدين في المستقبل. وأوضح إنها كانت تذهب إلى المسجد منذ أن كان عمرها سبع سنوات لتعلم القرآن وحفظته عن ظهر قلب. وكانت تحرص دوما على مساعدة الفقراء لاسيما النساء منهم. وأضاف: "لم تكن فرخنده قد ذهبت إلى الضريح سوى مرة واحدة عندما قررت الأسرة أن تتوقف هناك للصلاة قبل أسبوع من مقتلها". كما قال "شاهدت فرخنده نساء يرتعشن من البرد، فذهبت في المرة التالية وأخذت معها سترة شتوية لكي تعطيها لإحدى السيدات هناك، وكان ذلك في يوم الواقعة".
وبناء على هذه الوقائع، بدأت تحقيقات رسمية قامت بها لجنة خاصة بناء على أوامر من الرئيس الأفغاني وكشفت نتائج التحقيقات أن الشرطة كانت فقدت السيطرة على الوضع ونصحت بضرورة تلقي رجالها تدريبات عاجلة وتحسين طرق الاتصال واتخاذ القرار. كما أشارت التحقيقات إلى أن المشتبه بهم لم يُلق القبض عليهم بسرعة كما ينبغي، الأمر الذي سمح بهروب بعضهم، بينما ألقي القبض على عدد من رجال الشرطة الذين كانوا في مكان واقعة قتل فرخنده .وقال الجنرال زاهر زاهر، رئيس وحدة التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية، إن 45 رجل شرطة أوقفوا عن العمل حاليا وهم قيد الاعتقال لحين صدور تعليمات من النيابة. وقالت لجنة التحقيق إن الاتهامات المنسوبة لفرخنده بحرق نسخة من القرآن لا أساس لها من الصحة وأنه لا يمكن أن ترتكب هذه الفعل نظرا لتعليمها الديني العالي ومعرفتها التفصيلية بالقرآن. ولم تخلص اللجنة إلى تحديد الدافع الرئيسي وراء الهجوم، لكنها قالت إن فرخنده ربما شجعت مرتادي الضريح على عدم شراء الأحجبة، وهو ما أذكى حفيظة حماة الضريح ودفعهم إلى تلفيق الاتهامات. ولم يصل التقرير إلى دليل يشير إلى تورط أي رجل دين في القتل (؟!) وقال التقرير :"جميع المشتبه بهم المقبوض عليهم أميون ولا يستطيعون قراءة القرآن"!!!
تجارة القرن
الملفت للنظر أن مواقع المستفيدين من الاسلام سياسيا رأت أن الدفاع عن فرخنده بعد نشر الوقائع، تم بتحفيز مؤسسات اجنبية لهدم الاسلام أو إهانته وأن ذلك الدفاع هجمة صليبية على معتقدات المسلمين وشريعتهم! والوقائع تقول أن كل ما حدث وسيحدث من المسلمين أنفسهم مجرد إعتراض على وطأة المستفيدين من الاسلام سياسيا ومحاربة للجهل وحجاب العقل الذي يريدون تعميمه وتهديم مؤسسات الدول التي حلوا فيها، لتسود شريعتهم وقصاصهم.
تجارة القرن الدينية التي نراها لن تُحل بتمنيات المثقفين، فقد سبقتها التجارة نفسها بتفاسير الدين المسيحي التي بلغت ذروتها ببيع عقارات في الجنة لمن يدفع ثمنها أو يؤمن بالمؤسسة الكهنوتية وليس بتعاليم المسيح، وهي تقريبا فكرة الجهاد نفسها بعد تحريفها عن ما جاء في القرآن، إذا يدخل الجنة بصك غفران لمن يدفع ثمنه بتفخيخ نفسه أو زوجته أو اولاده، أو يشارك في هدم الاوطان، أو ينفذ أوامر أمراء المستفيدين من الاسلام سياسيا ويؤمن بتفاسيرهم، ويعتبر سرقاتهم وهدمهم للأوطان ومظاهر الحضارة الانسانية جهادا، ولن تتوقف، حسب رأيي الخاص، سموم هذه التجارة سوى بنظرية متكاملة علمية عن مسألة الخلق والكون، وهي موجودة في الادراج وغير متاحة للعامة عن سابق تصور وتصميم، وسيُفرج عنها عندما تنتهي تجارة القرن الدينية بالسيطرة على المصالح الاقتصادية المرجوة.
رُسمت حدود سايكس/بيكو على اساس المصالح الاقتصادية بمقياس ذلك الوقت وكان ادوات التنفيذ رجال سياسة ذلك القرن، وتُرسم حاليا حدود أخرى على قياس عصرنا، والمنفذون بائعو تمائم وأحجبة، وهم ينفذون خريطة المصالح الاقتصادية في هذا العصر، مع فارق هائل هو ان سياسيي حدود سايكس/بيكو لم لن لهم أطماع بائعي التمائم في السيطرة على العالم، واتخاذ التقية طريقا للوصول إلى مآربهم المرحلية التي تبدأ من الشرق الاوسط وتنتهي بتحجيب العالم وهدم مظاهر حضارته.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)
- قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (7)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (6)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (5)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا
- التنويريون والمرأة اعداء المستفيدين من الاسلام سياسيا
- إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم