أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)















المزيد.....

قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 09:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جعلتني مطالعة الاصول التي قام عليها ما يُسمى بالجهاد اصل إلى فكرة قد تبدو غريبة، هي ان الجهاد كان في معظمه بين مسلمين ومسلمين، ولم يوجه ضد غير المسلمين منذ الخليفة عثمان بن عفان الى وقتنا سوى مرات قليلة، مع ملاحظة ان الجهاد بمفهومه القرآني والاحاديث الصحيحة المعتمدة عن النبي يختلف تماما عن جهاد المستفيدين من الاسلام سياسيا.
كل الظواهر التي وردت في الدراسة وتراكمتها، مع خطورتها واستمرارية فقهها، تحولت الي قواعد يُعمل بها ويؤخذ منها. وهي لا تدع مجالا للشك في انه حدث تدّيين للسياسة وتسييس للدين الاسلامي، في ظل صراع اجتماعي للوصول للحكم، وهذه الظاهرة تبدأ حين تخرج جماعة عن حاكم وتتهمه بالكفر والجاهلية، سعيا لتغيير نمط الهيئة الاجتماعية، ولم يقف الامر عند حكام عاديين، بل امتد الى خلفاء اتفق المسلمون على تسميتهم بالخلف الصالح، واستمرت الظاهرة منذ ايام الفتنة الكبرى، كما اطلق عليها الدكتور طه حسين، ومن دولة الى دولة؛ أموية أو عباسية، فاطمية أو طولونية أو مملوكية، وما فعلته الامبراطورية العثمانية التي ادخلت المسلمين في قوقعة طوال فترة حياتها، هو تتريك المسلمين وليس رفعة شأنهم، وتركتهم عند وفاتها طرائد المد الاستعماري الذي زرع رغم مساوىء افعاله بذور التقدم في المشرق، الذي خرج اهله بعد عقود ليعلنوا الجهاد ضده، وليس ضد مبادىء من قزّمهم ووقف امام مدافع نابليون بونابرت بالادعية والبخور.
كسر التطبيع
بعد طرد المسلمين من شرقي اوروبا بمعارك عسكرية، ودحر الكاثوليك الاسبان للمسلمين واليهود في اسبانيا، حدث تطبيع للوضع العالمي وموازين القوي والمصالح على ما هي عليه. ولم يظهر مطلقا أي نوع من افكار الجهاد أو العنف أو الحلال والحرام في الجانب الاسلامي، سواء ضد من هو ليس مسلما أو ضد بعضهم بعضا.
ومع بداية الصراع الاستعماري في القرن التاسع عشر بين فرنسا وانجلترا، لعب كل منهما بورقة الدين، رغم انهما لم يكونا لاعبيّن دينيين، بعد تجاربهما المريرة مع الدولة الدينية. كانت الورقة البونابرتية مسلمة، واعلن فيها محبته للخليفة واعتناقه الاسلام، لكن الغريب ان هذه الورقة لم يهضمها المصريون. ثم كانت ورقته اليهودية، وصيحته على ابواب القدس: ايها الاسرائليون انهضوا. اضافة الى ما خفي من اوراق الثعلب البريطاني الدينية التي لعبها وهي ملاصقة لصدره، لكي لا يراها الغير.
كانت اوراق القرن التاسع عشر الدينية اوراقا سياسية بحتة ايضا، لا اثر للدين فيها سوى اسمها، وقد ارتبطت طمعا بالمسألة الشرقية والرجل العثماني المريض، وتوزيع ارثه بعد وفاته بين فرنسا وبريطانيا، مع ارتباطها بالمسألة اليهودية، وهي الاخرى فيها من السياسة أكثر من الدين، ومن الاسطورة أكثر من الجوهر الديني لها.
حتى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، لم يطرح كل المجددين أو الاصلاحيين العرب أو المسلمين، موضوع الفكر الجهادي؛ من جمال الدين الأفغاني (جمعية الانتقام التى اسسها سنة 1883 كانت اهدافها سياسية قومية) إلى محمد عبده حتى رشيد رضا ورفاعة رافع الطهطاوي، إضافة إلى المفكر المسيحي الماروني الذي اشهر اسلامه احمد فارس الشدياق. كانت رسالتهم اصلاحية قومية. افكار نهضوية . واستمر الامر على المنوال نفسه حتى صعود الدعوة إلى القومية العربية.
إصلاح وربيع
المتتبع للحركات الاصولية أو السلفية؛ أي الرجوع بالدين الى اصوله ونهج السلف الصالح، في العصر الحديث، يجد ان اهمها اطلاقا هما الحركة الوهابية في السعودية والمهدية في السودان. ويلاحظ انهما كانتا محاولتا للاصلاح الداخلي للافكار وما استجد على صفاء العقيدة، لكن ما اعقب الدعوتين لم يكن من الاسلام أو عقيدته في شيء، بل امور دخيلة على الدعوتين، فمحمد بن عبد الوهاب، مؤسس الفكر الوهابي، اقام تحالفا مع آل سعود لنشر مذهبه، بضمان قاعدة اجتماعية لتأسيس دولة. وهو غطاء يوفر بُعدا مهما لفهم المذهب الوهابي، الذي اعتمد في تفسيراته على اراء الامام احمد بن حنبل.
أما المهدية التي انتشرت فى وقت ما في السودان بقيادة المهدي فقد رفضت البدع الدخيلة على الاسلام، وكان عداؤها مع الطرق الصوفية التي اتهمتها بتحريف الاسلام بما ادخلته من بدع.
الوهابية والمهدية، في تلك الاوقات، عملتا على العودة إلى النص القرآني وتقاليد السلف، وابتعدتا بشكل عام عن وصف أو تكفير الاخر، وانصرفتا الى موضوع التوحيد. وقد فاقت الوهابية المهدية تشددا في موضوع التوحيد، لدرجة تفكيرهم في وقت ما بهدم الكعبة الدخيلة على الاسلام، وانحسر فكرهم في محاربة الداخل والدخيل على الاسلام عقيدة وفكرا.
يلاحظ ان محاولة تحجيم الحركتين كانتا على يد الجيش المصري، بأوامر من محمد علي باشا وابنائه الذين حمكوا بعده. وفي كل مرة بسبب خاص بمصر رغم ان الطلب كان من الآستانة. ثم خرجت افكار العنف السياسي من الفقه الجهادي الكلاسيكي السياسي الذي سبق وذكرنا بعضه، مع حركة "الاخوان المسلمون"، التي احيت افكارا من تراكمات الماضى، بتوقيع حديث أعاد ظهور "جماعة المسلمين" و"اهل الحل والعقد" وزادوا عليها مبدأ "السمع والطاعة"، ونعتوا من يعارضهم بالجاهلية والخروج على الامام وهو ظل الله على الارض، ومن ثمة اباحوا هدر دمه. وكانت المرة الاولى في تاريخ المسلمين التي تعتبر مجرد إمام ظل الله على الارض، فقد كان السابق هو الحاكم نتيجة حديث ضعيف بدون سند "السلطان ظل الله في أرضه من نصحه هدى، ومن غشه ضل"، وهو حديث موضوع لسبب بسيط هو ان النبي محمد نفسه لم يقل إنه سلطان أو ملك المسلمين.
من هنا كانت بداية جديدة ما زالت على المسرح بتشعبات كثيرة للغاية، مختلفة حتى عن الحركة الام بسبب اختلاف مصارد التمويل. وقد ساعدت جميع الحكومات في مصر، ملكية أو جمهورية، على انتشار وتصاعد قوة الاخوان المسلمين، لاسباب سياسية محضة لا رائحة فيها لرفعة الدين أو تخليصه من شوائب علقت به، وقد خرج من عباءة "الاخوان" كثيرٌ من جماعات العنف السياسي المباشر، استُخدمت سياسيا وكانت اداة دائما حتى في ما أطلقوا عليه "الربيع العربي"، فمن هي هذه الجماعة؟
تاريخ وملك
تكونت حركة جماعة الاخوان المسلمين في مصر في النصف الاول من القرن العشرين، على يد مدرس اعدادي هو حسن البنا، في مدينة الاسماعيلية، احدى مدن قناة السويس، التي كان يعج بها فى هذا الوقت وبكثافة العديد من الجاليات الايطالية والفرنسية والانجليزية وبعض الجاليات الاوربية الاخرى، بسبب عملهم في شركة القناة. وهناك قولان على نشأتها و مموليها واهدافها.
بدأت الحركة دينية وقتئذ وظن البعض انها ستكون مجرد طرقية صوفية، مثل الحركات والطرق الصوفية المنتشرة في مدن وريف مصر. الا ان مؤسسها حسن البنا رجل صاحب تطلعات سياسية بدون مواربة، وقد غلفها بغطاء الدين لينال القوة والتبجيل والمكانة وعدم المساءلة. ومنذ بداية وجودهم لم يقتنع كبار مفكري مصر، مثل الدكتور طه حسين والاساتذة محمد حسين هيكل وسلامة موسى وتوفيق الحكيم ومحمد مندور، بالوجه الديني المُعلن، وكان على رأس هذه القائمة عداوة ونقدا واتهامات المفكر الاسلامي عباس محمود العقاد، الذي وصف حسن البنا بالرجل المريض نفسانيا، وقارىء كتاب الاستاذ أنيس منصور "في صالون العقاد"، يجد أعنف الاوصاف التي اطلقها العقاد على حسن البنا، وتعرض العقاد للإغتيال بسببها.
صدق حدس بعض كُتّاب مصر، ودخل الاخوان المسلمون بسرعة الساحة السياسية، ومارسوا ألعابها ومناوراتها بدون لبس. وتم استغالهم وتوظيفهم عدة مرات، استفادوا فيها من هذا التوظيف لمصلحة الجماعة فقط، ومخططاتهم للوصول إلى السلطة نفسها، لا لمصلحة الدين الاسلامي أو لمصلحة وطنية.
ساعدهم الملك فاروق الاول وأمر "الامن السياسي" بعدم مضايقتهم، ليكونوا اليد المساعدة له في مواجهة حزب الوفد صاحب الشعبية الكاسحة آنذاك. وانتقل التعاون إلى صورة مكشوفة للغاية وزار البنا القصر الملكي، ووجه كلماته اثناء الحديث الى الملك مسبوقة بعبارة: يامولانا خليفة المسلمين. ولمن يريد معرفة المزيد من "النعوت الدينية" التي صبغها البنا على الملك فاروق الاول، عليه قراءة دفتر التشريفات الملكية المكتوب فيه بيد حسن البنا تبجيلاته للملك بمناسبة الزيارة السامية.
عندما استفحل خطر "الاخوان" بسبب الاغتيالات السياسية التي مارسوها لصالح غيرهم أو لمصلحتهم، وخروجهم عن الخط الذي اراده لهم الملك فاروق، جربوا وأد افعالهم العنيفة بمحاولتهم نسف محكمة استئناف القاهرة التي يوجد بها ملفات التحقيقات والقضايا الخاصة بهم، وظهرت قمة بلطجتهم السياسية واضحة باغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، الذي تولى ابراهيم عبد الهادي رئاسة الوزارة من بعده، وأعطى الملك فاروق الضوء الاخضر لعبد الهادي، وتم حل الجماعة بالقوة وقُتل حسن البنا شخصيا بأربع رصاصات امام مقر حزبه في وسط القاهرة في وضح النهار.

للموضوع صلة



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا
- التنويريون والمرأة اعداء المستفيدين من الاسلام سياسيا
- إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)