|
الفنان ( تاد ) ضد الممكن والمستحيل والمعتاد
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 00:00
المحور:
الادب والفن
سنتكلم اليوم عن الفنان المصرى المبدع ناجى ميشيل شنبو الشهير ب(تاد ) الذى تتدفق فرشاته بالحركة والانفعال ... فهو فنان ينتمي لصفوف مبدعي الحركة التشكيلية المصرية.... رغم رحيله عن عالمنا منذ 8 سنوات.... بقيت أعمال الفنان تاد جاذبة لمتذوقي الفنون لذلك سنستعرض جانبا من مشواره الفنى، وأسلوبه الذى تميز به، من خلال أرشيفه الخاص، الذى يضم ملفات رسوم صحفية متخصصة باللونين الأبيض والأسود، نشرت بمجلتي صباح الخير وروزاليوسف، ثم الأهرام إبدو، وجريدة إيجيبشين جازيت..... عرض تاد عن طريق تلك المنابر، الكثير من القضايا والموضوعات ذات الصلة بالحياة المجتمعية بكل تنوعاتها علي مدار مشوار عمله، دون أن يفقد علاقته وعشقه الخاص لألوانه وفرشاته المتحركة علي أسطح اللوحات، لتنطلق أعماله باتجاه يتمازج بالشاعرية والخطوط الرومانسية في أجواء من البهجة والفرحة، لكنه يقدمها علي استحياء حيث يقنن حدودها بألوان يضع ظلالها ويدرجها بين القاتم ثم الأفتح علي عناصر أراد أن يمدها بالضوء ويرعاها بالاهتمام.... وكأنه يتبع إحدى النوتات الموسيقية في خطاه الإبداعية، فكانت موضوعاته تعبر عن المرأة ومشاعر الحب وقيم السلام والحرية والتفاؤل في أشكال تقترب من الرسم السريع المسمى “أسكتش” كما تتدفق فرشاته بالحركة والانفعال ليرتفع المضمون بالصدق والمباشرة...... كما انجذب الفنان تاد الذي عاش بين مصر وفرنسا وسويسرا، نحو العديد من تفاصيل الشارع المصري وتحديداً ما تحتويه الأحياء الشعبية والأزقة القديمة وما تتعطر به من أصالة وتراث، ليستدعي كل الأدوات والعادات المتلازمة بفنوننا المتوارثة... تاد فنان ولد من رحم المعاناة !!..
فقد خصص تاد(المسيحى الكاثوليكى الديانة ) معرضا عن شهر رمضان الكريم وما يحمله من روحانيات وطقوس ومظاهر نتفرد ببقائها في بلادنا عن سائر دول العالم مهما تبدلت وتلاحقت العصور.... وللفنان تاد تحية تتجدد في موعد ذكراه، ولتمضي كل الأعمار وتبقي كل البصمات والتكوينات التي تمكنا من وضعها بمختلف الاتجاهات كالفنون أو الأعمال المرئية والمكتوبة أو حتي المبادئ والأخلاق، فجميعها حين تتغلف بالجمال والإبداع يصبح لها آلاف المعاني والتأثيرات التي قد تمتد لأزمنة قادمة.....تاد فنان يعيش بين الممكن والمستحيل يذكرك بتلك الشخصيات الشكسبيرية المعذبة بين الجوّانى ، وبين الظاهر فحتى اسمه الفنى غيره أكثر من مره بسبب تشابه الاسماء والذى اختار له اسم تاد هى والدته التى كانت مثقفه ومعنية بالقراءة والاطلاع فاختارت له اسم تاد ...فهو فنان عاش منتظرا فى تلك المسافة المتوترة بين السؤال وبين الجواب ، مشدودا على همس كالصراخ فى حركة المجىء و الغدو .... حائرا بين ذلك الواقع الذى يستهويه فى لعبة الجمال الحى ، وبين ، الممكن ، ومصاعب الغوص فيه وبين ` المستحيل ` الذى هو غاية الفن الفاعلة ....فى سنواته الاخيرة أخذ تاد يجوب المدينة وأسواقها بحثا عن تلك الرزم الضوئية النابتة فى ألوان البسطاء و الفقراء و الباعة و المشترين وعالم الأسواق الشعبية ، عن تلك الحركة الجسدية المعبرة فى حاملات الجرار ، وباعة الحبوب و العرقسوس ، عن ذلك الفيض من الكبرياء القديم فى الملابس الشعبية المسدلة وقد حفلت بألوان الطيف الشرقى ....
استطاع تاد أن يجمع الأنظمة البنائية فى مساحاته وأن يعيد توظيف مايراه ، وأن يخضع الواقع لنسقه الخاص وأن يحتفظ بتلك الشفافية الكاشفة عن النسيج المتواتر لعملية التلوين ، وعن صكوك واضحة لفرشاة عفوية ومتأملة وأياً كان الامر ، فإن تاد قد نجح فى اجتياز تلك المسافة الهامة التى تفصل بين السوقى وبين الرصين ، بين الابتزاز العمومى للأذواق ، وبين التركيب العشوائى المباشر للعمل الجميل ...واستطاع أن يكون حياً وصافيا حين جمع بين القرينين على نهج ، ونسيج متحد من غير خطوط فاصلة بين لواصق الأسطح ....تاد علته هو ذاته .... لون على سجيته المرسلة علة الطفل الساكن فيه .... تاد فنان مصرى مولود فى السادس والعشرين من شهر أغسطس العام 1946 .... تاد بداخله إنسانا يهمس بالمعانى والدلالات .... يرسل إليك حروف كلماته متواترة تتلاحق بشفافية مفرطة وكأنها نغمات من قلب رقيق ... هدوء صوته جزء من الكل الساكن والثابت فيه ، يتحدث وعيناه تسبقانه فى التعبير وصداهما يملأ الإنسان عزة وحباً واحتراماً بدون حدود .... تاد فنان دمث الخلق عميق المشاعر وافر العطاء.... تاد فنان رسامُُ صحافىُُ بمجلة صباح الخير منذ العام 1966 وحتى وفاته .... أعمال الفنان تاد تجذبك لكونها طاقة متراكمة فى الذاكرة البصرية ولصفائها النادر ولشفافيتها النادرة .... والتلقائية المباشرة فى صياغة ومعالجة عالمه الإنسانى الذى اكتشفه فى البيئة الشعبية الحية والدافئة بعاداتها وتقاليدها .... تاد من الشخصيات الشكسبيرية المعذبة بين الجوَّانى ، وبين الظاهر – منتظراً فى تلك المسافة المتوترة بين السؤال وبين الجواب ، مشدوداً على همس كالصراخ فى حركة المجئ والغدو .... حائراً بين ذلك الواقع الذى يستهويه فى لعبة الجمال الحى ، وبين ، الممكن ، ومصاعب الفوضى فيه وبين `المستحيل` الذى هو غاية الفن الفاعلة ... لذلك أخذ تاد يزرع المدينة وأسواقها ، بحثاً عن تلك الرزم الضوئية النابتة فى ألوان البسطاء والفقراء والباعة والمشترين وعالم الأسواق الشعبية ، عن تلك الحركة الجسدية المعبرة فى حاملات الجرار ، وباعة الحبوب والعرقسوس ، عن ذلك الفيض من الكبرياء القديم فى الملابس الشعبية المسدلة وقد حفلت بألوان الطيف الشرقى` ...
يذكرنا تاد بما هو غير مرئى فى الفنان ، ويدفعنا لمحاولة الاكتشاف والتوغل فى أعماق الفنان على المستويين الفكرى والإبداعى .... مضافاً إلى ذلك المستوى الفنى وميكانيكا الحركة السريعة والخاطفة عند تاد والنادرة لكونها تعتمد على قدرة كبيرة على الاستقبال والتأمل والاختزال ثم تأتى لحظات الخلاص لميلاد أعماله الفنية بصياغة أقرب إلى الوميض الضوئى وأدق إلى الشهب فهما فعل كونى لا رجعه فيه .... وهذا ما نشاهده فى لمسات فرشاة تاد المليئة بكوامن الطاقة والمشاعر التى تتحرك حركة النبض والروح .. تنساب دون توقف ، تحمل معها شحنات وأحاسيس إنسانية .. والبناء الكونى عند تاد لا ينفصل عن البناء المعمارى ، فهما وحدة تكاملية دالة على العمق التعبيرى والجمالى فى آن واحد ، والعمل الفنى عند تاد هو جغرافيا الفراغ الذى يملؤه بمساحاته الجينية الصريحة والصافية وبألوانه المتراصة بقوة الدفع الشعورى وتلقائية فريدة منظمة وبالغة الحساسية ، والبنائيات فى لوحاته غير نمطية .... فاختياره لزوايا بعينها من أعلى أو للزاوية المائلة أو الرؤية الأفقية ، كلها صياغات يبتكر فيها تاد نسقاً جمالياً غير متكرر ....أعمال تاد نابضه بالحياة رغم انه غادر دنيانا منذ 8 سنوات ولكن زوجته السيدة - جيهان سلامه تحمل رسالته الإبداعية للعالم اجمع من خلال معرض فی-;- حب تاد والذى سيقام الشهر القادم يوم 20 مايو 2015 بقاعه بيت الشاعر بشارع المعز ....هذا المعرض ستكون مدته 10 ايام ويفتح ابوابه للجمهور من الساعة الواحد ظهرا وحتى التاسعة مساءا ... اللوحات المباعه سيخصص جزء منها لأعمال الخير والجمعيات الخيرية ... وستكون اللوحات للفنان تاد و 22 فنانا من السعودية وسوريا والعراق ومصر منهم : ابتهاج خوجه و ابرار سهارا واحمد صدر الدين البخاری-;- وجابر بن عمر الفاهمی-;- وشامی-;- العمری-;- وعبد الله البارقی-;- وغاده المفتی-;- و فاطمه رجب وفهد حمدی-;- الجابری-;- ومحمد عبد الواحد بوقس ومحمد يحی-;- قحل و مدی-;- الحرابی-;- و منار سهارا و هاله صالح فقيها و وليد الريبعه و سرور علوانی-;- و انمار علوانی-;- و منار علوانی-;- وسعد الفلاحی-;- وعبد الفتاح البدری-;- و راضی-;- جوده و جيهان سمير وغيرهم كثير من عشاق فنه !!... هذا المعرض رسالة حب يبعثها أحبابه إليه فى الدار الاخرى ورسالة حب من فنان عاشق للوطن وللفن ومثال للخلق والرقى والتواضع .... فهذه هى صفات الفنان الحقيقى هذا المعرض لحظات حب صافٍ وخالص للفنان النجم تاد .... هذه الرسالة محملة بفيض من الحب والتوهج سيعبر النيل ويمتد حتى قبر تاد الفنان المعذب والطفل الباحث عن ذاته ...
حمدى السعيد سالم صحافى ومحلل سياسى واستراتيجى
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاوى التخلف والإستلاب
-
صوتك ذاكرتي
-
ما لا تعرفه عن خرافة صلاح الدين الأيوبى
-
ميليشيات قاسم سليمانى تمارس القتل من أجل المذهب الشيعى
-
إيران هى العدو المتربص بنا
-
«البرقوقى» شهيد عملية «إيلات» 4 محافظين لكفرالشيخ يرفضون تكر
...
-
يا أمه ضحكت من هبلها الأمم
-
محافظ كفرالشيخ وفكر التغيير من خلال صحوة الضمير
-
الاتفاق مع امريكا والغرب سيغير إيران ببطء
-
الحية الرقطاء (قاسم سليمانى) مخطط الشر فى المنطقة العربية
-
العاهرة الاخوانية والقواد الايرانى
-
الفريضة الغائبة
-
نتنياهو وسياسة وضع العربة أمام الحصان
-
ثقافة البناء
-
امك قرعة يا اوردوغان
-
المرشد الايرانى المريض ومستقبل إيران المتشددة
-
الزواج السرى بين الإخوان وبريطانيا
-
الكيانات الحزبية الدينية اللقيطة
-
التكنولوجيا هى الحل الأمثل لكل مشاكل مصر المستعصية
-
إلا أمننا القومى يا وزيرة التعاون الدولى
المزيد.....
-
إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري!
...
-
ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع
...
-
كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا
...
-
شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش
...
-
-الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل
...
-
-أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر
...
-
-مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
-
الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
-
وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم
...
-
الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|