أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - قراءة جديدة لقصة أضحية إبراهيم














المزيد.....

قراءة جديدة لقصة أضحية إبراهيم


محمد علي عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 23:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنَّ القول بأنَّ إبراهيم شخصية تاريخية حقيقية أشبه بالقول بأنَّ "شتربة" في "كليلة ودمنة" شخصية تاريخية حقيقية. فالحكاية الدينية التي أبطالُها أنبياء لا تختلف وظيفيًا عن أية حكاية أبطالُها حيوانات.

على ضوء قصة "البيضة الذهبية" التي رواها أنتوني دو مِــلُّو في كتابه « أغنية الطائر »، أوضحنا في مقال سابق بعنوان "كيف نقرأ قصص الأنبياء؟" (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=389703) وجود مستويين على الأقل لقراءة القصص الديني:
(1)-القراءة الحَرْفية، وهي قراءة طفولية متطرِّفة لا تتجاوزُ حَرْفية القصة، وهذه القراءة الحَرْفية ضربان:
أ)-قراءة متطرِّفة متقبِّـــلة تَـــتقبَّـــل المعنى الحَرْفي للقصة باعتباره حقيقة، وهي قراءة رجال الدين والمتديِّنين [بالمعنى الدارج لكلمة "متدِّين"]؛
ب)-وقراءة متطرِّفة رافضة ترفض القصة بأكملها باعتبارها سخافة منافية للمنطق وللخبرة البشرية، وهي وقراءة اللادينيين والملحدين والمؤمنين بعقيدة لا تقبل بهذه القصة؛
(2)-القراءة التأويلية باعتبار القصة مَثلًا مضروبًا للعِبرة، أي باعتبارها حكايةً رمزية غير واقعية يجب تأويلها لفهم مغزاها. وقد أشار إلى هذه القراءة الواعية الباحث المصري محمد أحمد خلف الله عام 1947 في رسالة دكتوراه بعنوان "الفنّ القصصي في القرآن الكريم" رفضها الأزهر.

ومثلما أنَّ حكاية "البيضة الذهبية للإوزَّة" لا علاقة لها دلاليًا لا من قريب ولا من بعيد لا بالبيض ولا بالذهب ولا بالإوز بل بالتحذير من البخل، فإنَّ قصة تضحية إبراهيم (سواء بابنه إسحاق أم بابنه إسماعيل، [القرآن، الصافَّات، 102-107؛ رسالة بولس إلى العبرانيين، 11: 17-18]) لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد لا بإبراهيم ولا بإسحاق ولا بإسماعيل ولا بالكبش، هذا على افتراض وجود هذه الشخصيات تاريخيًا.

فإذا قرأنا حكاية إبراهيم على ضوء قراءة فلاديمير بروب للحكاية الخرافية الروسية وذلك بحسب وظيفة الشخصية السردية (حيث حدَّد سبع دوائر فعلٍ: 1-دائرة فعل البطل، 2-دائرة فعل الشخصية المرغوبة، 3-دائرة فعل المانح 4-دائرة فعل الشرير، 5-دائرة فعل المرسِل، 6-دائرة فعل المساعد، 7-دائرة فعل البطل المزيَّف)، فيمكننا أنْ نعتبرَ:
1)-أنَّ إبراهيم هو البطل؛
2)-وأنَّ ابنه يُـمثِّـــل دورَ الأميرة وأبيها، أي الشخصية المرغوبة (أي يرمز إلى الغرض الذي يشتهيه البطلُ [إبراهيم] ويهدِّده الخصم [الموت])؛
3)-وأنَّ الله هو الواهب (أو المانح) الذي يقدِّم الغرضَ السحري (أو المساعد السحري بحسب غريماس، وهو الكبش) الذي سيساعد البطلَ في التغلب على الخصم الشرير (الذي هو فكرة الذبح أي الموت).

نلاحظ في حكاية إبراهيم:
1)-غياب الشرير (أو الخصم) كشخصية سردية، ولكنَّ فكرة ذبح الابن بحد ذاتها كفكرة مكروهة تحل محل شخصية الشرير أو الخصم؛ وستكون مهمة البطل غير المعلَنة في الحكاية هي تفادي الشر الذي هو ذبح ابنه والقضاء على نسل البطل؛
2)-غياب المرسِل كشخصية سردية وربما يحل محلها رؤيا إبراهيم (اللاوعي الجمعي) التي أخبرَت البطلَ بوجود خطر ودفعَته إلى البحث عن إيجاد حل (وإذْ هو يجده أمامه وهو الكبش كهبة من السماء أو الطبيعة)؛
3)-غياب المساعد كشخصية سردية، وهنا يمكن أن نعتبر أنَّ الكبش يأخذ دور المساعد لأنه يساعد البطلَ إبراهيم في معركته ضد انقراض نسله؛
4)-وكذلك غياب شخصية البطل المزيَّف التي هي غير أساسية بل اختيارية في منهج بروب.

نرى إذًا أنَّ حكاية ذبيح إبراهيم تعكس ما تبقَّى في النفس الجمعية البشرية من ذكرى مرحلة اعتماد الإنسان على الحيوان لإنقاذ جنسه من الانقراض خلال فترات الجفاف التي مرَّت بها على ما يبدو أجزاءٌ من الكرة الأرضية في حقبة سحيقة من الزمن.

فكما يعكسُ تحريمُ لحم الخنزير بقايا أساطيرَ شرقيةٍ قديمةٍ بحسب فراس السواح (حيث إنَّ الخنزير يقتل الإله أو ابن الإله)، فكذلك تعكس أسطورةُ أضحية إبراهيم على الأغلب بقايا ذكريات الخافية الجمعية عن حقبة الجوع والجفاف التي مرت بها مجموعاتٌ من الجنس البشري في مرحلة ما من التاريخ.

فالبطلُ إبراهيم رمزٌ للجنس البشري. وابنُه إسحاق أو إسماعيل رمز للذرية البشرية. و"الذِّبْـــحُ العظيمُ" (الكبش) رمز للحيوانات الطرائد التي وهبتْها الطبيعةُ واعتمدَ عليها الإنسانُ في فترات القحط لكيَ ينجوَ من الانقراض. ورؤيا إبراهيم رمز للخافية الجمعية البشرية. فالكبش كان فداءً لابن إبراهيم، أي أنَّ الحيوان كان فداءً للإنسان. فربما لولاه لانقرض الإنسانُ.

هذه إحدى القراءات الممكنة للحكاية.

كما يمكن تأويل الحكاية على أنها إشارة إلى نهاية تقديم الأضاحي البشرية واستعاضتها بالأضاحي الحيوانية أو على أنها رمز للخضوع للسلطة كفكرة مؤسِّسة للديانات والحكومات.

ولكنَّ قُـــرَّاء هذه الحكاية تحت تأثير مخدِّر العقيدة أو بسبب القراءة الحَرْفية للحكاية أو لأسباب أخرى راحوا يتجادلون مثلًا في اسم الذبيح أهو إسحاق أم إسماعيل (ربما لأسباب تتعلق بمحاولة إثبات الهوية) أو في تأويلها كإشارة لتضحية ما يسمَّى بالرب بابنه المدعو يسوع "المخلِّص" أو كاختبار لإيمان إبراهيم (على اعتباره شخصية حقيقية) أو كإشارة إلى وجوب الأضحية لغفران خطيئة آدم والخلاص من الموت أو غير ذلك. أي أنهم يقرؤون القصة باعتبار أنَّ شخصياتِها وأحداثَها حقيقيةٌ فتفــلِتُ منهم معانٍ كثيرةٌ لشدة تشبُّثهم بالمعنى الحَرْفي.



#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن وثقافة الخوف. كيف يشل القرآن نفسية المسلمين؟
- لماذا القرآن؟ ولماذا فيه أخطاء؟
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية: قراءة تفكيكية
- بضع ملاحظات على أسلوب الالتفات في القرآن
- كيف يحجب القرآن الرؤية؟ (2)
- الأخطاء اللغوية والإنشائية في القرآن: رد على سامي الذيب
- نشأة الكون بين الخلق والتجلي والأزلية
- القرآن وتحجُّر اللغة
- الإسلام والعقل
- بطلان الدعوة الدينية
- دور محمد في تأليف القرآن
- كيف نقرأ قصص الأنبياء؟
- في مفهوم الاتِّباع
- لنفكِّر في هذه الكلمات
- عقيدة الوحش المجنَّح
- كيف يحجب القرآن الرؤية؟
- المعنى الكوني للإسلام
- ما المقصود بالعلم في القرآن؟
- وأرسلَ لي...
- كيف ينبغي فهم القرآن؟


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - قراءة جديدة لقصة أضحية إبراهيم