أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - الخبز والياسمين وما بينهما















المزيد.....

الخبز والياسمين وما بينهما


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 4767 - 2015 / 4 / 3 - 17:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجود دستور علماني في دول تتهددها حرب أهلية بسبب الطائفية بأثر خلفي إديولوجي ديني الطبع، هو أمر مثير للشفقة حقا، في تونس مثلا طرحت في ما يسمى بالربيع التونسي إشكالية التناوب على الحكم، في العمق كان هذا ما طبخته الأجهزة السياسية النظامية علنا، تحولت ثورة الخبز إلى ياسمين، إلى فوحة عطر فرنسي بطبخة ساركوزية، كانت المطالب الشعبية حول الخبز والعمل والسقف، ثم بقدرة قادر صارت مطالبة بالديموقراطية النيابية، وتبادل الخطب بالبرلمان التونسي، بالطبع تحقق عندهم السحر الأوربي: تغيير بعض القنافذ على مستوى هرم السلطة، لكن الطبخ الآخر الذي لم يكن محتملا، أو كان محتملا بالفعل، وطبعا هذه الانطباعات المتناقضة أساسها الأولي هو خلفيات ثورة الخبز، الإعلام الفرنسي بمسحته الفنية المعروفة عنده هو من سماها ثورة الياسمين ولا أدري حتى الآن لماذا سماها بذلك؟ مع أن الثورة بدأت تفيض شهورا قبل أن يفر القنفذ الزين، زين العابدين، ومع ذلك يمكن التخمين في الأمر: معروف لدى الأوربيين، أن الانتفاضات في الدول الديكتاتورية لا تنجح عادة لأنها تكشط في الشوارع، مع استثناء بالطبع، تنجح الانتفاضات الليبيرالية المصنوعة في المختبر الأمريكي والإعلام عادة يسميها انتفاضات الحرية، كان من المستحيل أن تنجح في تونس بالنسبة للإعلام الغربي، ولما نجحت وكنوع من التغطية على التقصير في الإعلام الغربي، أرادوا أن يكشفوا لنا شيئا مهما، سحرا جديدا، ثورة عطر، ياسمين فواح بين شعاب التحول من النظام إلى النظام نفسه عبر وضع أوراق التصويت في علبة السحر، لكن حتى هذه القفزة النوعية للشعب التونسي، في التماهي بصندوق السحر الأوربي الذي يفرز لنا قنافذ جديدة، لم تعجب الأوربيين أنفسهم، الشيء الوحيد الذي لا تفهمه شعوبنا حول الغرب هو الإيمان الأعمى بانهم يريدوننا ديموقراطيين، كن ما شئت إلا ان تكون لشعوبنا إرادة سياسية حقيقية، وهذا بالتحديد ما كانت تفهمه الديبلوماسية المغربية بسخرية زعطوط كان المغرب يلمح: ظروف تونس المؤدية للحراك تختلف كثيرا عن ظروف المغرب، وضع مختلف بالطبع، والزعطوط المغربي يعرف تماما أنه مختلف، هاكم الحقيقة التي لا يعرفها الملوثون بسحر الديموقراطية النيابية (نقول نيابية تمييزا لان الديموقراطية متعددة أيضا، إحداها الديموقراطية الحسنية بالمغرب، الديموقراطية الحسينية أيضا بالأردن وهلم) قلت ما لا يعرفه ديموقراطيونا هو أن المغرب ديموقراطي تماما مثله مثل الغرب بفارق بسيط: ديموقراطية المغرب مكشوفة للمسخ، بينما في الغرب تنكشف فقط في الأزمات الإقتصادية، ولتفسير هذا الإختلاف: نبسط فقط أمرا هام: المغرب ينظم انتخابات كباقي دول العالم، تتناوب الأحزاب في السلطة، تفتح دورات برلمانية، الدورة الأولى بالتحديد يفتتح الملك البرلمان ويحدد النقط العريضة التي على الحكومة الجديدة أن تنتهجها: هذا هو فقط ما يكشف الديموقراطية المغربية للمسخ، أي أن المتحكم في أمور السياسة والإقتصاد في المغرب يلقي خطابا يحدد العروض دون أن يكون قد صوت عليه في صندوق السحر، بالطبع له شرعية أخرى، شرعية الهولدينغ نفسها التي للمؤسسات المالية حيث المسخ مبطن، في المغرب يظهر بالمباشر وتراه العامة، والأمة تصفق وهي تسمع خطابه أكثر من أسبوع، بينما في أوربا يتوارى خلف جدارات أخرى، أوربما تملك نوعا من الحياء العام، من العيب جدا أن يكون المرشح البرلماني أو الرئيس المدني مسخا كرئيس حكومة في دولة متخلفة، كزعطوط الحكومة عندنا حين يسخر: “أنا مجرد قرد يتلقي تعليمات فوقية ويصرفها، سأشير هنا إلى نقطة حساسة جدا، عندما أتكلم حول المسخ الديموقراطي، أقصد بالتحديد ذلك الفهم المغربي للمسخ: قادة لأحزاب تضحك على عواهن الشعب وتقولها بالوضوح التام: “انا المسخ بالعلالي” خادم لأعتاب فوقية تبدو بمسحة دينية نوعا من الشرف أو هكذا يتشدق الأمر في سخرية مميتة: "عض حناكك”...أوربا مثلا تملك بعض الحياء امام شعوبها، تبقي نوعا من المروءة لممثليها السياسيين، تتكلم عن الهولدينغ بلغة اقتصادية وسياسية محنكة، تخاف أيضا على مستثمريها وملاكيها الرأسماليين ومؤسساتها المالية من التحضيض، أن يصبحوا بقرا ضاحكا امام العموم، تترك هامشا من المراوغة للرؤاء بتبرير الأزمات بنوع من الغباء الغيبي: أزمة اقتصادية، إكراهات دولية، هروب المستمثرين ..ابحر فيها أنت كما شئت لكنها تبقى دائما نفس قوائم الحكم بشكل ساحر جدا "الرجل الخفي" “أصحاب البذلات السوداء"، "الترويكا" امور لا يفهمها المرأ إلا بإعادة السؤال عشرات المرات.. يبقى السؤال الصعب هو لماذا يخرج المسؤول عندنا قردا باسلا؟ (البسالة بالمغربية لا تعني البسالة، تعني شيئا من التقزز والبهلنة)، والأمر بسيط للغاية، إنها مستويات للفهم والوعي السياسي المتفاوت بين الشعوب، هي أمور مترسخة أيضا، فامرأ مترسخ بمفاهيم المواطنة ليس كامرؤ مترسخ فيه وعي الرعية، فوضوح المسخ في قمة جمهور الرعية، لغياب وعي المواطنة لن يقوم إلا بضرب رأسه عرض الحائط او في أحسن الحالات سيبحث عن نسب شريف له بمسح احذية ذوي ربطة العنق.. من السهل على جمهور كهذا ان يتبوثق كما يبدو في المشرق على مستوى انتماءات شرفية طائفية، ولكي ترضى عنه الطائفة عليه أن يتحول إلى كائن دموي متميز، بعد ذلك يمكن للمرء أن يبرر مناهضته بشتى الأوصاف الديموقراطية والسياسية ولا حرج في الأمر، لكي تكون شريفا في المشرق عليك أن تناهض حياة شعبك بتقسيمه إلى زلان وزحتلان. بينما الجمهور الذي ترسخت فيه قيم المدنية والمواطنة، فينظر إلى ربطة العنق ويخرج بخلاصة أنها من مال جيبه ويكفي المومنين شر القتال.
لعل الشكل الذي تحول به حراك الخبز إلى ثورة ياسمين في تونس، يبدو الآن يتضح شيئا فشيا، سحر الغرب في أن يكون مسخه مبطنا هو هدف الثورة، أن تغمس ورقة التصويت في علبة السحر ويخرج منها قنفذ مبتسم كالعادة بربطة عنق هو الآخر ونعيد الامر في كل موسم انتخابي، نوع من التمثل بالأوربيين، لكن بطريقة مبطنة أكثر، انتقام بالوعود الإنتخابية بين شخصيات نافذة، ملهاة عن الخبز والسقف والعمل والدخول في حرب اخرى مترفعة عن الحقائق، هذا الوضع لعلبة السحر وضعت تونس بين مفترق آخر بين الحفاظ على مكاسب بورقيبة المتمدنة وأفغنة تونس بإرجاعها قرونا إلى الخلف، لكن لماذا قدر تونس بالتحديد هو ان توضع بين خيارين لا ثالث لهما؟
كان كل ما غرد في صبح الحراك التونسي، وبطريقة ساحرة أيضا هو دخول الإعلام بعد غفلة قاتلة حلقة الصراع، بدأ الأمر يتحول تدريجيا من ثورة البوعزيزي إلى ثورة المحامي (لعلكم تتذكرون زغرودة المحامي التونسي: "بن علي هرب")،بعد ذلك مع رحابة الطبقة المتوسطة في أن يكون لها أمر وجيه توجه الإعلام برمته إلى صيحة المحامي والملاك الصغير جار البوعزيزي، تحولت الثورة من ثائر على الخبز إلى ثائر بالزغاريد، من انتفاضة حول العيش إلى انتفاضة حول كماليات بيزنطية بحثا عن معادلات للتوازن بين وجهاء تونسيون لهم هذه الوجاهة الدولية في جلب الرضى الدولي بشكل يبدو أن كل ثورة يقوم بها الشعب تعرف نجاحا كبيرا إذا لم تتدخل القوى الإقليمية، رأينا ذلك في مصر ومن بعدها اليمن ومن بعدها سوريا فالديموقراطية المسحورة لا تقام لأجل الشعوب المنتفضة بل لأجل الدول المهيمنة على ثروات العالم، إن التغيير لا تنشده الطبقة المتوسطة بل تنشده الطبقة العاملة، لذلك بمجرد كسر الخوف القمعي انتبه العالم وعبره وسائل الإعلام إلى تلغيم الثورة بوضع وجاهة برجوازية لها بتحويلها ثورة حول الخبز والعمل والسكن إلى ثورة حول الديموقراطية كأن مشكلة الشعب هي فقط في تحقيق شروط التناوب حول السلطة السياسية، وطبيعي أن الموازنة السياسية المطلوبة هي فقط المسخ المبطن الذي لا يرى.. أن نعود لنغرد الأسطورة الرومانية القديمة: هناك إكراهات سياسية وإقليمية.. الترنيمة الوحيدة التي يرددها أي حسب وصل إلى سدة الحكم، لكن أيضا ان تكون الأمور متزنة بوضع عملة وحيدة بوجهين للتناوب حول التشمس وإعادة صياغة الأمور من جديد حول تدبير الملهاة بطرق جميلة وساحرة: يجب إعادة النظر في مكانة المراة، يجب وضع معادلة الملهاة بشكل تبدو جديرة: تيار ينزع إلى تكبيل الحريات باسم الخصوصية والدين والعادات وآخر ينزع إلى تثبيت قواميس الحقوق في المدونات حبرا على ورق سواء تعلق الأمر بحريتها أو مساواتها كما لو أن الأمور في تونس تطرح بنفس الطريقة التي تطرح فيها في أفغانستان والعربية الوهابية، يجب طرح مشكلة الاختلاط، يجب يجب.. وضع ملهاة جديرة بالهم أكثر من الخبز والعمل والسقف.. لماذا بالتحديد في أي ثورة أو حراك وهو الأكثر تعبيرا في دول المشرق وشمال إفريقيا عليه أن ينتهي إلى نزوع متضاد أو وفاق (حسب موازين القوة دائما) إلى هذا التنازع بين الخصوصية والتفتح، بين اصولية محقبة ومحنطة وحداثة محنطة هي الأخرى لا تصلح إلا للواجهة؟ لماذا ينتهي الامر حول التحديث والأصالة وليس حول حل إشكالية العيش الكريم الذي هو المحرك الحقيقي؟
لماذا تنتهي الأمور عندنا إلى عودة للبدء برغم أن تونس مثلا قطعت أشواطا كبيرة في العهد البورقيبي؟
في المشرق، ولأن الأمور سوية، اصالة محنطة غير قابلة للتجديد وضعت لها ملهاة أخرى، قد تبدو مشكلة مترسخة في الإنسان عندهم (وهذا بالتحديد ما يطبخه الحداثي والليبرالي عندهم ترسيخا لمبدا مناهضة الحياة) اخترعوا ثنائية مقززة بين الشيعة والسنة، في غياب ترسيخ فهم للمواطنة والمدنية، يتحول ماسحي الأحدية إلى جنود رعاديد في جيوش الطائفية، تصبح المعادلة السوسيولوجية قائمة على التناحر الذاتي بشكل يمثل أمر الإنتماء للسنة كأمر الإنتماء للشيعة هو ترسيخ متعمد لمناهضة الحياة بالإقتتال المتبادل شكل ينتفي فيه حق المواطنة بأثر رجعي لصالح المتدين من الجانبين حول فهمه للثروة الوطنية.. تغيب عنهم استراتيجية التوزيع العادل إلا بالإنتماء إلى الطائفة: تبدو المحاصصة في العراق أمرا متسيبا بشكل قذر جدا، في مقابل ما ينهي الإقتتال إلى وضع مدني نجد أن لغة الإنقراض للآخر هي السائدة وهي بشكل ما مستحيلة نظرا لتغذية الأطراف المتقاتلة من طرف قوى دولية في افق خلق دولة مكسوحة بالتمام، مجتمع من الموتى والعميان ومرضى العاهات الحربية..
ماهو الثمن إن لم يكن سوى الإنقراض الذاتي؟؟



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساهمة في الجدل حول علمية الدياليكتيك
- يقظة ضمير
- حول العلمانية
- خلفيات الحكم بالإعدام على محمد امخيطر
- مظاهرة باريس برأس أفعى سامة
- أنسنة الإسلام هي موت شكل منه
- بخصوص التعليقات المشوشة على الحملة
- إعادة النظر في التنزيه الإلهي: موضوع على خلفية حكم الإعدام ف ...
- ملاك الدفن
- عاصمة -الرههج- والديبلوأعرابية
- بهذه الأخلاق ستكون أشقر الرأس في أوربا
- نمط الإنتاج الهمجي
- أعرور 3 : تاعبوت
- أعرور 2
- أعرور
- صلاة عيد الكبش
- عودة إلى أبرهامي
- في لاس بيدرونيراس
- حول القضية الفلسطينية
- إيلينا مالينو وأحداث طنجة العنصرية


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - الخبز والياسمين وما بينهما