أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في بنية النص المأساوي














المزيد.....

مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في بنية النص المأساوي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1326 - 2005 / 9 / 23 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


في الدورة السابعة عشر للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء شاركت هولندا بأربعة عروض مسرحية ضمن المسابقة وخارجها، وهذه الأعمال هي على التوالي " موت في حجرة التمريض " لمارك فورتل، و " الدودة الصغيرة " لإيفا مويلو " فنلندية الأصل "، و "ظننت الأمر كذلك " لآرنكه إيلسندورن، و " فاقد الصلاحية " لرسول الصغير " عراقي الأصل ". وقد وجدت من المناسب أن أقدّم تباعاً قراءة نقدية لمجمل هذه العروض التي شاركت بها هولندا في مهرجان المسرح الجامعي للدار البيضاء لمناسبة مرور 400 سنة على العلاقة بين هولندا والمغرب. وقد أسفر هذا المهرجان عن توقيع اتفاقية توأمة ثقافية بين مدينتي أمستردام والدار البيضاء حضرها السفير الهولندي في الدار البيضاء. وسنبدأ قراءتنا النقدية لمسرحية " موت في حجرة التمريض " وهي للمناسبة عنوان لواحدة من أشهر لوحات الفنان النرويجي إدوارد مونش.
لا تخرج المسرحية الهولندية " موت في حجرة التمريض " لمؤلفها ومخرجها مارك فورتل عن سياق المسرحيات التقليدية ذات النفس الكلاسيكي الواقعي. فالعرض المسرحي برمته قائم على فكرة النص المفجعة، ولا يريد أن يتجاوز بعدها الدرامي الذي يتمحور حول مأساة الفتاة الشابة ماري، عازفة البيانو، التي وقعت لها حادثة مؤسفة ففقدت من جرائها ذراعيها بالكامل! فعلى مدى ساعة كاملة ونحن نرقب بتوتر وإنشداد كبيرين تطورات هذا الحادث المأساوي ليس على الضحية حسب، وإنما على بقية أفراد أسرتها، وحبيبها جوكليم أيضاً. وبالرغم من اعتماد هذا العرض المسرحي على ثيمة النص، إلا أنه كان حافلاً بالمزايا البصرية، فالحوارات والجُمل التي كانت تتبادلها الشخصيات لم تكن مثقلة بالخصائص الأدبية، وإنما كانت تحمل قدراً كبيراً من العلامات والمزايا البصرية التي تنسجم مع الخطاب المسرحي بوصفة مادة للفرجة، والمتعة، والمعرفة، والفهم، والإدراك الفلسفي لمعنى الحياة وجدواها ووجوب مضيّها المتواصل إلى أمام.
يبدأ العرض بمشهد أب وأم يترقبان عودة ابنتهما ماري من المستشفى بعد أن وقعت لها حادثة مروّعة ففقدت إثرها ذراعيها بالكامل. وتزداد صدمة المتلقي حينما يعرف بعد قليل أن ماري هي عازفة بيانو، فكيف تعزف من دون أصابع؟ جوكليم صديق ماري وحبيبها يأتي لزيارتها في البيت، لأنه لم يتحمل مشاهدتها وهي مبتورة اليدين في المستشفى، تماماً كما كان يخشى الأب من هول الصدمة فظل ينتظرها في البيت على أمل أن تعود مرممة بعض الشيء! يصطحبها جوكليم بجولة في المتنزّه الذي كان يقضيان فيه أجمل الأوقات، غير أن الأبوين كان قلقان جداً من هذه النزهة خشية أن تقع ماري وتنكسر إحدى ساقيها أيضاً. المنعطف الأول والخطير الذي يحدث في هذه العلاقة هو أن جوكليم يخبر ماري بأنه يريد إنهاء علاقته العاطفية بها، مما يفاقم حالتها النفسية المتدهورة أصلاً، ويعزز فكرة إنهاء هذه العلاقة بأنه مدفوع بحوافز غامضة " لا علاقة لها بفقدان ذراعيها! " بينما ينحصر تفكير الأبوين في خشيتهما الشديدة من سقوط ماري من السرير من دون الأخذ بعين الاعتبار لفاجعتها العاطفية الجديدة التي قد لا تقل في تأثيرها عن فاجعة فقدان الذراعين، خصوصاً وهي العازفة المرهفة التي تجد نفسها فيما تبدعه أناملها الناعمة، ومخيلتها المتوقدة. وجراء هذه الخشية الشديدة يقوم الأبوان بربط ماري على السرير بحبل متين لكي لا تسقط، لكنهما يزيدان الطين بلّة حينما يربطانها بقوة غير معهودة بحيث سيكونان السبب الأول في موت ساقيها لاحقاً. ولأن القصة مأساوية، كما أسلفت، فلا بد أن تزداد سلسلة التفاقمات والصدمات، ففي هذه الأثناء يأتي معلّم الموسيقى ليودعها بشكل نهائي لأنها فقدت ذراعيها، فهي بلا أنامل، ولا تستطيع أن تعزف إلى الأبد. وحتى الأم التي هي مثال للرحمة والعطف والشفقة فإنها بدأت تتذمر من سلوك ابنتها، خصوصاً وأن ماري بدأت لا تلتزم النصائح والإرشادات، فحينما سقطت من السرير قرّعتها أمها، وسألتها بحدة عن السبب الذي دفعها لأن تتخلص من السرير المربوطة إليه؟ يعود صديقها جوكليم ثانية، بعد أن يراجع نفسه في أن القرار الذي اتخذه لم يكن صحيحاً بحق حبيبته المفجوعة بذراعيها. في هذه الأثناء تحلم ماري بأنها قد أصبحت فتاة ناضجة جداً، وأن لها ساقين طويلين وجميلين في آنٍ معاً، لكن الفاجعة تزداد تفاقماً حينما يأتي الطبيب ليفحص جروحها فيكتشف أن ساقي ماري بدءآ يموتان شيئاً فشيئاً بسبب ربطها بقوة غير معهودة إلى السرير! كانت ساقها سوداوين، والأغرب من ذلك أن الأبوين يرفضان عودتها للمستشفى، وأكثر من ذلك فهما يغطيان ساقيها السوداوين لأنهما لا يريدان أو لا يتحملان رؤية أعضائها وهي تموت موتاً تدريجياً. وفي هذه اللحظات التي تموت فيها ماري تعلن الأم بأنها حامل، ولكنها لا تخبر ماري بذلك، ثم ينشغل الأبوان بالتفكير باسم للمولود الجديد، غير أن الأم كانت موقنة بأن الجنين الذي تحمله بنتاً لذلك أصرّت على تسميها بماري! لتعود بنا إلى الدورة الأولى لحكاية الميلاد " والحياة والحب " والموت الأكيد لاحقاً. شارك في تمثيل هذا العرض المسرحي نخبة من فناني معهد المسرح في مدينة آرنهم وهم لارد أدريان، رث باستيانسن، دليلة فان آيك، سارة يونكر، يان كراوت، و داخمار ستاخمولن، وقد قدمت المسرحية على خشبة مسرح " ثريا السقّاط " في الدار البيضاء.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر العراقي في المنفى: المخيلة الطليقة التي فلتت من ذاكرة ...
- الفنان يوسف العاني عضواً في لجنة التحكيم للدورة السابعة عشر ...
- ملف الأدب المهجري العراقي
- حوار في الأزرق -معرض جديد للفنان ستار كاووش والهولندي مارك ل ...
- مسرحية - فاقد الصلاحية - لرسول الصغير على خشبة المجمع الثقاف ...
- الفنانة التشكيلية رملة الجاسم . . . من التشخيصية إلى التعبير ...
- الروائي العراقي سنان أنطون لـ - الحوار المتمدن -: البنية في ...
- التشكيلي سعد علي في معرضه الجديد - ألف ليلة وليلة -: التشخيص ...
- - يوم الاثنين - شريط روائي قصير للمخرج تامر السعيد، حكاية مف ...
- خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستا ...
- الروائي العراقي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بوصلة ال ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بعد وفاة غائب قي ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: وضعت حياتي كلها ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: نحن الكتاب عائلة ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: استقبلت -حب في م ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: أشعر أن الكون كل ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: لا أميّز بين لغة ...
- المخرج رسول الصغير لـ - الحوار المتمدن -: أنا مغرم بالحكايات ...
- - الذاكرة المعتقلة - للمخرج المغربي جيلالي فرحاتي: من يرّد ل ...
- التشكيلي حسام الدين كاكاي لـ - الحوار المتمدن -:البكتوغرافي ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في بنية النص المأساوي