أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - بلا أسماء














المزيد.....

بلا أسماء


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1326 - 2005 / 9 / 23 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


تسمع الأخبار، تنصت بإدراكٍ مبهم لما يحدث حولك، "خمسة شهداء في فلسطين"، "عشرون شهيداً في العراق حصيلة الانفجارات"، كلها أرقام تتزايد على قائمة الأداء المقلق لحزنك الدفين، ويصبح هؤلاء الشهداء، شخوصاً بلا أسماء، شخوصاً هادئة لا مكان لها سوى تقرير عابث على فضائية أو أرضية، مع مذيع متأنق.
يصبح الشهيد، ذو الاسم واللون والقضية، رقماً بين مجموعةٍ من الأرقام، لا تمثله ولا تشبهه، ويصبح كل الشهداء معه مجرد "مجموعة"، "تجمع"، "سرب"، لكن أبداً ليسوا كما عهدناهم، لا ريب أن التعداد مشكلةٌ كبرى، فلو قلنا الشهيد، لقلنا الشهيد فلان الفلاني ولغدا ذو مكانةٍ عالية في قلوبنا، واستحال اسمه جزء من تاريخنا الغير المكتوب. ولكننا وبتأثير من الإيحاءات الكثيرة، نترك أنفسنا ننساب مع تيار يغربنا حتى عن شهداءنا، "خمسة شهداء آخرون هي حصيلة الاشتباكات"، ومجرد أرقام أخر تعبر على الشاشة.
أحبتي، لا مفر من القبول بالأمر، فليس هناك من متسع في نشرة الأخبار، لتعداد أسماء الشهداء، كذلك ليس من الممكن أن لا يذاع الخبر، وإلا ستفقد الفضائية هذه، أو الإذاعة تلك الخبر-السبق. حينها يتحول الشهداء هنا إلى خبر مجرد خبر متقن لمراسل حذق. ويتحول شهداءنا مرة أخرى، من مجرد رقم عابر إلى مجرد سبق صحفي، ينتهي باعلانه، ونحن ننظر غير واعين لما يحصل، غير منتبهين لأهمية أن نرفض ماذا يحصل.
وكي لا يظن أن كلامي هو مجرد هجوم على أقنية فضائية أو أرضية، أوجه كلامي لكم، وأنا واحد منكم، لماذا نغير القناة حينما نسمع أخباراً من مناطق الألم، مناطقنا التي تؤلمنا، ونحبها بعشق، وأقصد فلسطين أو العراق، وحينما نسمع بأخبار الشهداء، نحيلهم فجأة لزاوية من زوايا عقلنا المهملة، والأمر ليس شعورياً، إنه لا شعوري أحبتي، ولكن مغذى بالشعور الواعي من قبلنا، ومن كل المؤثرات الثاقبة التي تغرز فينا هذه اللامبالاة العالية، المدهشة إلى حدٍ غريب، أرقام، سبق صحفي، كله لا يهم، ننظر إلى الخبر، نسمعه، نحزن قليلاً وننسى، لربما صارت الأمور عادية أكثر مما نستوعب.
لماذا ليس هناك متسعٌ لهم؟ لماذا ليس هناك من متسعٍ أو برنامج متلفز، أو حتى برنامج اذاعي، يحكي عن هؤلاء الشهداء؟ لماذا ليس هناك أحدٌ يتحدث عنهم، أليس لهؤلاء الشهداء الذين يحالون أرقاماً أو سبقات صحافية، حياة سابقة؟ أصدقاء؟ أحباء؟ أقرباء؟ أليس الأمر أقرب إلى تعرية هؤلاء الشهداء من ثيابهم ومكنوناتهم الشخصية؟ كأنما نحن نرفض كونهم جزءٍ من عالم محسوس كانوا فيه قبل قليل؟ لماذا ترفض وسائل الاعلام ذلك؟ مع أنها قد تفرد ساعات وساعات لزيارات الزعيم هذا، أو القيادي ذاك. هل يحتاج الأمر إلى حزنٍ عالي الصوت، وصراخ حاد لكي يصبح لهؤلاء الأحباء مكان؟؟
في النهاية، أرفع صوتي، وصوتكم معي، كي لا يختفي هؤلاء الأحباء من بيننا، كي لا يصبحوا مجرد أرقام، أو سبقاً صحفياً، أو مجرد خبر معتاد نسمعه ولا نحب أن نعرف ماهيته. توقفوا أحبتي، توقفوا وارفضوا، فالرفض ولو حتى بالقلب هو بداية الشجاعة. والقبول بالخطأ يشرعه، ويجعله شرعاً قائماً كل يومٍ تقريباً.
أستودعكم وأترك الأمر لكم، وبيدكم.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية مطولة...(تنشر على حلقات)
- أكتب لنفسي...
- أنتظره
- تلفزيون، كثيراً وللغاية...
- لا أريد أن أجوع
- سأخون وطني
- لغة الخطاب


المزيد.....




- اعلان 2 الأحد ح164.. المؤسس عثمان الحلقة 164 مترجمة على قصة ...
- المجزرة المروّعة في النصيرات.. هل هي ترجمة لوعيد غالانت بالت ...
- -قد تنقذ مسيرته بعد صفعة الأوسكار-.. -مفاجأة- في فيلم ويل سم ...
- -فورين بوليسي-: الناتو يدرس إمكانية استحداث منصب -الممثل الخ ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا ناس صعايده وه ...
- النتيجة هُنا.. رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ...
- عمرو مصطفى يثير تفاعلا بعبارة على صورته..هل قصد عمرو دياب بع ...
- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على فيديو عمرو دياب المثير للجدل (فيد ...
- صدور ديوان كمن يتمرّن على الموت لعفراء بيزوك دار جدار
- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - بلا أسماء