أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس حميد أمانة - الوردة السوداء














المزيد.....

الوردة السوداء


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 13:54
المحور: الادب والفن
    


أمسكت بجوازي تتفحصه وتنقل منه المعلومات المطلوبة الى سجل الحاسوب في الفندق حيث يجب تسجيل معلومات كل قادم .. الوقت هو ربيع عام 2002 والمكان هو صالة الاستقبال في أحد الفنادق بالعاصمة السلوفينية ليوبليانا .. أما أنا فقد كنت أتفحص كل شيء في تلك الفتاة رائعة الجمال .. انصبت نظراتي على شعر ناعم ينهمر على كتفيها كانهمار شلال من نبيذ .. عنق مستقيم كعنق فتاة رومانية .. عينان واسعتان يظللهما لون زينة بلون الحدقتين .. أما الأنف فكان أنفا أقنى يتلائم مع شفتين ممتلئتين لونهما كلون الكرز .. سترتها السوداء بسيطة جدا كتنورتها الا انها جميلة باحتضانها جسدا تبدوا الطراوة عليه .. كانت الفتاة تميل الى القصر الا ذلك لم يكن واضحا للوهلة الأولى اذ ان جمال الوجه والبشرة المشربة بلون الحنطة والصدر المكتظ بدفء الأسرار يجعلك تنسى كل ذلك .. أما أصحابي من بقية الوفد فقد كانوا مكتفين باحتساء الشاي وقضم قطع البسكويت ..

أرجعت لي جواز سفري فبادرتها قائلا :
- " بترا .. اسمك جميل جدا ونادر .. هل تعرفين معناه ؟ " .. كان اسمها محفورا على قطعة معدنية صغيرة مشكوكة بدبوس لامع على سترتها الصوفية السوداء ..
- " أعتذر سيدي .. لا أعرف ان كلمة بترا تعني شيئا "
- " بترا كلمة يونانية قديمة تعني الصخرة .. وهناك في الأردن حفر الأنباط مدينة في صخور الجبل سميت بالبتراء لهذا السبب "
التمعت عيناها ببريق فرح غامر وقد تملكتها الدهشة .. ثم فتحت جهاز هاتفها النقال بسرعة لتتصل بشخص ما .. قلت لها مندهشا أيضا :
- " ما الذي تريدين فعله بترا ؟ "
- " سأخبر أمي بذلك .. وستفرح كثيرا مثلي تماما .. فلا أحد من عائلتي أو أصدقائي يعرف معنى اسمي "
تركتها تهاتف أمها بصوت متهدج يطغى عليه الفرح ثم أخذت مفتاح غرفتي وصعدت مع بقية الوفد نتفحص الغرف ..

ما لبثت ان عقدت مع الفتاة صداقة سريعة حيث كنت وبعد انتهاء تدريبنا اليومي باحدى الشركات أجلس قبالتها نتحدث في مواضيع كثيرة ونحن نحتسي قهوتينا وعندما لا يكون لديها ما تفعله تجلس على طاولتي جالبة معها قدح قهوتها ..عرفت ان الفتاة كرواتية من مدينة دوبروفنيك لؤلؤة بحر الأدرياتيك وتسافر الى عائلتها مرة كل شهر لتقضي معهم عطلة نهاية الأسبوع وهم يصطادون السمك ويستمتعون بدفء الشمس .. في يوم ما قالت لي الفتاة :
- " هل ترغب بمصاحبتي لتقضي معي عطلة نهاية الأسبوع مع أهلي وبعض أصدقائي في دوبروفنيك ؟ "
- " معك ؟ أووووه .. ذلك سيكون رائعا " .. ثم أردفت متنهدا :
- " لكنه لن يحدث "
- " لن يحدث ؟ الا ترغب بالسفر معي الى كرواتيا ؟ دوبروفنيك مدينة رائعة وستتحقق من ذلك "
- " الأمر لن يحدث بترا .. ببساطة لا يمكنني أن أسافر معك أو مع أي شخص آخر خارج حدود سلوفينيا .. أنا في مهمة تدريبية هنا وليس لقضاء عطلة "
- " لا أفهم ذلك .. سفرك لن يتعارض مع مهمة التدريب التي انت هنا من أجلها لأنك ستسافر خلال يومي عطلة نهاية الأسبوع .. وستقيم معي في شقة عائلتي هناك "
- " الأمر ليس بهذه البساطة " .. قلت ذلك باحباط شديد ويداي تمسكان احدى يديها فأحسست بتسرب الدفء الى جسدي .. ثم أردفت :
- " أنا عراقي .. ولا يسمح لي بالسفر خارج حدود البلد الذي أوفد له .. أترين ذلك العجل السمين ؟ " .. قلت لها ذلك وأنا أشير بيدي الى ضابط الأمن بجثته بالغة الضخامة والذي كان معنا ضمن الوفد وهذا ما كنت ألقبه به ..
- " سيكتب عني العجل تقريرا سيئا لا أعرف نتائجه "
- " لا أفهم ذلك فارس .. انك رئيس الوفد ولا تستطيع الترويح عن نفسك حتى في العطلة .. حقا لا أفهم ذلك "
تركت الفتاة اللطيفة تحاول فهم تلك المعضلة المحيرة وأنا أضع قدح القهوة على الطاولة بعدما أفرغت ما بقي منه في جوفي دفعة واحدة منسحبا ومعتذرا فقد حان وقت جولتي المسائية مع بقية أصحابي لنحاول اكتشاف المزيد في شوارع ليوبليانا ..

مضت ثلاثة أيام على ذلك وعند عودتي من مقر الشركة مساءا وجدتها تعمل على توثيق شيء ما في حاسوبها .. اقتربت منها ببطء .. كانت ترتدي فستانا أسودا يضم جسدها الملتز .. وتكشف فتحة الصدر عن مساحة واسعة من نهديها المتفجرين بقسوة .. كان لون الفستان الأسود يبرز باشتهاء لذيذ لون الحنطة على بشرتها وجيدها الناعم .. بادرتها قائلا :
- " بترا .. هل صادف وان شاهدت في حياتك وردة سوداء ؟ "
- " وردة سوداء ؟ أوووه .. لا أعتقد ان هناك وردة سوداء في الطبيعة " ردت متأوهة والغنج ينز من كل خلية في جسدها ..
- " لكنني أرى في الفندق وردة سوداء "
- " حقا .. أين ؟ "
- " هناك .. اذهبي الى نهاية الممر وقفي قبالة المرآة الكبيرة .. ستجدين وردة سوداء في غاية الجمال "
أسرعت الفتاة الى الممر وعيناها تبحثان في كل أرجائه عن تلك الوردة السوداء المزعومة .. ثم سكنت حركاتها قليلا وهي تتطلع في المرآة الى جسدها الفاتن وهو يمزق ثوبها الأسود .. مرت لحظة .. لحظة واحدة فقط .. فجأة امتلأ وجهها بحمرة شديدة فأغمضت عينيها واضعة كلتا يديها تغطي بهما وجهها .. ثم صرخت :
- " انك خطير .. خطير جدا "

رفعت قدح القهوة الى شفتي لأحتسيها ثم غادرت من بوابة الفندق الزجاجية وسؤال واحد يدور في مخيلتي .. " هل أنا حقا خطير ؟ " ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشراقة صباح
- اكتواء
- مومس .. قط .. وشبح
- بيغيدا .. ليغيدا .. ومستقبل مسلمي أوربا المجهول
- شارلي ايبدو .. فاجعة التطرف الديني .. أم فاجعة التحرر الفكري ...
- الطيف العراقي .. تنوع وتسامح .. الجزء الخامس والأخير
- الطيف العراقي .. تنوع وتسامح .. الجزء الرابع
- الطيف العراقي .. تنوع وتتسامح .. الجزء الثالث
- الطيف العراقي .. والتسامح الديني .. الجزء الثاني
- الطيف العراقي .. والتسامح
- تأليف واخراج المسرحيات السياسية .. ذلك الفن الجديد
- الساحة السورية .. من يصارع من ؟
- كوباني .. معضلة اختلاف الرؤى بين الحلفاء والمتصارعين
- الشرق والخليج يدا بيد ضد داعش .. صحوة متأخرة أم ماذا ؟
- تنظيم خراسان الارهابي .. ذلك الصداع الجديد
- التحالف الجديد ضد داعش .. والثمن
- التطرف .. العنف .. والارهاب في العراق .. جذور ونتائج
- استقلال اقليم كردستان .. تاريخ وآفاق صناعة النمور الورقية
- قرطبة الظاهر .. ورمي الأحجار في الماء
- تداعيات ذوبان الحدود .. من سايكس بيكو وحتى داعش


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس حميد أمانة - الوردة السوداء