أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل قرقطي - موت النقد: النقد العربي انتقائي وليس له ابناء شرعيون














المزيد.....

موت النقد: النقد العربي انتقائي وليس له ابناء شرعيون


فيصل قرقطي

الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 08:16
المحور: الادب والفن
    


في منتصف القرن المنصرم برزت دعوة تنادي وتتنبأ بموت الرواية، كلون ابداعي لا يمثل الحياة بكل تناقضاتها وحروبها، خصوصا ما بعد الحربين العالميتين. وبعدها بسنوات ظهرت دعوى حارة ترفع مقولة موت الشعر، رغم أنه ديوان العرب بامتياز، ولكن ألا يجوز لنا الآن القول بموت النقد؟!
ثمة معطيات حقيقية وأساسية لرفع هذه المقولة عاليا، خصوصا أن النقد العربي، رغم عمره المديد، منذ أن ظهر النص الأول في الجاهلية، وحتى الآن ما زال يحبو، لأنه حتى الآن لم يؤسس ولم يؤصل مصطلحاته النقدية الحقيقية.. فتارة ينقطع انقطاعا صارخا عن ماضيه ومعطياته التراثية، وبالتالي يظهر وكأنه وليد لقيط دون أبوين، وتارة أخرى يتجسد مصطلحه عبر ترجمات المصطلح العربي التي لا تتوافق في معظمها أو أجزاء كثيرة منها مع واقعنا العربي وحرارة ارضه الإبداعي، وبذلك يظهر النقد وكأنه لاعب سيرك في مراعي الأغنام العربية.
ويمكن القول أن النقد العربي على الأقل في المئة سنة الأخيرة الماضية كان انتقائيا بامتياز، إذ اهتم بأسماء ونصوص أبعد ما تكون عن أن تشكل ظاهرة ابداعية، وبذلك عجز النقد العربي عن مواكبة الجسد الإبداعي العربي شعرا ورواية وقصة ومسرحا على السواء.
وبذلك يكون النقد قد فوت على نفسه فرصة ذهبية في القبض على لحمة المشهد الإبداعي برمته، إذ لم يجار شعر وشعراء بداية القرن إلا ما ندر.. وهكذا فإننا نجد شعراء عظام ومقامات إبداعية مديدة رحلت ولم تحظ بالاهتمام المطلوب، نقديا، مثل الياس ابو شبكة وأنيس فريحة، ومحمود سامي البارودي، وأبو القاسم الشابي، وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة والجواهري، وغيرهم ممن شكلوا التواصل الحقيقي للنص الشعري العربي القديم، بل وأكثر من ذلك خلصوا هذا النص من شوائب عصر الانحطاط وزاوجوا بين حرارته وحرارة العصر.. وبذلك يكون هؤلاء قد ضمنوا استمرارية بامتياز.
وبعدهم جاءت حركة الشعر الحديث، أو شعر التفعيلة، التي كان يقودها بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، في العراق وفؤاد رفقة ومحمود الماغوط في سوريا، وأدونيس ويوسف الخال في لبنان وتوفيق صايغ وجبرا إبراهيم جبرا وميشيل حداد في فلسطين. وقصر النقد العربي أيما تقصير عن مواكبة هذه التجربة العملاقة نقديا، كما ينبغي للنقد الحقيقي أن يواصل ويتواصل مع الحركة الإبداعية بشكل عام.
وبعد هذا الجيل جاءت أجيال في كل الأقطار العربية، وبرزت عشرات الأسماء التي انطلقت بشكل حقيقي مع بداية السبعينات إذ صار للنص افبداعي شعريا ورواية وقصة مسارات مركبة وكشوفات إبداعية ودعت التقليدية بامتياز، ودخلت عصرا جديدا انفتح على معظم التجارب العالمية يتغذى ويتفاعل معها، في حين وقفت حركة النقد العربي على مفترق طرق حائرة ماذا تفعل لأنها عاشت انقطاعا حقيقيا وغربة حزينة عن النصوص الإبداعية الأمر الذي جرى بهذه القطيعة أن تمتد حتى أيامنا هذه.. ولكن بقيت الانتقائية ونجومية الأسماء هي الشغل الشاغل للحركة النقدية العربية، رغم أن الأسماء والنصوص الكبيرة رغم احترامنا لها ولمبدعيها لا تشكل ظواهر تاريخية، وبالتالي فوت النقد العربي على نفسه فرصة نموه المطرد بشكل طبيعي مع النص.. وراح يغرد في واد الحركة الإبداعية، شعريا، دخلت رحاب قصيدة النثر، كنص يتواكب مع الحياة بكل خلجاتها، إضافة إلى تفرع قصيدة التفعيلة على بحار، وانهار ووديان، عجز النقد عن الخوض فيها..
بل وحتى قصيدة النثر اختطت لنفسها أساليب جديدة انطوت على تفجرات شعرية عربية هائلة.
أما بخصوص الرواية والقصة فالأمر لا يختلف كثيراً، إذ خرجت الرواية العربية من عقالها المحدد والمرسوم لها على أيدي الروائيين التقليديين أمثال نجيب محفوظ، ومحمد عبداالحليم عبدالله، ويوسف السباعي، وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس لتدخل مع جيل جديد من الروائيين العرب، بعيد الستينات، إلى مناطق كانت محرمة على الرواية العربية، وتحديداً منطقة التفاعل الوجداني مع الضغوطات النفسية.. وبذلك أصبحت الرواية العربية تحفل وتهتم بالاسترسالات النفسية وغيرت من لغتها النثرية، إذ دخلت حيز اللغة الشعرية وحرارة الشعرية في نصها.. وبذلك تخطت حدود النثر والسرد والمباشرة لتدخل مناطق إبداعية جديدة بامتياز. كل هذا النقد العربي سادر في غيَه، مركزاً بصره على تلة أسماء بشكل انتقائي. وبذلك كان تعامله مع الرواية، بالضبط مثلما كان يتعامل مع الشعر، وبذلك حدث، أيضا، الانقطاع الكبير بين النص المبدع نقديا وبين الرواية والقصة على السواء.
صحيح أن هناك بعض التجارب النقدية التي تحاول أن تواكب النتاجات الابداعية في حقول الشعر والرواية والقصة، أمثال تجربة الناقد كمال أبو ديب، ومحمد لطفي اليوسفي وعبدالله الغذامي، إلا أن هذا لا يكفي أبداً. وهذه الأسماء، رغم أهميتها وأهمية تجاربها النقدية، لا تشكل مبرراً للنقاد الآخرين في ابتعادهم، بل وهجرهم للمعطيات الإبداعية. وهذا بالضبط ما يفسر عدم بروز أسماء جديدة في النقد في منطقتنا العربية، لأن النقد عموما لم يستطع أن يصنع له تواصلا أو زرع بذرته في أجيال جديدة.
بلاء النقد الأعظم هو ركونه إلى الإنتقالية الشكلية التي تتوافق مع شهرة النص والإسم على السواء.. وكأني بهذا النقد يريد أن يشتهر على حساب الأسماء الكبيرة دون النظر النقدي إلى الظواهر الإبداعية الأخرى، حتى لو كانت تمثل هذه الظواهر المستقبل بامتياز.
وظل النقد يراوح في حيز محدد جيئة وذهابا، وبذلك حكم نفسه بالتكلس والمراوغة والجفاف، لأنه كما قلت- لم يخلق بذور تواصله في أبناء شرعيين ومستقبليين له.
هل يحق لنا القول، الآن، أو رفع شعار موت النقد.. وإلى متى؟!









#فيصل_قرقطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية الماء والنار والصحراء
- الوجع المقدس
- لو ان بركانا سجد
- كوني أنت .. كي أفهم معناه !!
- القصيدة .. القاريء .. والناقد
- اللغة .. الثقافة .. والانسان
- اللغه .. الثقافة .. والانسان
- الحداثة والوطنية :تخيفنا ونغرق في افرازاتها ليل نهار
- الواقع الثقافي الانتقالي : أسئلة صريحة لأجوبة مغلقة
- السوريالية : شبان دافعوا عن انفسهم .. وهم انبل الخداع الانسا ...
- نيتشه بين الشعر والفلسفة : وحده الألم العظيم هو المحرر النها ...
- رامبو : رحلة الشعر والشقاء / أجلست الجمال على ركبتي
- قصيدة النثر بين رفض التسمية وضياع المصطلح
- حركة النقد العربي : بين فقد المصطلح .. وتمجيد الرموز
- بين الاصالة والحداثة
- النص والأيديولوجيا
- يسار فريد .. كيقضة حلم مؤكد
- النص .. والبنية الابداعية
- الخطاب الروائي محاكاة.. أم تجريب كلاسيكي؟!
- في اللغة والتفكير


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل قرقطي - موت النقد: النقد العربي انتقائي وليس له ابناء شرعيون