أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فيصل قرقطي - في اللغة والتفكير















المزيد.....

في اللغة والتفكير


فيصل قرقطي

الحوار المتمدن-العدد: 1129 - 2005 / 3 / 6 - 10:55
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الكتاب: في اللغة والتفكير
المؤلف: د. فؤاد مرعي
الناشر: دار المدى للثقافة والنشر – سوريا 2002

فيصل قرقطي

يطرح الدكتور فؤاد مرعي في مؤلفه الجديد، الذي حمل عنوان في اللغة والتفكير، اشكاليات العلاقة بين اللغة والتفكير، وما يتصل أيضا بالترجمة وأساليب التعامل معها، ودورها في التفاعل الفكري بما تنحكم في العلاقة بين النظرية والتطبيق.
وهذه الاشكاليات وغيرها على صعيد اللغة ومستوياتها من جهة، والتفكير وتفاعلاته من جهة ثانية ظلت هاجسا ثقافيا منذ زمن بعيد.. وما زالت، إلا أن الدكتور مرعي يحاول فتح باب النقاش على مصراعيه بين هذه الاشكالات وعلاقاتها الأكيدة سواء في التفكير، أو الترجمة، أو الاسلوبية.
تضمن الكتاب ثلاثة دراسات أشبه بفصول، اختص الأول منها في اللغة والتفكير متدرجا من العنى العام للغة على أنها "منظومة من الاشارات الصوتية المستقلة، تنشأ في المجتمع اعتباطا، وتستخدم بهدف التفاهم بين افراده" مرورا بمقدرة اللغة على التعبير عن الصيغ المجردة للتفكير (المفاهيم، الاحكام) وما يتعلق بذلك من مقدرة على التفصيل (تجزئة الخبر داخليا الى أقسام مستقلة) من هنا "يعد امتلاك اللغة سمة من أهم السمات التي تميز الانسان من عالم الحيوانات".
ثم ينطلق الى التفكير الذي يعتبره "عملية عكس الواقع الموضوعي التي تمكن الانسان من الحصول على معارف عن موضوعات وخصائص وعلاقات في العالم الحقيقي، ليرى د. مرعي: "أن التفكير وظيفة الدماغ، وهو بهذا المعنى، عملية طبيعية. ولكن كل انسان مستقل لا يصبح ذاتا مفكرة إلا حين يمتلك اللغة والمفاهيم والمنطق، وهذه في جوهرها نتاجات لتطور الممارسة الاجتماعية، من هنا نستنتج أن لتفكير الانسان طبيعة اجتماعية – تاريخية".
وكذلك يرى د. مرعي أن الفهم الصحيح لطبيعة التفكير يدحض النظرة اليه بوصفه مظهرا للبداية الروحية، كما يتجاوز في الوقت نفسه، تحويل نشاط التفكير الى عمليات أولية تحلل الانطباعات الحسية وتعممها. انه ينظر الى التفكير بوصفه نتاجا للتطور الاجتماعي – التاريخي، وصيغة خاصة من النشاط الانساني. ليصل الى أن الصيغة الكلامية تخلق ظرفا يمكن بفضله أن تتم بعض حلقات النشاط المعرفي الظاهر والموضوعي في مستوى كلامي مضمر، أي في مستوى الوعي.
أما عن العلاقة بين اللغة والفكر وهو المحور الأسلس لهذا الفصل فيرى د. فؤاد مرعي أن هذه العلاقة في العلم الحديث تلقى تفسيرات مختلفة وأكثر هذه التفسيرات انتشارا هي النظرة القائلة بأن الانسان لا يمكن أن يتم إلا على أساس اللغة. وذلك لأن التفكير نفسه يختلف عن كل أنواع النشاط الروحي بالتجريد (بالمفاهيم المجردة)، ثم يعود فيقول أن ملاحظات الأطباء وعلماء النفس والفيزيولوجيا والمنطق واللغة تظهر أن التفكير لا يجري في المجال المنطقي المجرد فقط، بل يتم أيضا في مجرى المعرفة الحسية التي يحدث التفكير في حدودها بواسطة مادة الصور الحسية والذاكرة والخيال. ويسوق مثالا هنا "أن تفكير الموسيقيين والرياضيين ولاعبي الشطرنح، مثلا لا يمكن التعبير عنه دائما بصيغ كلامية".
ثم يعرض د. مرعي المراحل الأولى من نشوء الكلام وارتباطها بأشكال نشاط الانسان الروحي كلها، وليس بالتفكير وحده، والتعبير عن الأفكار على اعتباره ليس الوظيفة الوحيدة للغة، لذا فإن اللغة ليست مطابقة للتفكير:
"لقد كان نشوء الكلام المقسم وسيلة جبارة في تطور الانسان والمجتمع والوعي. فبواسطة اللغة تحقق التواصل بين الأجيال والعصور التاريخة المختلفة". ويضيف "ان ارتباط اللغة بفكر الانسان ونفسيته وحياته ووعيه الاجتماعي، وبتاريخ الشعوب وعاداتها، وقيام اللغة بعكس الخصائص القومية والحضارية للشعوب.
ويصل الى أن احدى أزمات الثقافة السائدة في الوطن العربي اليوم، سواء المتأوربة منها أو التراثية أنها تعاني من إملاق تاريخي وتفتقد الثراء الهائل للحضارات التي عرفتها المنطقة.
ويحدد د. مرعي أزمتنا مع اللغة على أنها، لا تتمثل فيما ينتجه الاعلاميون والمفكرون والأدباء فحسب، بل هي أزمة شاملة تواجهنا في كل مجال تستخدم فيه اللغة.
وخصص الدكتور فؤاد مرعي الفصل الثاني أو الدراسة الثانية من هذا الكتاب لـ: "الترجمة ودورها في التفاعل الفكري بين العرب وأوروبا في العصر الحديث". مستعرضا نشأة علم الترجمة، والتفريق بين الترجمة العلمية والترجمة الأدبية، والترجمة الأدبية اعادة خلق للنص الأصلي، الترجمة عامل تعزيز للأصالة والاعتماد على الذات، ودور الترجمة في عصر النهضة، والسمات العامة للترجمة في عصر النهضة، وطرق الترجمة التي يصنفها على النحو التالي:
1- الاقتباس من التراث: حيث كان المترجم يعود الى التراث لاقتباس بعض المفاهيم والتعابير التي يمكن أن تؤدي المعنى المطلوب لنظيرتها في اللغة الأجنبية.
2- الأقلمه: حيث كان المترجم يحاول اعطاء النص المترجم صيغة محلية عن طريق تغيير أسماء الأماكن والاعلام واستخدام اللهجة المحلية.
3- الاشتقاق: وفيه كان المترجم يلجأ الى خلق كلمة جديدة من جذور كلمة قديمة عن طريق اضافة عنصر جديد الى ذلك الجذر.
4- التعريب اللفظي: وهي طريقة كان المترجم يلجأ اليها حين كان يتعذر عليه ايجاد مترادفات عربية دقييقة لمفاهيم أو مصطلحات جديدة.

ثم يبحث الدكتور مرعي في حركة الترجمة بعد استقلال البلدان العربية، وترجمة أعمال المفكرين الوجوديين (مثل سارتر وسيمون دوبوفوار وكولن ويلسون والبرتومورافيا. وكذلك ترجمة الكتابات الماركسية، وترجمة أعمال البنيويين (مثل بارت وغولدمان وتودوروف وجاكوبسون وشتراوس والتوسير ودريدا وكريستينما وفوكو.
ثم يعرج على نتائج الفوضى في ترجمة النصوص البنيوية، ونزعة الاستهلاك الايديولوجي، سبب تردي الترجمة، والترجمة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.
وجاءت الدراسة الثالثة من المؤلف لتبحث في "الاسلوبية: حوار في النظرية والتطبيق ويبحث من خلالها في: 1- الاسلوب في علم اللغة، 2- الاسلوب في علم الأدب، 3- مفهوم "الاسلوب" في علم الأدب أوسع من مفهوم "الاسلوب" في علم اللغة، 4- نستطيع دراسة النصوص الأدبية بطرائق علم اللسان ولكن..، 5- كيف يفهم الأسلوبيون الأدب، 6- الأدب اكتشاف للعالم ومعرفة بالصور، 7- الخاصة التصويرية في الأدب والفنون الأخرى، 8- الكلمة "وسيلة التصوير الفني في الأدب"، 9- في العلاقة بين النص الأدبي والمتلقي، 10- الحد الفاصل بين النقد الأدبي كما نفهمه وبين ما يفهمه الأسلوبيون، 11- الأسلوبية ليست بديلا للنقد الأدبي بل مدرسة للتفكير الشكلي. ويقول في هذا الجزء الأخير: ان تفسير الابداع الغني تفسيرا ألسنيا بحتا يقتل الفن، أول هذا، وأنا أعرف الامكانات الكبيرة التي تتيحها علوم جزئية متخصصة كعلم اللسان، وعلم الاشارات، وعلم الدلالة، في توصيف الظاهرة الفنية، انني معجب بمحاولات الاحصائيين والرياضيين للاسهام في بناء علم الجمال وسعيهم الى وصف ظواهر الفن بلغة الأرقام وصفا علميا صارما، وحيد المعنى، ومنطقيا، وخاليا من التناقض، ولا شك في أن أفكار السبرانية ومناهجها، والنظرية المعلوماتية ستؤثر حتما تأثيرا خصيبا في تفسير آلية الابداع الفني.
وأيا يكن الأمر، فإن هذا المؤلف الجديد للدكتور فؤاد مرعي يشكل اضافة نقدية هامة للمكتبة النقدية العربية خاصة وأنه ينطلق من موقع رؤى نقدية متعددة، لا تتصعب لمدرسة أو اتجاه شكلي أو مضموني في النقد، ليصل بنا الى التعامل مع النص الابداعي برؤيا مفتوحة على كل الاحتمالات في الدراسة والتحليل، وكذلك توظيف كل الطاقات المعرفية في آلية الفهم والتحليل.
إنه عمل جاد ورصين يرصد ويحلل الواقع الثقافي من خلال تحليله.. ورصده لـ اللغة والتفكير والنص والترجمة والاسلوبية بمعظم مدارسها وعماليق كتابها.



#فيصل_قرقطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مزاعم روسية بالسيطرة على قرية بشرق أوكرانيا.. وزيلينسكي: ننت ...
- شغف الراحل الشيخ زايد بالصقارة يستمر في تعاون جديد بين الإما ...
- حمير وحشية هاربة تتجول على طريق سريع بين السيارات.. شاهد رد ...
- وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين هو الطريق الوحيد المعقول ...
- صحفيون وصناع محتوى عرب يزورون روسيا
- شي جين بينغ يزور أوروبا في مايو-أيار ويلتقي ماكرون في باريس ...
- بدء أول محاكمة لجماعة يمينية متطرفة تسعى لإطاحة الدولة الألم ...
- مصنعو سيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن
- انتخابات البرلمان الأوروبي: ماذا أنجز المشرعون منذ 2019؟
- باكستان.. فيضانات وسيول عارمة تودي بحياة عشرات الأشخاص


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فيصل قرقطي - في اللغة والتفكير