أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تدمير الآثار الحضارية، توحش بثوب القداسة















المزيد.....

تدمير الآثار الحضارية، توحش بثوب القداسة


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4740 - 2015 / 3 / 6 - 15:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك تصعيد في همجية خوارج العصر، أو ما أطلق عليهم في أول الأمر "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش، ISIS)، ثم اختزلوا الاسم إلى الدولة الإسلامية (IS)، عندما امتدت شرورها إلى ما وراء العراق وسوريا، وطرحت نفسها كبديل عن القاعدة (الأم)، حيث تفوَّقت على الأخيرة في القسوة والوحشية والهمجية، وكان استخدام الحرق في قتل الضحايا وهم أحياء لنشر أقصى ما يمكن من الخوف والذعر بين البشر، لأن الإرهاب يعتمد في إخضاع الخصوم على نشر الذعر. وآخر تصعيد في الهمجية هو الهجمة الوحشية الشرسة على الآثار التاريخية في متاحف الموصل، وإزالة المعالم حضارية التي تثبت للعالم الدور الريادي لشعوب وادي الرافدين، مهد الحضارة الإنسانية.

فقد شاهدنا من خلال الفيديو كيف انهال الأوباش على التماثيل والمعالم التاريخية والآثار في الموصل بالمطارق والفؤوس لتحطيمها بلا تأنيب من ضمير أو رادع من أخلاق. وأين لهم الضمير والأخلاق بعد أن قامت مشايخ الضلال الوهابيين بغسل أدمغتهم، وجمَّلت لهم الأعمال الوحشية باسم الدين، وأحالوهم إلى وحوش بشرية كاسرة تغلي بالحقد والعداء ضد الإنسانية والحضارة، ولم يسلم منهم بشر، ولا شجر، ولا حتى الحجر إذا وجدوا فيه رمزاً نافعاً للحضارة الإنسانية.

لقد استخدم مشايخهم النصوص الدينية المتشددة، من الكتاب والسنة، والتراث العربي الإسلامي خارج سياقها التاريخي لخدمة الشر وإضفاء القداسة على جرائمهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قاموا بتشبيه أعمالهم البربرية في تدمير الآثار التاريخية بما قام به النبي إبراهيم، والنبي محمد في تحطيم الأصنام، وشتان بين الحدثين والزمنين. نسي هؤلاء أو تناسوا عمداً ولأغراض كيدية ضد الحضارة والإنسانية، أن ما قام به الأنبياء من تحطيم الأصنام في العصور الغابرة كان نتيجة صراع بين دين جديد يريد تثبيت أقدامه، ودين قديم عفى عليه الزمن وتجاوزه العقل. في حين ما يقوم به الدواعش الأوباش في القرن الحادي والعشرين هو ليس تحطيم الأصنام في المعابد، بل لتحطيم المعالم الحضارية في المتاحف وإعادة البشر إلى الوراء 1400 سنة.
فالمتاحف والأماكن الآثارية هي مراكز تثقيفية تجمع فيها الآثار التاريخية لتبين مراحل تطور العقل البشري ودور الإنسان العراقي في بناء الحضارة. فالدواعش لم يفرقوا بين المعابد والمتاحف. المتاحف إضافة إلى كونها تشبه المدارس والمعاهد في التعليم والتثقيف، فهي مراكز جذب السواح إلى البلاد، ومراجع تاريخية للباحثين من شتى أنحاء العالم. وحتى المعابد، ومهما اختلفت في المعتقدات، فقد وصلت البشرية إلى قناعة بوجوب التعايش السلمي بينها.
والجدير بالذكر أن مشايخ الإرهاب يتناسون عن قصد ويغضون النظر عن النصوص الدينية التي تمنح الإنسان حرية الارادة والاختيار وتترك حكمه إلى الله ليوم الحساب. وعلى سبيل المثال نذكر ما جاء في القرآن: (لكم دينكم ولي ديني)، و(لا إكراه في الدين)، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)، وغيرها الكثير من الآيات البينات التي تمنح الإنسان حرية الاختيار. وبعد كل ذلك، فبأي حق تحاربون معابد ومعتقدات الآخرين؟ والمفارقة أن نقرأ مقولة: (لا تشتم إلهاً لا تعبده) على أحد المعابد في تدمر السورية باللغة الآرامية التدمرية، كتبت قبل ألفين وخمسمائة سنة.

لقد تم اكتشاف هذه الكنوز الآثارية عن طريق حفريات دقيقة بجهود مضنية بذلها خبراء في الحفريات والتاريخ القديم، من مختلف أنحاء العالم وعراقيون، منذ القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا. هذه الكنوز التاريخية لا تقدر بثمن، وقد بقيت آلاف السنين، متحدية الزمن، ربما لأنها كانت مطمورة في باطن الأرض، وإذا بها تتحطم بالمعاول والجرافات في قرن الحادي والعشرين، فأية كارثة حضارية هذه تحدث في بلاد الرافدين، مهد الحضارة الإنسانية؟

ولم يكتف الأوباش المتوحشون باستخدام المطارق والفؤوس في التحطيم، بل واستخدموا الجرافات (بلدوزرات) لإزالة آثار مدينة نمرود وسووها بالأرض (1). هذه المعالم الآشورية والكلدانية في محافظة نينوى (الموصل) كانت تضم آثار حضارة العراق من مختلف الأزمان والعصور. إن حجم الخسارة لا يقدر، إلى حد أن البشرية أصيبت بالصدمة والذهول وعدم التصديق، وهل حقاً مازال هناك بشر بهذا القدر من التوحش والتخلف؟
قبل أكثر من عشر سنوات، ورداً على بعض دعوات العراقيين في المطالبة بإعادة آثارنا من متاحف الدول الغربية إلى العراق، كتبت مقالاً ذكرت فيه أنه أسلم لهذه الآثار أن تبقى في المتاحف الغربية على أن تعاد إلى متاحفنا العراقية، فهذه الآثار مثل مسلة حمو رابي في متحف لوفر في باريس، في أمان، يشاهدها سنوياً عشرات الملايين من مختلف أنحاء العالم، بينما لو كانت في العراق لتعرضت للخطر، بمثل ما حصل لمتاحفنا من سرقة الآثار الثمينة من قبل أبناء وأزلام صدام حسين، ومن ثم للسرقة والفرهود بعد سقوط النظام، وما حصل الآن لهذه الآثار في الموصول من دمار. لذلك أعيد التأكيد أننا يجب أن نشعر بالامتنان إلى الدول الغربية التي حفظت لنا كنوزنا التاريخية في متاحفها، وإلا تعرضت للدمار والسرقة.

والسؤال الملح هو: من المسؤول عن هذه الجرائم البشعة؟
في رأيي تقع المسؤولية على عاتق جميع من خلقوا (داعش) بدوافع طائفية لوأد الديمقراطية الوليدة في العراق، ابتداءً من الأخوين النجيفي وأياد علاوي والمطلق وطارق الهاشمي، وبارزاني وغيرهم كثيرون، ومروراً بمملكة الشر، السعودية، ودويلة قطر، وتركياً، وصعوداً إلى باراك أوباما الذي امتنع عن دعم العراق في حربه على داعش في أول الأمر بتأثير اللوبي الطائفي في واشطن، مردداً خرافة (العزل والتهميش)، وأن الحل هو تشكيل حكومة شاملة (Inclusive government)...الخ، بعبارة أخرى التخلص من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. ولما تم لهم ذلك، وخرجت داعش عن سيطرتهم، وفوجؤا بالنتائج غير المقصودة، كما هو شأن التاريخ، ووصلت داعش إلى تخوم أربيل تهدد الشركات الأمريكية ومصالحها، عندئذ فقط انتبه أوباما إلى أن داعش منظمة إرهابية متوحشة، و ليست إسلامية، ولا تعرف لغة التفاهم، ولا يمكن حل المشاكل معها سياسياً، (صح النوم !) ولكن (بعد خراب البصرة)، أو بالأحرى (بعد خراب الموصل). بل وراحت أمريكا ومعها الإعلام الغربي، يبشرون بأن داعش يمكن أن تبقى إلى أجل غير محدود، وهذا دليل على أنهم يريدون داعش أن تبقى ليستخدمونها ضد أية حكومة تشق عصا الطاعة على أمريكا في المنطقة.
إن لم تكن هذه مؤامرة على العراق وديمقراطيته الوليدة ودول المنطقة فما هي المؤامرة إذنْ؟
ولكن لينتبه أنصار الشر، أن النتائج غير المقصودة هي دائماً تفوق النتائج المقصودة. ولكم من كارثة 11 سبتمبر 2001، دروس وعبر.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- التلفزيون العراقي: جماعة"داعش"الإرهابية تدمر آثار مدينة نمرود التاريخية في الموصل بالجرافات
http://www.alalam.ir/news/1682615

2- شكر خلخال: لماذا يشكّك العراقيّون بجديّة الولايات المتّحدة الأميركيّة في القضاء على داعش؟
http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/originals/2015/02/iraq-doubts-us-eliminate-islamic-state.html##ixzz3TV9tluSm



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدى الجدية في تحرير الموصل
- الإرهاب مآله الفشل
- مرة أخرى، داعش يفضح مناصريه
- حول التعامل مع حزب البعث
- بلا شماتة..هذه بضاعتكم رُدَّت إليكم
- إياكم وقطع الأرزاق!!
- هل داعش صناعة أمريكية؟
- الأغبياء يخدمون أعدائهم
- الحضارة في مواجهة البربرية
- الشر في خدمة الدين، والدين في خدمة الشر
- (الحرس الوطني) هو الغطاء الشرعي لداعش
- العقل في خدمة العاطفة
- مشكلتنا مع الذين لا يفهمون ما يقرأون!
- مؤتمر أربيل لدعم الإرهاب الداعشي
- ذهنية الإستغفال!
- لماذا (فشل) المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟
- علاقة أردوغان بداعش
- العرب وسياسة النعامة!!
- قراءة في كتاب: آفاق العصر الأمريكي -السيادة والنفوذ في النظا ...
- مائة عام على ميلاد الزعيم عبد الكريم قاسم*


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تدمير الآثار الحضارية، توحش بثوب القداسة