أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - إياكم وقطع الأرزاق!!















المزيد.....

إياكم وقطع الأرزاق!!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4702 - 2015 / 1 / 27 - 14:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قالت العرب: "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق". إذ يجري في العراق الآن قطع الأرزاق وتحت مختلف الحجج، وهذا نذير بقطع أعناق المتسببين، إذ للصبر حدود. فالكثير من مشاكل العراق هي صناعة محلية، ومن إنتاج أبناء البلد، وسوء الإدارة ولاأبالية الذين بيدهم الحل والعقد وهم في قمة السلطة. فلو لم تكن عقلية المجتمع مهيأة للخديعة لما استطاع الأجانب تمرير مؤامرتهم التدميرية. ونحن لا نتكلم هنا عن "داعش" وأخواتها، ومن وراءها، فقد كتبنا الكثير عن هذه الكارثة، بل عن إجراءات تعسفية من قبل المسؤولين ضد المواطنين العزل العاملين في المؤسسات الحكومية، ليس لهم أي مصدر آخر للعيش غير رواتبهم، مقابل ما يبذلونه من جهود فكرية وعضلية في عملهم ليجعلوا ماكنة الدولة تعمل كما يجب.

ولكن المشكلة التي تهز الضمائر الحية أن السلطة قطعت رواتب العاملين في عدد من المعامل والمؤسسات بذريعة عدم صدور قانون الموازنة لعام 2014، ونحن الآن في عام 2015. والسؤال الذي يجب توجيهه للمسؤولين، سواء كانوا أعضاء في البرلمان، الذين عرقلوا صدور القانون، أو أعضاء في مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية)، هل عدم صدور هذا القانون أدى إلى وقف رواتبهم الخيالية ورواتب عناصر حماياتهم؟
الجواب ألف كلا، فما زلنا نقرأ ونسمع عن البذخ الحكومي على أمور تافهة بالمليارات الدولارات مثل نثريات الرئاسات الثلاث والوزارات، ومئات وكلاء الوزراء، وآلاف المستشارين بالاسم، ليس لشيء إلا لأنهم أقرباء وأصدقاء المسؤولين الكبار في الدولة لاستلام رواتب بدون مقابل، إضافة إلى أعداد كبيرة من "الفضائيين" الذين تذهب رواتبهم إلى المسؤولين الكبار. كذلك ما تقدمه الحكومة من تبرعات بملايين الدولارات أيضاً إلى حركات سياسية خارجية، وأخيراً سمعنا عن دعوة العراق لعقد مؤتمر الدول الإسلامية في بغداد في العام القادم، طبعاً لأغراض دعائية فقط، ولا شك فإن عقد هكذا مؤتمر سيكلف خزينة الدولة الملايين إن لم نقل مليارات الدولارات ... والناس من حقها أن تسأل الحكومة عن جدوى هذا البذخ في أيام الشدة وإنهيار أسعار النفط.

أستلم يومياً رسائل استغاثة من عدد غير قليل من القراء في العراق، يشكون همومهم بسبب عدم دفع رواتبهم، كما حصل لموظفي وموظفات (شركة الزيوت النباتية في بغداد)، مما أدى بهم إلى القيام بمظاهرات احتجاجية، ولكن دون أن يستجيب لهم أي مسؤول. فهل سأل المسؤولون أنفسهم كيف يعيش هؤلاء الموظفون بدون راتب وهو المصدر الوحيد لمعيشة عائلاتهم؟

وليس معمل الزيوت النباتية هو الوحيد في هذه المحنة، بل هناك الكثير من المؤسسات الحكومية تواجه نفس المحنة، ومن بينها (معمل الورق في مدينة الدير بالبصرة) الذي أنشأه الزعيم عبدالكريم قاسم قبل خمسين سنة، وكان ينتج سنوياً آلاف الأطنان من مختلف أنواع الورق والكارتون، يغطي حاجة العراق، وحتى كان يقوم بإعادة تصنيع الأوراق المستهلكة من الجرائد القديمة وغيرها، مما يحافظ على نظافة البيئة. وتعرض المعمل للتلف في بعض أجزائه أيام حروب الطاغية العبثية، وبقي عاطلاً عن العمل رغم مرور 11 عاماً على تحرير العراق. وقد علمتُ من مصدر مطلع، أن الشركة الأجنبية التي بنت المشروع قبل خمسة عقود، أبدت استعدادها لإعادة إعماره وتحديثه إلى أرقى ما توصلت إليه التكنولوجية اليوم وبإنتاجية أكبر وأفضل، ولكن رفض المسؤولون ذلك وكأنهم متعمدون في إبقاء الخراب، وإبقاء العراق بلداً مستورداً لكل شيء. فقد كتب لي صديق يعمل في هذا المعمل وهو يسكن في منطقة المعقل، ويقطع يومياً مسافات طويلة ذهاباً وإياباً للدوام، ولكنهم لا يعملون ولا ينتجون أي ورق. ويداومون يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع لتسجيل حضورهم فقط، وكذلك رواتبهم توقفت في الآونة الأخيرة بعد أن كانت تدفع لهم بصورة متقطعة في السنوات السابقة.

فالمفروض بالحكومة الوطنية الديمقراطية أن تشجع الصناعات الوطنية وتحميها من غزو الصناعات الأجنبية، من أجل إيجاد الوظائف للأيدي العاملة وحل مشكلة البطالة. هذه السياسة اتبعتها الصين الشعبية وحققت بها نهضة اقتصادية كاسحة. ولكن مع الأسف الشديد ما يجري في العراق هو العكس. فكم تصرف الدولة لمحاربة الإرهاب، لا شك بالمليارات. بينما تكاليف إيجاد الوظائف للعاطلين عن العمل يكلف أقل بكثير. فالوقاية خير من العلاج، وأقل تكلفةً.

وماذا عسى الموظف والموظفة أن يعملا في حالة انقطاع الراتب؟
فكتب التراث تخبرنا أن أبا ذر الغفاري قال: " إني لأعجب من امرئٍ لا يجد قوتا في بيته ولا يخرج شاهرا سيفه في وجوه الناس". أما في يومنا هذا فهناك مجال واسع لإستغلال البعض من هؤلاء المعدَمين من قبل الإرهابيين. إذ قرأت قبل سنوات في إحدى الصحف البريطانية عن مهندس عراقي عاطل عن العمل، استلم عرضاً من قبل الإرهابين لتفجير أنبوب نفط في محافظة البصرة مقابل 600 دولار. فقطع الأرزاق يوفر أرضية خصبة لجر هؤلاء البؤساء إلى ارتكاب الإرهاب، ولسان حالهم يقول: (وفي الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان). فالبطالة والفساد وسوء الإدارة وجه آخر للإرهاب.

لقد صرفت الدولة مئات المليارات الدولارات على إعمار العراق، ولذلك من حق المواطن أن يسأل المسؤولين في الدولة: لماذا معظم المعامل الإنتاجية عاطلة عن الانتاج مثل معمل الورق في البصرة، رغم مرور 11 سنة على تحرير العراق من الفاشية البعثية؟ هذه المشكلة يمكن حلها إذا كان المسؤولون في قمة الدولة حريصين على مصلحة الوطن، ويقدمون أنفسهم كمثال للوطنية والتضحية وخدمة المواطنين، واحترام القوانين.
فالعراق ليس بلداً فقيراً ليعاني شعبه من الفقر. لذلك نعتقد أن بإمكان الحكومة أن تدفع رواتب الموظفين دون أي تعطيل، وإلا فإن ثورة الجياع قادمة، وستحرق الأخضر بسعر اليابس، عندها سوف لا يفيد الندم.
سُئل شيشرون ما هي صفات الحكومة الجيدة، فأجاب: "عندما يطيع الناس الحكام، والحكام يطيعون القوانين".

[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل داعش صناعة أمريكية؟
- الأغبياء يخدمون أعدائهم
- الحضارة في مواجهة البربرية
- الشر في خدمة الدين، والدين في خدمة الشر
- (الحرس الوطني) هو الغطاء الشرعي لداعش
- العقل في خدمة العاطفة
- مشكلتنا مع الذين لا يفهمون ما يقرأون!
- مؤتمر أربيل لدعم الإرهاب الداعشي
- ذهنية الإستغفال!
- لماذا (فشل) المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟
- علاقة أردوغان بداعش
- العرب وسياسة النعامة!!
- قراءة في كتاب: آفاق العصر الأمريكي -السيادة والنفوذ في النظا ...
- مائة عام على ميلاد الزعيم عبد الكريم قاسم*
- هل ممكن دحر داعش بدون قوات برية دولية؟
- هل العراق بحاجة إلى قوات برية دولية لمواجهة داعش؟
- حوار حول الموقف من الدعم الدولي للعراق ضد داعش
- هل يتراجع الدعم الدولي للعراق ضد داعش بسبب اشتراطاته؟
- الكرامة والسيادة في خدمة (داعش)
- درس حضاري من اسكتلاندا


المزيد.....




- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-
- إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري ...
- عراقجي لشبكة إن بي سي: خيار التفاوض أو الحرب متروك للأميركيي ...
- الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - إياكم وقطع الأرزاق!!