أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الإرهاب مآله الفشل















المزيد.....

الإرهاب مآله الفشل


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 22:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مشكلة العرب السنة أنهم لم يستفيدوا من الأخطاء التي أرتكبها الشيعة بعد قيام الحكومة البريطانية بتحرير العراق من الاستعمار العثماني في الحرب العالمية الأولى، تلك الأخطاء الفادحة التي أدت إلى عزل الشيعة السياسي وحرمانهم من حقوق المواطنة لثمانين عاماً. فالسنَّة العرب أدمنوا على إنفرادهم بحكم العراق رغم أن نسبتهم لا تزيد على 20% من مجموع الشعب العراقي. ولإضفاء الشرعية على "حقهم التاريخي" في احتكار السلطة، بدأوا منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 بترويج خرافة مفادها أن الشيعة ليسوا عرباً، ولا عراقيين، بل هم من بقايا الساسانية، وأهل الجنوب جلبهم القائد الأموي محمد القاسم مع الجواميس من الهند، ثم ربطوا التشيع بالصفوية والعجمة والشعوبية.

ولذلك فالعرب السنة اعتبروا الأغلبية الشرعية ليست الأغلبية داخل العراق، وإنما في البلاد العربية، وأنهم (السنة) الامتداد الشرعي للشعوب العربية في العراق، ولذلك فلهم وحدهم الحق في حكم العراق دون غيرهم. ولهذا السبب اتخذوا موقفاً مناهضاً للديمقراطية طوال التاريخ الحديث، لأن الديمقراطية تفرض دولة المواطنة والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص لجميع أبناء الشعب بدون أي تمييز في اللون والعرق والدين والمذهب واللغة والجندر..الخ، كما ويتم التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع. فطوال 8 عقود التي سبقت عام 2003، كان تبادل السلطة يتم عن طريق الانقلابات العسكرية بين مجموعات من العرب السنة دون غيرهم، أما بقية المكونات فمجرد متفرجين. وحتى العهد الملكي كان نظاماً ديمقراطياً في الظاهر فقط، ويتم حل البرلمان عند تبديل رئيس الوزراء الذي كان يقوم بتعيين النواب عن طريق انتخابات شكلية مزيفة، يفوز فيها عادة أغلبهم شيوخ العشائر من الاقطاعيين.

ولكن انفراد المكون السني بالسلطة وعزل الآخرين، (ومشاركتهم جزئياً للديكور فقط)، تسبب في عدم الاستقرار، أنتهى إلى إفلاس الدولة العراقية، وقتل مليونين، والمئات من المقابر الجماعية، والأنفال وحلبجة، وتشريد نحو 5 ملايين من الشعب في الشتات، والاحتلال... إلى آخر قائمة الكوارث. لذلك فإدعاء السنة بأن من حقهم التاريخي بحكم العراق هو دعوة للمزيد من الكوارث، فقد أثبت التاريخ فشلهم، وعليهم أن ينزلوا عن بغلتهم. فالديمقراطية، ورغم مشاكلها، هي الحل الأنسب والوحيد لحكم العراق، وبعد كل هذه الكوارث لا يمكن التخلي عنها مطلقاً ولو على أسنة الحراب، فالبديل عن الديمقراطية هو حكم الإرهاب الذي يجلب المزيد من الدمار وبالأخص على السنَّة أنفسهم.

وبعد 2003، ولتبرير مناهضتهم للديمقراطية، خرجوا علينا بحجة محاربة الاحتلال الأمريكي، ولما خرجت القوات الأمريكية، واصلوا إرهابهم بدعوى (الاحتلال الإيراني الصفوي)، ولما اتضح هزال هذه الفرية، اخترعوا فذلكة (عزل العرب السنة وتهميشهم)، وأن جيش المالكي الشيعي الصفوي، والمليشيات الشيعية "يقتلون السنة لا لشيء إلا لأنهم سنة". هذا ما سمعته من سيدة موصلية من راديو بي بي سي مساء 18/2/2015، وهي هاربة من داعش إلى تركيا بعد أن خسرت كل شيء، ولكن رغم ما جلبه الدواعش عليها من كوارث فإنها ما زالت تصر على أن "الشيعة يقتلون السنة لا لشيء إلا لأنهم سنة"، ودون أن تقول الحقيقة أن الذين يحاربهم الجيش العراقي هم إرهابيون.
كما وجعل السنة مناطقهم ومساكنهم حواضن للإرهابيين، وكرست قياداتهم السياسية مشاركتهم في السلطة لشل الحكومة، والدفاع عن الإرهابيين وتسهيل مهماتهم... فبعد تحضيرات لعدة سنوات، ومخططات في منتهى الخبث والخبرة والدقة، حددوا لها ساعة الصفر يوم 10 حزيران 2014، أعلنوا انتقال الحكم في الموصل إلى (داعش)، ومن ثم السيطرة على محافظة صلاح الدين، وسموّا الجريمة بـ"ثورة السنة على ظلم المالكي الشيعي الصفوي"، وتم تمرير الكذبة على عدد غير قليل من الناس، بل وحتى رددها الرئيس الأمريكي أوباما عندما رفض دعم الجيش العراقي في محاربة داعش وفق الاتفاقية الإستراتيجية الموقعة بين البلدين، قائلاً أن الحل سياسي وليس عسكري، إلى أن وصل داعش إلى مشارف أربيل مهدداً الشركات الأمريكية، وافتضحت جرائمهم البربرية ضد الإنسانية، عندئذ فقط، اعترف أوباما أن داعش فئة همجية ضالة لا يمكن التفاهم معها سياسياً، بل يجب محاربتها عسكرياً.

وأخيراً اتضحت الحقيقة، وتأكد لجماهير العرب السنة أن قياداتهم السياسية خدعتهم، فظلم داعش طال أهل السنة مثلما طال المكونات الأخرى، حيث فرض الدواعش على أهل الموصل أسلوب حياة طالبان في أفغانستان، وفرض النقاب الأفغاني حتى على الطبيبات والطالبات الجامعيات، وصادروا أموالهم، وهتكوا أعراضهم، وأوسعوا فيهم القتل حرقاً والتنكيل بأبشع الوسائل الهمجية.
والمفارقة أن هذه القيادات السنية التي دعمت "المقاومة الوطنية الشريفة" ضد الاحتلال الأمريكي، والاحتلال الإيراني الصفوي، ودعمت (داعش) لاحتلال مناطقهم، نراهم اليوم يتوافدون على واشنطن متوسلين بالإدارة الأمريكية لإرسال قواتها لتحرير مناطقهم من داعش. بل وأرسلوا الوفود حتى إلى إيران "الصفوية" متوسلين إليها لمساعدتهم في التخلص من داعش. حقاً وكما قال الشاعر:
إذا كان الغراب دليل قوم .... سيهديهم إلى دار الخراب

فما المطلوب من العرب السنة؟
أولا، أيها السادة، لقد جربتم الانفراد بحكم العراق لثمانين سنة، أدى بالتالي إلى إفلاس العراق تماما، إلى أن قيض التاريخ المجتمع الدولي بقيادة أمريكا لتحريره، ولو كان قد أسقط حكم البعث على يد الشعب العراقي وبدون التدخل الأمريكي لكان مصير العراق أسوأ من مصير الصومال وليبيا واليمن.

ثانياً، لقد جربتم الإرهاب منذ 2003 وإلى الآن، ونشرتم ملايين الأطنان من الأكاذيب والافتراءات ، واستخدمتم الإعلام المضلل، ومعكم السعودية وقطر وتركيا والأردن، وحتى بعض مرتزقة الإعلام الغربي، واستأجرتم شركات العلاقات العامة (PR)، ومنظمي اللوبيات في أمريكا، ولكن مع ذلك كان مردود إرهابكم وبالاً ليس على العراق فحسب، بل وعلى أنفسكم أيضاً. ففي نهاية المطاف لا بد وأن ينقلب السحر على الساحر.

ثالثاً، لقد أثبت التاريخ أن الإرهاب في كل مكان وزمان، محكوم عليه بالهزيمة والفشل الذريع، ولا يمكن أن يحقق أهدافه، فعهد الأنظمة الديكتاتورية، وحكم المكون الواحد قد ولىّ وإلى الأبد. ولا يمكن لكم أن تتبادلوا الأدوار المختلفة رجل مع الحكومة ورجل مع الإرهاب، وتقومون بتعليق مشاركتكم في العملية السياسية وحسب مزاجاتكم المتقلبة، مرة مع السلطة، وأخرى مع الإرهاب، مليشياتكم وحماياتكم تدعي محاربة داعش نهاراً، ومع داعش تحارب القوات الحكومية ليلاً. هذا التقلب في الأدوار لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية... فحبل الكذب قصير.. والنجاة في الصدق والتعامل بالشرف والنزاهة.

وأخيراً، وبناءً على كل ما تقدم، فإن الحل الوحيد للأزمة العراقية هو النظام الديمقراطي، واتخاذ صناديق الاقتراع، وليس الإرهاب، وسيلة للتبادل السلمي للسلطة، وتحقيق حقوقكم كاملة غير منقوصة في المشاركة في حكم العراق والتوزيع العادل للثروة، والعمل على إنضاج هذه الديمقراطية الوليدة الفتية، وذلك بتشكيل الكتل السياسية المختلطة، عابرة الأديان والمذاهب والأعراق، وأن أي أسلوب آخر لن يجديكم نفعاً، وأن الإرهاب لن يجلب لكم سوى المزيد من الدمار والخراب والكوارث.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى، داعش يفضح مناصريه
- حول التعامل مع حزب البعث
- بلا شماتة..هذه بضاعتكم رُدَّت إليكم
- إياكم وقطع الأرزاق!!
- هل داعش صناعة أمريكية؟
- الأغبياء يخدمون أعدائهم
- الحضارة في مواجهة البربرية
- الشر في خدمة الدين، والدين في خدمة الشر
- (الحرس الوطني) هو الغطاء الشرعي لداعش
- العقل في خدمة العاطفة
- مشكلتنا مع الذين لا يفهمون ما يقرأون!
- مؤتمر أربيل لدعم الإرهاب الداعشي
- ذهنية الإستغفال!
- لماذا (فشل) المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟
- علاقة أردوغان بداعش
- العرب وسياسة النعامة!!
- قراءة في كتاب: آفاق العصر الأمريكي -السيادة والنفوذ في النظا ...
- مائة عام على ميلاد الزعيم عبد الكريم قاسم*
- هل ممكن دحر داعش بدون قوات برية دولية؟
- هل العراق بحاجة إلى قوات برية دولية لمواجهة داعش؟


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الإرهاب مآله الفشل