أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العداء الرعوى ومجتمع الزراع















المزيد.....


العداء الرعوى ومجتمع الزراع


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4736 - 2015 / 3 / 2 - 15:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تمتلىء كتب الديانة العبرية (خاصة فى العهد القديم والقرآن وقليل من الآيات فى العهد الجديد) بالعديد من الآيات المُعبّرة عن عداء الإله العبرى ضد حضارة جدودنا المصريين القدماء، وهو عداء ليس له أى مُبرّر على المستوى الإنسانى ، وليس لديه أى وثائق تاريخية ، لدرجة أنّ الأحاديث المنسوبة إلى نبى العرب (محمد) جاءتْ مُعبّرة عن هذا العداء، والانحياز للمجتمع البدوى / الرعوى ضد المجتمعات الزراعية ، من ذلك حديث ((إذا تبايعتم بالنسيئة ، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) (رواه أحمد وصححه الحاكم) وقال محمد لأتباعه أيضًا ((اتخذوا الغنم فإنها بركة)) وهذا ما يؤكده أنّ كثيرين من الأنبياء فى الديانة العبرية كانوا رعاة غنم . فلماذا هاجمتْ الأحاديث العربية/ الإسلامية الإعتناء بالزراعة وتربية البقر؟ كما فى الحديث الذى قال فيه محمد (وأخذتم أذناب البقر) ؟ ومع مراعاة وجود سورة فى القرآن بعنوان (سورة البقرة) وتلك من المفارقات ، بل ومن الأسئلة الشائكة التى يتجنبها الإسلاميون والعروبيون، بما فيهم الماركسيون. كما أود التأكيد على أنه لا يعنينى (صحة الأحاديث وتواترها من عدمه) لسبب جوهرى أنّ قائل الحديث إنسان (عربى/ مسلم) من أبناء الثقافة الرعوية ، لأنه من غير المعقول أنْ (يؤلف) إنسان ابن مجتمع نهرى/ زراعى حديثــًا يحتقر فيه الزرعة وتربية البقر.

أما عن تاريخ الصراع المصرى/ العبرى فيرجع إلى آلاف السنين ، عندما سطــّر العبريون أتباع موسى من بنى إسرائيل كتابهم الذى يُقدسونه. وفى هذا الكتاب (العهد القديم) أبشع صور العداء لمصر، وهو ما تكرّر فى الطبعة الأخيرة من الديانة العبرية (الإسلام) حيث تطابق القرآن مع العهد القديم فى النظرة إلى جدودنا المصريين القدماء ، ووصفهم بالطغيان إلى آخر تخاريف بنى إسرائيل ، وكل ذلك بسبب حقد اليهود على الحضارة المصرية- وفقــًا لتعبير سيجمونه فرويد ، رغم أنه يهودى الديانة. وبينما حجة العبريين فى الديانة العبرية (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) أنّ الملك المصرى (فرعون وفق التعبير العبرى) كان يستعبد بنى إسرائيل ورفض خروجهم من مصر، فإنّ من كتبوا العهد القديم وقعوا فى التناقض عندما كتبوا أكثر من آية عن ندم بنى إسرائيل على خروجهم من مصر، ووجّهوا العتاب لموسى وهارون بسبب هذا الخروج. فكتب مؤلف سِفر الخروج أنّ بنى إسرائيل ((فزعوا جدًا وصرخوا إلى الرب وقالوا لموسى ماذا صنعتْ بنا حتى أخرجتنا من مصر. خير لنا أنْ نخدم المصريين من أنْ نموت فى البرية)) ولكن الرب العبرى بدلا من أنْ يُلبى دعوتهم قال لهم ((لا تخافوا وانظروا خلاص الرب. فإنه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم إلى الأبد. الرب يُقاتل عنكم وأنتم تصمتون.. ونظر إسرائيل المصريين أمواتــًا على شاطىء البحر)) (خروج 14) وجاء فى العهد الجديد ((بالإيمان موسى لما كبر أبى أنْ يُدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أنْ يُذل مع شعب الله. بالإيمان صنع الفصح ورش الدم لئلا يمسهم الذى أهلك الأبكار. بالإيمان اجتازوا البحر الأحمر فى اليابسة الأمر الذى لما شرع فيه المصريون غرقوا)) (الرسالة إلى العبرانيين 11) وتطابق القرآن مع العهديْن القديم والجديد فقال يخاطب بنى إسرائيل ((وإذْ فـَرَقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)) (البقرة/ 50) ورغم هذا العداء غير المبرر على المستوييْن الإنسانى والتاريخى فإنّ بنى إسرائيل قالوا لموسى وهارون ((ليتنا متنا بيد الرب فى أرض مصر إذْ كنا جالسين عند قدور اللحم ونأكل خبزًا للشبع)) (خروج16) وأيضًا ((فعاد بنو إسرائيل وبكوا وقالوا من يُطعمنا لحمًا. قد تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجانـًا والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم. إنه كان لنا خير فى مصر. لماذا خرجنا من مصر)) (عدد 11) وقالوا ((أليس خيرًا لنا أنْ نرجع إلى مصر)) (عدد14) وقالوا لموسى وهارون ((لماذا أصعدتمانا من مصر لتأتيا بنا إلى هذا المكان الردىء. ليس هو مكان زرع وتين ورمان ولا فيه ماء للشرب)) (عدد 20، 21) رغم هذا الندم على خروجهم من مصر فإنّ كاتب سِفر العدد وقع فى التناقض عندما كتب على لسان أتباع موسى ((أقمنا فى مصر أيامًا كثيرة وأساء المصريون إلينا)) (عدد 20) ثم يزداد التناقض إذْ نقرأ ((أعطينا اليد للمصريين والأشوريين لنشبع خبزًا. آباؤنا أخطأوا ونحن نحمل آثامهم)) (مراثى إرميا 5) ولأنّ بنى إسرائيل فى العصور القديمة- بعد أنْ حوّلوا النيل وكل أرض مصر إلى دم وبعوض وذبّان إلخ – وفشلوا فى احتلال مصر، وفشلوا فى إنتاج أية حضارة ، فإنهم فى العصر الحديث يُحاولون سرقة الحضارة المصرية ويُنسبونها لأنفسهم . كما يسعون لترحيل الفلسطينيين إلى سيناء ، حتى تصير فلسطين ملكــًا لهم وحدهم .
000
يُروّج كثيرون من الكتاب والمسئولين الإسرائيليين لمقولة يرون أنها هى الحل لمشكلة الشعب الفلسطينى ، وخلاصتها أنه يجب توزيع الفلسطينيين على أجزاء من أرض سيناء المصرية . وأجزاء من أراضى الشعب الأردنى . من أمثلة ذلك الحديث الذى أجرته صحيفة ( ها آرتس ) الإسرائيلية يوم 4/ 6 / 2006 مع ( جيود آيلاند ) رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى . فى هذا الحديث قال إنه اقترح على شارون فى عام 2004 ضرورة (( ضم 600 كم إلى قطاع غزة من شمال سيناء . واستخدام هذه المساحة فى بناء ميناء دولى ومطار دولى ومدينة يعيش فيها مليون فلسطينى . وضم 600 كم من مساحة الضفة الغربية إلى إسرائيل ، لضمان إقامة حدود آمنة . ومنح المصريين تعويضًا إقليميًا فى النقب الجنوبى يصل إلى 150 كم ، وتعويضات أخرى على شكل مساعدات دولية وتنمية اقتصادية . وحفر نفق يصل مصر بالأردن من شمال إيلات . ونقل مساحة صغيرة ( حوالى 100 كم ) من أراضى الأردن إلى الفلسطينيين ، حتى تصبح المساحة التى يسيطر عليها الفلسطينيون 105 % من المساحة التى يطالبون بها اليوم )) (نقلا عن مجلة مختارات إسرائيلية الصادرة عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام – عدد يوليو 2006 )
أما الخبير الإسرائيلى فى الأسلحة الصاروخية فقد صرّح لصحيقة ( معاريف ) الإسرائيلية يوم 11 / 8 / 2006 بأنه يعتقد (( أنّ المصريين يتربّصون بنا . وأنهم سيحاولون خطف جزء من النقب )) ( مجلة مختارات إسرائيلية – عدد سبتمبر 2006 ص 105 ) وكتب د. أشرف الشرقاوى أنّ أرض إسرائيل اسم يطلقه اليهود على المنطقة التى تضم الأراضى الفلسطينية المحتلة والأردن وأجزاء من سوريا ولبنان والعراق ومصر ( مجلة مختارات إسرائيلية – عدد نوفمبر 2006 ص 27 ، عدد يناير 2007 ص 15 ) .
هذا المخطط الصهيونى للاستيلاء على أراضى الغير لصالح ( الشعب المختار ) من أبناء بنى إسرائيل ، تحكمه المرجعية الدينية المستمدة من الديانة العبرية ، وهم فى سبيل الاستيلاء على أراضى الشعب الفلسطينى وطرده من وطنه ، يُخططون لأنْ يكون الحل بتوزيع الفلسطينيين على مصر والأردن . وهذا المخطط كان سابقــًا لقرار التقسيم عام 1947 ، فقد وجدتُ فى مجلة ( العصور ) المصرية التى كان يُصدرها المفكر الكبير إسماعيل مظهر ، فى عدد مارس 1929 مقالا بقلم الأستاذ / عبد الحكيم عبدالله الجهنى ، ذكر فيه بعض المعلومات عن المخطط الصهيونى ، ومنها اقتراح مستر ( ود جوود ) العضو بمجلس العموم البريطانى ، الذى طلب فيه من مصر (( أنْ تنزل لفلسطين عن شبه جزيرة سيناء )) وأشار إلى أنّ اليهود يُرسلون بعض الأساتذة والأحبار إلى طور سيناء ((ليقوموا بتنقيبات عن التركة الموسوية ( نسبة إلى النبى موسى ) هناك حيث كان التيه . وكان المن والسلوى . وحيث يقال أنّ بعض المهندسين اليهود تمكــّـنوا خلال الحرب العظمى ( الأولى ) من استكشاف أنّ الجدب فى سيناء ، ليس إلاّ أكذوبة قارحة . وأنه توجد تحت الطباق الرملية مجار للمياه ومنابع للخصوبة ))
والمخطط الصهيونى لا يكتفى بالتوسع وإحتلال أراضى الشعوب الآمنة ، وإنما يسعى لتغيير طوبغرافية المكان ، إذْ حدث أنه فى المنتدى الاقتصادى العالمى بالأردن الذى عُقد عام 2003 ، (( تكلــّمتْ وفود الأردن وإسرائيل عن البدء فى تنفيذ مشروع قناة البحريْن الأحمر والميت ، فيما سُمى خطة تطوير وادى الأردن ، لحماية بيئة البحر الميت . علمًا بأنّ المرحلة الثانية من هذا المشروع سوف تصل إلى البحر المتوسط . وهكذا جاءتْ الفكرة الأردنية على طبق من ذهب لإسرائيل . وقيل وقتها أنّ هذا المشروع إذا تم تنفيذه فسوف تخسر مصر ما بين 25 – 30 % من دخل القناة ( قناة السويس ) أى مليار دولارًا . إضافة إلى أنّ مثل هذه القناة ( المقترحة ) كفيلة بتحريك النشاط الزلزالى بالمنطقة )) (سيد على – أهرام 25 / 11 / 2003 ص 3 )
وإذا كانت الثقافة السائدة فى مصر ، يدور خطابها الإعلامى حول المشكلة الفلسطينية والتوسع الصهيونى ، فإنّ المسكوت عنه فى هذه الثقافة السائدة ، هو البعد المصرى . الذى يتمثل فى محاولة إحتلال سيناء المصرية من جديد ، وذلك بترحيل الفلسطينيين إليها . وحجة الإسرائيليين فى ذلك ، أنه إذا كانت مصر تقول على نفسها أنها (( عربية )) فلماذا لا تأخذ الفلسطينيين عندها وتسمح لهم بالإقامة على أراضيها . أى أنّ إسرائيل تتخلّص من مشكلة الشعب الفلسطينى ، على حساب الشعب المصرى والشعب الأردنى . وهى بالترويج لهذا الاقتراح ، تضرب الاستقرار وتزرع بذور الفتن بين أبناء الشعوب الثلاثة (المصرى والأردنى والفلسطينى) خاصة وأنّ خبراء السياسة الإسرائليين يعلمون أنّ قطاعات عريضة من العروبيين ومن الأصوليين الإسلاميين سوف يرحبون بهذا الاقتراح .
ويذهب ظنى إلى أنّ الأخطر فى موضوع ( البعد المصرى ) المسكوت عنه ، هو سرقة الحضارة المصرية ونسبتها إلى بنى إسرائيل . وموضوع السرقة مخطط له بدقة وإحكام فى أكثر من إتجاه . أى أنه ليس عشوائيًا . إتجاه يأخذ شكل الكتابات التى تدعى العلم . وأخرى تأخذ شكل أفلام سينمائية . ولعل أخطرها إنتاج أفلام للأطفال ( كرتون )
وكمثال على الكتابات التى تدعى العلم ، ما ذهب إليه الكاتب الإنجليزى ( جون تايلر ) المؤمن بالتراث العبرانى ، المعادى للحضارة المصرية ، والذى يُروّج ل ( نظرية ) قال فيها إنّ (( بناة الأهرام كانوا من أبناء شعب الله المختار . ومن نفس السلالة التى انحدر منها إبراهام )) (نقلا عن أ. شفيق مقار : كتاب قراءة سياسية للتوراة – رياض الريس للكتب والنشر ص 91 )
ومن هؤلاء أيضًا الثوصوفى ( أى العارف بالله ) بازيل ستيوارد صاحب كتاب سر الهرم الأكبر ) الذى كتب (( ليس هناك ما يبرر القول إطلاقًا بأنّ المصريين هم الذين بنوا الهرم لمجرد أنّ الهرم موجود فى مصر )) وأنّ (( بذور عظمة مصر بذرتها حفنة من المستوطنين دخلتْ مصر بسلام . ونظمت القيام بعمليات الإنشاءات العظيمة )) هؤلاء المستوطنون من وجهة نظره جماعة من الآسيويين (( القادمين من أرض الفرات . وكانوا على مستوى رفيع من المعارف العلمية والرياضية )) وأنهم عندما دخلوا مصر (( نظموا عملية إنشاء الهرم الأكبر )) وبعد أنْ تمّ إنشاؤه (( خرجوا من مصر آخذين معهم معارفهم )) ( المصدر السابق ص 92 ) وعلــّـق أ. شفيق مقار على هذا الكلام ، فكتب (( أولئك ( السوبر مِنْ ) الآسيويين الذين جاءوا من أرض ما بين النهريْن ، هم بلا شك – حسب التجلى الصوفى – أسلاف إبرام وإسحاق ويعقوب وأسلاف مستر بيجين بطبيعة الحال )) وأنّ النتيجة التى تترسّب فى عقل القارىء الأوروبى ، هى أنّ المصريين كانوا (( متخلفين ورعاة . وليس أولئك الرعاة الرحل الجياع الذين تسللوا عبر حدود مصر ليأكلوا وينهبوا )) ( المصدر السابق ص 92 )
وفى عام 1979 أثناء مفاوضات السلام فى كامب ديفيد ، سأل أحد الصحفيين مناحم بيجين عن سير المباحثات ، فقال (( لقد عانيتُ فى المفاوضات كما عانى أجدادى فى بناء الأهرامات )) ففتح السادات حنكه على آخره بضحكة بلهاء ولم يرد عليه . وعندما جاء بيجين إلى مصر ، وزار الأهرام مع الرئيس السادات ، قال إننى أشعر بالفخر وأنا وسط الأهرامات التى بناها أجدادى )) ولم يرد عليه أحد من الحاضرين ، لا رئيس الدولـــــــــة (المصرى) ولا أحد من الحواريين ، سواء من المسئولين أو من الصحفيين .
وفى عام 1954 جاء المخرج الأمريكى ( سيسل دى ميل ) إلى مصر ليصور فيلم ( الوصايا العشر ) وهو تكرار فج للتراث العبرانى المعادى للحضارة المصرية ، المنقول حرفيًا من كتب الديانة العبرية . وتكون المأساة عندما سمح ضباط يوليو بأنْ (( يشارك الجيش المصرى فى بعض المشاهد لشعب مصر ، سيما مشهد البحر الأحمر وهو ينفلق لينجو موسى ومن معه أجمعين . ثم يغرق ( الله ) الآخرين ، أى فرعون ومن معه من المصريين . وأنْ يلعب عباس البغدادلى ، وهو ضابط مصرى ، دور سائق عربة رمسيس )) ( نقلا عن الناقد السينمائى أ. مصطفى درويش – كتاب أربعون سنة سينما – الناشر صندوق التنمية الثقافية عام 2003 ص 100 – 101 ) وما فعله ضباط يوليو عندما وافقوا على تسخير الجيش المصرى فى فيلم أمريكى التمويل ، صهيونى التوجه ، ليس له إلا ّ أحد احتمالين : الأول أنهم لم يهتموا بتكليف أحد المتخصصين ليطلع على سيناريو الفيلم الذى سوف يتم تصويره على أرض مصر ، خصوصًا بعد أنْ طلب المخرج الأمريكى الاستعانة بالجيش المصرى ، وكذلك من عنوان الفيلم التوراتــى ( الوصايا العشر ) أما الاحتمال الثانى فهو أنهم اطلعوا على سيناريو الفيلم ، ثم وافقوا على التصوير وعلى تسخير الجيش المصرى فى فيلم معادى لشعبنا المصرى .
وفى أواخر التسعينات من القرن العشرين يُخرج ( ستيفن سبيلبيرج ) صاحب فيلم ( قائمة شندلر ) الذى دافع فيه عن وجهة نظر اليهود فى المحرقة النازية ( الهولوكست ) يُخرج سبيلبيرج فيلمًا للأطفال بعنوان ( أمير مصر ) الذى روّج فيه لمقولة أنّ موسى نبى العبرانيين تربى مع رمسيس الثانى على أنهما شقيقان . وعندما يكبران يعلم موسى أنه ليس ابن فرعون . وإنما هو واحد من اليهود الذين يعملون فى بناء الأهرام والمعابد تحت سياط المصريين المتوحشين . ويُركــّز الفيلم على أنّ موسى هو المُصمم العبقرى لكل ما أبدعته الحضارة المصرية ويضع فى إصبعه خاتم كبير مهندسى الدولة . مع تكرار قصة خروج بنى إسرائيل من مصر . وينتهى الفيلم بانتصار الخير ( موسى وأتباعه ) على الشر ( فرعون والمصريين )
هل اكتفت الصهيونية ذات المرجعية الدينية بذلك ؟ يُقدّم الواقع الإجابة : تضع احدى القنوات الفضائية الإسرائيلية الأهرام المصرية الثلاثة كشعار لها . وتشجّع كل من يكتب ويروّج لأكذوبة أنّ النبى موسى هو أخناتون . وأنّ المصرى الكبير ( يويا ) هو النبى يوسف . وحتى الآلات الموسيقية التى اخترعها أجدادنا المصريون القدماء ، تدّعى الصهيونية الدينية أنّ هـــــــــــــــــذه الآلات صناعة يهودية ، وذلك وفق ما جاء بصحيفة معاريف الإسرائيلية فى ملحقها الفنى . ولأنّ الغزو الصهيونى العبرانى المعادى لشعبنا ، والذى يسعى إلى سرقة المنتج الحضارى الذى أبدعه أجدادنا ، ونسبته إلى بنى إسرائيل ، نظرًا لأنّ هذا الغزو العبرانى من المناطق المسكوت عنها فى الثقافة المصرية السائدة ، ونتيجة الاستسلام لهذا المخطط الصهيونى ، وصل الأمر إلى درجة أنّ القناة الثانية ( المصرية ) فى التليفزيـــــــــــــون ( المصرى ) فى برنامج عن الفن ، أنْ تكون الموسيقا المصاحبة للبرنامج عبارة عن توزيع جديد لنشيد ( ها تحياه ) وهو النشيد الوطنى الإسرائيلى ( من رسالة المهندس خالد زينهم إلى بريد الأهرام – 20 / 4 / 2003 )
هذا باختصار شديد المشهد الثقافى المسكوت عنه : عداء بنى إسرائيل التاريخى ضدنا نحن المصريين . وضد الحضارة المصرية . وأنّ الصهيونية الدينية لا تكتفى بسرقة الأرض ، وإنما تسعى إلى سرقة التراث المصرى والحضارة المصرية قبل الأرض . وهل هى مصادفة أنه بعد ((انسحاب آخر جندى من طابا المصرية ، لازالت إسرائيل تحتفظ بعدد كبير من النصب التذكارية ل ( شهدائها ) وهى النصب الموجودة فى طريق العريش وفى مدينة الشيخ زويد وفى مداخل بعض المدن بالقرب من الشواطىء ، فى مناطق الحسنة والشيخ زويد وسيناء )) ( نقلا عن أ. انتصار بدوى – أهرام 18 / 10 / 2001 ص 11 ) ولعلنا نتوقف ونتأمل جيدًا فى الجملة التى قالها مناحم بيجين ( رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق ) تعقيبًا على خطاب الرئيس السادات فى الكنيست الإسرائيلى يوم 20 نوفمبر 1977 حيث قال (( إنّ أحدًا لا يستطيع أنْ يأخذ شيئـًا مقابل لا شىء ))
أعتقد أنّ بيجين لم يكن يهزل وإنما ألقى نبوءة تحققت مع الأيام . ليس محاولة استرداد الأرض المصرية فقط . وإنما التسلل لسرقة التراث المصرى والحضارة المصرية . وفى ضوء ما تقدم هل يمكن أنْ يأتى يوم تعيد فيه الثقافة المصرية السائدة النظر فى المسكوت عنه ، والذى أسميه ( الصراع الثقافى بين المصريين وبنى إسرائيل ) ؟ وإذا كان كثيرون يجهلون هذا الصراع ، أو يتجاهلونه ويتعامون عنه ويتعمّدون عدم الخوض فيه ، حتى لا يُتهموا بمعاداة السامية ، أو لإيمانهم بالتراث العبرى ، مقابل الكفر بالتراث المصرى ، فإننى أضع أمام أعينهم كلمات العالم الكبير ( جورج هربرت ويلز ) التى قالها فى كتابه ( موجز تاريخ العالم ) حيث كتب (( إنّ تاريخ ملوك إسرائيل وملوك يهوذا ، هى قصة ملوك همج يحكمون شعبًا من الهمج )) ( ترجمة عبدالعزيز توفيق جاويد – هيئة الكتاب المصرية – مكتبة الأسرة عام 2001 ص 101)
أما الفيلسوف الفرنسى فولتيير فقد وصف الشعب اليهودى بأنه (( حامل لأبشع المعتقدات الخرافية وأدنى أشكال العهر والبغاء وأكثر ضروب السلوك البشرى وحشية ودموية )) ( نقلا عن كتاب التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير – تأليف ليو تاكسيل – ترجمة د. حسان ميخائيل اسحاق ص 462 ) أما العالم الكبير سيجموند فريد ، فقد كتب ، رغم أنه يهودى النشأة ، (( ليس بوسع أى مؤرخ أنْ ينظر إلى القصة التى ترويها التوراة عن موسى والخروج بأكثر من أنها أسطورة دينية وذلك لمصلحة اتجاهاتها الأيديولوجية )) ( كتابه موسى والتوحيد – ترجمة د. عبدالمنعم الحفنى – ص84 ، 109 ، 135 )
فإذا كنا نحن المصريين لسنا ساميين ولسنا عبرانيين ، فلماذا الخوف من الإتهام ب ( معاداة السامية ) مع مراعاة أنّ تيارالقومية المصرية لايُعادى اليهود كبشر، وإنما يحرص على الدفاع عن خصوصية ثقافتنا القومية وعن حضارتنا المصرية. ولماذا الابتعاد عن لغة العلم ومعاداتها ؟ ولماذا لا تكون مصر قبلتنا الأولى ؟ ولماذا لا تعيد الثقافة السائدة النظر فى الفرق الحضارى بيننا نحن المصريين والعبرانيين ؟ وهل يمكن أنْ تبدأ الثقافة السائدة فى الاحتشاد لمواجهة هذا المخطط الصهيونى ؟ والانتباه إلى خصوصية الصراع المصرى / العبرى ؟ وإلى متى يتم تجاهل هذا الصراع الذى يستهدف الصهاينة من خلاله إحتلال الأراضى المصرية ( طبقــًا لكتابهم الذى يقدّسونه : من النيل إلى الفرات ) ليس ذلك فقط ، وإنما يسعون إلى سرقة التراث المصرى والحضارة المصرية . فهل تفعلها الثقافة السائدة وتدافع عن خصوصية مصر ؟ وذلك قبل أنْ يأتى يوم يحكمنا فيه العروبيون والأصوليون الإسلاميون ، الذين لا يهتمون بمصر (الوطن والتاريخ ) ويؤمنون بوهم اسمه ( العروبة ) على حساب الحقيقة المؤكدة ( مصر ) خاصة وأنهم يقدّسون زعيمهم ( عبدالناصر ) الذى قال بعد كارثة بؤونة / يونيو 1967 (( إنّ سيناء بكل ما فيها من نفط وثروات معدنية لا تهمنى بقدر إهتمامى بالضفة وسكانها )) وقال أيضًا (( إنّ القدس قبل سيناء )) ( نقلا عن أ. رجاء النقاش – أهرام 11 يناير 2004 ) ولم تكن مصادفة أنّ عبد الناصر ارتكب جريمة لم يرتكبها الغزاة من الهكسوس والفرس حتى الإنجليز- بما فيهم الغزاة العرب- أى شطب اسم مصر، لتكون (ج.ع.م) ويُشار إلى مصر على أنها (الإقليم الجنوبى) بعد كارثة الوحدة الفاشلة مع سوريا. ولمن يود التأكد من العداء العبرى ضد مصر، عليه أنْ يقرأ كتب الديانة العبرية (اليهودية، المسيحية/ الإسلام) ليعرف حجم العداء الرعوى ضد المجتمع الزراعى ، بل إنّ هذا العداء يشمل تحويل النيل إلى دم وبعوض وذبان كما جاء فى العهد القديم (خاصة سفر الخروج – كمثال) وكما جاء فى القرآن خاصة سورة الأعراف من 130- 137 وسورة الشعراء – من 44- 59) وخاصة الآية الأخيرة التى جاء بها ((كذلك وأورثناها بنى إسرائيل)) مع مراعاة أنّ حرف الهاء فى أورثناها) يعود إلى مصر، أى منح مصر (هدية لبنى إسرائيل) وفقــًا لسياق السور القرآنية العديدة التى تناولتْ علاقة العبريين بمصر القديمة، والانحياز لبنى إسرائيل ، كما فى آية ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية/16) وكما ورد فى آية ((وتمّتْ كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)) (الأعراف/137) ووفقــًا لسياق الآيات فى سورة الشعراء ، ومع مراعاة أنّ أغلب مفسرى القرآن (قديمًا وحديثــًا) يتجنــّبون تفسر الاية رقم 59 من سورة الشعراء.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافات الشعوب القديمة والديانة العبرية
- إعدام فرعون سينمايًا
- نماذج من عجائب التراث العبرى
- الإخوان والاستعمار: تاريخ الخزى والعار
- أول سيدة تُمنح وسامًا عسكرًا
- الإرهاب الدينى والمغالطات السائدة
- أوهام الوحدة العربية ووقائع التاريخ
- حرق الكتب وحرق البشر
- مثقفو الأربعينات والجامعة العربية
- غياب التعريف العلمى لمعنى الدولة
- المؤسسات الكهنوتية وتهمة ازدراء الأديان
- انعكاس الثقافة القومية على الاحتفالات الشعبية
- الاعتزاز القومى وأسماء الأشخاص
- رواية (ما باحت به ساره) والوحدة العربية
- تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة
- التماثل الطوباوى بين البشر
- الفلسفة المثالية والفلسفة المادية
- الإمام محمد عبده : ما له وما عليه
- مصطفى كامل ولطفى السيد
- انتفاضات شعبية بلا نتائج ايجابية


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العداء الرعوى ومجتمع الزراع