أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد القادر الفار - نهاية الإلحاد














المزيد.....

نهاية الإلحاد


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 17:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتخوّف البعض من أثر ما يحدث في العالم من نزاعات طائفية ومذهبية دموية على مستقبل الأديان، وتجد من يحذّر من موجات إلحادية تتنامى وتترامى وتهدد بتقويض دعائم الإيمان.

وبعكس ما يظن أولئك، فإن ما أصبح في مهبّ الريح اليوم هو الفرضية الإلحادية من أساسها، تلك الفرضية الساذجة البائسة القاسية المضادة لآلية عمل الوجود، بل ولم يكن العالم في يوم من الأيام أقرب إلى إدراك الوجود الإلهي الحق، كما هو اليوم.

المخاض الحالي شديد، وحدّة الصراع بين مختلف الخطابات والمواقع لن تعود بعدها الخارطة الروحانية والفكرية للعالم كما كانت، هذا صحيح. هناك اتجاهات ونزعات جمعية لا يمكن التعامي عنها، وهي ليست مجرد حالات استاتيكية وردات فعل ذات مستوى واحد، تستجيب لحدث أو تغيير استجابة واحدة جامدة، بل هي أشد ديناميكية اليوم من أي وقت مضى.

لقد سقطت الحداثة، وسقط ما بعدها، وانهارت افكار القطع مع الماضي والأصالة، وحتى ردات الفعل المتمردة عليها ولكن التي نشأت في حضنها سقطت معها، وكل التراث الفكري الذي حاول نفي وجود الله لم يعد قادرا على مواكبة صنيع الله في العالم، وفعله المستمر.

إنّ ذلك الفصل الذي صدقت فيه البشرية نفسها فألّهت إنجازاتها وظنت أن العالم لم يعد يتسع لمن أوجده، ومن هو محيط به، هو فصل أوشك أن يُطوى، وحتى في أعتى مواقعه وعواصمه وأشدها خصومة.

ما حدث هو مثال واضح على "المد". لقد مد الله للبشرية وتركها تصدق نفسها، وبالنسبة لله فصبره (وهو الصبور) لا نهائي، فهو لا تحكمه قوانين الزمن التي تحكم البشر وتجعل صبرهم ينفد، لذلك فهو يملي لهم، ويمد لهم. وما حدث هو أن كافة خطابات وفرضيات نفي وجود الله ودوره في العالم قد استنفدت نفسها بل واستحالت إلى أشكال كاريكاتورية تتصدرها اليوم شخصيات فكرية وعلموية منقوصة الجدارة والأهلية.

لا زالت الفرضية الإلحادية تدور في فلك معضلة ابيقور حول الشر، والبحث عن منطقية الصفات الإلهية، ومتناقضة القدرة الكلية (الصخرة إياها) ومعنى الألم والمعاناة في العالم، ووجود تشوهات وأمراض، ورفض مبدأ الوحي والمطالبة بأدلة، إلى غير ذلك مما تبقى من حجج لم تسقط بعد في ظنهم (كفرضية أن الوجود قديم وأزلي التي سقطت مثلا).

وفرضياتهم كلها، ورغم كل ما أحاطت به نفسها من هيبة المكتشفات العلمية ورطانة النصوص الفلسفية، لم تخرج أبدا عن إطار خصوم الأنبياء القدامى، الذين لم يفعلوا سوى أنهم استغلوا حقيقة أنه لا يمكن إبداء كل شيء وكشف آلية عمل الوجود للبشر، وأن من الطبيعي جدا أن يكون في "الظاهرِ من الحياة الدنيا" ما يستعصي على التفسير منطقيا وفلسفيا وحتى أخلاقيا، فهي من النتائج الحتمية لستر الغيب عن الظاهر، واستمرار عجلة الحياة.

خصوم الأنبياء لم يكونوا مجرد أشخاص لا يجيدون الكلام كما يتم تجسيدهم أحيانا في التراث الشعبي والسنيمائي، لا بل كانوا يتكلمون ببلاغة وفصاحة ويسوقون الحجج ويكتبون ويتفلسفون، ولم تكن ألسنتهم قصيرة ولا حيلتهم قليلة، ولكنهم كانوا –كما هم حملة رايتهم اليوم- مجرد نتيجة واردة لمنح الإنسان حرية الاختيار وحرية التفكير مع احتجاب مُحكم للغيب.

مثلهم كمثل شخصية في مسرحية، تعتلي خشبة المسرح ولا تكاد تصدق نفسها، ويمنحها صاحب المسرح الخشبة وما عليها ويحيطها بستارة ظاهرة لها، وكواليس لا يخرج منها من عاد إليها. ويمنحها ذلك المالك الكريم الذي أوجد دورها من العدم، حرية أن ترتجل في دورها، فتقرر أن تستخدم تلك الحرية في أن تسرح وتمرح على الخشبة وتهرب قدر استطاعتها من إسدال الستارة، وتنكر أن للخشبة صاحباً وموجداً، أو أن الستارة تسدل بأمر من أي أحد. وهي في كل صيغ ارتجالاتها المنمقة والمزخرفة لا تختلف من حيث المضمون عن قول قارون "إنما أوتيته على علم عندي".

الإلحاد، فتنة القدماء، التي ازدهرت في القرن العشرين، وظن البعض في بداية القرن الواحد والعشرين أنه ببعض الرشات الدموية السنيمائية يمكن أن يعجّل في جعل فتنة الإلحاد تتربع على عرش العالم وتطيح بكل عقيدة آمنت بالله ورضيت بحكمه وقضائه. فانقلب السحر على الساحر، واجتثت شجرته التي ما لها من قرار، بل وسيخرّ السحرة ساجدين قريبا، طوعاً أو كرها، وظلالُهم، وشكرا.



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معنى التوبة، بين الفاعل والمفعول
- فيدرالية بيتر كروبوتكين
- الزوغزوانغ ... واستحالة اتباع الحق ..
- رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة -2
- الموقف من استمرار الوجود -4-
- الموقف من استمرار الوجود -3-
- مخافة الله... بين بوذا ومحمد
- الموقف من استمرار الوجود -2-
- الموقف من استمرار الوجود -1-
- دفاعا عن الماتريكس الحقيقي
- على أنقاض إيجو مهشم
- رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة
- دفاعا عن الحب المشروط
- معنى الرضا
- الحب فقط، هو ما لا يصل إليه العدم...
- معنى الرقص
- معنى الجسم البشري 2
- معنى الجسم البشري
- لا خوف من العدم .... في تصفية النية
- الآخرون ... هم مصيرك


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد القادر الفار - نهاية الإلحاد