أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حسن الملا - صدق ( مخربط)















المزيد.....

صدق ( مخربط)


عادل حسن الملا

الحوار المتمدن-العدد: 4725 - 2015 / 2 / 19 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


قصه قصيره جدا
لدي اعتقاد راسخ ان الصفات الروحيه تنتقل من الاباء الى الابناء وليس الصفات العضويه فقط ورغم اني لا املك تفسير لذلك لكني امتلك لعشرات الشواهد والادله على ذلك ومن اقرب الشواهد لي هو الحاج ( محمد)
كان الحاج ( محمد ) جارنا لعشرات السنين صادقا" في قوله ومعاملته وكان الحاج ( محمد ) لديه ثلاث مباديء في حياته يعتبر الخروج عنها عيبا" وعارا" يلحق بالانسان مدى الحياة: الكذب وبضمنه محاباة ذوي الجاه والسلطه واخذ مال الغير والنظر الى النساء
كان عمل ( الحاج محمد) يتطلب ان يتعامل مع المئات من النساء يوميا في متجره الكبير للمواد الغذائيه لكنه اعتاد ان يتحدث معهن وعيناه مطرقتان نحو الاسفل وقد حصل في احد المرات ان جاءت(اخته) الى المحل و اشترت منه بضاعه ما وذهبت دون ان يعرفها سيما وانها كانت ترتدي العباءة اسوة بنساء تلك البلده العراقيه الصغيره . وكان من الغريب بالنسبه لتاجر مثله ان يذكر عيوب بضاعته امام زبائنه لكنه كان يفعل هذا عندما يضطر الى بيع بضاعه ليست فائقة الجوده في ظروف معينه.
كان (ثائر) احد ابناء الحاج ( محمد) في مقتبل عمره وكان تلميذا" في الصف الثاني الابتدائي وقد ورث عن ابيه الكثير من صفاته ومنها الصدق اضافه الى انه كان متفوقا" جدا" في دراسته فكان مثلا يحفظ جدول الضرب لغاية الرقم عشره رقم ان هذا لم يكن مطلوبا" منه في مرحلته الدراسيه. وكان عادة" مايتم استدعاءه للصفوف الاعلى منه لسؤاله عن جدول الضرب ليكون قدوة"للطلاب في تلك المراحل المتقدمه.
في احد الايام قال (ثائر) لصديقه وابن عمه ( علي) انه يكره معلم الرياضيات لانه اعتاد على معاقبة زملاءه الطلاب بقسوه بالغه . لكن (علي) لم يكتم السر كماهي عادة الاطفال في عمره. ففي احد الايام وبعد شجار بين (علي) و (ثائر) حول قضية ما اسرع الاول الى المعلم واخبره برأي (ثائر) فيه
سمع المدير والمعلمون بالامر فارسلوا بطلب (ثائر) من صفه
طرق فراش المدرسه باب الصف وكان عندهم درس ( نشيد) وقال : ثائر محمد يريده المدير
ارتجف ثائر من الخوف وتوقع ان مصيبه قد حصلت ودارت الافكار برأسه طول المسافه الواصله بين الصف وغرفة المدير لكن لم يدر بخلده قط ان (علي) قد وشى به
دخل ثائر غرفة المدير وكان فيها عدد من المعلمين وبينهم معلم الرياضيات الذي يبدو ان لديه شاغر في تلك الساعه. بادره المدير فورا": هل تحب معلم الرياضيات؟
فهم ثائر الموضوع لكن عز عليه ان يكذب او يجامل او يتنازل عن رأيه فعزم على قول الحقيقه وهيء نفسه لاستقبال العقوبه وأجاب على الفور بصوت واثق:
-كلا انا اكرهه
بهت المدير والمعلمون لكن معلم الرياضيات تقدم منه ومسح على رأسه قائلا":
-مع هذا فانا احبك لانك طالب مجتهد وصادق
كان ثائر عندما لايريد ان يقول الحقيقه يكتفي بالصمت وكان يمتلك قدره هائله على الصمت ففي احد المرات عاد ابوه من المحل مساء" ولاحظ ان احد زجاجات الشباك قد كسرت وكان هذا يشير الى ان اولاده قد لعبوا كرة القدم وهي لعبه ممنوعه في ايام المدرسه بموجب اوامر الوالد الصارمه
كان ثائر نائما فيما كان اخوه المسكين (شاكر) لا يزال مستيقظا" فسأله الاب:
هل كنت تلعب بالكره فكسرت الزجاجه؟
اجابه شاكر : نعم
لكن اخلاقه منعته من اخبار الوالد ان ثائر كان يلعب معه فيلقى نفس العقاب الذي تلقاه شاكر في الليله المشؤومه وهو الضرب الشديد بكل الوسائل المتاحه
في اليوم الثاني
سمع العم (جعفر) بالقصه فسأل ثائر ان كان قد لعب الكره مع شاكر ام لا
صمت ثائر وظل صامتا" رغم ان عمه اعاد عليه السؤال عشرات المرات واخيرا" قرر العم ان يقدم لثائر اغراء" من الصعب مقاومته فقد عرض عليه ان يأخذه الى ملعب الشعب اذا اجاب على سؤاله
حينذاك انهارت مقاومة ثائر امام هذا الاغراء وهتف قائلا : نعم كنت العب مع شاكر
وبالفعل اخذه عمه الى ملعب الشعب في الصيف القادم وكانت هذه المره الاولى في حياته التي يدخل فيها هذا الملعب الذي هو اكبر الملاعب الرياضيه في العراق
ورغم ان ثائر كان صادقا" على الدوام مع الاخرين الا انه كان في مرات عديده يتهم بالكذب !!!
فبعد سنتين انتقل من مدرسه الى اخرى بعد انتقلت العائله للسكن في منطقه اخرى من المدينه . في المدرسه الاولى كان الدوام ثلاث ايام صباحي وثلاث مسائي وكان (ثائر ) يتصور ان هذا السياق معمول به في كل المدارس فلم يكن يعرف ان المدارس بعضها مفرده وبعضها مزدوجه
لم يكتب الوظيفه في اول يوم اثنين في مدرسته الجديده على اساس ان الدوام يوم الثلاثاء عصرا
ايقظه اخوه ( شاكر) يوم الثلاثاء وفهم منه ان الدوام صباحي هذا اليوم
قال للمعلم : انا لم اكتب الوظيفه لاني اعتقدت ان الدوام مسائي. ولم يكن يدر بخلده ان المعلم سوف لايصدقه فلم يكن يعرف في ذلك العمر ان هناك ناس يكذبون
قال له المعلم بنبره قاسيه جدا : اسكت ياكذاب
بعد عدة ايام
صار الدوام في المدرسه وجبتان اي اصبحت عندهم ( رجعه) كما كانوا يسمونها اربعة دروس وبعدها ساعه ونصف استراحه وبعدها درسين
في احد الايام وفي فترة الاستراحة طلبت منه امه ان يذهب الى دكان ابيه وارسلت بيده اشياء كان قد طلبها والده وقالت ان اخوه شاكر سياخذ كتبه الى المدرسه
اوصل (ثائر) الاشياء الى الدكان وعاد مباشره الى المدرسه وكان الدرس قد بدأ لتوه
سأله المعلم وللصدفه انه كان نفس المعلم
-اين كتبك
- فأجابه : عند اخي في الصف السادس
قال المعلم : اذهب وهاتها
ذهب (ثائر) الى اخيه في الصف السادس لكنه اكتشفت ان اخاه لم يجلب الكتب معه
رجع الى المعلم وهو في غاية الاحراج وكان يتمنى ان تنشق الارض وتبتلعه
نظر اليه المعلم نظرة الشرطي الذي يمسك بالمجرم وهو متلبس بالجريمه وقال : انت كذاب كبير
الا تعلم من يعيش بالحيله يموت بالفقر !!!
لكثرة مامر (ثائر) بمواقف شبيهه بهذه كنت اتساءل:
لماذا اعتاد الناس في بلدي على تصديق الكذابين
لماذا يتهم الصادقين وليس الكذابين بالكذب؟
بالتأكيد لان الكذابين يحبكون قصصهم بعنايه فائقه
وقد قيل في الموروث الشعبي:
الكذب المنسق خير من الصدق المخربط



#عادل_حسن_الملا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقاء المؤجل
- سعد بائع الجرايد
- من ذكريات حرب الثمان سنوات (3)
- من ذكريات حرب الثمان سنوات (2)
- من ذكريات حرب الثمان سنوات (1)
- في الحب واشياء اخرى
- من اوراق الغربه
- ويسألونك عن الربيع العربي
- مدارات صوفيه
- تقاعسات صديقي (ابو ذر)
- ندين الدعوه لاحراق كتبه لانها عمل همجي . لكن لانتضامن معه!!!
- على شاطيء باندرما
- الشجره والتمثال
- هل خان الصائغ يوسف؟
- العراقي : الانسان الاكثر فرحا- في العالم
- بمناسبة وفاته ...........عزت مصطفى - مواقف مشرفه
- لاتراجع المحاصصه تتقدم
- على وقع طبول الحرب
- من كان منكم بلا خطيئه
- بانتظار حواء اخرى


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حسن الملا - صدق ( مخربط)