أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد البكوري - المغرب/ فرنسا :اشتدي يا ازمة تنفرجي















المزيد.....

المغرب/ فرنسا :اشتدي يا ازمة تنفرجي


محمد البكوري

الحوار المتمدن-العدد: 4717 - 2015 / 2 / 11 - 09:19
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


المغرب العائد بقوة الى الساحة الدولية، ومن موقع الند للند Peer-To-Peer يدشن عهدا جديدا من العلاقات مع فرنسا العائدة لتوها لجادة الصواب في اطارمراجعتها لحساباتها الجيواستراتيجية والجيوسياسية . هذا هو الحدث الاكثر بروزا في نهاية الشهرالاول من مطلع هذه السنة.ففي يوم السبت 31يناير2015 وتتويجا للمباحثات المكثفة تمكن كل من المغرب وفرنسا من تجاوز مرحلة سوء الفهم الكبير والاعلان عن بزوغ فجر جديد في العلاقات بينهما و تجاوز غمامة الخلافات التي لبدت سماء البلدين منذ مايقارب سنة ، وذلك على اثر التوصل الى التوقيع بالاحرف الاولى على البيان المشترك بين حكومتي البلدين، والخاص بتعديل مقتضيات و بنود اتفاق التعاون الثنائي في المجال القضائي ،مع ما يعنيه ذلك من طي لصفحة وفتح اخرى جديدة تستانف توطيد اواصر التعاون القضائي و تكريس علاقات الانسجام القانوني وتعزيز روابط التنسيق الامني، ومايترتب عنه من توفير الاجواء المواتية والدائمة و الفعالة للتعاون بين السلطتين القضائيتين للبلدين وترسيخ اسس التنسيق المحكم على مستوى تبادل المعلومات في اطارالاحترام التام لتشريعاتهما و مؤسساتهما القضائية والتزاماتهما الدولية . ان هذا الاتفاق المبدئي، و الذي سيخضع فيما بعد لاجراءات التصديق الداخلية يشكل مساهمة اضافية في العلاقات المكثفة و المتينة و المتعددة الابعاد بين البلدين ، والتي اضحت تتسم بالفتور و التوترمنذ فبراير2014، لدرجة اصبح معها الحديث وبقوة عن نشوب ازمة بينهما ،وصفت بصفات عدة:"صامتة"،"باردة"،"خانقة" ... فماهي بوادر هذه الازمة؟ وكيف تمت ادارتها ؟وماهي معالم انفراجها ؟وماهي اهم الدروس المستخلصة منها ؟ ذلك، ما سنحاول ان نجيب عنه في هذه القراءة التحليلية . اولا: بوادر الازمة : يرى E.H. ERIKSON ان مفهوم الازمة يحيل على "الوضعية المتجذرة في الهشاشة و اللاتوازن" . ومن ثم، توحي الازمة بتواجد مؤشرات سلبية تطغى على اي نسق وتجعل منه مستعصيا على التعامل معه كبنية تركيبية ،وبالتالي صعوبة توفير الاليات العلاجية لتلك المؤشرات المرصودة في اعماق هذه البنية . واجمالا يعود استعمال مصطلح الازمة الى الطب الاغريقي القديم ، خاصة مع اب الطب ابقراط ،و الذي نظر الى الازمةKrisis باعتبارها حالة مرضية مستعصية، ينبغي اتخاذ القرار اللازم لمعالجة تداعياتها الخطيرة . اما BOULDINGفيؤكد ان الازمة هي نقطة تحول او حد فاصل بين وضعيتين. في حين يرى ORAN انها تشير الى عملية تفاعلية تحدث في مستويات معينة من التوتر وتتميز بحدوث قطيعة حادة في المسار الاعتيادي للسياسة ، مع ارتفاع ملحوظ في سقف التوقعات المحتملة . اما على مستوى الازمة الدولية ،فهي تلك الازمة الناشئة بين طرفين او عدة اطراف دولية ،لدرجة معها تصل الى مستوى الصراع المتسم بالطبيعة التهديدية للعلاقات القائمة . في هذا السياق يرى عثمان عثمان في كتابه "مواجهة الازمات" ان الازمة يمكن ان تبرزكنتيجة حتمية لخلل في العلاقات بين الجماعات او الدول او خروج احداها عن اتفاقات قائمة مع حدوث الافعال و ردود الافعال" . عبر جملة هذه التحديدات ،يمكن القول ان بوادر الازمة المندلعة بين المغرب و فرنسا تمثلت في جملة الاختلالات المرصودة على مستوى العلاقات الاستراتيجية و الديبلوماسية والقانونية و القضائية ... و هي الاختلالات التي اتسمت احيانا بتمظهرها الصريح:حادثة مدير مراقبة التراب الوطني ،تصريح السفير الفرنسي بواشنطن ،و اقعة تفتيش و زير الخارجية . . . و احيانا اخرى بتمظهرها الضمني: قلق فرنسا من ترسخ المغرب في العمق الافريقي ،انفتاح المغرب على الولايات المتحدة الامريكية وخلق شركاء جدد كروسيا و الصين . . . ان جملة الافعال ، ذات التمظهر الصريح اساسا ،هي التي انشات البوادر الارهاصية الاولى للازمة بين الرباط و باريس . وهو المعطى الذي تجلى بوضوح من خلال ردود افعال عديدة من قبل المغرب، كانت منتظرة بالنظر الى جسامة الافعال في حد ذاتها :استدعاء السفير الفرنسي بالمغرب شارل فري اكثر من مرة من طرف الخارجية المغربية و المطالبة بتقديم التوضيحات وتحديد المسؤوليات، تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب و فرنسا و الحرص على تقييم جدواها والتاكيد على ضرورة تحيينها، تنظيم عدة وقفات احتجاجية امام السفارة الفرنسية بالرباط من طرف مختلف الفعاليات السياسية و الجمعوية . . . ان كل ذلك كان بمثابة مؤشرات حقيقية لاندلاع شرارة ازمة خانقة بين البلدين، كان لزوما التعامل معها بنوع من الحكمة و التبصر من اجل "تطبيع العلاقات"واعادة المياه الى مجاريها . ثانيا :تدبير الازمة :يعتبر البعد التدبيري للازمات احدى الابعاد الاستراتيجية الكبرى لمواجهة الازمات، عبر الحد من مخاطرها او على الاقل التخفيف من اثارها السلبية . ان المسالة التدبيرية في اي مجال من المجالات تحتم ضرورة الارتكاز على جملة من المبادئ ومنها اساسا :وضع الخطط و التصورات ،تشخيص العلاقات و رسم الرهانات ،الحرص على تجويد و ضمان فعالية القرارات ... ان تدبير الازمة بشكل عام ، يعني القدرة الفائقة على السيطرة الفعالة على مجمل الاحداث المولدة للازمة وعدم تركها تتموقع خارج نطاق التحكم . ولعل من ابرز الطرق المتخدة على مستوى تدبير و ادارة الازمات الدولية والتي انتجتها التجارب الدولية المتراكمة في هذا المجال نجد :التفاوض، الحوار بين الاطراف او المباحثات، الوساطة ، التوفيق ، المساعي الحميدة ، اتصالات المجاملة ،الاعتذار عن الاخطاء بالقنوات الديبلوماسية ... وبخصوص الازمة المندلعة بين المغرب و فرنسا يمكن القول، ان التوسل باداة المباحثات هي التي اثمرت النتيجة الايجابية في احتواء هذه الازمة و انهاء تداعياتها الوخيمة على المسارات العلائقية بين البلدين . في هذا الصدد، يقول وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوارفي حوار له مع جريدة لوموند في عددها ليوم الثلاثاء 3فبراير الماضي أن سبب التفاهم مع فرنسا يعود لمسلسل طويل من المباحثات ،وان الامر يتعلق ب "إصرار على طلب الاحترام لمؤسساتنا وإطارنا القضائي والتزاماتنا الثنائية. " ثالثا: انفراج الازمة :ان الرغبة العارمة في انهاء حالة التوتر وطي صفحة ماضي الخلافات ولو بشكل مرحلي تجد تفسيرها في المبدا الراسخ للسياسة عموما ولمجال العلاقات الدولية خصوصا و القائل: "لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة و لكن مصالح دائمة " . فعودة المياه الى مجاريها واستئناف العلاقات بين المغرب و فرنسا ، يدخلان معا في اطار "المصالح العليا للبلدين "حسب تصريح وزير العدل المغربي بعد التوصل الى اتفاف مبدئي بين الطرفين . وفي نفس السياق لم يتوانى الوزير الاول الفرنسي مانويل فالس في الفاتح من فبراير المنصرم على هامش خطوة المغرب في توشيح ثلاثة رجال دين بفرنسا باوسمة ملكية في التعبير عن غبطته بعودة الدفء الى العلاقات المغربية الفرنسية قائلا":انا سعيد بعودة هذه العلاقات الى سابق عهدها" ،معترفا بان السنة الفارطة اتسمت بسوء فهم بين البلدين، وهو ما استلزم القيام بخطوات نحو انهاء هذا السوء الفهم الذي لن يخدم البلدين في شيء مضيفا : "ان قوة التاريخ و اواصر الصداقة و الروابط الدائمة بين البلدين لعبت دورا مهما في تجاوز كل الازمات" . وهو الشيء الذي وصفه السفير المغربي بفرنسا شكيب بنموسى في تصريح له عبراديوRTLالفرنسي- ب"النهاية السعيدة " ،و التي تمظهرت خصوصا في اذابة جليد الخلافات و اعادة العلاقات الجيدة بين البلدين الى سابق عهدها .وهو ما تمثل في اتفاق 31يناير2015 . رابعا :الدروس المستخلصة :هناك العديد من الدروس التي يمكن ان نستشفها من ازمة المغرب وفرنسا. ويمكن ذكر ابرزها كما يلي : الدرس الاول : توطيد -كما تؤكد ذلك ديباجة الدستور المغربي الحالي- خيارالدولة ذات الارادة القوية في ترسيخ روابط الاخاء و الصداقة و التعاون و التضامن و الشراكة البناءة و تحقيق التقدم المشترك في ظل اطار متين من السيادة الكاملة ، بعيدا عن المنطق الكولونيالي التبعي للوصاية الذي مافتئت تتعامل به فرنسا مع المغرب والتحول الى التعامل السيادي الند بالند و على مستوى جميع الملفات . الدرس الثاني: القدرة الاحترافية التي اخذت تصطبغ بها السياسة الخارجية المغربية من خلال التعامل المحنك مع ثنائية تدبير الازمات و التدبير بالازمات )وهو ما اتضح على مستوى هذه الازمة و كذا الازمات الاخرى الناشبة مع مصر و ايران( وكذا اتخاذ ردود فعل قوية تصعيدية كتعليق اتفاقية التعاون القضائي وتفادي سياسة النعامة او الرضوخ الى الامر الواقع. الدرس الثالث: اندلاع الازمة بين البلدين هو معطى ظرفي مرحلي مؤقت خاضع مثلا لاهواء الساسة الفرنسيين وخصوصا ميولات الاشتراكيين منهم .و تدبيرها معطى استراتيجي في اطار ترسيخ معالم توازن القوى وفرض مواقع نفوذ .وانفراجها معطى براغماتي غالبا ما تمليه ظروف المصالح ، فحادثة شارلي ايبدو مثلا ،عجلت بضرورة اعادة الدفء الى العلاقات المغربية الفرنسية ،من زاوية ان المغرب يعد حليفا استراتيجيا لا محيد عنه في مكافحة الارهاب . وعموما ان المغرب وعلى ضوء نجاحه في تدبيرهذه الازمة ، تمكن ان يثبت علو كعبه في الادارة المحوكمة للمخاطر المحدقة به ، وان يبرهن على ان سياسته الخارجية اشتد عودها واضحت اكثر فاعلية وكفاية وتبصر، وبالتالي اكثر تحقيقا للمكاسب-ومنها التحول من وضعية الخاسرالدائم الى وضعية الرابح الصاعد- في هذا الصدد يمكن القول، مع ليون بلوم وهو سياسي فرنسي-توفي سنة1950-بانه"اذا كانت الهزيمة عقوبة مستحقة للخطا و الجهل او لعيب ما، فسيكون من الواجب اعتبار النصر مكافاة مشروعة للحكمة و الكفاءة و الفضيلة".



#محمد_البكوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتسامة البياض الثالث
- سمفونية المغتربين
- سلام الله!
- -الخطاب السياسي لبنكيران .من مأسسة الاختلاف الى شخصنة الخلاف ...
- انبياء الخلد التافه
- امتدادات المجتمع المدني اوالغائية الوظيفية
- افعال -متعدية-
- -عطيني صاكي- -اعطيني حريتي --الدفاع عن الحريات الاربع المهدو ...
- عيون مقعرة
- التنمية المتفائمة بالمغرب
- فتاة -سيدي الحاضي- و الفيلسوف- الغير الراضي-
- الفهم الفيبري للاسلام -4الاسلام و العلمانية -
- الو...83مكالمة للحاسة السادسة
- باب الوراء
- رجال تحت البحر
- جسد.. سابع
- الاسم بين الماكرو استيطيقي و الميكرو استيطيقي
- سيدي الذئب
- جمعيات القروض الصغرى بالمغرب - او ازمة -ابناك الفقراء- -
- -عين الله - !


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد البكوري - المغرب/ فرنسا :اشتدي يا ازمة تنفرجي