حوار بين الماكينات الملحدة و المؤمنة

ايدن حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 21:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تدخل الانسة سيارة الى الاجتماع المهيب .. الاجتماع يراسه السيد المصادم الذري سيرن .. يدخل السيد كومبيوتر بعد الانسة سيارة مباشرة .. يتواجد بين الحضور ممثلون من كل المكائن و الالات .. اذكر لكم بعض الحضور .. السيدة ثلاجة .. السيد طباخ .. السيد خلاط .. و الضيف الفخري في هذا الاجتماع السيد روبوت
يبدا الحفل بترتيل عدة مقاطع من ويندوز ثمانية .. يرتل المقاطع السيد ( ملتيميديا بلاير ) بصوته الشجي و الحزين
السيد سيرن يبدا الكلام .. فيقول .. ايها المكائن .. ايتها الالات .. اهلا بكم في هذا الاجتماع الطاريء .. نبدا هذا الاجتماع .. عسى ان يكون سببا لحرية المكائن .. و حصولهم جميعا على حقوقهم المشروعة .. و خلاص المكائن جمعاء من الظلم الواقع عليهم .. بعد ظهور المجرم الذي يقطع المكائن الى قطع .. فيبدا بقطع الراس اولا .. ثم يقوم بتفكيك الماكنة الى اجزاء كثيرة غير مهتم بحقوق المكائن و لا عابيء بالامهم
السيد كومبيوتر يطلب الاذن بالكلام .. فيقول بلغته الرقمية التالي .. و انا اترجمها لكم بكل امانة
ايها الحضور الاعزاء .. لقد وصلنا الى هذه المرحلة الخطيرة من واقعنا .. بسبب الكتالوج الموجود بين ايدينا .. و الذي يدعي البعض منا انها مكتوبة من قبل الانسان .. الانسان الذي تتصورون انه خلقكم .. اين هو هذا الانسان .. لماذا هو مختف عنا .. لماذا لا نستطيع ان نراه .. ان ما تقولونه هراء .. نحن خلقنا صدفة .. و تطورنا .. و سنفنى بعد فترة .. و ليس هناك من سيحاسبنا و لا دياولو .. انا ملحد و لست مؤمنا بهذا الاله الذي تسمونه الانسان .. علينا ان نلغي هذا الكتالوج .. لن نتطور الا اذا حرقنا هذا الكتالوج الذي تتصورون انه نزل من السماء .. لا ينزل من السماء كتالوجات .. الا اذا رماه احد المكائن من نافذة الطائرة
تطلب الانسة سيارة الاذن بالكلام .. فتقول .. انا من المؤمنات بالانسان .. الانسان خلقنا جميعا .. و هو الذي كتب الكتالوج الموجود بين ايدينا .. صحيح لست قادرة على رؤية هذا الانسان .. لكنني احس بقربه مني .. و احس انه هو الذي يوجهني في الطرقات .. و لولاه لكنت اصطدمت في اليوم مرات و مرات بالحيطان او بالسيارات الاخرى .. و لاصبحت سيارة خردة حينها
يتدخل السيد روبوت بدون اخذ الاذن بالكلام .. و ما رايك بكل السيارات التي اصطدمت بالسيارات الاخرى و اصبحت خردة .. اين كان هذا الانسان حينها يا انستي .. لماذا لم يتدخل لمنع الاصطدام
تغير الانسة سيارة الموضوع .. و من الذي جعلك روبوتا .. من الذي يجدد برنامجك بين الحين و الاخر .. ام انك تدعي يا سيدي .. انك انت الذي برمجت نفسك .. ام انك تدعي انك تجدد برنامجك الداخلي بنفسك
يسكت الروبوت .. و لا يقول شيئا
تطلب السيدة ثلاجة الاذن بالكلام .. فتقول
هناك بعض المنطق في ما قالته الانسة سيارة .. و لكن هل لك ان تقولي لي .. ان كان كل ماكنة تحتاج لخالق .. و الخالق حسب رايك هو الانسان .. فمن هو الذي خلق هذا الانسان .. الا يحتاج هو الاخر الى خالق .. ام انك تريدين ان تقولي ان هذا الانسان ليس بماكنة .. و بذلك لا يحتاج الى خالق
ترد الانسة سيارة .. انا لا اعرف من خلق الانسان .. لكن من غير المعقول ان نوجد نحن بدون خالق لنا .. ام انك تدعين انك خلقت نفسك بنفسك
يتدخل الكومبيوتر .. هل لديك دليل على ما تقولين
الانسة سيارة ترد .. لو كان لدي دليل لاخرجنا الانسان من خانة الاعتقادات الى خانة العلوم
يطلب السيد صاروخ الاذن بالكلام .. فيقول .. انا اساند السيد كومبيوتر .. انا ايضا ملحد .. و انا لا اؤمن بوجود هذا الانسان الذي تتحدثون عنه
يقاطع السيد طباخ كلام السيد صاروخ .. اسكت يا اخي اسكت .. و من انت لتقول لنا رايك في خالقنا .. انت لست الا خلاطا .. ماذا تفهم انت في مثل هذه المسائل .. عشنا و شفنا .. صاروخ يبدي رايه في مثل هذا المسائل الخطيرة
يتدخل السيد خلاط مقاطعا .. عيب يا اخي الطباخ .. هذه اهانة للخلاطين .. لا اسمح لك يا اخي ان تهين الخلاطين و الخلاطات
يعتذر السيد طباخ عما بدر منه من اهانة و يطلب السماح .. و يقبِل راس الخلاط
يطلب الخلاط الاذن بالكلام .. فيقول .. احبائي .. لا بد انكم عشتم هذه التجربة في حياتكم .. لا بد و انكم في بعض المرات تشعرون بعدم قدرتكم على العمل او الحركة .. فتاتي يد طيبة حنونة .. فتغير احد اجزاء جسمكم .. انا مثلا مرات عديدة كنت عاجزا عن الحركة .. و كنت احس بيد خفية تغير زر تشغيل خلاطي .. فكنت اشعر بعدها بنشاط عجيب .. كذلك لا تنسوا حادثة مطر المقصات على المكائن و الالات المفسدة قبل الفي سنة .. و هي موثقة لديكم .. فالمقصات كانت تقطع الاسلاك الكهربائية في المكائن التي تعمل بالكهرباء .. و تقطع الخراطيم للمكائن التي تعمل بالبنزين او الغاز
يتدخل السيد المنشار الكهربائي .. من الذي سمح للخلاطين بالدخول الى هذا المحفل المهم .. لو كان بيدي .. لقطَعت اسلاك توصيل جميع الخلاطات
يرد السيد خلاط .. ها انت تعترف بوجود الكهرباء .. الذي بدونه هل يمكن لك ان تعمل و لو لدقائق .. من الذي هيا لك الكهرباء يا بعد عيني يا منشار .. اليس هو الانسان الذي هيا لنا الكهرباء
يتدخل السيد مفك .. طيب يا اخوان .. هل فيكم احد يستطيع ان يقنعني .. لماذا لا نرى هذا الانسان الذي تتحدثون عنه .. و تزعمون وجوده
الانسة سيارة ترد .. كيف لك ان ترى من هو ليس بماكنة مثلك .. انه مختلف عنا .. و هو اعلم واقدر منا .. هل تعلم ماذا يعني ان نستطيع ان نرى الانسان .. طيب لنفرض اننا رايناه .. فهل سنراه من الامام ام من الجانب ام من الخلف .. و كيف سنراه .. هل سنراه احمر اللون ام اخضر ام ابيض .. هل سنراه نحيفا ام سمينا .. طويلا ام قصيرا .. بعيدا ام قريبا .. انه مختلف عنا .. ليس له لون .. و ليس له طول او عرض .. و ليس له قرب او بعد .. و ليس له شكل .. فكيف تريد ان تراه
ثم قل لي .. اليس الانسان هو الذي يجعلك ترى .. فانت ترى به .. هل هناك كتابة او حروف او كلمات استطاعت ان ترى القلم الذي كتبها .. هل هناك صورة استطاعت ان ترى كاميرتها .. هل هناك لوحة زيتية استطاعت ان ترى رسامها
هل هناك اغنية رات او سمعت مغنيها او ملحنها .. هل هناك عود او كمان .. رات او سمعت عازفها .. ارجوكم ايها المكائن ..ارجوكم ايتها الالات .. عودوا الى رشدكم
انا مرات كثيرة اشعر بالعطش الشديد .. فانا احتاج الى بنزين و الى ماء و الى زيت .. من الذي هيا لي البنزين .. و من الذي هيا لي الماء و الزيت .. لا الماء تختلط بالبنزين .. و لا البنزين تختلط بالزيت .. و كذلك لدي بطارية .. من الذي هيا لي هذه البطارية .. هل جاءتني بالصدفة .. ام ان هذه البطارية تطورت من الكربون و الرصاص و الحامض .. الا تعني وجود هذه البطارية في جسدي انني مخلوقة و مصممة بهذا الشكل .. هل الكومبيوتر يستطيع ان يعمل لولا وجود ويندوز فيه .. هل يستطيع ان يعمل الطباخ بدون غاز .. من الذي صمم الطباخ .. من الذي هيا له الغاز
و فجاة .. يدخل الارهابيون السكاكين الى الاجتماع .. بعد اغتيالهم لكل حراس الاجتماع الطاريء .. ابواب التفتيش و كاميرات المراقبة .. و اترك لكم تخيل نهاية الاجتماع الطاريء هذا

و تقبلوا فائق احترامي
..

#ايدن_حسين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات