أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - السقوط الأخير














المزيد.....

السقوط الأخير


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 13:41
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بعد عام سيفهم الرّفاق غفلة هذه اللّيلة.
اللّيلة كلّ يد تأخذُ أختها. اللّيلة تتحدّد ملامح البلد لسنوات مقبلة.. هذه مسألة للتّاريخ، خذوها وارسموها وشمًا على الجدار المُقابِلِ.
وحين تستيقضون، اجعلوا الوشم تجاعيدًا على وجه الشّهيد. واشربوا القهوة مرّة كمرارة دمه. وابكوا قليلًا كجرحى الحروب أمام حُطام السّفن
وابكوا كمن خذلهنّ الرّجال في بلاد غريبة ..

منذ ساعة، دُعيتم لإعلاء صوتكم ضدّ تسمية قَتلة شكري في الحكومة. فاعتذر زعيمكم عن الإدلاء برأيه بسببِ وجودهِ بباريس مع العائلة. و وُعِدَ الرُّباعي بأن يتّصل الزّعيم الكبير "رياض بن فضل" بأصحاب الشّأن، ليفصل في الموضوع. ويقرّر موقفكم تُجاه ما يجري.
أبوح لكم بهذا، فقط لتقيسوا جدّيّة الرّجال في الأزمنة الحالكة. وأيضًا لأدعوكم مُسبّقًا لفهم أسلوب التهرّب من المسؤولية اليوم، وتعمّد دفع البلاد إلى الأزمة بغاية استثمار نتائجها غدًا. باسم "التكتيك" !

هنالك نوعان من الوطنيّة في تونس. الوطنيّة كقناعة عارمة، مملوءة بالكرامة، ومثالها السّاطع شكري بلعيد. وهنالك وطنيّة أخرى يشتغل عليها أصحابها كمهنة.
هذا هو الفارق بيننا وبين الآخرين.

بعض التّعساء الذين تربّوا في مداجن لتصنيع المخصيين التّابعين المُصفّقين. يقولون لي: "ألست أوّل المدافعين عن فلان؟"
طبعًا دافعت. ولكن كان ذلك في إطار دفاعي عن مشروع وطني لبلدي. وليس عن فلان أو علّان. نعم دافعت عنه حين كان يعمل لإسقاط حركة النّهضة. والآن، حين أصبح يعمل موضوعيًّا على عودة النّهضة للحكم. ماذا أفعل؟ أُصفّقُ له؟
أنا مناضل وصاحب رأي، منحاز لبلدي وشعبي. ولستُ موظّفا. ومن أجل ذلك ليس لي ولاء لأي أحد، مهما قدّم نفسه على أنّه المقاوم الوحيد والبطل الأممي الوحيد. بل أنا مُطالب بتحطيم التماثيل المُزيّفة خاصّة إذا كان حزبه ليس فيه جرأة، ليكف عن تعظيم مَن ليس بعظيم، أو تكبير مَن ليس بكبير.

الجميع يعرف أنّي لا أتحدّث عن الهادي الجويني الآن، ولا عن التّيجاني عبيد. بل المقصود هو رأس الجبهة غير المنتخب. والحقيقة المُرّة المسكوت عنها، والتي لا يستطيع فهمها بِعُمق سوى أناس يفهمون مقتضيات حالة الاشتباك السّياسي الجارية في تونس. هي أنّ شكري بلعيد بنى الجبهة الشّعبيّة، وبِدمِهِ أزاح حركة النّهضة من الحكم . وحمّة الهمّامي تخلّى على الجبهة واهتمّ بحزب العمّال، وبذلك أعاد حركة النّهضة للسّلطة.
الأستاذ حمّة الهمّامي، بعد أن خرج من سباق الرّئاسة، أخرج معه الجبهة من دائرة الفعل، حيث تمّ تبديد تصميمها على كنس قتلة قادتها، وتمّ التّراجع عن التّوجّه المدني الحداثي الذي بُني في باردو بدم شكري والبراهمي.
دعونا حينها إلى تبنّي موقفًا شُجاعًا، يُمّكّن الجبهة لاحقًا من استحقاق الحلّ والرّبط في اختيار الحكومة. ويمكّنُ من غلق الباب أمام عودة النهضة للسّلطة.
كتبنا هذا، وقلناه ومارسناه. ولكن مجلس الأمناء بحكم رفضه لآراء تأتي من خارجه، ظلّ أعضاؤه يُزايدون على بعضهم البعض ويتبارون، أيّهم أقدر على ترديد أناشيد الستّينات الحربيّة. ونسوا أنه في السياسة لا وجود للفراغ. فإن أنت تركت مكانك سيملأه الآخرون وجوبا. وأن "لاشيء للجبهة" ، سيعني "كل شيء لحركة النهضة". وأن ما هو في متناول اليد اليوم ، لن تقدر على استرداده غدا، بحكم علاقات القوة المتحركة باستمرار. وأن السياسة لا تحتمل كراس الشروط. إذ لا يمكن مثلا أن ترفض المشاركة في الحكومة، وفي نفس الوقت تفرض عدم تشريك هذا الطرف أو ذاك. ولا يمكن أن تحكم على نفسك بالخروج من دارة أهلية المشاركة في القرار. ثم تكتفي بالشتم بذهنية "أشباعناهم شتما و فازوا بالإبل" !
هكذا، وبموجب سياسة النعامة، فُتِح الباب على مصراعيه أمام النهضة لتعود للسلطة.
ومعنى ذلك أن الرفيق الذي دافعنا عنه أمس، حين كان في قلب المشروع الوطني متقدما معركة الحرية. لا يمكننا مواصلة الدفاع عنه، حين يخرج عن الطريق، وينخرط في مغامرات سياسوية وحسابات ضيقة مهلكة.

الجماعة ليسوا مقتنعين ببعضهم البعض. ولا هم مقتنعين بأن حركة النهضة لها يد في اغتيال شكري والبراهمي. وهذا ما جعلهم ينجرون إلى الموقف العدمي الذي يسوي بين النهضة والنداء. وكأنهم يقولون لنا. أحداث 9 أفريل، أحداث الرش في سليانة، الهجوم على إتحاد الشغل، ميليشيات العنف، مخازن السلاح في المساجد، الإغتيالات، الإنهيار الاقتصادي، الأزمة الأمنية... كل هذه الأمور ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لمجلس الأمناء.. يجب أن ننتظر بعد مئة سنة حتى نحصل على وثائق دقيقة يقتنع بها الأستاذ حمة الهمامي، لنبدأ بمعاينة الموضوع.
إرسال "مجاهدين" إلى المحرقة السورية دفاعا عن الدواعش وعن المشروع الأطلسي. ليست مشكلة، ننتظر خمسين عاما حتى تكتمل التحقيقات العالمية والإحصائيات المتخصصة، حتى نفهم بالضبط ما هو الموضوع بالأرقام.
تحالف خليجي صهيوني أمريكي نهضاوي لتعفين الوضع في تونس وإفساد فكرة الثورة، واستعدادا لكسر ظهر الجزائر. ليست مشكلة، ننتظر مئة و خمسين سنة حتى تفتح وكالة المخابرات الأمريكية ملفاتها، ثم ننظر بالقضية .... أهم شيء هو الدقة العلمية، حتى لا نظم أصدقاءنا في حلف 18 أكتوبر، من أجل شكري و محمد اللذان وقفا ضده..

كجرحى الحروب أمام حُطام السّفن ..
كمن خذلهنّ الرّجال في بلاد الأغراب ..
نقف غدًا على ضريح شكري، ونقولُ له: "بعد انتصار دمك على قاتليك. قلنا لهم منّا الشّهداء، ومنكم الوزراء ..
لا نريدُ إزعاج لوعتك. ولكنّا رأيناهم ينامون في الجيش الآخر، والجيش يُقاتِلُ .. رأيناهم يبيعون موتك بلا خجل ولا وجلٍ ولا ذرّة مروءة" !!!



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمناء المجلس الأعلى، أو السيرك الوطني !
- بعد أربع سنوات، ماذا تحقق من مطالب الثورة ؟
- الأصولية و ثقافة التخلف
- -الوطد-، تيار الشهداء .. روح تونس وعشقها الوطني
- شكري بلعيد، لوعة وطنية غير قابلة للنسيان !
- لا خوف على تونس !
- التطلع إلى الحداثة ، والإرتداد إلى الخلف
- مرة أخرى : كيف يجب أن نفهم الحوار الوطني في تونس ؟
- محنة تونس اليوم، هي الثمرة المرة لنظام الإستبداد
- الفضيلة والإرهاب
- حول الديمقراطية والشورى في الرد على الشيخ راشد الغنوشي
- حول -مبادرة منظمات المجتمع المدني لتسوية الأزمة السياسية-
- دفاعا عن التاريخ، في الرد على فوبيا-اليسار
- الشيخ راشد الغنوشي و مرجعية السياسة التركية
- أن تمنح الحكم للإسلام السياسي ، كأنك منحت سلاحا لمجنون
- الإنتقال الديمقراطي في تونس : مقتضيات التحالف مع القطب الليب ...


المزيد.....




- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...
- شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - السقوط الأخير