أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين بوغانمي - الأصولية و ثقافة التخلف















المزيد.....

الأصولية و ثقافة التخلف


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 21:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام السياسي هو أن يقود أنصاف المتعلمين جمهورا أميا سياسيا ، مسحوقا ماديا ،و محبطا وجدانيا ، لتدمير مكتسبات التمدن

وإمكانيات التعايش السلمي ومنصة العلم و العقل بهدف السيطرة على المجتمع عبر "دولة" متخيلة تسمى دولة الخلافة .





بداية ليكن واضحا أن الفصل بين الدولة و الدين ، لا يعني إلغاء الدين ، كما يروج خريجي كتاتيب الوهابية بافغانستان . هؤلاء يعتقدون أن نشاط الممارسات الدينية في مجتمع مثل الهند أو أمريكا دليل على غياب العلمانية ، و هذا بالطبع نوع من الجهل بطبيعة العلمانية و طبيعية تلك المجتمعات . فالعلمانية ليست حظر الإيمان بأي دين أو عقيدة ، بل هي التي تكفل ممارسة الأديان كلها ، وهي بالتالي التي تكفل ممارسة الإسلام في أكثر من 90 دولة يشكل المسلمون أقليات بها . العلمانية ببساطة آلية لإدارة الحياة العامة تقوم على فصل الدين عن السياسة و أن يكون الدين شأنا شخصيا . إنها حجر الزاوية لنموذج الدولة المدنية الحديثة في العالم كله ، و معظم تلك الدول يقودها مؤمنون بأديان متعددة ، و كل الشعوب مؤمنة أيضا ، أي أن التعارض بين الدين و العلمانية هو تعارض مفتعل و دنيء المقصد، يراد به تحريض عامة الناس ضد المعارضين للأحزاب السياسية التي تستخدم الدين والضمير الشعبي من أجل الوصول للحكم . أما التعارض الحقيقي فهو بين الأصولية - التي تعبر عنها حركة النهضة وحزب التحرير والسلفية الجهادية وطالبان و تنظيم القاعدة و غيرهم من تجار الدين - و بين العلمانية .



يمكننا بكل الثقة أن نؤكد أن العلمانية لم تعد خيارا ثقافيا ، بل هي إستحقاق حضاري وكوني . فهي الأساس الذي تقوم عليه الحضارة المعاصرة ، و لذلك لا توجد دولة دينية واحدة متقدمة الآن أو يمكن أن تكون كذلك في المستقبل. و من نافلة القول أن المجتمعات الريعية (كالسعودية و دول الخليج) لا يمكن وصفها بالدول المتمدنة أو المتقدمة . فالتقدم المادي يمكن استيراده لمن يمتلك ثمنه ،و لكن الحضارة شيء مختلف تماما .



بعيدا عن أي تنظير، يمكن أن نفهم الفارق النوعي بين التقدم المادي المستورد، و التقدم الحضاري، عندما نقارن الإمارات العربية المتحدة مثلآ بالنرويج أو فرنسا . في فرنسا، مثلا، الإنسان هو مستودع القيمة و معدن الحضارة وليست السيارة .



إن العلمانية هي أهم خصائص أي تطور في العصر الحديث . و نقيضها وهو المزج بين الدين و الدولة، وهو أوضح خصائص التخلف .



لن تكون مفاجأة لأحد لو قلنا إن استعداء العلمانية و مدنية الدولة هو القاسم المشترك للثقافة الإسلاموية ، سواء الثقافة السنية أو الشيعية؛ وسواء بين المؤسسات الدينية للدولة الاسلامية، أو بين جماعات المعارضة الجهادية . لا يكتفي الأصوليون بتبني قيم التخلف الثقافي ، بل هم يؤصلونها لتصبح مكونا رئيسا للعقيدة الإسلامية، كما يرونها و يريدونها. أي وفق فهمهم الجامد لمقاصد الشرع .



كثيرا ما تردد على مسامعنا شعارات من نمط : " الإسلام دين و دولة " ، هذا الشعار هو تعبير معاصر يقابله مبدأ " الحاكمية لله" الذي نادى به الخوارج ، و هو أيضا أحد أعمدة الخطاب الديني لمجموعات الإسلام السياسي التي تسعى للإنقلاب على الدولة المدنية و إقامة نظاما إسلاميا بديلآ كما هو الحال في إيران و إمارتي طالبان و غزة .



هذا الشعار لم يعد شعارآ سياسيا يردده البعض فقط ،و لكنه استحال تدريجيا إلى مكون أساسي لعقيدة جماعات التكفير في القرن 21 !.أي أنه جرى أسلمة أهم عناوين التخلف الثقافي ليصبح على درجة واحدة مع الإيمان بالله ،و منكر كلاهما -التخلف أو إسلامية الدولة - كافر في المنظور الأصولي السائد الآن .



يركز الإسلاميون على نقاط بعينها عند الترويج لهذا الخلط الدنيء بين شعاراتهم الرجعية و الإيمان بالله !



أولآ ما يدعونه "خصوصية الإسلام" بوصفه الدين الخاتم المنظم لكل شؤون الدنيا و الآخرة ، و أنه في هذا يختلف عن غيره من الأديان مثل المسيحية التي هي دين بلا شريعة فتركت ما لقيصر لقيصر ، و لكن إسلام هولاء يحتكر الآخرة و الدنيا أيضا فلا يترك شيئا لقيصر ولا لغيره .



ثانيا، أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان و مكان ،و هم في ذلك يدمجون أيضا الفقه الإسلامي و الشريعة في كيان واحد! حيث لا يمكن تمييز القران الكريم عن تعاليم إبن تيمية والسيد قطب وحسن البناء و الترابي والقرضاوي ... وغيرهم ! ، فالكل مقدس بما في ذلك إجتهادات لمعاصرين عرفوا بالفسق و التمعش من خلال تلفيق الفتاوى لحكام الخليج .



ثالثا، ما يثيره المتأسلمون بأننا في آخر الزمان !!!!،و أن الأرض ملئت جورا و آن للمؤمنين العمل على تغيير ذلك كله ، و أن يعيدوا ميزان العدل لكونه مختلا ،و ذلك بالعودة إلى دين الله الحق الذي فيه صلاح كل شيء . و لأن الله لا يحكم بنفسه و لكن من خلال "العلماء " والأيمة و عباده المؤمنين أو الفئة الناجية ، فهم يستندون في ذلك إلى احاديث نبوية شريفة منها :" إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " .هذا يؤدي إلى أن يربط المواطن المسلم العادي، إيمانه برب العالمين بقدر تسليمه لجماعات الإسلام السياسي لدى السنة، أو لولي الفقيه لدى الشيعة . على إعتبار أن كل جماعة من هذه الجماعات تدعي أنها هي المقصودة بالحديث النبوي الشريف وبالتالي فهي الوصية على حمل مشعل الفئة الناجية .



إن فكرة (الحاكمية)، أي دولة الخلافة تقوى عندما تضعف الدولة و تتراجع حين تقوى الدولة. و ازدهار هذا الفكر الآن دليل على ضعف و خور الدولة الاستبدادية في العالم العربي و الإسلامي . ثم إن شعار دولة الخلافة الذي يرى أصحابه أن الإسلام لا يكتمل إلا بقيام "دولة الإسلام" يتضمن إعتداءا صريحا على التاريخ، إذ يحرم النبي من أن يكون كامل الإسلام ! فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف الدولة مهما تساهلنا في تعريفها .كل ما كان لدى النبي في المدينة هي مجرد "مشيخة" بدائية ، ليس بها شيء من خصائص الدولة المعاصرة أو حتى الدولة في الحضارات القديمة .



وهنا يتفق الأصوليون، و أعداء شعوب الجنوب من امبرياليين وصهاينة على أن النموذج الوهابي هو المعبر الحقيقي عن الدين الإسلامي ،و ما دونه يعد زيغا في العقيدة أو تمييعا لها. و كلاهما يغفل حقيقة أن النصوص الدينية ثابتة ، ومع ذلك فهي قابلة للتأويل ، و تبقى الثقافة السائدة هي التي تضخ الحياة في بعض النصوص ، و تحكم بالذبول على بعضها الآخر ( التعطيل ) ، و مع ذلك تظل التيارات الإسلامية تمارس التكفير والعنف بناء على تأويلها للنصوص المرجعية وفقا لمعاييرها الخاصة .و في هذا السياق ، لا بد من التذكير بأن وجود نصوص في القران والسنة تدعم فكرة الحاكمية لا يعني سلخ تلك التعاليم من سياقها وأسباب نزولها وإعتبارها نهائية أو ممكنة بشكل اطلاقي وثوقي. غير أن التركيز عليها و نشرها كصميم العقيدة هو البدعة، فكل هذه العمليات هي تلفيق وتعسف على روح الشرع وعلى الواقع والعصر، لغايات متعلقة بمصالح دنيوية لقيادات تلك الجماعات.. فتاوي تجري عبر علاقات عامة و نشاط إعلامي مدبر مدفوع الثمن .



ومن المهم الإشارة إلى أنه

هنالك إجتهاد إسلامي بديل للأصولية الإسلاموية التي تدمج الدولة في الدين ، هذا البديل كان سائدا في بعض المجتمعات مثل المجتمع المصري وكذلك المجتمع التونسي خلال فترات طويلة . عرفنا اجتهادات لشيوخ مثل الحداد وبن عاشور ...و محمد عبده الذي عمل على تأكيد أن الإسلام "هدم السلطة الدينية و محا أثرها" ، و أن "الرسول كان مبلغا لا مسيطرا"، وهو صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الأخير .

..."و لكن دين أردت صلاحه أحاذر أن تقضى عليه العمائم"



هذا الفهم الذي ينفي السلطة الدينية ينفي في ذات الوقت صفة الدولة الدينية .هذا النموذج المتحرر من الإسلام أنتج أيضا الشيخ علي عبد الرازق الذي نفى "أن تكون الخلافة فريضة إسلامية" ، أو "أن الدولة الدينية من صميم العقيدة الإسلامية" ، هذه المدرسة ترى أن مواقف الرسول المدنية تصرفات جزئية ، مرتبطة بتدبير الواقع و سياسة المجتمع .،و أنها خاصة بزمانها و ظروفها و مكانها ،و أنها على سبيل الإجتهاد من النبي ،و رأيه فيها يمكن أن يخطأ و يصيب ،وهو وضع يستتبع إزالة القداسة عن الجوانب السياسية المتعلقة بإدارة الحياة و شؤون الدنيا .

أما أين اختفى هذا النموذج الإسلامي المتحرر و القادر على التفاعل مع العصر و ثقافته ؟؟؟ ، فيسأل عن ذلك أكثر من 100 مليار دولار تم ضخها من عوائد البترول التي تدفقت على مجتمعات فقيرة ، أيسر ما تفعله تلك المجتمعات هو أن تغير عقائدها من أجل المال . فما يجري حاليا على أوسع نطاق هو توثيق هذا الشكل من أشكال التخلف الثقافي و جعله أحد قواعد الدين الإسلامي و أسسه . من أجل هذا الهدف ذي العائد المادي المرتفع ، يستحضر الفقهاء و نشطاء الإسلام السياسي النصوص الدينية التي تعزل عن تاريخيتها و سياقها و أسبابها و تعمم كأحكام "منكرها كافر" ، ثم يجري بعد ذلك توظيفها بشكل متواتر من أجل أسلمة التخلف السياسي و إفشال نموذج الدولة الوطنية المدنية في المجتمعات الإسلامية . لعل أوضح تلك المحاولات هو توظيف الآيات القرآنية الكريمة الثلاث التالية من سورة المائدة ،و التي قيلت في حق أهل الكتاب ، لتصبح أساس تأكيد إسلامية الدولة :

"إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" . ( المائدة 44 )

"""وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ" كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"" (45).

"وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (47) ..

و يذهب الإسلاميون في توظيف الآيات القرآنية لخدمة مشروعهم السياسي أبعد مما يحتمل ، فهم يحرمون حتى التفكير في معارضة دعوتهم لدمج المجتمع في الدين ،و يستشهدون بآية من سورة الأحزاب نزلت في قضية أخرى مختلفة وتندرج ضمن معطيات الأحوال الشخصية وقتذاك، هي زواج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة ، و كان الرسول قد تبناه و صار يعرف بزيد بن محمد حتى ألغى الإسلام التبني، وأحل زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش نفسها لاحقا ، و الآية هي : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36)" سورة الأحزاب .

هذه الاية الكريمة وقع انتزاعها من سبب نزولها الذي بينت ليجعلوا منها أساسا لحرمان أجيال المسلمين المعاصرين من الإتصال الفعال بالعصر ، بل و من نعمة التفكير الحر كلية !!!
ولذلك، فمن يتابع تفكير جماعات "إستخدام كتاب الله لغايات سياسية" سيجد أنه يعمل بشكل متناقض مع الإتجاه العالمي للبشرية جمعاء. فبينما يتجه الفكر السياسي في كل أنحاء العالم إلى مزيد التوافق مع قيم العلمانية ومعاييرها ، نجد أن المسلمين يستسلمون بشكل كارثي لأكثر الأفكار السياسية تخلفا و رجعية . فمنذ انهيار الخلافة الإسلامية في تركيا عام 1924 نجد الدعوة إلى إحياء دولة الخلافة ، و نجد محمد رشيد رضا و نظرائه يدافعون بحماس عن الخلافة. فرغم تأجج الروح الوطنية المصرية مثلا، خلال ثورة 1919 ، نفاجئ بظهور حركة الإخوان المسلمين عام 1928 على يد حسن البنا الذي كان يرى نفسه إمتدادا لرشيد رضا ، و نجده يؤكد أن " الإسلام عقيدة و عبادة ، ووطن و جنسية ، و دين و دولة ،وروحانية و مصحف و سيف " . نجد أن أوضح معالم الفكر السياسي الإحيائي لدى حسن البنا و غيره من قادة الإسلام السياسي ، هو اختفاء معنى المواطنة لإحلال رابطة الديانة و الولاء للدين و ليس للأمة و الوطن . و بهذا تنهار الرابطة الوطنية بوصفها "رابطة جاهلية" !!!! (حسب إدعاءاتهم ) ، و يصبح وطن المسلم وطنا لكل المسلمين ، بينما يكون غير المسلم غريبا في الوطن الذي عاش فيه أجداده مئات بل ألاف السنين .

هذا الموقف الفكري لم يتغير و لن يتغير اللهم بعد ثورة فكرية تقوض أساس الوعي الماضوي الجامد، ففي عام 1969 نشأت " منظمة المؤتمر الإسلامي " برعاية سعودية ، ومن اللافت أن المتأسلم أنور السادات كان أول كاتب عام لها ، لهذا يرى كثيرون أنه لم تحدث مغايرة نوعية بين مفهوم حسن البنا عن الخلافة و مفهوم مؤسسي المنظمة بما في ذلك أنور السادات الذي قاد مصر إلى التخلي عن الوطنية وإرتداء الإسلام الجهادي المزيف بالتوازي مع رهنه لبلده للهيمنة الإستعمارية . مازال خلفاء حسن البنا وأحفاده و كافة التنظيمات الظلامية التي تفرعت عن حركة الإخوان المسلمين يسعون إلى إقامة الدولة الدينية بديلآ عن الدولة الوطنية الحديثة التي يكفرونها. يستوي في ذلك يوسف القرضاوي و أسامه بن لادن و محمد بديع وراشد الغنوشي و سيد قطب إذ يرتبط مفهوم الدولة الدينية بالتأسلم السياسي ، فلا تأسلم خارج مفهوم الدولة الدينية ،و بالنتيجة فكل نشاط لأسلمة الحياة السياسية هو في جوهره نشاط لترسيخ التخلف الحضاري.

منذ ظهور الإسلام السياسي، كاداة لضرب التوجه القومي التحرري، والتيار اليساري الإجتماعي الثوري، و هذا التيار الظلامي يستقوى و يتعولم و ينتشر نفوذه في معظم بلدان العرب والمسلمين، خصوصا منذ سبعينات القرن العشرين.. و لهذا الإنتشار أسبابه العديدة و التي تضافرت لتحقيق هذا النجاح الإستثنائي في العودة إلى الخلف. لعل أبرزها الإرتفاع الخرافي في أسعار النفط ، مما أدى إلى تراكمات مالية هائلة لدى السعودية و قطر وغيرها من أنظمة الفساد والإستبداد التي لا تنوي التغير، وتخشى نماذج دول ديمقراطية مدنية في محيطها، فكان أن ضخت ما يعادل 1000 مليار دولار لنشر الفكر الوهابي السلفي.. ولا يمكننا أن نغفل الأثر المدمر لوصول السادات إلى حكم مصر و تحالفه الإنتهازي مع الإخوان المسلمين ، مما حول مصر الوطنية من قاعدة للسياسات التقدمية في المنطقة إلى مركز للأصولية المتشددة مثلها مثل السعودية و باكستان ، أيضا، الدور الأمريكي الإنتهازي ، و الذي ظهر بوجهه القبيح في توظيف الإسلام كأداة في الصراع ضد الإتحاد السوفيتي ، ثم التحالف الأمريكي/ السعودي/ الإسرائيلي ، الذي عمل على تدمير التجربة الوطنية الناصرية في مصر و تجربة البعث في العراق ، تاركة كلا البلدين الكبيرين فريسة لأعنف درجات التعصب الديني..

هذه الأسباب كلها متضافرة ، مضاف إليها الفساد، و الفقر، والقهر السياسي، و فشل مشروعات التنمية ، أدت إلى ظاهرة الردة الحضارية الجماعية والهروب من قيم المدنية واللجوء إلى قيم الأزمنة السحيقة ...

عزالدين بوغانمي



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الوطد-، تيار الشهداء .. روح تونس وعشقها الوطني
- شكري بلعيد، لوعة وطنية غير قابلة للنسيان !
- لا خوف على تونس !
- التطلع إلى الحداثة ، والإرتداد إلى الخلف
- مرة أخرى : كيف يجب أن نفهم الحوار الوطني في تونس ؟
- محنة تونس اليوم، هي الثمرة المرة لنظام الإستبداد
- الفضيلة والإرهاب
- حول الديمقراطية والشورى في الرد على الشيخ راشد الغنوشي
- حول -مبادرة منظمات المجتمع المدني لتسوية الأزمة السياسية-
- دفاعا عن التاريخ، في الرد على فوبيا-اليسار
- الشيخ راشد الغنوشي و مرجعية السياسة التركية
- أن تمنح الحكم للإسلام السياسي ، كأنك منحت سلاحا لمجنون
- الإنتقال الديمقراطي في تونس : مقتضيات التحالف مع القطب الليب ...


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين بوغانمي - الأصولية و ثقافة التخلف