حزب -اليونانيين المستقلين- اليميني شريك حكومي في حكومة -اليسار الجذري- لحزب سيريزا

الحزب الشيوعي اليوناني
(Communist Party of Greece)

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 30 - 08:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

"ليست هناك إمكانية لشراكة حكومية مع بانوس كامِّنوس (ملاحظة: رئيس حزب اليونانيين المستقلين). فهو ينتمي إلى بناية اليمين. إن مسيرة و مواقف بانوس كامِّنوس تموضعه على يمين حزب الجمهورية الجديدة. يستحيل وقوف حكومة يسارية مناهضة للمذكرات على قدميها إذا ما كانت تعتمد على صوت بانوس كامِّنوس". هذا ما كان قد صرح به الكادر القيادي في حزب سيريزا ذيميتريس باباذيموليس، العضو في البرلمان الأوروبي و نائب رئيسه.


لقد تذكر البعض التصريحات المذكورة أعلاه، حين سماعهم خبر اتفاق سيريزا مع قوميي اليونانيين المستقلين على تشكيل حكومة. هذا و كان رئيس حزب اليونانيين المستقلين بانوس كامِّنوس قد شغل منصب وزير النقل البحري خلال حكومات حزب الجمهورية الجديدة مسهماً من موقعه الأولوي المذكور في دعم الربحية الهائلة لملاك السفن اليونانية. وقد استلم كامِّنوس منصب وزير الدفاع في الحكومة الجديدة.



أصيب العديد بالدهشة و صُدم العديد أيضاً، خصوصا من العمال المتواجدين خارج البلاد، ممن كانوا قد تلقوا "عاصفة" دعاية وسائل الإعلام الدولية حول "سيريزا اليساري" و "الخَطِرٍ على للاتحاد الأوروبي"، حيث اندهش جميعهم و عن حقٍ. و على رأسهم أولئك الذين احتفلوا عند تشكيل حكومة "اليسار الجذري" بسبب رؤيتهم للأمور عبر "عدسات و سائل الإعلام التشويهية" بعدما اكتشفوا أن هذه الحكومة اتسعت لقوميي حزب اليونانيين المستقلين في نهاية المطاف. حيث ثبت و لمرة أخرى أن المفهوم الجغرافي ﻠ"اليسار" يعجز في حاضرنا عن تحديد صائب لماهية القوى السياسية واستهدافاتها وتحالفاتها. فلو وضع عمال أوروبا "نظاراتهم" الطبقية الإجتماعية حينما دعاهم "حزب اليسار الأوروبي" للإحتفال بانتصار سيريزا، لكانوا قد شاهدوا حينها أن حزب سيريزا "اليساري" هو عبارة عن حزب مؤيد لرأس المال والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. حيث ما من سبب للاحتفال.



و مع ذلك، ينبغي أن نشير حين العودة لحقيقة تشكيل حكومة كهذه، أن تشكيلها لم يلفت الأنظار على وجه الخصوص. ففي كل الأحوال، لم يكن تعاون حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين وليد اللحظة. بل كان قد دُشِّن في شهر آذار/مارس2013، حين لقاء رئيسَي الحزبين، بحجة التطورات في قبرص، حيث تكلما وقتها عن تشكيل "جبهة" مشتركة.



و نُذكِّّر هنا أن الحزب الشيوعي اليوناني كان قد شدَّد و منذ البداية على وجود أساس سياسي لتشكيل حكومة متمحورة حول حزب سيريزا على حد السواء مع حزب اليونانيين المستقلين و مع أحزاب أخرى، و هو ما تمظهر الآن في نهاية المطاف في صيغة تعاون على المستوى الحكومي. و كان الحزب الشيوعي اليوناني قد أوضح أن الإشتراكية الديمقراطية الجديدة تتمثل في حزب سيريزا الحامل لسياسة مؤيدة للاحتكارات و الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. هو حزب اشتراكية ديمقراطية معاصرة حلَّ في موقع الباسوك، حزب إدارة برجوازية يُحمِّل أعباء سداد الدَين على عاتق الشعب ويتحدث عن ميزانيات تمويل متوازن لرأس المال مع تقديم فتات للشعب. و لذلك، فهو و بناءاً على كل ما ذكر أعلاه، لا يتورع و بالتأكيد عن التعاون مع القوميين من أجل خاطر الإدارة البرجوازية.



إن الإدارة البرجوازية تمثل "المادة اللاصقة" في شراكة سيريزا مع حزب اليونانيين المستقلين ذي المواقف القومية الذي وصل به الأمر خلال الفترة السابقة إلى التعاون في المستوى البرلماني مع منظمة "الفجر الذهبي" الفاشية. حيث تميَّز موقف نواب هذا الحزب وقت التصويت على رفع حصانة نواب الفجر الذهبي لمحاكمتهم بتهمة القتل والاعتداءات على العمال والمهاجرين، بالتصويت على الحياد... و يبدو أن الكراسي الحكومية التي حصَّلوها الآن تشكِّل مكافأة لموقفهم هذا....



و تتمثل إحدى التموضعات الأصيلة لحزب اليونانيين المستقلين في المواقف الرجعية تجاه مسألة المهجرين و هي متواجدة في نفس بوتقة منطق "مطاردة المهاجرين غير الشرعيين" في خط متواز مع منظمة الفجر الذهبي. و لا يمكن الاستهانة بالمقترحات السخيفة التي نشرها حزب اليونانيين المستقلين، كالمقترح التالي: "إحياء الألعاب الأولمبية البدائية في مكان بجوار أولمبيا، مع رياضيين من أصل قبلي يوناني. حيث ستجرى المباريات بالأساليب البدائية وسوف يتنافس الرياضيون بالأسلوب ذاته"...



لا تشكك مواقف حزب اليونانيين المستقلين الاستراتيجية كما و مثيلاتها في حزب سيريزا بالإحتكارات بل على العكس فهي تعمل على إنقاذها. و يُزِّين اليونانيون المستقلون سياستهم هذه بشعارات قومية وتصريحات حول "الدفاع عن سائر اليونانيين، في مواجهة تهديد مِركل" و يحاولون التستر على دور الاتحاد الأوروبي و تجميله.
حيث تشكِّل القومية الزاحفة الوجه الآخر لكوسموبوليتية رأس المال التي يظهرها على الدوام حزب سيريزا.

و بالتأكيد ليس "سائر اليونانيين" بطبيعة الحال هم من يتعرضون لهجوم بلا رحمة. بل هي الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية الفقيرة التي ستستمر للتعرض لذلك بمعزل عن خليطة إدارة الأزمة الرأسمالية، و بصرف النظر عن مدراء السلطة البرجوازية، و حتى عن وقت قدوم الإنتعاش الذي طال انتظاره من قبل البرجوازيين


و على سبيل الذكر، يتضمن البرنامج الحكومي لحزب اليونانيين المستقلين طرحاً لتشريع "بدل توظيف" يسمح لرب العمل "أن يدفع للعامل فقط مبلغ الفرق بين البدل و مرتبه الشهري الصافي"، أي أن هذا الحزب ينضم لباقي مؤيدي تمويل أرباب العمل. في حين يقوم سيريزا بطرح اقتراحات مماثلة لتطبيق برامج العمل المطاطية للاتحاد الأوروبي التي تدعم رأس المال وإعادة تدوير البطالة.

ويدعم اليونانيون المستقلون في برنامجهم الإقتصادي، بالإضافة إلى ذلك، "عدم تجريم ريادة الأعمال". ومن الواضح أن موقفهم هذا يتلائم على وجه جيد مع دعم سيريزا لريادة أعمال "صحية" و مع إشادات اتحاد الصناعيين اليونانيين بالحكومة الجديدة. هذا و يعكس المقتطف التالي من بيان الصناعيين اليونانيين الأخير، مدى ارتعاشهم خوفاً من هذه الحكومة: " إن رابطتنا التي تمثل و بامتياز الشركات اليونانية المنظمة، سوف تكون رديفة للحكومة في اليوم القادم على الحكومة و هي تضع تحت تصرف رئيس الوزراء على حد السواء اطروحات للسياسات الصناعية و التخطيط التنموي للاقتصاد اليوناني، كما و شبكة علاقاتها مع مجتمع الأعمال الأوروبي والدولي".

إن اليونانيين المستقلين هم من دعاة السماح بتأسيس جامعات خاصة في مجال التعليم حيث "سيطبق إلغاء قانوني فعال للحرم في المؤسسات التعليمية والجامعية حيث ستعاقب الإعتصامات بشدة عبر القانون الجنائي" كما و "تؤسس ثانويات مهنية نموذجية سوف تتعاون مع قطاع الأعمال". حيث يتأكد هنا أن حزب سيريزا قد حسم قضية استمرار اعتبار مجالي التعليم والصحة مفتوحين أمام النشاط التجاري، أمام واقع تماسك الحكومة المذكورة.
و نعتقد أنه ما من حاجة لأمثلة أخرى ...

إن الحزب الشيوعي اليوناني ُيشدِّد في سياق بيان لجنته المركزية حول نتائج الإنتخابات: " ن تغييرالحكومة واستلام الحكم من قبل سيريزا لا يشكل تغييراً سياسياً لصالح الشعب. حيث ستواصل حكومة حزب سيريزا و اليونانيين المستقلين التزاماتها الضد شعبية تجاه الاتحاد الأوروبي والمقرضين وبالطبع يتنفس النظام السياسي البرجوازي الصعداء عبر هذا التغيير، ضمن سعيه لاحتواء أعمق للشعب من خلال إعادة تشكيل النظام البرجوازي الحزبي، في لحظة حرجة بالنسبة للشعب وحركته. فقد اعترف حزب سيريزا سلفاً بوجود برنامج له سيصاغ بالإتفاق مع المقرضين في اليوم التالي. و حتى في حال عدم تسمية هذا البرنامج بمذكرة أو عدم امتلاكه للصيغة الشكلية للمذكرة الحالية أو سوى ذلك، فهو سيحتوي على شروط مناهضة للشعب (...).

إن الحزب الشيوعي اليوناني ثابت على ما قاله قبل الانتخابات، بأنه لن يدعم الحكومة الجديدة أو يقدم تساهلا لها. و سيستخدم الحزب التفاف القوى المحقق في هذه المرحلة، ليفي للشعب بوعده، أي بوجود معارضة عمالية شعبية القوية تعمل لمصلحة الشعب ضمن البرلمان، عبر مقترحاتها، ولكن قبل كل شيء ضمن صفوف الحركة في سبيل تعزيز التحالف الشعبي من أجل الحاضر و المنظور. و لتعزيز النضال ضد الاتحاد الأوروبي، والمذكرات المستمرة، والاحتكارات ورأس المال وسلطته، التي هي هنا حاضرة. كما و لاسترداد خسائر العمال الكبيرة التي وقعت خلال فترة الأزمة، لكي لا يسدد العمال و صغار الكسبة ثمن أي فتات سيقدم نحو مجموعات الفقر المدقع، بل ليدفع ثمنه رأس المال و المجموعات الاحتكارية."

. .

#الحزب_الشيوعي_اليوناني (هاشتاغ)       Communist_Party_of_Greece#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات