محمد الكريم
الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 12:36
المحور:
الادب والفن
قضيت ليلة أمس منعزلاً ، منزويا بعيدا عن مهاترات الرعناء في غرفة أعتمت نورها ، فارغة من محتوياتها ، سجين اختار سجنه . علبة السجائر قاربت على الانتهاء أول الليل ، لم اعر إليها اهتماما " أنا سجين بإرادتي" . جمعت رماد السجائر في العلبة بعد إن أفرغت السجائر المتبقية على الأرض واستعجلت لتدخين ما تبقى .. اتكأت على الجدار الأبيض محاولا كبت اللغط الذي يدور هناك ـ داخل رأسي ـ ، لكن يزداد الصداع في رأسي أغمضت عينيَّ بينما شعاع تشتت في رأسي مدويا بأصوات بالكاد تخرج إلى عتمة الغرفة لتحدث شررا فأحترق !
أوقدت القداحة بيد قربتها من الحائط الأبيض وبسبابة يدي الأخرى أخذت من رماد السجائر وكتبت : " لا للحرية .. " أغير مكاني والقداحة ما تزال متقدة حتى شعرت بحرارتها تلسعني ودخان غازها المحترق يحتل انفي . أطبقت جسدي على زاوية الغرفة المقابلة لبابها تماماً ، ثم سحبت الرماد من الأرض وخطت أصابعي " السجن أحب إليَّ .." كانت الزاوية خطا فاصلا بين الكلمات كما أقصمت السنون ظهري ، غير قادر أن أقول شيئاً . ألزمت صمتي وأنا أسمع حركة رقاص الساعة لم اسمع إلا طنين ذبابة دخلت أذني أكثر من عشر مرات ، حاولت أن اقتلها لكن الظلام منعني . جزعت حتى اضطررت أن أوقد المصباح . رسمت خطا وهميا يوصلني إلى لوحة المفاتيح . وبعجلة أوقدتها واستدرت ، سرعان ما أسرعت الذبابة إلى ما كتبته أخذت تطير وتحط تمسح ، وتعدل ما خطته يدي التي احترقت بالقداحة التي ذابت بين يدي . حكت بلسانها ركز سين السجن ، ثم حذفت نقطة الجيم ثم غيرت مسار قوس النون .. صرخت .. أسرعت بالدخول إلى أذني وهربت إلى جملة " لا للحرية " سكنت ممددة فوق الـ " لا " دون أن تتحرك قهقهت بصوت عال وضربت على الحائط مسحت " لا " وماتت الذبابة ...
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟