أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيفَ حَرَقَ اليابانيْ عَلَمَ البعثْ في عام 1985؟














المزيد.....

كيفَ حَرَقَ اليابانيْ عَلَمَ البعثْ في عام 1985؟


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4693 - 2015 / 1 / 16 - 14:55
المحور: الادب والفن
    


عَاصَرتْ قريتهُ بسنادا جَزَّارِين ... قصَّابين ... لا ثالثاً لهما ... الأول لُقِبَ بالسيد عَكَّار و الثاني بالسيد وَنْوسْ ... الأول افتتحَ مجزرتهُ في الساقَةِ من القرية والثاني بناها في المُقَدِّمَة ... كلاهُما امتهّنَ شراءَ العجولِ أيامَ الثُلاَثَاءات و جزرها أيامَ الأخامس ... ومعهما اعتاد أهالي القريةِ مساءات الأخامس و صباحات الجُمُعَات ... شراءَ اللحمِ و العظام و بقايا الأحشاءِ .... و للحومِ أنواعها وأشكالها وشروطها وأسعارها .... ولها روادها و مشتريها ومتسوليها ...

تبدأ التحضيرات لعمليةِ الذبح يومَ الإثنين ... حينما يختتم السيد ونوس سهرته مع جيرانه الساهرين فوق المصطبةِ البيتونية الملاصقةِ لدكانهِ ... يشعلُ سيكارته .. بعد أن يكون قد أفرغ في جوفه كأسَ العرق الثالث ... ثم يتمتم ... بأنَّ النوم يناديه .. فالغد هو الثلاثاء ... يوم البازار ... سوق العجول و البقر والجمال والأغنام و الحمير ... وعليه أن يستيقظ قبل طلوع الفجر ...

في اليوم التالي تصل سيارة السوسوكي ظهيرة الثلاثاء إلى دكانه .. مُحمّلةً بالعجل المُنتقى للخميس المُنتَظرْ ... يهبط السيد ونوس من مقعده .. سيل من العرق يتساقط من جبينه .. عيناه غاضبتان .. عبوستان ... يصيح لأولادهِ بصوته العالي ... أن يأتوه ... يعم الهرج و المرج ... تنشغل الحارة به ... وكأنه يمثل دوراً على خشبةِ المسرح ... يتناولُ السائقُ زجاجةَ السينالكو ... و يستريح قليلاً في فيء شجرةِ السرو ... يأتي الأولاد ... يعلو خوار العجلِ ... تكبر الفوضى ... وتتعالى الأصوات وتختلط بالشتم و السب ... يخضع العجل القوي السمين للأمر الواقع ... يسوقه الأولاد و يربطونه إلى الجدار في غرفة صغيرة ملاصقة للدكان .... ثم يعلفونه ...

يهدأ بال السيد ونوس .. و يمارس قيلولة ما بعد الظهر على مقعد خشبي في دكانه ... و إذ يستيقظ يبدو سعيداً ... يرشُ إسفلت الشارع بالماء أمامَ دكانه و يكنس الغبار ... يغسل قدميه و وجهه ... ثم يحضر كراسيه الصغيرة إلى فيء شجراتِ السرو المقابلة لدكانه ... يغلي شايه الأسود ... يجلب أبريق الشاي .. وأحجار الضامة على لوح خشبي .. يجلس ويفرز أحجار الضامة البيضاء من السوداء بصمت حزين ... و يصفها بانتظار المنافسين ....

دقائق و سيتجمعون ... يصل السيد مصطفى بنظارته السوداء و عصاه ... يلحقه السيد خازم و السيد جواد ... و السيد عبدو ... ويجتمع بعض صبيان الحارة .. يمازحهم السيد ونوس ويعلن تحديه للسيد خازم بلعبة الضامة ... يرفض خازم مدعياً بأنه لم يستيقظ بعد ... يصرخ ونوس ... نضال ... أين أنتَ يا نضال ... يطل نضال من النافذة ... ويجيب بأنه قادم ... تنفرج أسارير نضال ... فا هو سيربحه من جديد ... يلاعبه البرتية الأولى و يغلبه ... يتغير مزاج السيد ونوس ...

فجأة يستيقظ خازم من نومه .. ومن تعب يومه .. يقهقه شماتةً بالخسارةِ ... يغير جلسته ويتحدى ونوس ... مراهناً على كازوزة سينالكو أو كراش ... يزداد حماس الحضور ... وينقسمون إلى فريقين ... ترتفع صيحات التشجيع ... وتبدأ المنافسة ... تمر الدقائق و التعليقات ... في النهاية يكسب خازم الجولة النهائية ... ويربح الكازوزة ...

يبتسم السيد مصطفى ساخراً دون أن يرفع نظارته السوداء عن عينيه رغم حلول العتمة الخفيفة .. ويتمتم بحكمتهِ المعهودة متعاطفاً مع صديقه ونوس: رجال ما بهم نخوة ولا ناموس .... يا ليتهم أغنام و أنا الموس.
يضحك الحضور ... يتنحنح السيد ونوس ويفرح لمجيء الفرصة للحديث حول البازار ... و العجول و الأعلاف وأسعارها ..... وتعب النهار...

تسامر الحضور ذاك المساء ودارت نقاشات كثيرة لا معنى لها حول قضايا تافهة ... و تفرقوا ... لكنهم لم ينسوا بالتأكيد ... أَنَّ هناكَ من حرق علم البعث في قريتهم و أَنَّ هناكَ بضعة متهمين يقبعون في فرع التحقيق منذ أيام ...وأن أحدهم هو ابن السيد ونوس ... وأَنَّ الخوف كان يغلف جو القرية ... وأنه من البديهي أن تلحقَ بهم أو بأولادهم جناية إضرام النار بعلم البعث ... تفرق الساهرون دون أن يعلموا ... بأن الخبير الياباني المقيم في قريتهم هو من كان المتهم الأول بقضية حرق علم البعث ...

من يسن السكاكين في موسم الأضاحي وموسم تجارة اللحوم اليومية مبتهجاً ... ويتهيأ لطقوسِ الذبح علانيةً .... والأولاد والبنات يجتمعون حوله ... و يجز عنق عجلٍ أو بقرة أو خروف أو ما شابه ... علانيةً ... والأولاد و البنات يحدقون إلى الضحية الخائفة و يضحكون من الخوف ... لن يكون عاجزاً بالتأكيد على قطع عنق إنسان ... علانيةً ... والأولاد و البنات يجتمعون .. يحدقون ... يضحكون ... و يهتفون .... ولن يكون أبداً عاجزاً ... صباح يوم الجمعة ... الساعة الحادية عشر من عام 1985 .... بعد أن يكون قد باعَ اللحم الضأن ... للرفاق البعثيين .... و جمع بالورقة و القلم ما كسبه .... عن إلحاق التهمة بالياباني و بالشاب نضال ....

جلس نضال ذاك اليوم ... على سطح المنزل يرتشف كأساً من الشاي المُحّلى بالسكر الرخيص .... و وقف السيد ونوس في عرض الشارع و كأنه تناول برميلاً من الخمر ... وصرخ بكل ما أوتي من قوة ... يا جماااااااااااااااااااااااااااعة ياهووووووووو .... لم يخرب بيتي إلا الياباني و صديقه نضال ... هم من حرقوا العلم ... هم من حرضوا ولدي على حرق العلم ... اِرْتَعَدَ الوَلَدُ نضال خَوْفاً ... ولعنَ الأحمق السيد ونوس في سره لكلماته واتهاماته الكاذبة الغبية ...



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف سرافيس بسنادا - بكسا
- خريطة بسنادا القديمة
- أصحاب القبعات الحمراء
- هواجس في الإرهاب
- مذكرات طبيب بسندلي -B-
- مذكرات طبيب بسندلي -A-
- سميرة ... زورو
- تشجيعات ذاتية
- هدية عيد ميلادي
- قمحانيات
- بسندليات
- مقتطفات ألمانية معدّلة -B-
- مقتطفات ألمانية معدّلة -A-
- بيض على لحمة ناعمة ... رأس السنة
- من أقوال أبي .... في بطولة الشطرنج
- نحو حزب سوري ينطلق من القضية البيئية
- حقوق الإنسان الأساسية في جمهورية ألمانيا الاتحادية
- الفضلات الكومبيوترية وحماية البيئة
- الحركات البيئية وموضوعة الديمقراطية
- الإنفورماتيك و المجتمع


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيفَ حَرَقَ اليابانيْ عَلَمَ البعثْ في عام 1985؟