أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل كلفت - الثورة الشعبية بين سياقين تاريخييْن مختلفين














المزيد.....

الثورة الشعبية بين سياقين تاريخييْن مختلفين


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 12:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لا يكفى التمييز بين التحوُّل الاجتماعى-السياسى والثورة الشعبية حيث توجد أبعاد متعددة لكل ظاهرة من هاتين الظاهرتين الاجتماعيتين.
وتشمل ظاهرة التحوُّل ليس فقط ما هو اجتماعى وما هو سياسى فإلى جانبهما، وفى ارتباط متمفصل معهما، توجد تحولات أخرى مثل تحولات القوانين والعلوم الطبيعية والإنسانية والآداب والفنون، فى ترابطها وتفاعلها والتأثير المتبادل بينها، غير أن ضرورة التسمية المختصرة تجعلنا نكتفى بكلمتين أو بكلمات قليلة.
وتنقل كل خطوة فى ظاهرة التحولات إلى خطوة منطقية تالية، كما تُملى القوانين التقنية-الاجتماعية، فكل تطور تقنى أو اجتماعى أو علمى أو جمالى يفتح الباب أمام تحسينه والمزيد من تطويره كل يوم وكل ساعة وكل لحظة. وبصورة تدريجية تراكمية، تتطور هذه التحسينات والتغيُّرات فى أدوات العمل، والأبنية الاجتماعية، والمعرفة، والثقافة، والخبرة، وفى نظرتنا للعالم، كما أنها تصنع من هذه التحسينات فى تراكمها تطورات مادية وثقافية ثم تطورات إنتاجية العمل ونمط الإنتاج الاجتماعى ومراحل تطور المجتمعات ونُظُمها الاجتماعية. وهذه عملية لا تتوقف إلا فى فترات التدمير الحربى للنفس أو للغير، والركود، والتأسُّل، والتراجع التاريخى.
ورغم الطابع المستمر لمقتضيات ونتائج هذه الظاهرة التطورية التقدمية مهما اعترضتها فترات من الركود والتراجع والتدهور، يغدو من الضرورى تقسيمها إلى أنماط للإنتاج ترتبط بإنتاجية العمل وشكل المجتمع؛ مثلا، عهود المشاعة، والعبودية، والإقطاع، والرأسمالية، والشيوعية (التى لم تتحقق بعد). ولا تشهد التحولات عبْر عهود التقدم التقنى-الاجتماعى (فى عهود التراكم البدائى للرأسمالية) ثورات وانتفاضات وتمردات شعبية إلا فى حدودها الدنيا مثل المقاومة والاحتجاج بكسر الآلات التى تدفع بالبشر إلى خارج عملية الإنتاج والبطالة.
ولا تنفجر الثورات الشعبية إلا فى مجتمع طبقى احتجاجا على استغلاله وظلمه واستبداده وجبروته فى محاولة لتحسين ظروف الحياة. وتتناقض الإستراتيچيا الثورية مع الإستراتيچيا الإصلاحية التى لا تطمح إلى أكثر من تحقيق إصلاحات ومطالب جزئية بعيدة عن كل رؤية ثورية.
وهناك اعتقاد بأن الثورة والإصلاح نقيضان يستبعدان بعضهما البعض. ولا تقوم حتى أىّ ثورة "اشتراكية" مفترضة بشيء اسمه الثورة بل تقوم بإصلاحات ترتبط ببرنامج ثورى ورؤية ثورية. ولا يكون بمستطاع ثورة رأسمالية أو حتى "اشتراكية" أن تقوم بتحقيق مقتضيات وأهداف الثورة فى غمضة عين، أو منذ اليوم التالى.
وفيما تتواصل التحوُّلات، تؤدى مظالم نظام ناشئ عن التحوُّل إلى أعاصير احتجاجات شعبية عفوية انفجارية مفاجئة نسميها ثورات شعبية ضد هذا النظام لإجباره على إجراء إصلاحات فى مستويات المعيشة وتخفيف الفقر أو فى مطالب الديمقراطية الشعبية. وكما يشهد التاريخ تكون متلازمة الفقر وراء هذه الثورات، وقد تأتى شرارتها من حركة شبابية أو طلابية غير أن استجابة الشعب هى التى تحوِّلها إلى ثورات. وتحدث هذه الثورات فى ظل مختلف العهود ولا يؤدى منطقها، وليس أوهامها، إلى أكثر من تحقيق إصلاحات، فلا تنتج عنها أنظمة أخرى، وكما قال فريدرك إنجلس فإنه ما كان لثورة العبيد أن تؤدى فى حالة نجاحها إلا إلى إعادة إنتاج نفس النظام العبودى.
ورغم فقر الشعوب وإفقارها، فى الأنظمة الرأسمالية المتقدمة، لا تحدث ثورات شعبية، لأن مستويات الفقر فيها تختلف عن مستويات الفقر عندنا، ولأن قرونا من نضال شعوب تلك البلدان نجحت فى جعل النضالات الإضرابية ومفاوضات اللجان الثلاثية تتوصل إلى حلول ملائمة. ويمكن بالطبع أن تتفجر انتفاضات وثورات شعبية سلمية أو مسلحة تؤدى إليها مظالم عنصرية فى هذه البلدان أو ضد حروب خارجية مرفوضة. على أن تدهور هذه البلدان وارتفاع مستويات فقر اقتصاداتها وشعوبها يمكن أن تفتح الباب أمام ثورات كثوراتنا.
وهناك بالطبع ثورات فى عهد عبودى خالص أو عهد إقطاعى خالص أو فى سياق الانتقال من المشاعات إلى العبودية أو فى سياق الانتقال من العبودية إلى الإقطاع أو فى سياق الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية. وبالطبع فإن الثورات الشعبية فى العهد المشاعى مستبعَدة لأنه مجتمع لاطبقى، وكذلك الثورات الشعبية فى عهد الرأسمالية المتقدمة باستثناءات. وبالطبع فإن التراكمات الاقتصادية-الاجتماعية-السياسية هى أساس هذه الانتقالات.
وفى فترات الانتقال جميعا يوجد ازدواج بين كل نظام قائم وكل نظام لاحق. ويهمنا هنا بصورة خاصة ازدواج بقايا الإقطاع مع مستوى كبير من التطور الرأسمالى كما كان الحال فى معظم البلدان الرأسمالية المتقدمة فى الوقت الحالى. والمثال الأبرز لهذا الازدواج هو النموذج الذى أحاط بثورة 1789 الفرنسية الشعبية.
وأعتقد أن ذلك السياق الذى ازدوج فيه صعود الرأسمالية مع وجود بقايا مهمة من الإقطاع هو صانع الازدواج. ويختلف هذا عن ثوراتنا الشعبية التى لم يحدث فيها تطور رأسمالية مستقلة كشرط للازدواج. ولهذا يلعب الازدواج فى الثورة الفرنسية دورا يصبّ فى مصلحة الرأسمالية الصاعدة بحكم الصراعات المتداخلة المتشابكة التى أثارتها الثورة، وليس لأن الثورة نفسها ثورة "رأسمالية"، ولم تكن الثورة تتويجا لذلك التراكم الذى كان سيشق طريقه بدون انفجار الثورة التى لم تكن ضرورة من ضرورات التطور الرأسمالى اللاحق فى فرنسا.
ونتيجة للازدواج كانت الثورة مزدوجة، أىْ ثورة للبورچوازية ضد الإقطاع بتحالف مع طبقات شعبية بتضليلها بشعارت خادعة عن الإخاء والحرية والمساواة ، وثورة مضادة للبورچوازية ضد الشعب، ثم اتجه صراع الرأسمالية إلى الشعب فأقامت نظاما استغلاليا ومستبدا واستعماريا. ولا شك فى أن مسألة إلى أىّ حد استفادت الطبقة الرأسمالية الصاعدة من الثورة تحتاج إلى بحث مستفيض لا يتسع له المجال هنا.
والحقيقة أنه لا معنى لأن نصنِّف الثورة الفرنسية على أنها ثورة بورچوازية أو ثورة رأسمالية لأن صانع النظام الرأسمالى هناك كان التراكم البدائى للرأسمال ثم التراكم الرأسمالى ولم يكن صانعها الثورة. غير أن الثورة أسبغت على فرنسا وَهَجًا لا ينطفئ.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو نظرية علمية للثورات الشعبية
- زيارة جديدة إلى ثورة يناير
- العيد الرابع لثورة يناير
- الطابع القانونى للثورات
- تسييس محاكمة مبارك؟
- الثورات الشعبية عفوية بالضرورة
- انظر أمامك فى غضب
- مفهوم جديد للثورة الشعبية
- تسييس محاكمة مبارك وعصابته
- تهجير رفح المثير للجدل
- مصير الثورات الإسلامية الراهنة
- تاريخ وتحليل الثورات الشعبية فى مصر عند لويس عوض
- المسألة الفلولية
- العنف .. فى جوهر الإسلام؟
- الثقافة ومستقبل مصر
- ثورة أم ثورتان؟
- الثورة الشعبية: داية أم احتجاج؟
- استدراك بشأن الثورة الاجتماعية-السياسية والثورة الشعبية
- مقدمة عن اليسار العربي والثورات العربية
- ليس من حق رئيس الجمهورية


المزيد.....




- احتجاجات ورفض لتقسيم أوكرانيا.. متظاهرون غاضبون من قمة ألاسك ...
- بيان صادر عن القوى والفصائل الفلسطينية من القاهرة
- القوى والفصائل الفلسطينية: الأولوية لوقف العدوان ورفع الحصار ...
- بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الاتح ...
- القوى والفصائل تؤكد أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة هي الو ...
- الاشتراكي الديمقراطي ”الحكومة فشلت في ادارة الاقتصاد” - يطال ...
- محمود عباس يؤكد ضرورة تسليم الفصائل الفلسطينية سلاحها للسلطة ...
- بنعبد الله يعزي في وفاة الرفيق حاتم المسيح عضو المكتب الإقلي ...
- م.م.ن.ص// أجنحة الغضب: شهداء غشت والثورة التي لا تموت
- بلاغ المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بشأن وضعية ...


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل كلفت - الثورة الشعبية بين سياقين تاريخييْن مختلفين