أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا شهاب المكي - الإرهاب...الحرية...صناعة من؟....وفي خدمة من؟















المزيد.....

الإرهاب...الحرية...صناعة من؟....وفي خدمة من؟


رضا شهاب المكي

الحوار المتمدن-العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1. قال بعضهم, وانا ارجح وجاهة رايه, ان الحرب ليست الا تواصلا للسياسة بشكل وأسلوب اخرين, اذ لما نشأت حروب في التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر بوسائل عصرها دارت كلها تحت رايات الأطراف التي تديرها أي تحت رايات سياسية.
2. الحرب اذن مسالة سياسية بامتياز ولا تدار الا بالوسائل السياسية ولا تحسم الا بحلول من جنسها بما في ذلك حلول العنف السياسي المسلح.
3. ولان الصراع حول الشأن العام وحول كيفية ادارته بما في ذلك كيفية إدارة الثروة والاستفادة منها هو صراع سياسي داخل المجتمعات المحلية وبين الدول والأمم, ولأنه , وبصفته تلك, لا بد ان يكون احد اطرافه على الأقل جسما معنويا عاما لقب حتى الان بالدولة.
4. ولما يشتد هذا الصراع ويتحول الى المواجهة العسكرية, يتحول في الان نفسه الى حرب اما من اجل اخضاع الدولة او ابادتها, واما من اجل الاستلاء على مفاصلها وتغيير نظامها او جزء من نظامها, واما من اجل نقد الدولة كأداة للإكراه الجماعي والاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي واستبدالها بجسم جديد يضع مسالة الحكم والثروة امام وسائل الحسم الشعبي المباشر.
5. تفترض الحالة الأولى لهذا الصراع تدخلا اجنبيا مباشرا وحاسما, وتفترض الحالة الثانية ثورة شعبية تنتهي عموما بتغيير النظام السياسي لينسجم مع التطور النوعي للقوى المنتجة الجديدة وعلاقات انتاجها (يمكن ان تكون ثورة فرنسا سنة 1789 نموذجا لهذه الحالة). اما الحالة الثالثة فتفترض أيضا ثورة شعبية كجواب حاسم عن ازمة النظام الراسمالي العالمي, وبصفتها تلك , تستهدف الثورة جهاز الدولة ونظامها السياسي كاجهزة للاكراه الجماعي والاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي بغاية استبدالهما بجسم جديد يضع مسالة إدارة الشأن العام بما في ذلك إدارة الثروة وتحقيق الرفاه العام امام وسائل الفصل الشعبي المباشر, وبذلك تضع الثورة حدا لهيمنة طبقة سياسية يتداول أطرافها على الحكم وإدارة فنون النفاق وإدارة المشاهد الفرجوية في الفضاءات العامة دون ان تكون قادرة على تغيير الأوضاع الاجتماعية فتكتفي بهوامش الترقيع.
6. ان الحالة الثالثة هي الان الحالة الطاغية على المشهد السياسي والاجتماعي عبر صراعات سياسية واجتماعية وجيوسياسية بعدما تعولمت ازمة النظام الراسمالي المتوحش واتجه اقتصادها الى الركود والانكماش والاحتكار والتفليس والتفويت والمضاربة وبعدما اتجه تحميل تبعات الازمة الى الفئات الوسطى فتدحرجت الى مصاف الطبقات الفقيرة والمهمشة فاقدة بذلك دورها التعديلي الذي ادته لعقود من الزمن.
7. تشكلت قوى اجتماعية واسعة بعدما اشتركت في الفقر والقهر والبطالة والتهميش, ونمت تبعا لذلك احتجاجات عارمة وشاملة في كافة الساحات العامة عبرت فيها عن رفضها تحمل تبعات ازمة التوحش الراسمالي. وحين تعولم الاحتجاج وتنوعت اشكال المقاومة، رن جرس الخطر الداهم, خطر الشعوب ولم يعد امام النظام الراسمالي العالمي الا ان يستعد لخوض حربين: حرب بينراسمالية تستهدف إعادة الانتشار والتموقع للوصول الى الخامات والسيطرة على الجغرافيا. انها حرب الأسعار والبورصات شكلت فيها العقوبات الاقتصادية سلاحا هاما في تحقيق الأهداف الجيوسياسية كما زادتها المضاربة بالعملة وأسعار الصرف وأنظمة إدارة التيسير الكمي حدة وتعقيدا. اما الحرب الثانية فحرب على الشعوب الضعيفة تديرها الان هيئات المال والأعمال وهيئات التجارة العالمية بروافدها الإعلامية والمخابرتية والعسكرية للهيمنة على مقدرات الشعوب وثرواتها وبسط نفوذها على القرار السياسي للدول وتوجيهه وفق مصالحه.
8. لم يعد للدول "المتقدمة" او ما تبقى منها في شكل حكومات تسير نحو فقدان ما تبقى لها من شرعية برلمانية /انتخابية الا ان تتحول الى جهاز حرب اقتصادية واجتماعية على شعوبها في مناطق "رفاهتها" والى جهاز حرب شاملة على شعوب ودول ما يسمى بالعالم الثالث.
9. ولما نشأت توازنات اقتصادية وعسكرية ومالية جديدة, ولما عادت قوى أخرى الى المنافسة الشرسة, لم يعد بالإمكان نشوب مواجهات عسكرية تقليدية بين الدول الاستعمارية لاستحالة خوضها دون وسائل الدمار الشامل, ولما ازدادت حاجة النظام الراسمالي العالمي الى الحرب الشاملة وتقلصت حظوظ المواجهات التقليدية المباشرة والمفتوحة كان لا بد من الإجابة عن السؤالين التاليين: كيف يمكن إدارة الحرب داخل النظام الراسمالي ذاته وإدارة نفس الحرب على شعوب العالم وجرها عنوة على القبول بتحمل تبعات الازمة الراسمالية دون احتجاج او دون سقف الاحتجاج الذي يسمح به النظام نفسه؟ كيف يمكن شن هذا النوع من الحرب دون خوضها بصفة مباشرة ودون التورط الفاضح فيها؟
10. تلك هي المعضلة التي ارقت مهندسي الحرب منذ تسعينات القرن الماضي. ولكن بعد مشاورات عسيرة ودراسات عميقة, اهتدى مهندسو الحرب الى صنع وسائط الحرب ووكلائها. بحث المهندسون في الخصائص الدينية والثقافية والاثنية والعرقية والجهوية, كما بحثوا في المرجعيات الأيديولوجية للفرق الدينية لحثها كي تصبح تنظيمات سياسية/دينية, وبحثوا أيضا في منظومة الهجرة الى الشمال بعدما استنزفوا عرق العمال ودمائهم لبناء مدنهم الحديثة واخترقوا الجميع ووجهوا الكل الى الصدام وبذلك هيئوا مناخ التوتر واعدو ما يستوجب لخوض الحرب واطلقوا عليه اسم الإرهاب. شكل مهندسو الحرب المشهد برمته وهم يوجهون تفاصيله بدقة كبيرة. لقد أعطوا لحربهم اسما وعدوا: الحرب ضد الإرهاب.
11. ان حرب الوكالة التي تدور الان هي حرب تقايض الحقوق الأساسية التي تنادي بها الاحتجاجات والانتفاضات والثورات "بالامن والأمان والاستقرار تحت راية الوحدة الوطنية المقدسة " وهي مقايضة تنحرف بالمطالب الشعبية وتحول وجهتها ووجهة الصراع الذي يدور ويتعاضم منذ بداية القرن بين قوى الشعب وقوى النظام الراسمالي العالمي الذي يتخبط داخل ازمة هيكلية حادة. وقد تمازجت المسالتان الاجتماعية والوطنية لدى شعوب العالم لتحوّل المسالة السياسية الى مسالة تحرر سياسي وانساني بامتياز يستهدف الدولة المعاصرة كدولة فاشلة بدات تتحول بثبات الى جهاز حرب شاملة على الشعوب.
12. ومن مفارقات هذا العصر ان تشتد الحاجة الى شن الحرب الشاملة في الوقت الذي لم يعد بإمكان الدول ان تتصادم عسكريا وبصورة مباشرة لذا نشات حرب الوكالة لتحقق غايات واستراتيجيات النظام الراسمالي العالمي.
13. ان الإرهاب اليوم وتحديدا في مظهره الداعشي هو حرب الوكالة بامتياز ,وقبل "داعش" سبق لمهندسي الحرب الشاملة ان جندوا شبابا وساعدوا على انشاء التنظيمات الحربية في شكل بؤر للتوتر تنتشر هنا وهناك, اما الان, ومن اجل ان تستمر الحرب وتتوسع أينما وجب لها ان تتوسع, تاكدت الحاجة الى صنع تنظيمات نوعية جديدة قادرة على احتلال الأرض وممارسة الحكم والقضاء, والتحكم في الثروة, وقادرة على التمدد جغرافيا ككيانات ثابتة, وقادرة على السيطرة على وسائل القتل والترويع.
14. لقد زرع مهندسو الحرب دولة إرهابية في منطقة الشرق الأوسط لتنطلق في توسعها الى الشرق الأقصى وتلامس بذلك الحدود الجنوبية لروسيا الاتحادية كما تتوسع غربا لتؤسس امارات وولايات في اشمال افريقيا فافريقيا بكاملها وتتوسع جنوبا لتهدد بلدان الخليج.
15. تسعى دولة الإرهاب المستحدثة الى التوسع في كافة الاتجاهات بما في ذلك البلدان التي تدور في الفلك الأمريكي الاوروبي الصهيوني من الذين كلفوا في البداية بتمويل نشاة دولة الإرهاب والذين يؤمرون الان بالمشاركة في الحرب "ضد" هذه الدولة.
16. مرة أخرى نكون امام مفارقة من مفارقات هذ العصر: كيف يمكن ان تكون دول داعمة وراعية لدولة الإرهاب وفي ذات الوقت داعمة وممولة ومشاركة في الحرب على دولة الإرهاب؟؟!!
17. لا يفرق النظام الراسمالي العالمي اليوم بين ال"صديق" وال"شقيق" وال"عدو"الا بقدر قبول الأصدقاء والاشقاء والاعداء على حد السواء باجندات القوى النافذة والمهيمنة والا بقدر فرض هذه الاجندات على الجميع بوسائل العقاب او بوسائل التهديد بالحرب او بسائل العدوان. وتتولى دولة الإرهاب الجديدة هذه المهمة بامتياز لذا نرى مهندسي الحرب يتوقعون لانهائها مرور عقودا من الزمن وهو وقت كاف لتجزئة المجزا واضعاف الجميع والاستحواذ التام على الثروة والحكم عبر بيادق جددا لا يتقنون الا فنون الطاعة للراعي الأكبر الداعش الأصلي.
18. تتحرك دولة الإرهاب في الشرق الأوسط وخارجه على أسس دينية يظهر من خلالها الدين الإسلامي في عيون الجميع كمصدر للتوتر والتخلف والجريمة ويظهر من خلالها المسلمون في ثوب الغزاة والإرهابيين ينبذهم ويحتمي من شرهم جميع الناس وهكذا يكون الإسلام والمسلمون حطب الحرب ووقودها.
19. لقد حققت دولة الإرهاب في الشرق الأوسط نجاحات نسبية في نظر مصنعها وعليها ان تحقق كافة أهدافها في قلب أوروبا اذ عليها ان تستهدف ما يحرص عليه الأوروبيون من الحريات الفردية والجماعية (شارلي هبدو) كبداية لمسلسل يطال مواقع أخرى لا محالة.
20. حرصا من مهندسيها الأصليين الموجهين الحقيقيين لأعمالها ونشاطاتها الإرهابية، تتولى الان دولة الارهاب ترويع الأوروبيين وتحريضهم ضد الأجانب وضد المسلمين وتحويل الطلب الاجتماعي لشعوبها الى وحدة وطنية مقدسة.
21. يعود التاريخ في شكل مهزلة لنرى قادة هذه الدول "تلتحم" مع شعوبها...كم هم في حاجة الى قلوب شعوبهم, كم هم في حاجة للنصب على شعوبهم, كم هم في حاجة الى تحويل وجهة الصراعات الاجتماعية في أوروبا من صراع مع دولة المال والاعمال الى وحدة مقدسة معها. لا يهم في حسابات مهندسي الحرب ان يطال الإرهاب مواطنين فرنسيين او مواطنين من جنسيات اخرى اذا كانت الاغتيالات والقتل الجماعي في قلب أوروبا قادرة على جعل الجميع ينظرون بعين واحدة لعدو واحد وقادرة على الانحراف بالحراك الاجتماعي المتنامي ضد النظام الرأسمالي العالمي الى وحدة مع زبانيته من حكام واعلاميين وهيئات مدنية, بل قد يكون من الضروري ومن اوكد واجبات مهندسي الحرب ان يستهدف الاغتيال رموزا لحرية الفكر والتعبير في أوروبا كما يستهدف رموز النضال في تونس وفي غيرها من بلدان الحراك الثوري اذا كانت الغاية من ذلك تحقيق توازنات جديدة تؤمن للنظام الراسمالي الاستمرار.
22. ان دولة الإرهاب سلعة جديدة من سلع النظام الراسمالي العالمي تنتهي صلوحيتها يوم تنتهي مهامها في تجزئة المجزا واضعاف الضعيف وتهميش المنافس وتحويل وجهة الصراع من اجل العيش الكريم والرفاه الجماعي وامتلاك الثروة والنفاذ الشعبي الى الحكم الى وحدة وطنية مقدسة تنام فيها الضحية بين أحضان جلادها والنعجة بين مخالب الذئب.



#رضا_شهاب_المكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النموذج التونسي
- انتهى -الانتقال الديمقراطي-
- الانتخابات في تونس ما بعد الثورة المعطلة:رؤوس تهوي ورؤوس حان ...
- الانتخابات، وبعد؟
- مصطلحات توحد حولها الشيوخ والشتات لنشر سموم ومهازل الانتخابا ...
- من يختلف مع اصطفافهم وبدائله معروضة للمناظرة والمجادلة يجلس ...
- هم الشيء ذاته: لبراليون. لبراليون..وان انكروا فهم التوحش ذات ...
- في الإستحقاق الاجتماعي لثورة الشعب التونسي
- عودة النظام القديم وإعادة الاعتبار لرموزه, وبعد؟


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا شهاب المكي - الإرهاب...الحرية...صناعة من؟....وفي خدمة من؟