أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-5















المزيد.....

الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-5


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4689 - 2015 / 1 / 12 - 15:54
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


ارتكب الاتحاديون أول إبادة جنس جماعية. في القرن العشرين باغتيالهم أمة الأرمن مع سبق الإصرار والترصد. وفي غرة يناير 1917 أنهت الحكومة العثمانية القضية الأرمنية رسميا وأبطلت المادة "61" من معاهدة برلين 1878 مدعية بانها عقيمة لا جدوي منها؛ إذ لم يعد ثمة وجود للأرمن في الدولة العثمانية .
وبينما انتصرت حكومة الأستانة علي الجبهة الإثنية ، راحت تتمرغ في هزائم متلاحقة ؛ إذ اجتاح الموت جبهات الدردنيل وبلاد الرافدين وعلي ضفاف قناة السويس وسيناء، ثم أخيرا شبه الجزيرة العربية وسورية وفلسطين. وفي حين اتفقت دول الوفاق علي اقتسام أملاك السلطان الآسيوية ( سايكس بيكو) ، فما برحوا ينثرون الوعود بوطن قومي للعرب واليهود واليونانيين من رعايا السلطان.
عندئذ ، استغرقت الدولة العثمانية في سكرات الاحتضار . ولاح في الأفق انمتصار روسيا عليهم وضم أرمينية العثمانية صار وشيكا . بيد ان ثمة ترياقا وسط هذا الاحتضار اتاح لحكومة الأستانة عودة روحها مؤقتا : غنه الغليان الثوري الذي اجتاح روسيا القيصرية. ففي مارس 1917 اندلعت الثورة الروسية الأولي في بتروجراد وأسفرت عن إلغاء القيصرية. وجاءت بحكومة مؤقتة لم يكتب لها البقاء طويلا بسبب إصرارها علي مواصلة الحرب إلي جانب حلفاء روسيا القيصرية.فأطاحتها ثورة أكتوبر الاشتراكية التي قام بها البلاشفة في 7 نوفمبر 1917 وأسست سلطة السوفيات في البلاد.
أدخلت هذه التطورات الثورية تغييرات جذرية في حياة شعوب ما وراء القوقاز الثلاثة: الأرمن الشرقيون ( الروس) والآذربيجانيون( التتر) والجورجيون( الكرج) . فمن أجل إدارة شئون هذه المنطقة الحيوية إستراتيجيا لروسيا، عينت خكومتها المؤقتة " لجنة خماسية" من ممثلي قوميات المنطقة برئاسة روسي بدلا من حاكمها القيصري.اما أرمينية الغربية التي يحتلها الجيش الروسي ، فقد عينت الحكومة المؤقتة "حاكما عاما" عليها يخضع لها مباشرة.
ولكن سقوط الحكومة المؤقتة وانتقال الحكم إلي البلاشفة ، جعل التدابير المتخذة آنفا حيال القوقاز غير مجدية. ففي 8 نوفمبر 1917 أعلن البلاشفة مرسوم السلام، وفيه طالبت روسيا الدول المتحاربة بعقد الصلح الديمقراطي العادل وحق تقرير المصير لجميع شعوبها بحرية تامة. وينطبق هذا علي أرمن أرمينية الشرقية " الروسية".
بيدأن الأحزاب المناوئة للثورة البلشفية في إقليم ما وراء القوقاز : المنشفيك الجورجي والمساواة الأذربيجاني والطاشناق الأرمني، قد أسسوا في 15 نوفمبر 1917 قوميسارية ( مفوضية) إقليم ما وراء القوقاز في تفليس بجورجيا. وفي 27 نوفمبر 1917 ألف ممثلو الأحزاب فيما وراء القوقاز هيئة تنفيذية عليا عرفت بسايم ( البرلمان القوقازي).
وقد سيطرت هذه القوميسارية علي ما وراء القوقاز عدا باكو وما حولها في آذربيجان التي تأسست بها سلطة سوفيتية محلية برئاسة الأرمني البلشفي إستيبان شاهوميان (1878-1918). واعترف البلاشفة بهذه السلطة المحلية بصفتها نائبة عنهم في هذا الإقليم، ثم عينوا شاهوميان في 29 ديسمبر 1917 مندوبا فوق العادة لشئون القوقاز.
وبموجب مرسوم السلام، أعلن البلاشفة وقف القتال علي الجبهات الروسية في 5 ديسمبر 1917 ثم عقدوا الهدنة في 15 ديسمبر . هذا، وقد أبرمت قوميسارية ما وراء القوقاز " معاهدة إرزنجان" في 18 ديسمبر 1917 الخاصة بوقف القتال في جبهة القوقاز.
حينئذ، كانت القوات الروسية لا تزال تحتل شرقي الأناضول بما فيه معظم أرمينية الغربية. وخلال يناير 1918 انسحبت القوات الروسية من جبهة القوقاز عائدة إلي روسيا ذاتها للدفاع عن السلطة السوفيتية. لذا ، تركت مهمة حراسة هذه الجبهة إلي الأرمن والجورجيين وغيرهما من شعوب ما وراء القوقاز. احتلت القوات الأرمنية المواقع الحربية من يريفان وتولت الدفاع عن جبهة الجنوب، بينما تولت القوات الجورجية الدفاع عن شمال الجبهة.
وإلي جانب هذا ، حددت الحكومة السوفيتية موقفها الصريح من القضية الأرمنية بموجب مرسوم أصدرته في 11 يناير 1918 . ومما جاء فيه :" ان مجلس مفوضي الشعب يعلن للشعب الأرمني، أن حكومة العمال والفلاحين في روسيا ستدافع عن حقوق الأرمن في أراضي أرمينيا التي اغتصبتها الدولة العثمانية. وذلك باعترافها بحقهم في تقرير مصيرهم بحرية إلي حد الاستقلال التام". كما طالب هذا المرسوم أيضا بجلاء الجيوش عن أرمينية الغربية وتسهيل عدوة جميع المهاجرين والمنفيين الأرمن إليها". وقد كلف لينين شاهوميان بالإشراف علي تحقيق المهام سالفة الذكر.
بيدأن ما أعطاه البلاشفة للأرمن بيمناهم سرعان ما أخذوه بيسراهم عندما أبرموا معاهدة صلح " بريست – ليتوفيسك" في 3 مارس 1918 مع الدولة العثمانية وألمانيا والنمسا والمجر. فطبقا لهذه المعاهدة التزمت روسيا بان تعمل كل ما في وسعها لتأمين الجلاء عن ولايات الاناضول الشرقية ( معظم أرمينيا الغربية) جلاء سريعا وتسليمها بانتظام إلي السلطات العثمانية. وتنسحب القوات الروسية من أقاليم جارس وأولطي وأردهان وأرتفين وباطوم ( في أرمينية الشرقية وجورجيا) التي كانت قد تنازلت عنها الدولة العثمانية في برلين 1878 . اكثر من هذا ، لن تتدخل روسيا في إعادة تنظيم العلاقات القومية والدولية لهذه المناطق، بل تترك لشعوب هذه المناطق حرية تنظيم مسئولية حل وتسريح الفرق الأرمنية المؤلفة من الرعايا الروس والعثمانيين الموجودة في روسيا وفي الولايات ( العثمانية) المحتلة وسوف تعمل علي تفريق هذه الفرق بشكل تام.
وبعد ان اتضحت المواقف المتناقضة لروسيا السوفيتية شطر الأرمن ، رفض الوفد القوقازي الاعتراف بمعاهدة " بريست- ليتوفسك" . وكان هذا الوفد قد حضر للتوقيع علي المعاهدة مقابل الاعتراف باستقلال دول القوقاز. عندئذ ، قرر البرلمان القوقازي ( سايم) الانفصال عن روسيا في 22 أبريل 1918 وتأسيس جمهورية ما وراء القوقاز الديمقراطية الفيدرالية.
في ذلك الوقت، قهقهت المقادير في وجه الأستانة .إذ أن تفرق شمل القوات الروسية إثر انقلابات عام 1917 وامتيازات "بريست- لوتفسك" قد رسما أمامها خيالات واسعة: استرداد الأراضي المفقودة منذ عام 1878 ، واحتمال استرداد جميع ما التهمه القياصرة علي مر العصور. ولم يعد أفق الدولة العثمانية عهدئذ هو ذري القوقاز. بل زاغ بصرها إلي أرجاء ما وراء القوقاز وبحر قزوين المترامية الأطراف واستثار هذا الوضع مجددا شهوة الاتحاديين للمضي بقواتهم إلي باكو وضم مسلمي الإمبراطورية القيصرية المنصرمة التي مزق الغليان الثوري أطرافها إلي أحضان الأستانة.
بيد أن خيالات الأستانة الواسعة قد اصطدمت بطموحات حليفتها برلين التي رات في الهيمنة العثمانية علي القوقاز خطرا علي أهدافها الاقتصادية هناك: الحقول النفطية في باكو والثروات المنجمية الأخري عبر القوقاز. لهذا ، دار صراع خفي بين الأستانة وبرلين، وضع أنور علي أساسه خطة لهجوم عام علي القوقاز يسبق الهجوم الألماني. ووفقا لهذه الخطة ، كان علي الجناح الأيسر للجيش العثماني ان يتجه إلي مدينة تفليس، بينما تقوام قوات الوسط بحركة كماشة حول أرمينية الشرقية. أما الجناح الأيمن فإنه يزحف عبر ريف أرمينية نحو مدينة باكو.
اندفع الاتحاديون صوب بحر قزوين لتنفيذ حلمهم الطوراني حتي استولت قواتهم في 15 أبريل 1918 علي باطوم شمال جبهة القوقاز داخل الحدود الروسية. وفي 25 أبريل 1918 أمر الجورجيون الجيش الأرمني بتسليم جارس شمال وسط الجبهة إلي القوات العثمانية التي تحاصرها دون قتال بعد مغادرة سكانها الأرمن الذين كانوا علي استعداد للقتال.
وقتئذ، ذهب مندوبو ما وراء القوقاز إلي باطوم لإبداء موافقتهم علي بنود " بريست- ليتوفسك" بيد أنهم فوجئوا بالأتراك يطالبونهم فورا بإخلاء إقليمي أخالكالاك وأخالتسخا الجورجيين ، فضلا عن النصف الغربي من إقليم يريفان الأرمني فوق امتيازات المعاهدة. عارض ممثلو أرمينية وجورجيا هذه المطالب لأنها تمس أراضيهما مباشرة، في حين لم يعارضها ممثلو أذربيجان لعدم مساسها أراضيهم. وبدون انتظار ردهم، غزت القوات العثمانية الكسندربول واستولت عليها. ثم سارت في اتجاه تفليس ويريفان.
إذ ذاك ، تخوفت ألمانيا مما قد يحدثه ذلك من توتر علاقاتها مع روسيا ، فضغطت علي الأستانة لعدم انتهاك حدود"بريست- ليتوفسك". ثم أرسلت مراقبا إلي باطوم الذي قرر بأن الأتراك يخططون لقتل الأرمن جميعا فيما وراء القوقاز ويبغون تأسيس دولة تركية موحدة مع أذربيجان.
وعندما أثبتت الضغوط الألمانية علي الأستانة عدم جدواها واستحكم الخلاف بين الشعوب الثلاثة الرئيسية في القوقاز علي شروط الصلح مع الدولة العثمانية، راح كل شعب منهم يبحث علي حده عن طوق نجاته. فمنذ 14 مايو 1918 يناشد الجورجيون حماية الألمان. وهو ما تحقق في 26 مايو 1918 عندما أعلنوا استقلالهم عن جمهورية ما وراء القوقاز ورفعوا العلم الألماني في تفليس. وفي اليوم التالي ، أعلنت أذربيجان استقلالها واوت إلي أحضان الدولة العثمانية وأيدت مشروعها الطوراني. ولكن لما كانت باكو في أيدي ائتلاف بلشفي- طاشناقي ، فقد اختار الآذريون إليزافيتبول( كيروف آباد) لتكون عاصمة مؤقتة لحين وصول القوات العثمانية لتحرير باكو .وهكذا،أضحي الأرمن بمفردهم. ولم يكن أمام مجلسهم الوطني في تفليس خيار سوي إعلان استقلال الجزء غير المحتل من أرمينية الشرقية في المنطقة المحيطة بيريفان حتي يكون قادرا علي التفاوض مع الوفد العثماني في باطوم ولإنقاذ ما تبقي من وطنهم الأم .



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-4
- الأرمن تحت حكم الاتحاديين (1909-1918)-3
- الأرمن تحت حكم الاتحاديين (1909-1918)-2
- الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-1
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-5
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-4
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-3
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-2
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-1
- نشاط الأرمن في الصحافة والأدب في مصر - 4
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-2
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-1
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -2
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -1
- نشاط الجالية الأرمنية في التعليم في مصر خلال القرن التاسع عش ...
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-2
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-1
- الأيتام الأرمن في مصر (1923-1927)


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-5