أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - السيسى والدين














المزيد.....

السيسى والدين


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 17:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يحرص الرئيس السيسى على توكيد وتكرار أنه رئيس مسلم وأنه رجل متديّن وأنه شديد الاهتمام بالدين وبالأخلاق. قد يرى البعض فى هذا نوازع سيكولوجية أو أغراضا نفغية. لكننى لا أرى هذا. إننى أعتقد أن الرجل صادق فى اعتزازه بإسلامه، صادق فى رضاه بتديّنه. هذا حق للرجل لا ينكره عليه منصف. هذا حق للرجل لكنه ليس حقا لرئيس الجمهورية، بل إنه عند رئيس الجمهورية خطأ شديد الخطر. إن الناخبين الذين انتخبوا السيسى رئيسا لم ينتخبوه رئيسا مسلما لدولة مسلمة بل انتخبوه، حتى وإن لم يعوا ذلك، رئيسا مدنيا لدولة مدنية.
هذا ما يُفترض أن يقضى به الدستور، برغم ما عاب هذا الدستور من تشويه ومن تمييع لمعنى الدولة المدنية، إذ عمل من صاغوا الدستور على أن يحشوه بمتناقضات لإرضاء كل الأطراف، فلم يأتِ دستوريا توافقيّا كما ينبغى أن يكون، بل جاء دستورا ترقيعيّا يجد فيه كل راغب بغيته. ميّع صائغو الستور معنى الدولة المدنية وخلطوا به مفهوم الدولة الدينية، ووجدوا أستاذا جامعيا يفثيهم بأن الدولة لا يقال عنها أنها مدنية، مع أن وصف الدولة المدنية كان هو البديل المتاح عن الوصف الأكثر دِقة، وهو وصف الدوىة العلمانية، بعد أن لجأوا لكل وسائل الإرهاب الفكرى حتى جعلوا كلمة "العلمانية" "تابو" أو "أناثيما"، بينما العلمانية فى معناها الاصطلاحى البسيط الؤاضح هى إبعاد المؤسسات الدينية عن التحكم فى أجهزة الدولة أو التدخل فى شئون الدولة.
أعود لإصرار وإلحاح الرئيس السيسى على الدين والتديّن والأخلاق. إنه بهذا الإصرار والإلحاح يفتح المجال واسعا أمام دعاة الدولة الدينية. الرئيس المدنى لدولة مدنية لا يحكم بموجب تغاليم الدين، أىّ دين، بل بموجب أحكام الدستور والقانون. والأخلاق مجالها حياة الفرد وعلاقات الأفراد ببعضهم البعض. للمجتمع آن ينبذ فردا لسوء أخلاقه، لكن ليس للدولة أن تحاسب مواطنا بمقتضى معيار أخلاقى، بل تحاسبه بمقتضى القانؤن الوضعى وتحكم عليه بما ينصّ عليه القانون.
يتحدث الرئيس السيسى عن الخطاب الدينى وضرورة مراجعة الخطاب الدينى. من ذا الذى يفوم بهذه المراجعة؟ شيوح الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوفاف (وإن كنت أرى أن ليس لوزارة الأوقاف أن تتكلم فى الدين، فهذه وزارة تنفيذية فى حكومة مدنية لا شأن لها بالدين)، وأضف لمن ذكرتهم رجال الكنيسة الأورثوذوكسية، كل هؤلاء دعاة فكر رجعى جامد متخلف يقوم على الالتزام بمرجعية النصوص، والالتزام بمرجعية النصوص ينقض مبدأ الاحتكام للعقل. النصوص مهما أضفينا عليها من قدسية لا تفسّر نفسها بل يفسّرها الناس، وليس لأى جماعة من الناس أن يحتكروا الحق فى تفسير النصوص بدعوى أنهم العلماء بينما علمهم ليس إلا محض اجترار لما جاء إليهم من أسلافهم. لقد كان هذا ولا يزال طريق الجمود والتخلف. من يمكنهم نقد ومراجعة الفكر الدينى والخطاب الدينى هم المفكرون والأدباء والمبدعون المتحررون من قبضة المُسَلـّمات الموروثة من زمان غير زماننا وأوضاع غير أوضاعنا، لكن هؤلاء المفكرين والأدباء والمبدعين نحجر على حريتهم فى الفكر والتعبير والإبداع بتجريم ازدراء الدين والإساءة للإنبياء والكفر وارِدّة والإلحاد. ما لم نرفع هذه القيود التى تنفى حرية الفكر والتعبير والإبداع فلن نغرف الطريق إلى التحرّر الفكرى الذى هو شرط لارم لكل تقدّم. لكن الرئيس السيسى يبدو راضيا عن كل هذه القيود وراضيا عن مرجغية قلاع الفكر الرجعى الجامد المتخلف من شيؤخ المسلمين وكهنة المسيحيين.
القاهرة، 3 يناير 2015



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ليست فوق الجميع
- أشتات حول الإلحاد، الثقافة، الحضارة
- شكل كلمات المصحف
- سقراط يناقش أرسطو
- خطاب السيسى: خمس ملاخظات
- مائة يوم
- تأأبين ماهر جرجس (قصّة)
- الحقيقة الميتافيزيقية
- هوامش على حديث وزير الأوقاف
- كوميديا العرب السوداء
- قنطرة الذى كفر: تساؤلات أثارتها رواية عبقرية
- خواطر حول الحرب على الإلحاد
- ما يختبئ فى ثنايا صراع الأوقاف والسلفيين
- السيسى يتخبّط
- محاربة الإلحاد
- تقديس النص
- هل هناك حضارة إسلامية؟
- بعض الأمل
- هل استحق السيسى الرئاسة؟
- إلى الرئيس القادم، مطلب ونبوءة


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - السيسى والدين