مصر ليست فوق الجميع

داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 14:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مصر ليست فوق الجميع
داود روفائيل خشبة

لا أعرف من أطلق فينا شعار "مصر فوق الجميع". مبدئيّا، تنشأ الشعارات حين يتوحد شعب ما أو جماعة ما من الناس على هدف محدد فيكون الشعار رمزا لذلك الهدف وتعبيرا عنه، وحين يتحقق الهدف أؤ تنتهى الأوضاع التى تحدد فيها الهدف ينمحى الشعار، فإذا بقى يكون ضرره أكثر من نفعه. شعار ثورة 1919 "الدين لله والوطن للجميع" ظل حيّا لأن الغاية التى استهدفها لم تتحقق تماما بغد.
شعار "مصر فوق الجميع" محاكاة سخيفة لشعار النازية الألمانية "ألمانيا فوق الجميع"، وكان لهذا الشعار فى أنمانيا النازية معنيان كلاهما بغيض. المعنى الآول معنى عنصرى بمعنى أن الجنس الألمانى أو الشعب الألمانى يسمو فوق كل الشعوب الأخرى وله أن يكون سيدا عليها ويستخدمها كما يشاء. وما أظن أن من أطلق شعار "مصر فوق الجميع" أراد له هذا المعنى العنصرى. نحن نتغنى بحب بلادنا ونتفاخر بما كان لها من أمجاد لم نـُبْقِ على شىء منها. لا بأس بهذا. أما أن نصدّق ما نقوله حين نتغنى ببلادنا فذلك أول الطريق إلى الهاوية.
المعنى الثانى للشعار النارى كان معنى شمؤليا، وهو المعنى الأخطر بالنسبة لنا. كان المعنى أن الدولة فوق جميع مواطنيها، وفى سبيل مجد الدولة يجوز بل يجب التضحية بالأفراد ومصالح الأفراد. إننا جميعا حين يداهم الخطر وطننا نكون على استعاد لأن نضحى بحياتنا فى سبيل الحفاظ على حياة وحرية بقية مواطنينا. هذه التضحية الطوعية شىء والتسليم بأن يكون للدولة الاستبداد بحرية وحياة مواطنيها شىء أخر تماما. هذا المعنى الشمولى البغيض ليس بعيدا منا، بل إن كل الشواهد تشير إلى أننا نمضى إليه بخطى متسارعة فى ظل سلطة لا تقيم للحريات وزنا بل لا تعطى لحياة الآفراد من مغارضيها أى اعتبار.
هذه عجالة أكتبها فى أعقاب فترة مرض طويلة مُمِضة وعملية جراحية كبرى لم أتعافَ منها بعد، فأرجؤ أن يغفر لى القارئ ما فى عباراتى من خلل أو قصور.
القاهرة، 11 ديسمبر 2014

#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل