محمد الشريف قاسي
الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 21:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتقد البعض بنوايا حسنة أو مبيتة أن الديموقراطية كفر،
و خروج عن الإسلام بأسباب متعددة و منها:
أن الديموقراطية كلمة غير عربية و أنها فكر غربي كافر،
لا يجور الحكم بها ( التشبه بالكفار حرام)، رغم أن في القرآن كلمات غير عربية و أن المسلمين الأوئل إستفادوا من غير العرب و أن العلماء المسلمون كانوا غير عرب، مثل البخاري
و مسلم و طارق بن زياد و صلاح الدين الأيوبي وغيرهم ،
و رغم أنهم يستعملون كل ما يأتي من الغرب في حياتهم اليومية. ألا يعلم هؤلاء أن الإنسانية واحدة و أن خيرالناس أنفعهم للناس، و هل كل ما يأتي من الغرب لا نقبله، وهل الغرب كله أسود و نحن كلنا ملائكة، فلنكن واقعيين
و عقلانيين، فماهذا النفاق...إن الغرب الكافر لا يحب لنا الخير و كل ما يأتي من الغرب مضر، أليس حكامكم كلهم عينوا برضى الغرب الكافرو أن هذا الغرب هو الذي يحميكم بجيوشه و سلاحه و قواعده العسكرية ، أليس حكامكم يذهبون للعلاج و الإستجمام عند الغرب و أموالكم في بنوك الغرب الكافر كما تدعون ، لماذا تتمتعون بكل وسائل الغرب من مصنوعات
و منتوجات و لا تحبون أن تتمتعوا بديموقراطيته و حريته،أم أنكم تخافون من شعوبكم ...إن الديموقراطية وسيلة حكم راشد و هي منتوج إنساني علمي و عالمي و ليست ملك للغرب الكافر كما تدعون ، و هل نظام الخلافة ( القديم) هو نظام إلاهي من عند الله أم إجتهاد إنساني مرحلي أقامه المسلمون الأوائل، و أن إنقلبوا عليه بعد الخلفاء الراشدين
و أقاموا ديكتاتوريات متعفنة و قاموا بجرائم و إقتتال بين الإخوة الأعداء ... عن أي إسلام يتكلمون ، هل نظام آل سعود إسلامي أم نظام إيران أم نظام الطالبان .
يقولون لدينا نظام إسلامي و هو نظام الخلافة و هذا يكفينا، رغم أنهم لم يقيموا هذا النظام، بل تحكمهم أنظمة ملكية مستبدة و سارقة ، فهذا منطق بعض الإسلاميين بحسن نية أو من بعض علماء البلاط و خدام الأنظمة القائمة و الفاسدة
و التي لا تريد التغيير السلمي للسلطة و لا الإصلاح من داخل النظام القائم ، بل تريد بقاء الحال على حاله ، لأن بقاء النظام هو بقاء لمصالحها الضيقة ، فهي مرتبطة بالنظام و مستفيدة من بقائه و لتذهب مصالح الشعب للجحيم. ولننقاش نظام الخلافة وعلاقته بالديموقراطية و الديكتاتورية معا، إن نظام الخلافة هو إجتهاد بشري، حيث و بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وآله و سلم ( إنقطاع الوحي) إختلف الصحابة فيما بينهم فيمن يحكم و كيف يحكم ، و إهتدوا إلى نظام الخلافة،
و هو نظام شوري يأخد بمباديء الإسلام من مساواة بين المواطنين و حرية إختيار للخليفة من طرف أكابر الصحابة
و شرفاء القبائل( النخبة) أو ما يسمى ( أهل الحل و العقد)، لأن المجتمع الإسلامي أنذاك كان في حالة تطور من نظام قبلي إلى نظام مدني و كانت الدولة الإسلامية في طور التكوين و الإنشاء ، فلإستمرارية المجتمع المسلم الجديد
و الدولة الفتية كان لبد من وضع نظام من صنع البشر
( الصحابة) لأن الوحي إنقطع بموت النبي الكريم و حيث لا نبي بعده، فجاء دور الإجتهاد و الإستنباط من نصوص الكتاب و السنة، كمصدر للتشريع و التسيير ، فكان نظام الخلافة
و هو نظام شوري أقرب إلى الديموقراطية الحديثة إلا أن هذا النظام لم يدم طويلة، فحكم به أربعة (4) خلفاء،و كان حكما راشدا، و ما لبث أن تحول الحكم إلى (ملك ظالم عضوض)،
و أقيمت مملكة بني أمية التي تحكمت في رقاب الناس
و أموالهم وفق هواها، و وقع ما وقع من الفتن و الإرهاب
و الإستبداد منذ ذلك الزمان، و بقيت تلك السنة السيئة والبدعة الممقوتة إلى يومنا هذا... ومن شاء أن يدرس التاريخ الإسلامي السياسي و الإجتماعي سيرى كيف حكمت الأمة الإسلامية بالإكراه و القوة، و كيف أبيدت المعارضة
و هضمت حقوق المواطن من أجل الكراسي و السلطة الزائفة
و الصراع عليها دون مراعاة لحقوق الإنسان و كرامته و ما أرتكبت من جرائم ضذ الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية
و جرائم الحرب في حق الأمة، غاب الإسلام السياسي
و حقوق الرعية بعد الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، فكانت دولة النبي الكريم هي الدولة القدوى لكل المسلمين في العالم و التي لم تطبق إلا في عهد الخلفاء الأربعة ، و بعدهم كانت حكومات إما فردية أو عائلية مثل حكومات بني أمية
و بني العباس و من جاء بعدهم، و تمزق الصف المسلم
و أنشئت دويلات هنا و هناك، لكن تشترك كلها في حكمها الإستبدادي الديكتاتوري لشعوبها و مواطنيها . و إن أعطيت لها الشرعية الدينية و لممارساتها تحت الترغيب و الترهيب للعلماء و المصلحين و الثوار الأحرار . فكان يسمى الديكتاتور المستبد الظالم بأمير المؤمنين و الخليفة ، و كان يسمى المعارضين له و المطالبين بحقوقهم بالمارقون و الخارجيون و المنافقون و أهل الفتن و الأهواء و إلى غير ذلك من المسميات القبيحة و التي تبيح دمائهم و أموالهم و ديارهم، فكان الحاكم يصل إلى الحكم بإحدى طريقتين إثنتين (2) لا ثالث لهما ، إما أن يرث الحكم عن أبيه أو يأخذه بالقتل
و الإرهاب و الإنقلاب، أما الشعب و المواطنون فغيبوا أو غابوا، فهم كالقطعان يساقون حيث لا يعلمون، لا يهم من يحكمهم و بما يحكمهم ( القابلية للإستبداد) و ذلك لعوامل كثيرة منها :
- دور علماء السلطان ( مات الملك،عاش الملك) في تمكين حكم الطغاة و المستبدين، و التحريض على المعارضة
و تشويهها .
- دور المجتمع ، حيث إنقسم إلى مصلحيين نفعيين وأصحاب الدنيا و زينتها، يتقربون للحاكم و يعيشون في أمان و سلام
و قسم ترك الدنيا و شؤون الحكم و إتجه إلى الروح و الذكر
و التصوف و ترك إصلاح الشأن العام.
- دور المعارضة السلمية في تصحيح الأوضاع و التي قادها الكثير من العلماء و المصلحين، و التي كان التعامل معها إما بتشويهها أو السجن أو النفي أو القتل و الإبادة، و من هؤلاء الرجال الإمام الحسين و أصحاب المذاهب مالك و الشافعي
و إبن حنبل و النسائي و غيرهم ، كما كانت المعارضة تتشكل من جماعات فكرية سياسية كبني هاشم و العلويون و الشيعة وكثيرا ما كانت المعارضة تضطر إلى العمل المسلح لإسقاط النظام فتارة تنجح و تارة تباد .
#محمد_الشريف_قاسي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟