أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريهام عودة - لا لعبادة الأصنام !














المزيد.....

لا لعبادة الأصنام !


ريهام عودة

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 02:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتميز الإنسان منذ عدة عصور زمنية ببحثه المستمر عن الأمن و الحماية و الراحة النفسية ، فالنفس البشرية منذ الأزل وهي تبحث عن ارتباط ما مع الخالق أو الطبيعة أو أي إنسان أخر قد يمدها بشعور من الطمأنينة و الإحساس بالأمان ، فقبل بداية عصر الديانات السماوية الثلاثة صنع البشر لأنفسهم أصناما تجسد أشكالهم الآدمية من أجل عباداتها حيث رأوا أن هذه الأصنام هي الآلهة التي سوف توفر لهم الحماية و الأمان و سوف تساعدهم على تحدي الصعاب و حل جميع مشاكلهم اليومية وذلك فقط بمجرد الإخلاص لها وتقديم القرابين و التودد لتلك الأصنام في كافة المناسبات.

لكن مع بدء عهد الديانات السماوية ، ظهرت ثورة دينية في شبه الجزيرة العربية و في بقاع أخرى من العالم ، وبدأ الرسل و الأنبياء يبشرون الناس بأن هناك اله واحد هو من يستحق العبادة و أن الأصنام التي صنعوها بأيدهم لن تجديهم نفعا و لن تحميهم و لن تساعدهم أبدا ، فهذه الأصنام ممكن أن تتحطم في أي لحظه و تتحطم معهم جميع أحلامهم و أمالهم، فالخلاصة التي دعت إليها الديانات السماوية الثلاثة بكل بساطه تتلخص في عبارة نفي واحدة وهي " لا لعبادة الأصنام"

ولكن في عصرنا الحديث هذا و في عالمنا العربي مازال هناك أناس متأثرون بفكرة و ثقافة عبادة و تقديس الأصنام التي يصنعوها بأيديهم ، لكن تلك المرة طبيعة الأصنام التي يعبدوها تختلف تماما عن الأصنام الوثنية القديمة ، ففي القدم كانت الأصنام تصنع من الطين و الحجارة و الخشب أما في عصرنا هذا و في القرن الواحد العشرين فنحن نصنع أصنامنا من البشر أنفسهم وعندما تنهار وتتحطم تلك الأصنام البشرية تتحطم معها أحلامنا و أمالنا و نشعر حينذاك بأننا خسرنا مصدر الحماية و الأمان لنا سواء في حياتنا الشخصية أو العملية.

للأسف يقع كثير من أفراد الشعوب العربية في فخ عبادة أصنام بشرية صنعوها بأيديهم و ذلك عن طريق تقديسهم لشخصيات عامة بشكل مبالغ فيه مثل على سبيل المثال أن يقدسوا قائد أو زعيم سياسي ما ، حيث يقومون بتعليق كل أمالهم و أحلامهم على هذا القائد وينسوا أن هذا القائد ما هو إلا إنسان عادي قد يخطئ و قد يصيب ، قد يخطط لهم لمستقبل جيد أو قد يقودهم إلي الانهيار ، و قد يكون ممثل بارع ذو كاريزما معينه و يستطيع أن يجذبهم بشكل مزيف و يبشرهم دائما بالنصر و قد يكون إنسان صادق وواقعي لكنه غير جذاب ويناقشهم بصراحة عن احتمالية النصر أو الهزيمة ، فالمواطن العربي بطبيعته عاطفي و يحكم على قائده بمدى الكاريزما السياسية التي يتحلى بها هذا القائد بدون عمل أي تحليل أو نقد منطقي لطبيعة الخطاب السياسي الذي يلقيه هذا القائد أمام المواطن العادي.

و الكثير من المواطنين العرب قد يتناسون الطبيعة البشرية التي لا تستطيع الخلود للأبد لذا يستمر الكثير منهم وخاصة الشباب بتقديس شخصيات سياسية معينه ، يرتبطون بها و يعلقون مستقبلهم و مستقبل أمة بأكملها عليها وينسوا أن كل ما هو على هذه الأرض هو بكل بساطة فاني و أن التغيير هو الثابت الوحيد في هذه الحياة.

وقد تبلغ سذاجة بعض المواطنين العرب مستوى كبيرا ، عندما يدعون أن قائد معين يعتبر بالنسبة لهم بمثابة والدهم و أنهم من دونه هم لا شيء ، الأمر الذي يعزز الاعتمادية المباشرة على السلطة الأبوية الشرقية التي تفضل أن تحكم دون أن تسمح بمناقشة الأبناء أو الشعب بالقرارات التي يتخذها الأب الحاكم ، فتصبح سلطه هذا القائد كسلطة الأب الذي يجب أن يطيعوه جميع الأبناء بدون أي مناقشة أو مراجعة لقراراته حتى لو كانت خاطئة ، ويصبح المواطن الذي انتقد قرارات الأب الحاكم كالابن العائق الذي يجب أن يطرد من رحمة والده.

ومن المظاهر التي تدل أيضا على سذاجة بعض المواطنين العرب و المثقفين العرب عندما يقولون عبارة أنه "من ليس له كبير يجب أن يبحث عن كبير" وهذه العبارة تعود إلي الفكر القبلي حيث هناك شيخ كبير لقبيلة ما و هو من يحكم القبيلة بأكملها لوحده ، و تعتبر سلطته و أعرافه بمثابة قوانين إلزامية يجب على جميع أفراد القبيلة أن يحترموها و يطيعوها دون أية مراجعة أو مناقشة لها ، وهنا تتلاشى ماهية الدولة المدنية ودستورها وقوانينها التشريعية التي يجب أن تكون كمرجع موحد لكافة المواطنين ، بحيث يتساوى الجميع أمام قوانين الدولة و لا يخضعون للسلطة المزاجية للحاكم ، فالدستور و القانون يجب أن يكونا هما الفيصل الوحيد و رأس الدولة الذي يجب أن يمتثل أمامهما الجميع بدءا من المواطن العادي وصولا إلي الحاكم أو القائد الأعلى للدولة .

إنها بالفعل أصنام بشرية صنعناها بأيدينا وقدسناه لحد العبادة ، إنها أصنام صنعنها لدرجة أننا عندما نواجه مشكلة صغيرة بحياتنا اليومية نتهرب من مسئولية مواجهتها و نتهرب من التحديات التي تعترضنا فنهرع إلي لوم الآلهة البشرية التي نعبدها و نناشدها في كل مرة لتنقذنا و ننسى أو نتناسى أننا نتحمل المسئولية الكبيرة عن حياتنا و قراراتنا و مستقبلنا وحتى قدرنا.

إننا نتجاهل أيضا أن هذه الأصنام الأدمية ما هي إلا بشر مثلنا لا تملك أن تقدم لنا الحل السحري لمشاكلنا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، إنهم بشر عاديون كانوا أيضا يعبدون أصنام بشرية أخرى مثل بعضنا و قد تحطمت أيضا أصنامهم عبر الزمن .

لذا يجب علينا كشعوب عربية واعية بدلا من أن نصنع أصنام بشرية ، أن نقوم بالعمل على المطالبة بتطوير مزيد من القوانين المدنية التي يجب أن تحافظ و تحمي حقوقنا الأساسية و يجب علينا كمثقفين عرب أن ندعو إلي تعزيز سلطة الدستور و القانون و أن لا نقدس سوا الخالق و أن نبتعد عن تقديس البشر مهما كانت سلطتهم ، فلا خلود لإنسان على وجه الأرض فالبشر زائلون و الوطن هو الباقي!



#ريهام_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيادة الأمل : هذا ما يحتاجه الشعب الفلسطيني !
- مقاومة فلسطينية من وحي الغزوات الإسلامية
- خبايا اتفاقية روما: هل يستطيع فعلا الفلسطينيون محاكمة قادة ا ...
- صيف مشتعل : كيف ستنتهي المعركة مع اسرائيل؟
- المعادلة تغيرت و اسرائيل تستعد لمحكمة الجنايات الدولية
- أبعاد الحملة العسكرية الاسرائيلية و أثرها على اقتصاد الضفة ا ...
- أثرياء فلسطين و التغيرات السياسية
- لعبة الشطرنج بين عباس و نتاياهو، لعبة التحدي...
- عرب ال48: صراع نفسي و أزمة هوية...
- لماذا تهتم اسرائيل بالاقتصاد الرقمي و الالكتروني ؟
- حكومة المصالحة والتحديات الاقتصادية المقبلة
- عمال غزة يكادون أن يشيخوا من شدة البطالة ....
- الحرية الدينية: هل ستسمح إسرائيل لمسلمي غزة أيضاً للصلاة بال ...
- فشل المفاوضات و عقاب إسرائيل الاقتصادي للسلطة الفلسطينية !
- غزة : مختبر تجارب حربيه!
- عنف المرأه ضد المرأه لا ينكر أيضاً
- مفاوضات السلام و عقدة الأمن الاسرائيلية
- أخلاقيات الحروب و النزاعات
- حزب الله : الهدف الأول لإسرائيل
- قوقعة غزة


المزيد.....




- ترامب مشيرًا إلى وجود شار محتمل لـ-تيك توك-: مجموعة من الأثر ...
- شابة تتعرض لهجوم مفاجئ في مياه عكرة نسبيًا على شاطئ بأمريكا. ...
- هذا المطوّر ابتكر تطبيقًا لمكافحة ممارسات ضباط الهجرة والجما ...
- قطاع المتاحف في السودان: خسائر فادحة جراء السرقات والتدمير ا ...
- تكنو
- قادر على رصد الصواريخ فرط صوتية وبالونات التجسس: ما هو رادار ...
- إيران: أكثر من 900 قتيل خلال الحرب وطهران تندد بالسلوك -الهد ...
- إيران تكشف عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية خلال حرب الـ12 يوما ...
- مسح شامل للبشرة لرصد المشاكل وتقديم الحلول
- -لمحاسبة إسرائيل وأمريكا-.. إيران تُطالب بضمانات للعودة إلى ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريهام عودة - لا لعبادة الأصنام !