تناقض الوثائق لما يسمى(وصيه) لينين 5

عبد المطلب العلمي

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 14:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

2.الاتجاه السياسي لنص "للوصيه"

حقيقة أن نصوص "الوصيه" مشبعه بالجدل - شئ معروف جيدا، ولكن لم يتم البحث بشأن ذلك الجدل بشكل صحيح. وهذا أمر مفهوم عند الاخذ بعين الاعتبار ان البحث جرى عادة خارج سياق الصراع السياسي، الذي كان في ذلك الوقت في قيادة الحزب. مع من يدور الجدل؟ وموجه ضده من؟

تبعا لتروتسكي، دخل الى علم التاريخ رأي أن"وصيه" لينين ، نصل سياسي موجه ضد ستالين. في الواقع، جزء من نص "الوصيه" يحمل توجها واضحا ضد ستالين. ولكن هذا لا ينطبق إلا على تلك النصوص ،المشكوك في نسبتها الى لينين("رساله الى المؤتمر" ،"حول مسأله القوميات او حول الحكم الذاتي "،و رسائل5+6اذار الى الى تروتسكي و الى ميدفياني و اخرون) . في جميع النصوص ألاخرى لم يتم الكشف عن هكذا توجه. على العكس من ذلك، "بطل" تلك النصوص تروتسكي، الذي لينين يجادله حول مجموعة معروفة من القضايا،و كما كان من قبل، دون الإشارة إلى خصمه بالاسم.

إعادة تنظيم اللجنه المركزيه،اللجنه المركزيه للرقابه الحزبيه و هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه

في علم التأريخ اقتراح لينين المتعلق بحقوق و واجبات ألاعضاء الجدد للجنة المركزية الموسعة (في نسخته النهائية - أعضاء اللجنة المركزيه للرقابه الحزبيه المعاد تنظيمها) يعتبر أنه موجهة ضد الأمين العام، اي ضد ستالين. ويعتقد أن تلك الحقوق و الواجبات من المكن ويجب ان تقييد نواياه الخبيثة. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتقد أنه في نقده لهيئه التفتيش العماليه الفلاحيه تظهر خيبة أمل لينين بخصوص القدرات التنظيمية لستالين. في رسالة الى اللجنة المركزية ولجنة الرقابة المركزية للحزب الشيوعي الروسي(ب) 23 أكتوبر 1923، كتب تروتسكي: "اتخذت موقفا سلبيا جدا من هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه القديمه. ومع ذلك، فان الرفيق لينين، في مقالته "أفضل أقل، نعم أفضل" قدم تقييما لاذعا لها، وهو ما كنت لأجرؤ ابدا على مثل ذلك ... لنتذكر من وقف على رأسها اطول وقت ، فإنه ليس من الصعب أن نفهم، ضد من كان موجها هذا التقييم". مقطع تروتسكي هذا. يُنظر اليه عاده دون أي تقييم نقدي و يستشهد به بسهوله. المقالات حول إعادة تنظيم هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه لا تعطي أي سبب لتقييم كهذا، والوثائق اللينينيه ألاخرى لا يوجد بها ما يؤكد تفسير تروتسكي لانتقادات لينين للهيئه. لكن من المعروف جيدا أن لينين في المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الروسي(ب) دافع عن ستالين مفوض هيئه التفتيس من انتقادات التروتسكيين .
نعم و مفوضية الشعب العماليه الفلاحيه للتفتيش في أوائل عام 1922، عندما كانت بقيادة ستالين، لم يخصها لينين بالذكر، و لم يعتبرها أسوأ بالمقارنة مع المفوضيات الاخرى. في المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الروسي(ب) ، قال "إنه لدينا 18 مفوضيه، منها 15 على الأقل- لا تصلح لشيء" . في رسائله ومقالاته الأخيرة ، لم يربط لينين تقييمه النقدي لنشاط مفوضيه الشعب العماليه الفلاحيه للتفتيش ، بنشاط ستالين شخصيا فلم يكن لديه سبب للقيام بذلك، كما هو مبين أعلاه، فانه كان على علم بأن الوضع قد ساء بشكل كبير بعد مغادره ستالين لمنصب المفوض الشعبي ليس بسبب سوء الإدارة، بل بسبب الرواتب المنخفضة للغاية للمفتشين، مما ادى الى خروج الموظفين المؤهلين. في الاملاء بتاريخ 29 ديسمبر 1922، قال لينين أن المفوضيه بشكلها الحالي ، هو نتيجه تطورها و ارتباكنا و عدم المامنا بالطرق الناجعه لتطويرها . اما في مقال "أفضل أقل، نعم أفضل"، اعطى المفوضيه تقييما سلبيا للغاية، رابطا هذا التقييم بالمضارع ،قائلا(الآن) ، هذا بعد مرور عام على مغادره ستالين لموقعه كمفوض هناك. إذا اخذنا بعين الاعتبار أن السلطه السوفييتية مر على وجودها ما يقرب من خمس سنوات ، يجب علينا أن نعترف أن عام واحد - فتره كبيرة من الوقت لبناء او تقويض العمل. وإلى جانب ذلك، لاحظ أنه "في ظل الظروف الحالية للمفوضية الشعبية لا يمكننا مطالبتها باي شئ" وأخيرا، أشار إلى أن إنشاء جهاز جيد يتطلب سنوات عديدة، سنوات عديدة،سنوات عديده ". لهذا ليس من المرجح ان لينين قد لام ستالين على سوء قيام المفوضيه بعملها ، حيث كان لينين نفسه يُشغل ستالين بمهام اخرى بعيده عن نشاط المفوضية. لينين لايلوم أحدا شخصيا بسبب عدم قيام المفوضيه بمهامها. لاالمفوض الجديد، ولا ، المفوض السابق.
وهنا نرى نفس النهج في مسألة إعادة تنظيم الهيئات المركزية للحزب - لينين لا يعزو أوجه القصور لهوية المسؤول، والمشاكل القائمة يسعى إلى حلها ليس عن طريق ازاحه المسئولين ،بل عن طريق تغيير ظروف تنظيم العمل . لذلك، فمحاولات تروتسكي تفسير الانتقادات الموجهه لمفوضيه الشعب العماليه الفلاحيه للتفتيش ، بأنه هجوم سياسي ضد ستالين، لا يوجد له أي دعم في النصوص اللينينية .
التوجه المعادي للستالين في "الوصيه" يُعتبر الاقتراح بمنح الحق للأعضاء الجدد في اللجنة المركزية من العمال حضور جميع اجتماعات المكتب السياسي وقراءة جميع الوثائق. لا أستطيع أن اوافق على ذلك. هذا الاقتراح الوارد في املاء 26 ديسمبر و في النسخه الاوليه حول هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه (ماذا علينا ان نفعل مع هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه )، و تم تغييره في المقال" كيف ينبغي لنا إعادة تنظيم هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه " اختفى من النص اللينيني الاشاره الى أعضاء اللجنه المركزية الحائزين على حقوق خاصة ،بالمقارنة مع الحقوق والالتزامات لدى بقيه الاعضاء. بدلا من ذلك،اصبح هناك أعضاء جدد في اللجنة المركزية لهم نفس المهام والوظائف"من العمال والفلاحين" و"عدد محدد" [منهم] "يجب أن يكون موجودا" في اجتماعات المكتب السياسي ، "لفحص و مراجعه جميع الوثائق التي ترد بشكل او بأخر للنظر فيها " . فمن السهل أن نلاحظ أن المهام التي صاغها لينين لاعضاء اللجنه المركزيه للرقابه الحزبيه، مشاركتهم في عمل المكتب السياسي لا يؤدي إلى فرض أي قيد أو تحديد لحقوق أعضاء المكتب السياسي و سلطه الأمين العام. الحق في الاطلاع على الوثائق الوارده إلى المكتب السياسي، تتيح لهم التحضير للاجتماعات والمناقشة، ولكن لم تعطهم الحق في التصويت. حتى ان لينين لم يتطرق لمسأله منحهم حق التصويت في المكتب السياسي، منح صلاحيات لاعضاء اللجنه المركزيه للرقابه الحزبيه لا تؤثر على صلاحيات المكتب السياسي لمعالجة جوهر القضايا المطروحه، كذلك صلاحيات الأمانة العامة للجنة المركزية بتحضير المواضيع للمكتب السياسي، ومعالجة القضايا الأخرى المسندة إليها. وعلاوة على ذلك، لينين ليس فقط لم ينوي وضع اللجنة المركزية تحت سيطرة الأعضاء الجدد وعديمي الخبرة من اللجنه المركزيه للرقابه الحزبيه ، بل عهد الى الامانه العامه للجنه المركزيه، أي إلى ستالين، تعليمهم و رفع كفائتهم. وضع لينين امام الأمانة مهمة:" تنظيم تدريب ألاعضاء الجدد في اللجنة المركزية للرقابه الحزبيه ،دقائق الامور الاداريه ". لينين كن يعرف ، أن هذه مهمة صعبة، لذلك قال ان حلها كما يعتقد، يتطلب عدة سنوات من العمل الشاق .
بالفعل هذه الحقيقة تشير إلى أن ستالين ليس لديه ما يخشاه من هذا الإصلاح. ستالين ايد اقتراح لينين لزيادة عدد اعضاء اللجنة المركزية. و من بين ما قاله في الكلمه الختامية بخصوص تقرير اللجنه التنظيميه للجنة المركزية في المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي الروسي(ب) :"نحن بحاجة إلى أشخاص مستقلين، و بعيدين عن التأثيرات الشخصية ،خاليين من مهارات وتقاليد النضال داخل اللجنة المركزية، والتي وُضعت لدينا ،و التي تؤدي في بعض الأحيان الى القلق و التوتر داخل اللجنة المركزية ... نحن بحاجة الى اناس بعيده عن هذه التقاليد و غير خاضعه للتاثير عليها من اخرين ، من أجل أن يصبح دخولهم اللجنة المركزية ... عامل تلاحم كالاسمنت الذي سيجعل اللجنه المركزيه كفريق واحد موحد غير قابل للتجزئة ،يقوم بقياده حزبنا". بناء على اقتراح من ستالين قام المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي الروسي(ب) بزيادة عدد المرشحين لعضوية اللجنة المركزية للحزب إلى 15، أي أكثر بثلاث مرات من مشروع القرار . وهكذا، فإن وجود توجه مضاد لستالين في النصوص اللينينيه "للوصيه" - ليس أكثر من خرافة تأريخيه. في الواقع فان تلك النصوص تحمل توجها مضادا لتروتسكي.

التوجه المضاد لتروتسكي في نصوص(وصيه) لينين

لينين يشير بالتحديد لمن يوجه النقد- الى "منتقدي الحزب" ويعرفهم أيضا باسم "قضاة الحزب".

لينين لا يشير الى أحد على وجه التحديد، في المقال"حول ثورتنا " يستخدم مصطلح " سوخانيونا.[سوخانوف كان عضوا في حزب الاشتراكيين الثوريين ،ثم انضم للمناشفه-المترجم] . ستالين لا ينتمي لا الى "نقاد" ولا الى "قضاة" الحزب. و هو نفسه كان مُنتَقدا و محكوم عليه من قبلهم. قائمة المسائل،و مواضيع الخلاف التي يناقشها لينين مع "سوخانيونا" يستبعد افتراض ،ان لينين كان يشير الى ستالين. ومن بين هؤلاء النقاد و "القضاة" واحدة من الأماكن الأولى شغلها في ذلك الوقت تروتسكي.
"سوخانيونا"، كما اشار لينين، "غريبه عنهم تماما فكره أن النمط العام للتطور في كل تاريخ العالم لا تستبعد، بل تفترض وجود حقب معينة من التطور ، لها خصوصيتها سواء في شكل أو تسلسل هذا التطور... فهم لم يحلموا أن الثوره من الممكن ان تُصنع و بشكل عام خلاف ذلك " ويُعتقد أن لينين هنا يجادل سوخانوف، المنشفي البارز السابق، حول كتابه "ملاحظات حول الثورة"، وبشكل عام مع المناشفة و الاشتراكيين الديمقراطيين من غرب اوروبا (أبطال الامميه الثانيه) حول أنماط و آفاق الثورة الاشتراكية في روسيا. بطبيعة الحال، معهم ولكن، على ما يبدو، ليس فقط معهم.
نص المقال يسمح لنا بمعرفة لمن كانت موجهه اعتراضات لينين ، تكرارالتعبير مرارا " سوخانيونا" ماذا تعني ؟ما الفرق بين" سوخانيوننا" و "سوخانيونهم" هناك فرق واضح بين العبارتين. إذا كان "السوخانيون" هم المناشفة، فالسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن فهم التعبير "منشفينا"؟ المناشفة كانوا إما في المنفى أو انسحبوا من الحياة السياسية النشطة أو واصلوا العمل السري ضد السوفييت ، أو في السجون. فمن غير المرجح أن لينين كان مهتما بمناقشتهم، اخذين بعين الاعتبار أنه في ذلك الوقت اقترح استخدام أسلوب القمع ضد المناشفة . هل كان يدور في خلد لينين،اؤلك المناشفة ، التي انسحبوا من العمل السياسي النشط، و بقوا اوفياء لآرائهم السياسية، وتعاونوا مع النظام السوفياتي؟ فسوخانوف من ضمن هذه الفئة. إقناعهم بصحة السياسة التي ينتهجها البلاشفة – فهذا منطقي، و من الممكن بذل الجهد لذلك. لكن في المقال لينين لا يقنع فقط بل يناقش . هل كان من المهم له المناقشة مع هذا الجزء من المناشفة؟ فقد اصبحوا غير مؤثرين بشكل فعال على الحياة السياسية للبلاد، أو تخلوا عن خططهم للتأثير. لينين توقف منذ زمن طويل عن الجدال معهم حول الثورة الاشتراكية في روسيا، والتي كان من المستحيل انتصارها عن طريق المناقشات. فقط الممارسة هي ما سيوضح الموقف. بدأ لينين إملاء النص ليس لهم ، وليسوا هم المقصودون بالحجج.
محددا الموقف السياسي "لسوخانينا" ،كتب لينين أن الاشتراكيين الديمقراطيين (اي و المناشفة الروس) يقفون على يمين "سوخانينا" . ونتيجة لذلك، فان "سوخانينا"" أقرب إلى البلاشفة من المناشفة! لا يمكن أن يقال هذا عن المناشفة، حتى الذين تخلوا عن النضال السياسي وتعاونوا مع الحكومة السوفيتية، ولكن لم يتخلوا عن سلاحهم ألايديولوجي. فمن كان الأقرب؟ فقط المناشفة، الذين انضموا إلى الحزب الشيوعي الروسي(ب) ولكنهم لم يصبحوا بلاشفة حقيقيين. تم طرد العديد منهم خلال عمليه تطهير للحزب في عام 1921، ولكن بقى جزءا من المناشفة السابقون في الحزب الشيوعي الروسي(ب)، و لم تطالهم عمليه التنظيف. الم يكن لينين يعنيهم؟ من الممكن. ولكن على الاغلب لم يكن لينين يعني فئه من الحزب، بل بعض الشخصيات المعروفة له، الذين يعبرون عن ميول و وجهات نظر، قريبه من المناشفة، ولكن سياسيا أكثر "يساريه " . ومن المعروف أنه بعد التحول إلى السياسه الاقتصاديه الجديده وهزيمة المبادرات الثورية في بلدان أخرى ،تزايد لدى جانب من أعضاء الحزب الشيوعي الروسي(ب) التشاؤم حول آفاق الثورة الاشتراكية، مما جعلهم أقرب إلى المناشفة. في المؤتمر الحادي عشر من مجموع520 مندوب ذوي حق التصويت كان هناك87 تعود اصولهم الايدلوجيه الى احزاب اخرى ، بما في ذلك 46 من اصول منشفيه ، وفي المؤتمر الثاني عشر من مجموع408 مندوب ذوي حق التصويت كانت نسبه 14,7%منهم اعضاء في احزاب اخرى قبل الانضمام للبلاشفه و55%منهم كانوا مناشفه سابقين. وهكذا، كان ما يقرب من 8الى9%من المندوبين المالكين لحق التصويت، في هذه المؤتمرات من المناشفة السابقين. و تروتسكي لم يكن الاخير من بينهم . في الاوقات الثوريه العصيبه، مهمة تعزيز الإيمان والثقه بأن ما بدأ في أكتوبر 1917، ليس محكوما عليه بالفشل،و أن الصعوبات التي تواجه الثورة،سيتم التغلب عليها، كان مهما لأولئك "منشفينا". لهذا كان من الضروري إقناعهم ، حتى انه كان بين البلاشفة من قلل من قدرات الفلاحين الروس في الثورة الاشتراكية ، من لم يفهم أن السياسه الاقتصاديه الجديده ، هي مناورة تكتيكية لضمان انتصار الاشتراكية على الرأسمالية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي، و اعتبروا بأنها "تطور"، "ولادة جديدة "،" تيرميدور ". اؤلئك الذين اقترحوا اجراء تغييرات سياسيه بالاضافه الى التغيرات الاقتصاديه. أولئك الذين يعتبرون ان مصير الثورة الروسية مرتبط حصرا مع انتصار الثورة البروليتارية العالمية. معهم كان يجب النقاش ، اؤلئك كان يجب السعي لاقناعهم. لذلك، كان لدى لينين سببا كافيا لاهدار وقته وطاقته، لايراد حجج إضافية للنقاش، وللنضال السياسي ضد مثل هذه الميول و وجهات النظر. النقاش معهم ضروري باعتبارهم رفاق في الحزب. في الاعوام1921-1922 لينين مرارا وتكرارا طعن في وجهات نظرهم وتقيماتهم. على ما يبدو، هم من رمز اليهم بعباره"سوخانينا" .
في قيادة الحزب مثل هذه المشاعر والآراء أيضا كانت موجوده . كان تروتسكي يظهرها علنا، مما كان من الممكن أن يكون لها تأثير حقيقي على الحزب وسياساته. ربما كان لينين يقصده في المقام الأول، حين املى "الملاحظات حول سوخانوف" .على اي حال من بين أولئك الذين يمكن أن يكون لينين قد اخذه في عين الاعتبار، تروتسكي، فهو شخصية سياسية كبيره الشهرة وألاهمية. من الممكن بسهولة عزو لوم لينين على الموقف غير الخلاق تجاه الماركسية لتروتسكي ، في تجنب فكره امكانيه تميز أشكال وإجراءات التطورعن تلك التي كانت قد صيغت تبعا لظروف بلدان أوروبا الغربية، خوفا من (أو عجزا) عن "الخروج عن اطر النموذج الالماني "، في "التقليد العبودي للماضي "، في" الفهم المتحذلق الى ابعد الحدود للماركسية "عدم فهم " ان الامر الحاسم في الماركسية ... هو ديالكتيكيتها الثوريه "، فضلا عن عدم فهم وتجاهل توجيهات ماركس حول صواب و استحسان وحده الحركة العمالية مع الثورة الفلاحيه" مما سيخلق حالة ثورية ". يصف لينين "بنمطي تام"، الموقف الذي بدا مرارا في خطب تروتسكي، " لم يحن الوقت بعد للاشتراكية، و انه لا يوجد لدينا ... الشروط الاقتصادية الموضوعية للاشتراكية." تصريحاته العامة تلك،لم يكن باستطاعه لينين تركها دون رد.
نقد لينين هذا ، من الممكن أن يكون الجواب على المداخلات العلنيه لتروتسكي في المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية، و التي كما هو مبين أعلاه، دعم فيها مخططه السابق ، بربط الثورة الاشتراكية الروسية في تبعيه تامه للثوره العالميه ، طارحا وجه نظر ، قليلا ما تختلف عن المنشفيه. الفرق بين تروتسكي والمناشفة أن المناشفة لم يؤمنوا باقتراب الثورة العالميه المنقذه لروسيا السوفياتية، بينما رجح تروتسكي إمكانية حدوث ثورة جديدة في المستقبل القريب، ولكن لم يرى أي آفاق للثورة الروسية،إذا تأخرت الثورة العالمية. وبطبيعة الحال تروتسكي اكثر يساريه من المناشفة كما "سوخانينا"، حسب تقييم لينين. القاسم المشترك لدى تروتسكي، و "سوخانينا" والمناشفة، و "أبطال الامميه الثانيه"، هو انكار وجود القوه الداخلية لدى الثورة الروسية اللازمه للفوز .
محور الرسائل والمذكرات والمقالات التي كتبها لينين ("حول التعاون"، "حول ثورتنا"،"الافضل اقل،نعم افضل"). في المقام الأول نجد بها مسألة تقييم آفاق الثورة الاشتراكية. جميع الإصلاحات المخطط لها، يصبح لها معنى فقط، إذا كان الجواب إيجابيا على سؤال حول آفاق "ثورتنا". في مقاله "حول ثورتنا"،كتب لينين:" قال خصومنا عدة مرات اننا نتخذ موقفا متهورا بزرع الاشتراكية في بلد متخلف ثقافيا. لكنهم كانوا مخطئين في حقيقة أننا بدأنا من النقطه الخطأ نظريا(حسب كثير من ألادعياء)، وان الانقلاب السياسي والاجتماعي لدينا سبق الانقلاب الثقافي، تلك الثورة الثقافية التي ما زلنا نقف الآن امامها". وأعرب لينين عن ثقته في البناء الناجح للاشتراكية مرارا وتكرارا في مقاله"حول التعاون". "في حال انجزنا حركه تعاونيه شامله سنكون قد وقفا بكلتا قدمينا على ارض الاشتراكية." حالة صعبة التحقيق ولكن ليست مستحيلة . في ختام عمله الأخير"الافضل اقل،نعم افضل"، طور لينين الحجج الموجهة ضد تقديرات تروتسكي لآفاق الثورة الاشتراكية في بلادنا.
من المعروف أن لينين وتروتسكي كانا مختلفان إزاء الصعوبات التي واجهتها الثورة. اعتبرها تروتسكي مظهر من مظاهر الضعف العضوي الثورة البروليتارية المعزوله، بحيث لا يمكن التغلب عليها من خلال الاعتماد على القوة الداخلية. لينين، لأنه دياليكتيكي، يعتقد أن الصعوبات أمر لا مفر منه،إن الثورة ستتغلب على الصعوبات و ستنمو . في مقالته "أفضل أقل، نعم أفضل"، كتب يقول: "حياتنا الحاضرة في حد ذاتها تجمع بين الجرأة المتهورة الى درجة مذهلة، مع جبن امام اي تغييرات طفيفة.أعتقد ان الامر لم يكن مختلفا، امام اي من الثورات العظيمة ، لأن الثورات العظيمه حقا ولدت من التناقضات بين القديم، وبين الاتجاه لتطوير القديم والرغبة المجردة نحو الجديد، الذي يجب أن يكون جديدا، بحيث لا ذرة واحدة من القديم فيه. وكلما كانت الثورة اكثر حده، فسوف تبقى هذه التناقضات لفترة اطول ".
التباينات بين لينين و تروتسكي حول القضايا السياسية والنظرية الرئيسية خلال الاعوام 1921-1922 ،. نمت أكثرا فأكثر، وصلت في المرحله النهاية للنشاط السياسي للينين إلى مسافتها القصوى. هذه الاختلافات سبقها صراع حول القضايا الأساسية النظرية و حول ممارسة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي، ظهر واضحا في السنوات التالية.

انتهت ترجمه الفصل الخامس من كتاب [(الوصية السياسية) للينين، حقائق التاريخ و اساطير السياسة].
تأليف البروفيسور فالينتين الكساندروفتش ساخاروف .إصدار جامعه موسكو الحكوميه عام2003

#عبد_المطلب_العلمي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات