أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لميس كاظم - دستور بلا ثقافة وفنون وأدب... كجسد جاف بلا روح














المزيد.....

دستور بلا ثقافة وفنون وأدب... كجسد جاف بلا روح


لميس كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


( 12 )

لقد تصفحت مسودة الدستور لأكثر من مرة باحثا عن مفردات الأدب والثقافة والفنون. تلك المعاني التي تعطي عبقا جميلا وتزهر روح الدستور. وبعد عناء البحث ومرارة التمحيص وجدت ثلاث كلمات مبعثرة، مهمشة، خالية من محتواها ولا تدل على وجود أي نوع من الادب والفن والثقافة في مسودة الدستور. وأنما حشرت تلك المفردات بين السطور بشكل مدروس ودقيق بحيث تفقد قيمتها المعنوية. فوجدت في السطر الرابع من الديباجة النص التالي:
وفوقَ ترابنا صلى الصحابةُ والاولياء، ونظَّرَ الفلاسفةُ والعلماء، وأبدعَ الأدباءُ والشعراءْ.عرفاناً منّا بحقِ الله علينا. أنتهى النص.
فهذا السجع التعبيري أفرد للمفردتين، الأدباء والشعراء، صياغة خجولة، وضعيفة في معناها ومفزوعة من وجودها بين الصحابة والأولياء وخاشعة تحت حقوق الله.
كما وجدت كلمة واحدة فقط في كل المسودة لمفردة الثقافة في الفصل الأول في النص التالي:
ثانياً:- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أنتهى النص.
ترى كم يقدر دستورنا ويحترم الثقافة. وافقت على وجود تلك الكلمة الفقيرة و استرسلت في البحث عن حقوق تلك الثقافة في الفصل نفسه وفي الفصول الأخرى لكني وللاسف الشديد لم أجد أي حق يذكر للثقافة وأنما كتبت هذه الكلمة كعنوان وتزين لبقية الحقوق ويمكن أعتبارها ضمن استكمال لديكور العنوان كما استكمل البعض من اعضاء اللجنة المنتخبة لكتابة مسودة الدستور تملثيهم الوطني.

اما كلمة الفنون فهي اساسا ملغية من دستورنا الجديد وعلى مايبدو حكم عليها بأنزال القصاص العادل بحقها بأعتبارها تتناقض مع روح الدستور المتحشمة. وهنا بدء علي الحزن والكابة وبدئت ابحث عن سبب اقصاء حقوق الشعب الروحية من مسودة الدستور. فالثقافة الفنون والادب هم الماء الذي يروي عطش حقول الوطن ويشبع رغبات المواطن لروحية. أما الموسيقى فهي الغذاء الروحي اليومي الذي لايمكن أن يستغني عنه المواطن.
ولمَ التخوف من تلك المفردات وكأنها تعابير منبوذة بالوقت الذي تعبر الثقافة والأدب عن ضمير الشعب وعاداته ويطرب الفن أمزجة الناس ويزيح عنهم الهموم وينعش الحس الابداعي. لمَ هذا الألغاء وكأننا لسنا شعب مبدع في الفنون. ألم يكن العراقيون أول من أبتدع القيثارة السومرية وقدمها للعالم كأنجاز وطني بقي عمقه وأصالته التأريخية راسخا ليومنا هذا وتغنت به كل الحضارات في العالم بما فيها الحضارات الاسلامية.
وهنا استشهد بمقولة الأديب الأنكليزي العظيم * الرجل الذي لا يملك موسيقى بروحة، ولا يتأثر بتناغم الاصوات الحلوة، ملائم للخيانات ولأعمال النهب ، ودوافع روحه معتمة كالليل، وعواطفة مظلمة مثل اريبوس.


لكن بالمقابل نرى في المسودة، شرح مفصل لحقوق العادات والتقاليد الدينية لا وبل زادت المسودة من أطرائها في المقدمة والمادة العاشرة والمادة 40، لتحمي حقوق الحسينيات والعتبات المقدسة ودور العبادة ودور الاوقاف والمذاهب الدينية من المقدمة. بل وحتى العشائر اخدت حصتها من الدستور. اللهم لا حسد ولا أعتراض لكني ابحث عن حقوقي الثقافية والأدبية، كمواطن عراقي، كما بحث الاخرين عن حقوقهم. لذا كان يتوجب على مسودة الدستور أن تعطي كل شأن ومكونة حقه الطبيعي وتكون منصفه مع حقوق الوطن والشعب. وكما هو معروف فالثقافة الفن والأدب هم حقوق مصانة لعموم الشعب العراقي وتاريخ يخلد حضارة الوطن أيضا.
أذ لايجوز أن يفرد الدستور حقوق العادات والتقاليد لطوائف محددة وينسى حقوق الثقافة والفنون والأدب والثقافة. هذه مثلبة كبيرة يرتكبها الدستور ولجنته الموقرة بحق الوطن والشعب.
انا أستغرب من وجود ليبراليين وعلمانين في لجنة صياغة الدستور. أين بصماتهم وأفكارهم في تثبيت حقوقهم في الثقافة والأدب والفن. ولمَ اقروا صدور مسودة تنحر الثقافة وتلغي الفن وتصادر حقوق الأدب العراق. فهذه الصياغة المجحفة في المسودة سيدفع ثمنها الشعب العراقي وستقر القوانين القادمة التي ستصادر الكثير من الحقوق الثقافية والفنية بقوة القانون وديمقراطية الدستور.

كان من واجبهم أن يصروا على تثبيت اساليب توعية المواطن وتحديد طرق تثقيفه. لكن ترك المجال للثقافة الطائفية أن تبتلع ثقافة الوطن الأمر الذي سيجعل من عادات، اللطم والسبايات ومواكب العزاء وضرب الزناجيل والتطبير والدروشة هي أهم اعمدة الثقافة العراقية المستقبلية. أنا لست ضد ممارسة تلك العادات، فالدستور يسمح بحرية ممارسة المعتقدات، لكن ليس من نمط واحد ويفترض أن لا تبتلع تلك الممارسات تراث العراق المستقبلي .
كان على الدستور أن يحدد الخطوط العامة للثقافة والادب والفن ويرسم حدود تفعيلهم بما ينسجم مع الدين وتقاليد وتراث ومزاج الشعب العراقي. أما الغائها من الدستور فهي اشارة واضحة لوجه العراق المستقبلي وأنذار شديد اللهجة لكل العلمانين العراقيين بان منطلقاتهم الأدبية وفنونهم الثقافية سيكونان مقيدان بفقرات الدستور الجديد.

مسك الختام: الدستور الذي لايكتب بلغة ادبية رفيعة المستوى والذي لا يدخل الثقافة في ضميره والذي لا يمتلك نصوص ذات نغمة موسيقيه لن يكون دستورا حضاريا يلبي طموح الشعب العراقي. كما ان الدستور الذي لا يثبت حقوق الوطن الثقافية والفنية والأدبية سوف لن يتغنى به الشعب. والشعب العراقي يمتلك ما يفتخر به، من أدباء وشعراء وكتاب وفنانين وعلماء ومبدعين، هؤلاء الذين عَرّفوا العالم بعظمة شعب العراق المبدع وجعلنا نفتخر على مر التأريخ بأن الشعب العراقي انجب للأمة فطاحل خلدها التأريخ.



#لميس_كاظم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية المواطنة في مسودة الدستور
- علم العراق رمزا لتأريخ وحضارة العراق
- حق الضمان الأجتماعي المتساوي في الدستور
- مسودة الدستور لايجوز التعديل عليها.
- أسقطت مسودة الدستور من فقراتها جدولة انسحاب القوات الاجنبية
- جلسة ساخنة للجمعية الوطنية العراقية
- الدستور الجديد سيكتب في الأنبار
- الدستور الديني الجديد سيسجن ديمقراطيا الحرية المدنية
- جمهورية الأقاليم العراقية الاسلامية المتحدة
- غابت حقوق الوطن في مسودة الدستور الجديد
- مقترحات عامة لمسودة الدستور العراقي
- ضعفت سياسة محاربة الارهاب فقط من العراق
- احتفالات ارهابية في لندن
- عفوا ايها النواب... نقطة نظام
- المفاوضات الخجولة
- وطنية الدستور الجديد
- مقابلة مع القاص والناقد الدكتور زهير شليبة
- انتخبوا ابو ميسرة البعثاوي
- خصام الأحبة الطائفي
- بطاقة تعويض عن الحياة


المزيد.....




- ما ارتداه رئيس أوكرانيا بقمة الناتو يشعل تكهنات بأن ترامب هو ...
- سجال حاد بين المدعية العامة للولايات المتحدة وسيناتور ديمقرا ...
- زهران ممداني.. الشاب المجهول الذي قلب نيويورك راسا على عقب ب ...
- جسر زجاجي شفاف ومسارات.. لندن تكشف عن نصب الملكة إليزابيث ال ...
- هانا تيتيه: ليبيا تمر بمنعطف حاسم وتريد حكومة مسؤولة
- مؤسسة النفط الليبية توقع مذكرة تفاهم مع تركيا بشأن 4 مناطق ب ...
- الحرب على إيران تعيد الليكود إلى الصدارة.. نتنياهو: العالم ش ...
- -احتفالات النصر-.. تظاهرات في طهران عقب وقف إطلاق النار بين ...
- زيلينسكي يطالب الناتو بدعم الصناعة الدفاعية الأوكرانية قبيل ...
- في تحول عسكري لافت.. اليابان تجري أول تجربة صاروخية على أرا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لميس كاظم - دستور بلا ثقافة وفنون وأدب... كجسد جاف بلا روح