أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - محاضرة ثمن الإنتاج عند كارل ماركس















المزيد.....

محاضرة ثمن الإنتاج عند كارل ماركس


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 4627 - 2014 / 11 / 8 - 01:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مدرسة الإسكندرية
للاقتصاد السياسي
---------------------------
محاضرة ثمن الإنتاج عند كارل ماركس(1818- 1883)
8/11/2014
---------------------------
1- انشغل كارل ماركس، مثل جميع مفكري الاقتصاد السياسي الكلاسيكي، بمشكلة القيمة... الأمر الَّذي جعله يَبدأ من تحليل السلعة؛ لأنها الَّتي تَتَجسد فيها القيمة.
وفي أثناء تحليله يفرق، كما سميث وريكاردو، بين نوعين من القيمة: الأول: قيمة استعمال السلعة، أَيْ صلاحية السلعة لإشباع حاجة إنسانية معينة، وهذا النوع من القيمة هو الَّذي يشكّل المضمون المادي للثروة في المجتمع. أما النوع الثاني فهو قيمة المبادلة، أَيْ صلاحية السلعة للتبادل بسلعة أخرى، وهي تتبدى كعلاقة كَمية، أَيْ كنسبة يجري بموجبها تبادل قيم استعمالية مِن نوع ما بقيم استعمالية مِن نوع آخر؛ فسلعة معينّة، كيلو جرام واحد مِن القمح مثلاً تجري مبادلته بمقدار(س) مِن الأرز، و(ص) مِن الحرير، و(ع) مِن الفضة، وغير ذلك، وباختصار، بسلع أخرى بأكثر النسب تبايناً. وبالتالي، ليس للقمح، كسلعة، قيمة تبادلية واحدة، بل الكثير جداً مِنها، ولكن بما أن (س) مِن الأرز، و(ص) مِن الحرير، و(ع) مِن الفضة، تُشكل القيمة التبادلية للكيلو مِن القمح، فإن (س) من الأرز، و(ص) من الحرير، و(ع) مِن الفضة، وما إليها، يجب أن تَكون قيماً تبادلية قادرة على أن تحل محل بعضها البعض، أَيْ أن تكون متساوية فيما بينها. ومِن هنا يَنجم أن القيم التبادلية المختلفة للسلعة تعبر عن شيء واحد. فمهما تكن العلاقة التبادلية بين الحرير والفضة، يُمكن على الدوام التعبير عن هذه العلاقة بمعادلة تَتَعادل فيها كمية معيّنة مِن الحرير مع كَمية معينة مِن الفضة. مثلاً: مبادلة 10 أمتار مِن الحرير بـ 5 جرامات مِن الفضة، فعلى أَيْ شيء تَدُل هذه المعادلة؟ إنها تدل على وجود أمر مشترك مقداره واحد. إن كلاً مِن هذين الشيئين، الحرير والفضة، مساو لشيء ما ثالث، لا هو الأول ولا هو الثاني، وبالتالي لابد وأن يكون كل منهما، باعتباره قيمة تبادلية، قابلاً للإرجاع إلى هذا الشيء الثالث. الَّذي لا يكون متمثلاً في خصائص هندسية أو فيزيائية أو أية خصائص طبيعية أخرى للسلع؛ إذ ان خصائص السلع الجسدية لا تُؤخذ في الاعتبار على وجه العموم إلا بقدر ما تتوقف عليها منفعة السلع، أَيْ بقدر ما تجعل مِن السلع قيماً استعمالية، وفي هذا الشأن يَنقل ماركس عن باربون (1640- 1698) قوله:"إن نوعاً من السلع هو صالح تماماً كأيّ نوع آخر إذا كانت قيمتهما التبادليتان متساوييتين، ولا فرق أو اختلاف بين الأشياء الَّتي لها قيم تبادلية متساوية؛ فكَمية مِن الحديد أو الرصاص بمائة جنيه لها نفس القيمة التبادلية كما لكمية مِن الفضة أو الذهب بمائة جنيه". إن الأمر الثالث المشترك بين"قيمة السلعتين التبادلية" هو العمل، فكلاهما نِتاج قوة العمل. هنا يجد ماركس أهمية في الانشغال بقيمة قوة العمل. مُتساءلاً: ما هي قيمة قوة العمل؟ ومن أجل الإجابة يَسير التحليل على النحو التالي: ان قيمة كُل سلعة تُقاس بكمية العمل اللازم لإنتاجها، وقوة العمل توجد في شكل العامل الحيْ الَّذي يحتاج إلى كمية محددة من وسائل المعيشة لنفسه ولعائلته، مما يضمن استمرار قوة العمل حتى بعد موته. ومِن هنا، فإن وقت العمل اللازم لإنتاج وسائل المعيشة هذه يُمثل قيمة قوة العمل.
.
2- وعلى ذلك، يدفع الرأسمالي للعامل أجره، أسبوعياً مثلاً، شارياً بذلك استخدام قوة عمله لهذا الأسبوع. وبعد ذلك يجعل الرأسمالي عامله يبدأ في العمل. وفي وقت محدد سيقدم العامل كمية من العمل توازي أجره الأسبوعي، فإذ افترضنا أن أجر العامل الأسبوعي يمثل ثلاثة أيام عمل، فإذا بدأ العامل عمله يوم السبت؛ فإنه يكون في مساء يوم الإثنين قد "عوض" الرأسمالي عن"القيمة الكاملة للأجر المدفوع". ولكن هل يتوقف العامل عندئذ عن العمل؟ إطلاقاً. لقد اشترى الرأسمالي "قوة عمل" العامل لمدة أسبوع، وعلى العامل أن يَستمر في العمل خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من الأسبوع كذلك، وهذا العمل الزائد الَّذي يقدمه العامل فوق الوقت اللازم لتعويض أجره وزيادة عليه هو"القيمة الزائدة"، ومصدر الربح، والتراكم المتزايد للرأسمال على نحو مستمر. يمكن هنا اعتبار ما وصل إليه ماركس، على هذا النحو، استكمالاً للبناء النظري الريكاردي، وحلاً للمشكلة الَّتي سبق أن واجهت ريكاردو بصدد: لماذا يكون الأَجر أقل من القيمة الَّتي يخلقها العمل؟ فالرأسمالي لم يشترْ العمل، كما ظن ريكاردو، إنما اشترى قوة العمل، كما توصل ماركس.
.
3- وعقب أن أتم ماركس تحليله للقيمة، على نهج ريكاردو، وجد ضرورة مراجعة تصورات الكلاسيك بصدد أنواع الرأسمال. فقد كان آدم سميث وديفيد ريكاردو، والكلاسيك بوجه عام، يرون، كما ذكرنا، أن الرأسمال اللازم من أجل عملية إنتاجية ما، ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: الرأسمال الأساسي، ويحتوي على المباني والآلات والمعدات. وكُل ما لا يُستهلك في عملية إنتاجية واحدة. والقسم الثاني: الرأسمال المتداول، وهو الَّذي يُستخدم في عملية إنتاجية واحدة مثل المواد الأولية والمواد الوسيطة والعمل الإنساني. ولكن هذا التقسيم لم يكن يَتناغم مع نظرية ماركس في القيمة. الأمر الَّذي جعله يُعيد النظر في التقسيم إنما ابتداءً من مِعيار مختلف هو مِعيار القيمة نفسها، مُتساءلاً ما هي الأجزاء من الرأسمال الَّتي تُغيّر من قيمتها أثناء الإنتاج، أَيْ الَّتى يمكنها أن تخلق قيمة أزيد من قيمتها، وما الأجزاء الَّتي لا تُغيّر من قيمتها أيْ تظل قيمتها ثابتة عبر العملية الإنتاجية؟ حينئذ رأى ماركس ان تقسيم الكلاسيك ليس خطأ كُليةً إنما يحتاج إلى تعديل؛ فالرأسمالي، من أجل الإنتاج، يستخدم قسمين من الرأسمال: القسم الأول: الرأسمال ذو القيمة الثابتة، ويتكون ذلك القسم من: جزء أساسي مثل الأدوات والمعدات والمباني. وجزء دائر مثل المواد الوسيطة والمواد الأولية، وهذا القسم من الرأسمال لا يُغيّر من قيمته أثناء العملية الإنتاجية، لأنه يدخل عملية الإنتاج ويخرج منها بنفس القيمة. فالآلة مثلاً، بما تحتويه من عمل مختزن، يُحسب مُعدل استهلاكها على أساس قيمتها وطاقتها الإنتاجية، وهي تدخل في حساب كُلفة الإنتاج بهذه القيمة دون زيادة أو نقصان. أما القسم الثاني: الرأسمال ذو القيمة المتغيرة، ويتكون من: قوة العمل. وهذا القسم من الرأسمال يحقق أربعة أمور:
- يَنقل قيمته إلى الناتج.
- يزيد من قيمة الناتج.
- يَسمح بنقل قيمة الرأسمال الثابت إلى الناتج.
- يخلق قيمة جديدة غير مدفوعة الأجر. ويتم ذلك بأن يدفع الرأسمالي للعامل 3 جنيهات مثلاً- على افتراض أن ساعة عمل واحدة تساوي وحدة واحدة من الأجر- ويأخذ منه عملاً يساوي 4، أو 5،... إلخ. ولذلك سمي هذا القسم من الرأسمال بالرأسمال المتغير. بعبارة أدق (الرأسمال ذو القيمة المتغيرة) كتب ماركس:" إن ذلك القسم من الرأسمال الَّذي يتحول إلى وسائل إنتاج أي مادة خام ومواد مساعدة ووسائل عمل، لا يُغيّر مقدار قيمته في عملية الإنتاج. لذلك أسمّيه بالقسم الثابت للرأسمال، أو بإيجاز: الرأسمال الثابت، وعلى العكس، فذلك القسم من الرأسمال الَّذي تحول إلى قوة عمل، يُغيّر قيمته أثناء عملية الإنتاج، فهو يُجدّد إنتاج معادله الذاتي ويشكل بالإضافة إلى ذلك قيمة زائدة يمكنها أن تتغيّر بدورها وأن تكون أكبر أو أقل، وهذا القسم للرأسمال يتحول بصورة متواصلة من مقدار ثابت إلى متغيّر، ولذلك أسمّيه بالقسم المتغيّر للرأسمال، أو بإيجاز: الرأسمال المتغير".
.
4 - ان هذا العمل غير مدفوع الأجر يمثل قيمة زائدة يستحوذ عليها الرأسمالي. والرأسمالي يجدد إنتاجه من خلال تحويل هذه القيمة الزائدة إلى رأسمال مجدداً، على نطاق متسع؛ ونمط الإنتاج الرأسمالي لا يقتصر على اعادة إنتاج الرأسمال بصورة مستمرة، ولكنه يُعيد إنتاج فقر العمال بصورة مستمرة في ذات الوقت، بحيث أنه يضمن على الدوام، تركز الرأسمال من جهة، ويضمن أيضاً وجود جماهير غفيرة من العمال المضطرين لبيع قوة عملهم إلى هؤلاء الرأسماليين لقاء كمية من وسائل العيش الَّتي تكفي بالكاد لبقائهم قادرين على العمل، وعلى إنجاب جيل جديد من العمال من جهة أخرى. إلا أن الرأسمال لا يُعاد إنتاجه فحسب بل يَزداد ويتضاعف على الدوام بقدر ما تتضاعف سطوته على طبقة العمال المفتقرين لوسائل الإنتاج. وكما أن الرأسمال يُعَاد إنتاجه بمعدلات تتزايد بأطراد فإن نمط الإنتاج الرأسمالي المعاصر يُعيد إنتاج طبقة العمال المعدومي الملكية بمعدلات متزايدة أيضاً وبأعداد هائلة.
.
5 - وعلى مستوى الآداء اليومي للمشروع الرأسمالي، يَنتهي ماركس، ابتداءً من نظريته في القيمة والقيمة الزائدة المستندة إلى تصورات ريكاردو، إلى:
- إن جميع السلع هي نِتاج العمل البشري، وهذه الخاصية يُمكن قياسها؛ فالعمل يُقاس بكمية الزمن المنفَق في سبيل إنتاج السلعة، فكمية العمل الضروري اجتماعياً المبذول في إنتاج السلعة، إذاً، هي الَّتي تُحدد النسب الَّتي تَتَبادل بها بعض السلع بالبعض الآخر.
- إن جميع ظواهر الكون سواء كانت بفعل الإنسان أو ناتجة عن قوانين الطبيعة، لا تُقدم سوى فكرة تبدل الأشكال المادية للسلع، إن الضم والفصل هما العنصران الوحيدان اللذان يكشف عنهما الذهن البشري بتحليله لعملية الإنتاج، إذ أن عملية الإنتاج ما هي سوى عملية فصل وضم لأشياء موجودة سلفاً في الطبيعة.
- إن نفقة إنتاج قوة العمل هي النفقات الضرورية، لجعل العامل عاملاً، ولإبقائه عاملاً. وإن استهلاك العُمال يؤخذ في الحسبان المحاسبي، شأنه شأن استهلاك الآلة.
- ان الاستثمارات في فروع القطاعات المشاركة في الإنتاج على الصعيد الاجتماعي تحكمها معدلات الربح؛ ومن هنا انشغل ماركس بتحديد شروط التوازن بين فروع الإنتاج، فأَيْ رأسمالي يرغب في استثمار أمواله سوف ينظر أولاً إلى ربحه المحتمل. وهو لن يُقدم على الاستثمار في فرع إنتاجي معين، وليكن الحديد والصلب، إلا إذ ما كان هذا الفرع، الَّذي يريد استثمار أمواله فيه، يحقق أعلى معدلات الربح. فكيف تتحدد معدلات الأرباح التي تحكم قرارات المستثمر؟ يتعين، قبل الإجابة، أن نوضح أن تحليل ماركس بوجه عام في رأس المال هو تحليل ساكن، يفترض:
- ثبات كُل من: كمية النقود، والكمية المطلوبة من السلع، وكمية الربح الممكن توزيعه على الرأسماليين؛ فلو إفترضنا أن: مجموع الرساميل الموظفة في الإنتاج= 500 وحدة، وان عدد المشروعات= 5 مشروعات، وان كمية النقود الَّتي توزع كأرباح على المشروعات= 110 وحدة،
فإن نصيب كُل مشروع من الربح سيكون 22 وحدة. ومعنى ذلك ان أَيْ مشروع جديد سوف يدخل السوق سوف يُشارك المشروعات الخمسة القائمة في كمية الربح المحددة وهي 110، فإذ ما أفترضنا أن 5 مشروعات جديدة دخلت السوق فسوف يكون نصيب كُل مشروع من المشروعات الـ 10 مقداره 11وحدة فقط. وذلك مرتبط بشرط واحد هو أن كمية الطلب الكُلّي محددة؛ فمهما زادت الكمية المعروضة بدخول مشروعات جديدة، فلن يزيد المجتمع من استهلاكه من هذه السلعة. وبالتالي سوف تتنافس المشروعات على تلبية كمية محددة سلفاً من السلع من جهة، وعلى اقتسام كمية الأرباح المحددة أيضاً سلفاً، من جهة أخرى. وسوف ينشغل ماركس بتحديد معدلات هذه الأرباح.
- كما يفترض التحليل أن السلع تُباع بقيمتها، وأن المجتمع مُغلق، أَيْ لا يدخل في علاقات مع بقية أجزاء الاقتصاد العالمي،
- وأخيراً، وهو الأهم، يفترض تحليل ماركس سيادة المنافسة الكاملة في مجتمع يَسعى فيه الرأسماليون إلى تحقيق أقصى ربح. وبناءً عليه تتحدد معدلات الأرباح، ابتداءً من قانون القيمة؛ مع افتراض: قطاع إنتاجي معين يضم خمسة مصانع تستخدم تراكيب مختلفة من الرأسمال الثابت والرأسمال المتغير، معدل القيمة الزائدة = 100 بالمئة.
- مجموع القيمة الزائدة المنتَجة في كُل المصانع =20+30+40+15+5 = 110 وحدة.
- مجموع الرساميل الموظَفة في كُل المصانع = 100+100+100+100+100= 500 وحدة.
- التركيب المتوسط للرأسمال = مجموع الرأسمال الثابت إلى مجموع الرأسمال المتغير ÷ الرأسمال الكُلّي = 78ث + 22م.
- مُعدل الربح الوَسطي= مجموع القيمة الزائدة ÷ مجموع الرساميل، أَيْ: 110÷500= 22%.
- سوف تقوم المشروعات المختلفة (وفقاً لقوى السوق. اليد الخفية عند آدم سميث) بإدخال تعديلات في التركيب العضوي للرساميل؛ حتى تتلائم مع التركيب المتوسط للرأسمال على الصعيد الاجتماعي، وكذلك مع الربح الوَسطي.
- ثمن التكلفة = الجزء المستهلك من الرأسمال الثابت + الرأسمال المتغير.
- قيمة السلعة = الجزء المستهلك من الرأسمال الثابت + الرأسمال المتغير + القيمة الزائدة.
- أما ثمن الإنتاج فيتكون من: ثمن التكلفة + معدل الربح الوَسطي.
- على الرغم من أن كُل رأسمالي بمفرده، وفقاً للجدول أعلاه، يحصل على قيمة زائدة مقدارها 100% إلا ان حساب الربح، ومن ثم تجديد الإنتاج، لا يَعتمد على القيمة الزائدة الَّتي تتحقق في مصنعه هو فحسب، إنما يعتمد في المقام الأول والأخير على الربح الكُلّي الَّذي أنتجه الرأسمال الاجتماعي الكُلّي.
.
6- وعليه، فإن الرأسمال يَنسحب من قطاع ذي مُعدل ربح أدنى ويتدفق إلى القطاع الَّذي يُدر ربحاً أعلى. ومن خلال هذا المد والجزر... أو الهجرة والعودة للرساميل، بعبارة أخرى من خلال تزاحم هذه الرساميل وتوزعها على مختلف قطاعات الإنتاج وفقاً لتدني معدل الربح هنا، وارتفاعه هناك، يَخلق الرأسمال تناسباً بين الطلب والعرض يجعل الربح الوَسطي واحداً في مختلف قطاعات الإنتاج، فتتحول القيم على هذا النحو إلى أثمان إنتاج.
.
7- ولكن، ماركس يحذر. فالرأسماليون الَّذين يُكثرون من استخدام القسم الثابت من الرأسمال على حساب القسم المتغيرسوف يتعرضون للإفلاس والخراب! لأنّ القيمة الزائدة الَّتي يتحصلون عليها إنما يحصلون عليها بالاعتصار من الرأسمال المتغيّر وليس من الرأسمال الثابت. فالأدوات والمواد تخرج من العملية الإنتاجية بنفس القيمة الَّتي دخلتها بها.
.
8- ولكن المسألة، كما يُعلِن ماركس، ليس اختيارية إنما إجبارية، فمع تطور التقنية واحلال الآلة محل العمل يحدث تدهور مستمر في معدلات الربح وتتجه بوجه عام هذه المعدلات إلى الانخفاض لأن الرأسمالي لا يستطيع أن يعتصر قيمة زائدة من الآلة. فليس بالضرورة إذاً أن تؤدي الزيادة في الرساميل إلى الزيادة في معدلات الربح؛ بل على العكس قد تؤدي هذه الزيادة إلى الانخفاض في هذه المعدلات. فالرأسمال ليس مبلغاً مِن النقود، كما ذكرنا، إنما هو علاقة اجتماعية. وإن الرأسمال يَفترض العمل المأجور، والعمل المأجور يَفترض الرأسمال. فكُل منهما شرط الآخر. وبقدر ما يَنمو الرأسمال المنتِج، وبقدر ما يَتسع تقسيم العمل واستخدام الآلات، بقدر ما تَنتشر المزاحمة بين العمال، وبقدر ما ترتفع مؤشرات البطالة، وبقدر ما تَنخفِض مقادير القيمة الزائدة. وبقدر ما تأخذ الرأسمالية في طريقها الهابط لجفاف منابع سر نشأتها وحياتها وتطورها. القيمة الزائدة.
.
9- فمع ادخال الماكينات يبدأ العامل في الصراع ضد وسيلة العمل ذاتها، الَّتي هي الشكل المادي لوجود الرأسمال؛ فما أن ظهرت وسيلة العمل بشكل الماكينة حتى أصبحت مزاحِمة للعامل نفسه؛ فإن عدد العمال الضروريين لإنتاج نفس الكمية من السلع يتناقض أكثر فأكثر بفضل التقدم الآلي... إلخ. وهذا يؤدي إلى نمو عدد العمال الزائدين عن الحاجة بسرعة أكبر من نمو الرأسمال نفسه. وحينئذ يَتسَاءل ماركس: ما هو مصير هذا العدد المتنامي من العمال؟ ويرى انهم يشكلون جيش الصناعة الاحتياطي الَّذي يتقاضى، في فترات الأزمات الدورية الَّتي تمر بها الرأسمالية، أجراً أدنى من قيمة عمله، كما أنه يستخدم بصورة غير دائمة.
.
10- بناءً عليه، يضع ماركس، بناءً على شرح ريكاردو، القانون العام المُطلق للتراكم الرأسمالي على أساس من أنه كُلّما كانت الثروة الاجتماعية أكبر تعاظم جيش الصناعة الاحتياطي، وكُلّما كانت نسبة الجيش الاحتياطي أكبر من الجيش الفعلي (العمال الدائمون) كُلّما تَضخمت جماهير السكان الفائضين الَّتي يَتناسب بؤسها بصورة طردية مع مشقة عملها. وأخيراً كُلّما اتسعت فئات المعدمين من الطبقة العاملة وجيش الصناعة الاحتياطي، كلما تزايد الفقر على الصعيد الاجتماعي.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من التخلف إلى التبعية عبر القيمة
- البخلاء للجاحظ
- الطرح المنهجي لمشكلة القيمة
- من المشاعية البدائية إلى الرأسمالية
- الجدول الاقتصادي
- نمط إنتاج خراجي؟
- نمط الإنتاج الإقطاعي
- كُلّما ارتفعت الإنتاجية كُلّما انخفض معدل الربح
- نقد تصور ماركس في سعر الفائدة وربح التاجر
- الاقتصاد السياسى عند ماركس
- فكر ديفيد ريكاردو
- فكر آدم سميث
- الاقتصاد السياسى علم قانون القيمة
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (3)
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (1)
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (2)
- النشاط الاقتصادى فى العالم القديم
- قانون حركة الرأسمال
- الجغرافية العامة لإيران
- الجغرافية العامة لمصر


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - محاضرة ثمن الإنتاج عند كارل ماركس