أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبا مطر - حكاية حرب وموسيقى














المزيد.....

حكاية حرب وموسيقى


صبا مطر

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


اصوات الاطفال وضحكاتهم تملاء قاعه التدريبات في مدرسه الموسيقى ... بروفات العزف ستبدء بعد قليل على مقطوعه موسيقيه رائعه لاستقبال الميلاد.
وجه ابنتي القمري يشرق مبتسما مع وجوه زملائها... واصوات الات الموسيقيه المختلفه تعلو لضبط الايقاع .. يعلو صوت معلم الموسيقى رافعا كمانه عاليا ... ستبدء البروفه بعد قليل فالتزموا اماكنكم.
هو يستاذنني بصوت هادىء في الجلوس الى المقعد المجاور لي ... شكله غريب عني ابيض اللون .. ازرق العينين .. اشقر الشعر.
متابطا كتاب سميك جدا .. مرسوم على غلافه هذيان بلون الدم .. اخبرني بعد جلوسه بانه يقراء كتاب عن حرب طاحنه دارت في هذا البلد البارد قبل عشرات السنين.
كتاب بعنوان ( دم سهل ) لكاتب لم اسمع به من قبل.. ابتسمت بمراره وقلت له بان ادب الحرب ليس من اهتماماتي على الاطلاق .. فلقد عشت الحرب ولا رغبه لي في سماع اي حديث عنها فذاكرتي مشبعه بالاحزان .
انتهى الحوار القصير جدا بيننا بعدما انهيت جملتي الاخيره وبداءت البروفه .. انهالت الموسيقى بعذوبتها على مسامعي كمطر نيساني عذب يسقي عطش الروح الى الحياه .. تعلو الابتسامه وجه ابنتي القمري وتوميء براسها الصغير اطمئنانا لوجودي بين جموع الحاضرين وتروح اناملها الصغيره مسافره على متن اوتار الكمان ... وذاكرتي هي الاخرى تسافر الى شرفات الماضي الذي كنت قد طويته عند قدومي لهذه الارض البارده واستيقظت صور الاسى من رقادها وتعالت في الروح صرخه !!
حاولت الخروج من خضّم الذاكره لاستعيد الواقع .. تسللت اصابعي بخطى سريعه وناريه الى هاتفي الخلوي بعد ان اخرست صوته الرنان .. طلت محرك البحث وبحثت لا اراديا عن صور مدينتي اثناء الحرب وبدات عيناي بالتهام المشاهد .. لسعني سياط فضول عينيه الزرقاوتين بعدما القى بكتابه السمين جدا جانبا ... وراحت نظراته تحرق اناملي الراقصه عبثا على الشاشه... صوت الكمان يعلو... تتلوى اوتاره مذبوحه بضربات (الجلو ) العملاق .
معلم الموسيقى, قائد اوركسترا يتوسط طلابه الصغار .. يلوح بيديه في اتجاهات مبهمه... وحدهم طلابه من يجيدون لقط اشاراته وايماءاته ... الموسيقى تعلو .. وعيناه الزرقاوتين مثل طائر مجنون يفر من قفص حبس فيه دهرا ... فلا تكف اجنحته عن التحليق ولا عينيه عن السفر !!
التهم حروفي التي كتبتها رغم انه لم يفقه منها شيئا وانتحر نظره في كل الصور !!
ابنتي توميء الي براسها الصغير ويموج شعرها شلالا من حبر اسود ينساب على كتفهيا .. وددت ان اكتب بحبره الاف الكلمات ... الا ان شعرها صار اسوارا عاليه ... تسلقتها لاصل الى ذاكرتي المعتمه المركونه على رفوف الحرب هناك.
سانفض غبار الوجع وليتصفح معي كتاب حربي انا!!
لكن اتراه يكره الحرب مثلي؟؟
اتراه يشم رائحه الدم من صفحات كتابه كما اشمها انا من صفحات ذاكرتي؟؟
اتراه يعرف معنى ان تشرده الحرب وتقذف به الى اقاصي الارض هربا من موت محقق ودمار ؟؟
اتراه سمع اصوات المدافع في حياته المفعمه بالرفاهيه ؟؟
اتراه كان يصحو على صوت ازيز الطائرات مثلي ؟؟
اتراه علموه منذ الصغر ان يرسم الصاروخ والدبابه بدلا من الجدول والشجر ؟؟
اتراه يعرف معنى الخوف من الظلام مثلي؟؟
لا ادري ... لا ادري !!!
امعن الهجر لكتابه الاخرق السمين ... فما مكتوب فيه الا جزء يسير يسير من خوف والام البشر.
ساحدثه انا عن الحرب .. نعم فانا حكايه حرب ... طفوله حرب ... وجع حرب ... ومنتهاي ضياع في بلدان لم اعرف لغتها اجبرتني عليها الحرب.
نعم ساخبره بانني ضحيه لجلاد مقامر .. متغطرس مهاتر .. قائد عاهر .. باع اولاده للموت ولم يبالي .. احرق الوطن ويسال من التالي ؟!
ساخبره بانه علمنا مذ كنا صغارا بعمر الورد ان نصلي على اسمه وهو الفاسق المرتد... الذي سقانا الذل والقهر وكل من يخالفه بالهوى فهو له الند .
ساخبرنه بان فارسنا المقدام سقانا من كاس الموت الزؤام ... وسحقنا كالنعاج في حضيره الوطن بالاقدام .
لملمت ذاكرتي من العبث ورتبت كلمات لغتهم البارده الرتيبه لابدء الكلام .. فيعلو صوت تصفيق الحضور ويتمايل الاطفال فرحا وهم يحييون الجمهور بحفاوه .
تشرق شمس الفرح من عيني صغيرتي لتضيء روحي والمكان وتضمحل ذاكره الحرب وتصرخ ... تضمحل مع ضوء المكان .. تصغر وتصغر فتتلاشى وتموت في سجنها القديم .
تركض الي ابنتي مع الاطفال تتابط ذراعي ونغادر المكان .





#صبا_مطر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى وطن في القلب يمشي بخطى من نور
- حقائب سفر
- امنيه العام الجديد
- هذيانات نثريه
- اشتياق


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبا مطر - حكاية حرب وموسيقى