عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4616 - 2014 / 10 / 27 - 02:49
المحور:
كتابات ساخرة
أُمّي .. عندما تضيقُ بها الدنيا .. و يحيقُ بها الهم .. وتنظُرُ إلى هذا العالَمَ ، على وسعه ، من خرمِ إبرة .
أُمّي هذه ، التي يحزنها أن ترى ابنها البكر ، وهو يكبر أمامها ، ويكبرُ ، إلى أنْ يصبحَ في عُمرها تقريباً .. ومع ذلك فأنه ليس سوى ذلك " الأبله التاريخي " ، الذي انجبتهُ فبل ثلاثةِ وستّين عاماً .
أُمّي هذه ، إذا لم تجد من تصبّ عليهِ لعناتها " الكرخيّة " الباسلة .. فأنّها تستدعيني ، ولا أحد سواي من بين جميع الأبناء .. وتبدأ لقاءها بي بعبارتها " الفلسفيّة " الفادحة : " شوف يَوَلْ " .. لتسردَ عليّ آخر تجليّاتها الصوفيّة ، في عزلتها المقدّسة .
أمّي هذه قالتْ لي قبل قليل : شوف يَوَلْ ..
أنّ الأبنَ " العار " .. يكونُ عاراً " خالِصاً " في الحالات الآتية :
الأبن الذي لا يموت .. من بين جميع الأبناء .
الأبن الذي يبقى في " الدار " .. ولا يهاجِر .
الأبن الذي يبقى فقيراً إلى الأبد .
والأبن الذي لا يأخذُ معهُ أُمّهُ أينما ذهب .
وعندما قلتُ لها ، أنّ من الصعب على إبنٍ لا يريدُ أنْ يلحَقَ بهِ هذا النوعُ الفريدُ من " العار " ، أنْ يفي بهذه الشروط كلّها .. أجابتْ :
لهذا هو " عار " .. وسيبقى كذلك .
و بعد تفكيرِ " عميق " ، إتّضَحَ لي ، أنّني في شَرطَيْنِ من شروط أمّي ( على الأقل ) .. كنتُ عاراً " مَحْضاً " .
كنتُ عاراً " خالِصاً " .
يحيا ( إيمانويل كانت ) .
تحيا أمّي .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟