أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - مسمار الحظ















المزيد.....

مسمار الحظ


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


في رحلة قصيرة للجنوب الفرنسي وقفت مبهورة أمام إمارة موناكو الفرنسية، الدولة ذات سيادة علي شاطئ الريفيرا الفرنسية، صغيرة المساحة (0.7) ميل مربع، ولكنها تعد البلد الأكثر كثافة في العالم حيث عدد سكانها حوالي (35936) منذ سنة 2011.
موناكو تعتبر من أغني دول العالم حيث مستوي المعيشة للفرد الواحد حوالي (151.630) يورو، ومستوي البطالة (0%).
موناكو إمارة يحكمها شكل من أشكال الحكم الملكي الدستوري، لغتها الرسمية الفرنسية بينما يتكلم الموناكويون الأصليون لهجة منحدرة من لهجة جنوة الإنجليزية والإيطالية، معظم سكانها من أغنياء ومشاهير العالم وبالرغم من ذلك فالديانة الرسمية هي المسيحية الكاثوليكية ولكن حرية الأديان مضمونة ضمن بنود الدستور (19 نوفمبر) الذي يطلق عليه "عيد الأمير" وهو نفس اليوم الوطني لموناكو.

ما بهرني وجذب إنتباهي جمالها الفريد من نوعه، فطبيعتها الجبلية وموقعها علي شاطئ البحر الأبيض المتوسط ومحازاتها الريفيرا الفرنسية والحدود الإيطالية القريبة منها جعل طقسها مريحا مبهجاً، المباني كل منها عبارة عن وحدة فنية رائعة مختلفة عن الأخري بتصميماتها التي قد تنحدر إلى أزمنة ماضية أو حاضرة.

ما لفت نظري الهدوء النفسي الذي يعتلي وجوه الناس مع الإبتسامات والضحكات التي تشعرك بأن هؤلاء ليسوا من كوكبنا الذين يعانون في كل أوجه الحياة!
سرحت بأفكاري وتساءلت هل السبب في ذلك الفلوس والمستوي المعيشي المرتفع؟

أوقفت صديقتي الفرنسية المصرية الأصل السيارة لكي ننزل لإستكمال السياحة وإلتقاط بعض الصور الفوتوغرافية، هممت بالخروج من السيارة حاملة شنطة يدي فقالت لي، أتركي الشنطة وسأترك أيضاً شبابيك السيارة مفتوحة، هنا الكاميرات في كل مكان حتي الشوارع هنا كلها مؤمنة ومراقبة .. لا تخافي!

وقفنا أمام كنيسة صغيرة وقبل أن ندخل الكنيسة شعرت بنفحات روحية غريبة وسألت نفسي مرة أخري، هل سبب سعادة أهل المدينة الفلوس أم وجود هذه الكنيسة بالذات بالرغم من وجود العديد من الكنائس الكبيرة الضخمة والفخمة؟

قالت صديقتي، هل تعرفين أن أهل موناكو يعيشون ببركة القديسة ديفوت، وتقريباً هي شفيعة هذه المدينة ولها العديد من المعجزات في هذه المدينة وغيرها!
واستكملت حديثها قائلة: في يوم 27 يناير من كل عام يحضر أمير المدينة وكبار رجال الدولة والبابا والشعب، ويحضرون رفات (جسد) القديسة، و أيضاً يحضرون مركب ويقومون بحرقه أمام هذه الكنيسة (كنيسة القديسة ديفوت) وبعد إحتراق المركب بالكامل يقوم رجال الإطفاء بإخماد المتبقي من الحريق، وهنا يتسارع الناس في الحصول علي مسمار من المركب المحترقة للإحتفاظ به إعتقاداً منهم بأن هذا المسمار سيجلب لهم الحظ والبركة!

بعد رجوعي من رحلتي وجدتني أبحث عن هذه القديسة شفيعة هذه البلدة الجميلة التي بهرتني بكل ما فيها وهل هناك علاقة بين القديسة ديفوت وما تنعم به هذه البلدة من رخاء!

في بداية القرن الرابع وفي كورسيكا (التي كانت مقاطعة رومانية) في ذلك الوقت أمر الحاكم الروماني دقلديانوس بإضطهاد المسيحيين.
كان من ضمن المسيحيين المضطهدين فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً جميلة جداً مؤمنة وورعة من كورسيكا رفضت عبادة الأوثان، سجنوها وعذبوها عذابات شديدة جداً، ثم استشهدت متمسكة بإيمانها المسيحي.
هذه الفتاة عرفت باسم "St. Devote´-or-St. Devota" ربما هذا هو اسمها الحيقي أو اسم أطلقوه عليها كصفه لشدة ورعها وتكريس حياتها لإيمانها المسيحي.
بعد موتها أمر حاكم المدينة بأن يحرق جسدها ولكن المسيحيين أخفوا جسدها، ثم وضعوه علي متن سفينة متجهة إلي أفريقيا، أملاً في أن يحظي جسدها الطاهر بمكان مسيحي أو كنيسة يليق بدفنها.

منذ الساعات الأولي من عبور السفينة، قامت عاصفة شديدة علي السفينة، ثم طارت حمامة خرجت من فم القديسة، حولت إتجاه السفينة إلي ميناء هرقل بمدينة موناكو بدلاً من أفريقيا.
إصطدمت السفينة بصخور الميناء فتحطمت وغرق طاقم السفينة، ولكن تم العثور علي رفات القديسة بواسطة بعض الصيادين، إلا أن لصاً أتي بمركب وسرق رفات القديسة بغرض التفاوض علي جسدها للحصول علي المال، باغتته مجموعة من الصيادين وأعاقوه عن الهرب بجسد القديسه وقبضوا عليه وقاموا بحرق مركب اللص علي شاطئ موناكو كنوع من التضحية التكفيريه عن رفات القديسة، ثم قاموا بوضع جسد القديسة في كنيسة القديس سانت جورج، وفي وقت لاحق تم بناء كنيسة صغيرة مخصصة لها، وزرعوا الورود حول الكنيسة تكريماً لها والغريب أن هذه الزهور تتفتح فقط في يوم عيدها 27 يناير، ويتم الإحتفال بعيدها كل عام بحرق مركب أمام كنيستها التي نقف أمامها اليوم.

علي مدي العصور حدثت معجزات عديدة حيوية لإمارة موناكو بسبب القديسة ديفوت:

في عام 1506 هاجمت جنوة إمارة موناكو وأستمر الحصار لمدة 6 أشهر فصلي الموناكيون "Monegasque" من أجل شفاعة القديسة ديفوت، فظهرت القديسة ملفوفة بالسحاب فروعت الأعداء وفروا هاربين.

في عام 1581 كان للقديسة ديفوت الفضل في إستقلال موناكو، وذلك عندما تعرضت البلد للهجوم من فرنسا وكورسيكا، فظهرت سانت ديفوت علي الجدران، ووبخت المهاجمين وخاصة الكورسيكيين التي هي أيضاً شفيعة لهم، والذين أيضاً يقدسون رفاتها منذ فترة طويلة.

عندما تهددت موناكو بالغزو الإسلامي تم نقل رفات القديسة إلي دير سيمياز لكن أعيدت إلي موناكو بطريقة أعظم بواسطة الأمير أنطونيو.

هذا بالإضافة إلي العديد من المعجزات للأشخاص الذين يطلبون شفاعة القديسة ديفوت وكل حسب إعتقاده وحسب إيمانه!

يقول الكتاب المقدس "لذلك نحن أيضاً إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح ثقل الخطية المحيطة بنا بسهولة" (عبرانيين 1:12).

القديسة ديفوت وكل القديسين وكل من أرضوا الرب وتمسكوا بالإيمان به، وتألموا وأضطهدوا وأستشهدوا حتي لا ينكروا إيمانهم هؤلاء هم السحابة التي تظللنا وتفيض علينا من البركات الإلهية حيث صلواتهم المرفوعة من أجل الضعفاء والخطاة والمقهورين والمتألمين.

حينما يحيط بنا الضعف وتهاجمنا الخطية والتجارب، يجب أن نجاهد رافعين أعيننا إلي الرب الذي يقوينا، وفي نفس الوقت متطلعين إلي سحابة الشهود المحيطة بنا فنتمثل بهم في جهادهم وشهادتهم للحق الإلهي.

في المجئ الثاني للسيد المسيح سيأتي علي السحاب وكأنه يأتي جالساً في قديسيه، فلنحيا كسحاب يطلب كل ما هو فوق، أي السماويات أي الله بكل قداسته لأنه يقول كونوا قديسين كما أنا قدوس، دون تجاهل للأرضيات لأننا مازلنا نحيا في الجسد.

المسيح يعلم ضعفاتنا وهو غافر خطايانا كلها، ولكن ما لا يغفره هو أن يترك الإنسان إيمانه سواء بسبب المال أو الشهوات أو حتي الإضطهادات.

القديسة ديفوت كانت بالنسبة لموناكو السحابة التي تحولت إلي مطر لتفيض بالبركات علي موناكو، ولذا استحقت محبة وتمسك شعب موناكو بها، واستحقت أن تكون شفيعة هذه البلدة الجميلة.



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجده والحفيده
- إلي متي يا سيسي؟؟؟
- لا ماضي ولا مستقبل
- التعذيب المُمنهج
- اللون الأصفر
- عار الإسلام
- هل المسيح قال أنه هو الله؟
- مَنْ يزدري مَنْ؟؟؟
- تحرش حلاوة روح
- الكُل بيُرقُص !!!
- وحياة أبوكو حرام !!!
- لا نُريد رئيساً!!!
- عصفوري
- باراباس !!! باراباس !!!
- كاسين !!!
- ثوك تاتي جوم
- نسوان الإرهابية
- ميكس X ميكس
- حوار مع 7 جثث !!!
- دفء المحبة وسط الثلوج


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - مسمار الحظ