أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - الجده والحفيده














المزيد.....

الجده والحفيده


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


نيس مدينة جميلة دافئة تقع في جنوب فرنسا علي ساحل البحر الأبيض المتوسط بين مارسيليا وجنوي. شواطئها تتميز بالجمال الطبيعي الأخآذ وصفاء المياه ومناخ رومانسي يحلق بك فوق السحاب يدغدغ أحاسيسك ويأخذك في رحلة تأمل أو ذكريات!

الجده والحفيده جلستا علي أحد شواطئ نيس الرائعة، الجو منعش لذيذ، المياه تتهادي وكأنها عروس تتمخطر بفستانها البديع الطويل، أنه شهر سبتمبر المتميز بطقسه المعتدل بعيداً عن حرارة الصيف ورطوبة الجو وقسوة الشتاء.

الجده والحفيده جلستا وظهرهما للعالم وعيونهما تارة تحلق فوق السحاب أملاً في مستقبل مبهج سعيد مع طول العمر، وتارة تغوص تحت الأمواج لإجترار الذكريات بحلوها ومرها مع إبتسامة باهتة وياليت الزمان يرجع ثاني!

الجده والحفيده من حين لآخر تتلاقي نظراتهما ويدور حواراً صامتاً بينهما، يترجم أحاسيسهما وأفكارهما، حواراً بين جيلين الفارق الزمني بينهما حوالي 70 سنة، الجده تجاوزت التسعين عاماً والحفيده في بداية العشرينات.

الجده تذكرت أن اليوم عيد ميلادها الثالث والتسعون، إعتدلت في جلستها وقالت لنفسها، ملعون هوّ الإحتفال بعيد ميلادي لأنه يأخذ من رصيد عمري ويذكرني بقرب المحطة الأخيرة من حياتي. نظرت إلي حفيدتها وتمنت لها عمراً مديداً مثلها مع حظ أفضل ومستقبل أروع.
الحفيده نظرت للجده وتمنت أن ترث من جدتها العمر الطويل، وبدأت ترسم أيامها القادمة علي ضوء أحلامها وآمالها.

الجده أخذت المرآه والمشط لتمشط الخصلات القليلة الباقية التي تركها لها الزمن في رأسها بعد سنوات العمر الطويلة، وكأنها تري إمرأة أخري لا تعرفها!
الزمن رسم خطوطه بعمق علي وجهها ورقبتها ويديها، وكأن كل خط يحكي فصل من فصول حياتها. إلتفتت إلي حفيدتها حيث الوجه الجميل والقد البض المفعم بالحيوية والشباب ونظرت إلي جسدها المترهل وركبها المخلعه وشعرت بالحسرة علي الشباب الذي ولي ولم يعود حتي مع أحدث تكنولوجيا عمليات التجميل.
الحفيده لم تعد مقتنعه بأن يطول عمرها مثل جدتها خوفاً من الشيخوخه والعجز وزوال النضارة والجمال ولكنها طمأنت نفسها بأن الطب في تقدم وأكيد سيخترعون أكسيراً لعودة الشباب والحيوية فتراجعت في قرارها وتمنت أن يطول عمرها مثل جدتها!

الجده رجعت بالذاكره لتعدد إنحازاتها علي مدي سنينها، سيدة أعمال ناجحه بإستثناء بعض الإخفاقات البسيطة، حياة أسرية متقلبة إلي حد ما وإن كانت الحصيلة 17 حفيداً وحفيده، بالإضافة إلي بعض المتاعب الصحية!
إنفرجت أساريرها بما حققته وتضاءل أمامها أسفها علي زوال الشباب والشيخوخة، شكرت ربها علي عطاياه لها، وصلت من أجل أن يعطي الرب حفيدتها بل كل أحفادها حظاً أوفر وإنجازات أعظم.
الحفيده تطلعت للجده بإمتنان وشكر، لأنها كانت سبباً لوجودها في هذه الحياة، ولكنها برعونة وكبرياء الشباب قللت من قيمة جدتها، وإعتبرت نفسها قادرة علي أن تصنع حياتها بطريقة أفضل من جدتها التي تنتسب للقرن الماضي. علي أيام جدتها لا كان فيه أنترنيت ولا تكنولوجيا المرئيات والصوتيات، ولا موبايل ولا فيس بوك، فبالتأكيد إنجازاتها هيّ ستكون أعظم وأروع وأسرع من إنحازات جدتها، فاطمئنت علي حياتها ومستقبلها وأنه سيكون بالتأكيد أفضل من حياة جدتها!

الجده وصلت إلي حالة من الرضا والقناعة والإعتماد الكلي علي خالقها قائلة له: "معك لا أريد شيئاً علي الأرض."
الحفيده تطلعت إلي جدتها وإلي الكون حولها وبإبتسامة ساخرة قالت لنفسها، سأصنع مستقبلي وحياتي كما أريد بقدراتي وإمكانياتي!

بدأت الشمس في المغيب وبدأ الليل يغلف الكون بظلامه وكأنه يستر أسرار الكون وأسرار الناس.
هذه هي سنة الحياة، بداية ولابد من نهاية غير معلومة، وما بين البداية والنهاية، كفاح ورضا وعدم رضا وطموحات وأحلام وأفراح وأحزان وإنتصارات وإختلاف ثقافات وأزمنه!



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلي متي يا سيسي؟؟؟
- لا ماضي ولا مستقبل
- التعذيب المُمنهج
- اللون الأصفر
- عار الإسلام
- هل المسيح قال أنه هو الله؟
- مَنْ يزدري مَنْ؟؟؟
- تحرش حلاوة روح
- الكُل بيُرقُص !!!
- وحياة أبوكو حرام !!!
- لا نُريد رئيساً!!!
- عصفوري
- باراباس !!! باراباس !!!
- كاسين !!!
- ثوك تاتي جوم
- نسوان الإرهابية
- ميكس X ميكس
- حوار مع 7 جثث !!!
- دفء المحبة وسط الثلوج
- يُغازلون السيسي !!!


المزيد.....




- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - الجده والحفيده